Samp/T.. منظومة دفاع أوروبية جديدة تتحدى هيمنة "باتريوت" الأميركية

time reading iconدقائق القراءة - 10
منصة الإطلاق العمودية لمنظومة الدفاع الجوي SAMP/T في معرض باريس الجوي بمطار لو بورجيه قرب باريس. 18 يونيو 2025 - Reuters
منصة الإطلاق العمودية لمنظومة الدفاع الجوي SAMP/T في معرض باريس الجوي بمطار لو بورجيه قرب باريس. 18 يونيو 2025 - Reuters
دبي -الشرق

في وقت تتزايد فيه الدعوات داخل أوروبا لتقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية، تبرز نسخة مطوَّرة من منظومة الدفاع الجوي الأوروبية Samp/T كمنافس محتمل لمنظومة "باتريوت" الأميركية الشهيرة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".  

وقالت الصحيفة، الأربعاء، إن منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" تحظى بإشادة واسعة من الجيوش حول العالم لقدرتها على إسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ الفتّاكة، لكن النسخة المطوّرة من Samp/T تستعد لتحدي هيمنة هذه المنظومة، واختبار قدرة القارة الأوروبية على الاستغناء عن الأسلحة الأميركية. 

وأوضحت الصحيفة، أن المنظومة الأوروبية لطالما كانت أقل انتشاراً من نظيرتها الأميركية، التي حصلت على عدد أكبر من الطلبيات وأثبتت كفاءتها في ساحات القتال، لكن الشركة "الفرنسية-الإيطالية" المُصنّعة للمنظومة تؤكد أن الجيل الجديد منها يتمتع بمزايا تؤهله للتفوق في سباق العقود العسكرية. 

منافسة أوروبية أميركية

ويأتي إطلاق هذه المنظومة الجديدة، في وقت تسعى فيه أوروبا لتعزيز قدراتها الدفاعية، وتناقش بشكل متزايد مدى ضرورة اعتمادها على الأسلحة الأميركية، فضلاً عن عدم استقرار دعم واشنطن لأوكرانيا في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي دعا الأوروبيين إلى تحمل مسؤولية أمنهم. 

وتخوض المنظومة الأوروبية الجديدة، غمار المنافسة مع "باتريوت" في وقت تواجه فيه الأخيرة تحديات ميدانية في أوكرانيا نتيجة إدخال روسيا لصواريخ باليستية أكثر قدرة على المناورة، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤول أوكراني. 

وتقيّم الحكومات الأوروبية حالياً، قدرات الدفاع الجوي الخاصة بها، وقد صرّحت الدنمارك، التي أبدت استياءها من رغبة ترمب في ضم جزيرة جرينلاند، بأنها تُخطط لاتخاذ قرار بشأن المنظومة التي ستشتريها في وقت لاحق من العام الجاري، كما يتوقع مسؤولو الدفاع أن تُقدم كل من بلجيكا والبرتغال وبريطانيا على تحديث أنظمتها الدفاعية الجوية قريباً. 

وأكدت الصحيفة، أن التنافس بين المنظومتين (الأميركية والاوروبية) لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يشمل أيضاً مليارات الدولارات من الصفقات التجارية، إلى جانب اعتزاز الأوروبيين بصناعتهم الدفاعية المحلية. 

وفي معرض جوي أُقيم مؤخراً في باريس، استعرض إريك تاباتشي، وهو مستشار عسكري في شركة Eurosam، المالكة لـSamp/T، الرادار الجديد الخاص بالمنظومة، والذي يدور مرة كل ثانية ويستطيع مسح السماء لمسافة تتجاوز 220 ميلًا (ما يعادل نحو 354 كيلومتراً). وقال تاباتشي: "لا تملك باتريوت شيئاً كهذا".

وشركة Eurosam هي مشروع مشترك بين شركة تصنيع الصواريخ MBDA وشركة Thales الفرنسية. 

