
تُعتبر قنبلة GBU-57، التي يُطلق عليها البعض في الجيش الأميركي لقب "أبو القنابل"، أكبر قنبلة غير نووية بالولايات المتحدة، إذ حلت محل قنبلة الانفجار الجوي الهائل الأصغر حجماً والأكثر شهرة، والمعروفة شعبياً باسم "أم القنابل" MOAB.
وأفادت مجلة The National Interest بأن قنبلة GBU-57 هي أحد الأنظمة غير النووية الرئيسية التي صُممت لحملها على متن القاذفة الشبحية الأميركية بعيدة المدى B-2 Spirit، وهي نفس القاذفة الشبحية B-2 التي نُقلت بأعداد كبيرة إلى قاعدة التمركز الرئيسية للبحرية الأميركية في جزيرة دييجو جارسيا بالمحيط الهندي، على بُعد حوالي 3000 ميل من إيران.
أكبر قنبلة أميركية
وتُعرف القنبلة GBU-57 رسمياً باسم القنبلة الخارقة للتحصينات الضخمة (MOP)، وهي واحدة من أكثر الأسلحة قوة في ترسانة الجيش الأميركي، وطورتها شركة Boeing تحت إشراف القوات الجوية الأميركية، وتُجسّد هذه القنبلة الموجهة بدقة والخارقة للتحصينات أحدث التقنيات العسكرية، وهي مصممة لتحييد الأهداف المدفونة في حفر عميقة والمحصنة بشدة.
وبفضل قوتها التدميرية الهائلة وهندستها المتطورة، تُمثّل قنبلة GBU-57 أداة حاسمة في الحروب الحديثة، لا سيما في السيناريوهات التي تتضمن خصوماً ذوي بنية تحتية.
ووُضعت هذه الاستراتيجية في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21 رداً على التهديدات العالمية المتنامية آنذاك، لا سيما من الدول "المارقة" التي تُطوّر ما وُصف بقدرات أسلحة نووية "غير مشروعة"، والتي استثمرت بكثافة في مجمعات شاسعة من المنشآت العسكرية تحت الأرض.
وتعتبر هذه المجمعات، التي غالباً ما تكون مدفونة على عمق مئات الأقدام تحت الأرض ومُدعّمة بالخرسانة، مصممة لتحمل الضربات الجوية التقليدية.
وصُممت قنبلة MOP، أو GBU-57، خصيصاً لمواجهة هذا التحدي، نظراً لقدرتها على اختراق هذه الدفاعات وإطلاق حمولة مدمرة.
واختُبرت هذه القنابل للمرة الأولى عام 2007، بعد بضع سنوات فقط من تفعيل القنبلة MOAB، وخضعت لعدة ترقيات لتعزيز قدرتها على الاختراق ودقتها.
وأعلنت القوات الجوية الأميركية أن "القنبلة جاهزة للعمل خلال الولاية الأولى للرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2011".
وتُعد قنبلة GBU-57، التي يبلغ وزنها 30 ألف رطل (نحو 13.6 ألف كيلوجرام)، من أكبر القنابل غير النووية التي صُنعت في العالم.
ويُميزها حجمها ووزنها عن غيرها من الذخائر، لكن أهميتها الحقيقية تكمن في قدرتها على اختراق أعماق الأرض، وتحطيم الخرسانة والفولاذ قبل الانفجار، ما يضمن أقصى قدر من الضرر لأهدافها المقصودة في باطن الأرض.
ومن بين مزايا قنبلة GBU-57 عن غيرها من القنابل الأميركية، غلافها الفولاذي المقوى، ما يسمح لها باختراق ما يصل إلى 200 قدم من الأرض أو عشرات الأقدام من الخرسانة المسلحة قبل الانفجار.
العمق من الاختراق
ويتحقق هذا العمق من الاختراق من خلال مزيج من الطاقة الحركية، الناتجة عن سقوطها من ارتفاع شاهق، وميزات تصميمية متطورة تحافظ على سلامة هيكلها أثناء الاصطدام.
