
تستعد تايوان لإطلاق أولى وحداتها من الطائرات المسيّرة التابعة للجيش، إلى جانب تزويد قواتها البحرية بطائرات مسيّرة بحرية، خلال العام الجاري، وذلك في إطار جهودها لتحديث ترسانتها العسكرية باستخدام تقنيات متطورة، تحسباً لغزو صيني محتمل، حسبما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتعكس تلك الخطوات تحولاً استراتيجياً في تركيز تايوان من الاعتماد على القوات التقليدية نحو تعزيز قدرات عسكرية متقدمة تهدف إلى ردع الصين وجعلها تعيد حساباتها قبل الإقدام على أي هجوم محتمل.
وقال وزير الدفاع التايواني، ويلينجتون كو، في مقابلة أجراها مع الصحيفة، إن قوات مشاة البحرية التايوانية بدأت في تحويل بعض كتائب الدبابات والمدفعية إلى فرق متخصصة في تشغيل الطائرات المسيرة.
وأضاف: "الفكرة تكمن في استخدام التكنولوجيا بدلاً من الأفراد، والاعتماد على القوة النارية بدلاً من القوات التقليدية. سيكون من الأفضل لو تستيقظ الصين كل يوم وهي تشعر أن هذا اليوم ليس الوقت المناسب للغزو".
وأكد كو، أن الدعم من اليابان والفلبين، وهما جزء مما يُعرف بـ"سلسلة الجزر الأولى"، إلى جانب المساعدة الأميركية، يشكل ركيزة أساسية في استراتيجية ردع بكين.
وقال في هذا الصدد: "هذا الردع الجماعي سيجعل الصين تُعيد التفكير في التحديات العسكرية والتكلفة الباهظة التي ستواجهها، حال قررت غزو تايوان".
ويقود كو، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، مشروعاً لتحويل وتعزيز القوات المسلحة التايوانية، استعداداً لصراع يعتبره كثيرون حتمياً، في ظل إصرار الصين على اعتبار تايوان جزءاً من أراضيها.
التجربة الأوكرانية
وتخطط القوات البرية التايوانية كذلك، إلى إضافة وحدتين بحجم سَرية لتشغيل أنظمة الصواريخ الأميركية من طراز HIMARS، لتعزيز قدراتها في تنفيذ ضربات دقيقة.
وتستلهم تايوان خطواتها في إدماج الطائرات المسيّرة ضمن منظومتها الدفاعية من التجربة الأوكرانية في صد الغزو الروسي، إلا أن جهودها تواجه تحديات بسبب هيمنة الصين على سوق إنتاج الطائرات المسيّرة الصغيرة وقطع الغيار، ولذلك، تعمل الحكومة التايوانية على تطوير صناعة محلية لهذه الطائرات بهدف تقليل الاعتماد على بكين.
كما تخطط القوات المسلحة التايوانية، لشراء أكثر من 3200 مسيّرة خلال السنوات الـ5 المقبلة من شركات محلية، أغلبها مُخصص لأغراض الاستطلاع، وكانت تايبيه قد أنتجت نحو 10 آلاف طائرة مسيّرة العام الماضي، مع توقع زيادة في الإنتاج، حسب معهد أبحاث الديمقراطية والمجتمع والتكنولوجيا الناشئة المموّل من الحكومة التايوانية.
وفي الوقت نفسه، تتلقى تايوان دعماً من الحكومة الأميركية، لتعزيز قدرات السوق المحلية في تصنيع الطائرات المسيّرة، إذ ستقدم الولايات المتحدة دعماً قوياً في هذا المجال، يشمل نقل تقنيات متقدمة تسمح للشركات المحلية بالتصنيع دون الاعتماد على مكونات صينية.
ويعتمد بناء جيش مُزوَّد بالطائرات المسيّرة بشكل كبير على وجود أفراد مدربين على تشغيلها، ولهذا بدأت القوات التايوانية باستخدام الطائرات المسيّرة في التدريبات والعمليات، غالباً لأغراض الاستطلاع، كما افتتح الجيش أكاديمية العام الماضي لتعليم الجنود كيفية تشغيلها.
وكان رايموند جرين الذي يمكن اعتباره السفير الأميركي لدى تايبيه، ، قال في مقابلة مع وكالة الأنباء المركزية التايوانية، إن مجالات التعاون المحتملة بين واشنطن وتايوان في هذا المجال، تشمل الذكاء الاصطناعي، وتكامل سلاسل التوريد، والاستثمار.
وأكدت "وول ستريت جورنال"، أن قرار إنشاء وحدات متخصصة في الطائرات المسيّرة وإدخال مسيّرات بحرية إلى القوات البرمائية التابعة للبحرية التايوانية يمثل أحدث تطور في تحول تايبيه نحو "القدرات غير المتكافئة" (وهي استراتيجيات عسكرية تهدف لتعويض الفارق الكبير في القوة عبر استخدام تقنيات متقدمة مثل الطائرات المسيّرة، والصواريخ الدقيقة، والحرب السيبرانية، وغيرها).
ونقلت الصحيفة عن كاثي فانج، محللة الأمن والدفاع في مركز الأبحاث التايواني DSET، قولها: "عندما يتعلق الأمر بالقوة النارية، لا يمكننا منافسة الصين من حيث الحجم والعدد، لذا علينا إيجاد الطرق الأكثر فعالية لتوجيه الضربات". وأضافت: "هذا يعكس بوضوح كيفية عمل الحروب غير المتكافئة في العصر الحديث".
يشار إلى أن تايوان تسرع من وتيرة إعادة هيكلة جيشها، تحسباً لما تعتبره تهديداً متزايداً بغزو محتمل من الصين بحلول عام 2027، وقد كثَّفت بكين تدريباتها العسكرية بالقرب من الجزيرة، بما في ذلك محاكاة حصار قد يتحول فجأة إلى هجوم حقيقي، وهو ما قد يسبب أزمة عالمية.