تطوير الأداء

وأضافت الصحيفة، أن المنظومة الأصلية من Samp/T بيعت حتى الآن فقط لفرنسا وإيطاليا، الدولتين المصنّعتين لها، بالإضافة إلى نسخة معدّلة لسنغافورة، ومنذ دخولها الخدمة في عام 2011، لم تسُجّل سوى 18 طلبية. في المقابل، حصلت منظومة "باتريوت" الأميركية على أكثر من 240 طلبية من 19 دولة. 

وذكرت الصحيفة، أن "هيمنة باتريوت" تعززت بفضل أدائها في أوكرانيا، حيث نالت إشادات واسعة بفضل نجاحها في التصدي للصواريخ الروسية الباليستية وفرط الصوتية، إلا أن المسؤول الأوكراني الذي تحدث إلى الصحيفة، أشار إلى أن الصواريخ الروسية الأكثر قدرة على المناورة باتت تتفادى راداراتها مؤخراً. 

ومن جانبها، ذكرت شركة RTX، المقاول الرئيسي لـ"باتريوت"، أن النظام يتم تحديثه باستمرار استناداً إلى الخبرات الميدانية. ونقلت الصحيفة عن القوات الأوكرانية أن "Samp/T" واجهت صعوبات منذ البداية في تدمير الصواريخ الباليستية، غير أن مسؤولاً في وزارة الدفاع الإيطالية أكد أنهم "تلقّوا ردود فعل إيجابية من كييف حول أداء المنظومة". 

ويتضمن الجيل الجديد من "Samp/T" العديد من الميزات التي تقول الشركة المصنّعة إنها تتفوق على "باتريوت"، منها رادار جديد قادر على رصد السماء المحيطة بزاوية 360 درجة كاملة، بالإضافة إلى حاويات إطلاق عمودية بدلًا من المائلة، مما يسمح بإطلاق الصواريخ في جميع الاتجاهات. 

كما أعادت شركة MBDA تصميم الصاروخ المُستخدم في المنظومة بالكامل، والذي يحمل اسم Aster B1NT، ويبلغ مداه أكثر من 90 ميلًا (145 كيلومتراً)، مقارنة بنحو 62 ميلًا (100 كيلومتر) سابقاً. 

تحديات تقنية

وبحسب الصحيفة، تتكون كل من منظومتي Samp/T و"باتريوت" من ثلاثة عناصر أساسية: رادار، ووحدة تحكم، وقاذفة تطلق صواريخ اعتراضية. 

وأفاد تاباتشي بأن إعداد منظومة "Samp/T" بالكامل لا يحتاج إلى أكثر من 15 فرداً، في حين يستخدم الجيش الأميركي حالياً حوالي 90 جندياً لإعداد "باتريوت"، ولم يُعرف بعد الحد الأدنى من الأفراد اللازمين لتشغيل المنظومة الأميركية. 

وأوضحت RTX أن "باتريوت" أثبتت فعاليتها عدة مرات في القتال، وأنها ستحصل على رادار جديد، يُعرف بـ Lower Tier Air and Missile Defense Sensor (مستشعر الدفاع الجوي والصاروخي للطبقة الدنيا) الذي سيمنحها تغطية كاملة بزاوية 360 درجة. 

وأوضح متحدث باسم الجيش الأميركي، أن الرادار الجديد يخضع حالياً للاختبارات، وسيتم نشره في الوحدات التشغيلية بحلول السنة المالية 2029. 

وقالت الصحيفة، إن المفتاح لكسب الطلبيات المستقبلية هو القدرة على توفير عدد كافٍ من الصواريخ، ناقلة عن المسؤول الأوكراني قوله، إن كييف نفدت لديها الصواريخ الخاصة بمنظومتي Samp/T اللتين تمتلكهما. 

وكانت شركة MBDA قد واجهت تأخيرات طويلة في تصنيع صواريخ Aster العام الماضي، ما دفع الحكومة الفرنسية إلى التهديد بتأميم الإنتاج، ومنذ ذلك الحين، تعهدت الشركة باستثمار مليارات الدولارات لتعزيز قدرتها التصنيعية، بما في ذلك زيادة إنتاج صواريخ Aster بنسبة 50% بحلول عام 2026 مقارنة بمستويات عام 2022. 