وجرى تجهيز قنبلة GBU-57 بنظام ملاحة مُوجّه بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ما يضمن دقةً فائقة حتى عند استهداف هياكل مدفونة في حفر عميقة.
وتُعد هذه الدقة بالغة الأهمية، إذ صُممت GBU-57 للاستخدام ضد أهداف عالية القيمة وذات أهمية استراتيجية، إذ يجب تقليل الأضرار الجانبية إلى أدنى حد.
ويعزز دمج تقنية التخفي في منصة إطلاقها، القاذفة B-2، إذ يُعزز فعاليتها بشكل أكبر من خلال تمكينها من التهرب من رادارات العدو ودفاعاته الجوية.
وعملياً، تُعدّ قنبلة MOP (GBU-57) أداةً متخصصةً وليست سلاحاً مُعداً للاستخدام على نطاق واسع.
وما أثار استياء الحكومة الإسرائيلية، أن الولايات المتحدة، على الرغم من مشاركتها العديد من الأسلحة المتطورة الأخرى، رفضت تاريخياً تسليم هذه القنبلة إلى أي دولة أجنبية.
وتؤدي قدرة القنبلة على تدمير مثل هذه الأهداف دون اللجوء إلى الأسلحة النووية إلى توفير للمخططين العسكريين خياراً قوياً غير نووي، ما يسد الفجوة بين الحرب التقليدية والحرب النووية.
مخاوف استراتيجية
وتجدر الإشارة إلى أن هذا السلاح ليس خالياً من المشكلات، إذ شكك بعض المحللين في فعاليته من حيث التكلفة، نظراً لسعره المقدر بحوالي 20 مليون دولار للقنبلة الواحدة، ولقلة السيناريوهات التي تتطلب استخدام مثل هذه القنبلة.
ويثير اعتماد القنبلة على القاذفة الشبحية B-2 القديمة، مخاوف لوجستية بشأن جدواها على المدى الطويل.
ويسعى سلاح الجو الأميركي إلى تكييف طائرته B-21 Raider، بديلة B-2، لتكون قادرة على حمل قنبلة GBU-57، لكن B-21 لن تكون جاهزة للدخول إلى الخدمة قبل عدة سنوات.
وتواجه القنبلة الأميركية الأكبر تحديات أخرى تتمثل في الطبيعة المتطورة للحرب نفسها.
ومع تطوير الخصوم لأساليبهم المضادة، مثل المخابئ العميقة أو مراكز القيادة اللامركزية، ربما تتضاءل فعالية GBU-57.
وبينما قد تُبقيها سلسلة من التحديثات فعّالة، لا يزال هناك جدل مستمر بشأن إمكانية تخصيص الموارد بشكل أفضل للتقنيات الناشئة، مثل الأسلحة الأسرع من الصوت.
تدمير المواقع النووية
ويحتمل ألا تكون حتى قنبلة GBU-57 كافية لتدمير المواقع النووية الإيرانية المشتبه بها، على سبيل المثال.
وفي هذه الحالة، ربما تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام قنابل نووية منخفضة القوة لإتمام مهمة ضرب المواقع الإيرانية، بحسب The National Interest.
وأضافت المجلة الأميركية، أنه مع أن هذا الاحتمال لا يزال مستبعداً للغاية، إلا أنه لا يمكن استبعاد مثل هذه الأعمال تماماً بمجرد بدء إطلاق النار.
وأشارت إلى أن نقل 6 أو 7 طائرات B-2 إلى قاعدة دييجو جارسيا، كل منها قادرة على حمل قنبلتين من طراز GBU-57، يعني أن إدارة ترمب تفكر جدياً في قصف المنشآت النووية الإيرانية.
وبينما يُحتمل أن يتمكن الأميركيون والإسرائيليون من تدمير هذه المنشآت، إلا أن تداعيات ذلك ربما تكون مزعزعة للاستقرار في المنطقة، وربما تؤدي في النهاية إلى مزيد من الضرر لكل من إسرائيل والولايات المتحدة.