الريادة الأميركية

وأشارت الصحيفة إلى مخاوف المسؤولين الأميركيين بشأن توفر الصواريخ الاعتراضية التي تطلقها "باتريوت"، في ظل الطلب الهائل عليها، موضحة أن قرار إدارة ترمب مؤخراً بتعليق توريد صواريخ باتريوت الاعتراضية وغيرها من الأسلحة جاء جزئياً لتعزيز المخزون الأميركي.  

وقد صرَّح الرئيس الأميركي لاحقاً، بأن بلاده ستستأنف تزويد كييف بالأسلحة للدفاع عن نفسها، بما في ذلك إرسال المزيد من صواريخ "باتريوت"، لكن بتمويل أوروبي. 

وتُصنّع صواريخ "باتريوت" الاعتراضية من قبل شركة لوكهيد مارتن، التي قالت إنها ستتمكن قريباً من إنتاج 600 صاروخ سنوياً، مقارنةً بـ550 حالياً، ومع ذلك، أشار تيم كاهيل، المسؤول عن قطاع الصواريخ في الشركة، إلى أن عملية الإنتاج "لا تزال تستغرق وقتاً أطول" مما تأمل الشركة. 

وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى أنه في حال نجاح جهود أوروبا في تطوير وتسويق بدائل محلية للأسلحة الأميركية الأكثر مبيعاً، فإنها ستلحق ضرراً بشركات الدفاع الأميركية التي تجني أرباحاً كبيرة من هذا السوق. 

ووفقاً لتقديرات بنك Bernstein الاستثماري، فإن تعهّد الدول الأوروبية مؤخراً بزيادة إنفاقها الدفاعي من 2% إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي قد يوفر نحو 330 مليار دولار إضافية سنوياً، سيُوجّه جزء كبير منها نحو شراء المعدات. 

سوق مفتوحة

وتهمين الولايات المتحدة على تجارة الأسلحة العالمية، إذ استحوذت على 43% من صادرات السلاح في السنوات الخمس الماضية، ارتفاعاً من 35% في السنوات الخمس التي سبقتها، وفقاً لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهو مركز أبحاث متخصص في شؤون السلاح والنزاعات. 

ورغم أن أوروبا تصنّع سفنها الحربية وغواصاتها محلياً، وتعد لاعباً رئيسياً في مجالات المركبات المدرعة والمدفعية والمروحيات العسكرية، فإنها ما زالت تعتبر من كبار المشترين للصواريخ الأميركية والطائرات المسيّرة المتقدمة، والمقاتلات مثل F-35، التي تُعد الأكثر تطوراً في العالم، بحسب الصحيفة. 

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين تنفيذيين في صناعة الدفاع الأميركية قولهم، إنهم لم يلحظوا حتى الآن أي بوادر على تراجع الأوروبيين عن شراء المنتجات الأميركية، فعلى سبيل المثال، أعلنت المملكة المتحدة مؤخراً عن طلبية جديدة من طائرات F-35، إلا أن بعض النواب الأوروبيين ألمحوا إلى إمكانية التحوّل نحو بدائل محلية الصُنع. 

وضربت الصحيفة مثالًا بالنائب الدنماركي راسموس يارلوف، الذي كان قد شجّع بلاده قبل تسع سنوات على شراء مقاتلات F-35، لكنه اليوم يقول إنه سيدفع باتجاه خيار أوروبي في مجال الطائرات والدفاع الجوي وغيرها من المعدات العسكرية الأساسية الأخرى. 

وقال يارلوف: "نريد نظاماً للدفاع الجوي من حليف مستقر وموثوق به، وليس نظاماً يهددنا والدول الحليفة الأخرى". 

تصنيفات

قصص قد تهمك