
كشفت شركة Diehl Defense الألمانية عن منظومة صواريخ (IDAS) أو ما يُعرف بـ"نظام الدفاع والهجوم التفاعلي"، خلال معرض الدفاع الدولي MSPO 2025 في بولندا، وهو ما يعيد تشكيل دفاعات الغواصات ضد الأهداف الجوية والسطحية.
ويُعد الكشف عن منظومة IDAS "نقطة تحول" في الحرب تحت سطح البحر، إذ يمنح الغواصات قدرة غير مسبوقة على التصدي المباشر للتهديدات الجوية، ما يشير إلى تغير في ميزان الحرب المضادة للغواصات، حيث بات بإمكان "المُطارَد الآن الرد بفاعلية"، وفق موقع Army Recognition.
ورغم اعتبار الغواصات "صائدة الأعماق"، إلا أنها ظلت تاريخياً عُرضة للمنصات الجوية المضادة لها، مثل الطائرات المروحية وطائرات الدوريات البحرية.
وتم تطوير منظومة IDAS ضمن مشروع مشترك تقوده Diehl Defense بالتعاون مع ThyssenKrupp Marine Systems وشركاء أوروبيين آخرين.
وبخلاف أسلحة الغواصات التقليدية المصممة أساساً لاستهداف السفن السطحية والأهداف تحت الماء، يقدم IDAS قدرة "ثورية" تتمثل في صواريخ موجهة بالألياف الضوئية تُطلق من أنابيب الطوربيد القياسية بقطر 533 ملم، وقادرة على استهداف الطائرات المروحية المضادة للغواصات، وطائرات الدوريات البحرية، وحتى السفن السطحية الصغيرة.
تفوق منظومة IDAS
ويظل الصاروخ بعد إطلاقه متصلاً بالغواصة عبر كابل ألياف ضوئية، ما يتيح للطاقم توجيهه لحظياً والتكيف مع السيناريوهات المتغيرة، في خروج واضح عن نمط الصواريخ والطوربيدات التقليدية التي تعتمد على مبدأ "أطلق وانسَ".
ويستند هذا المفهوم إلى محاولات سابقة لتزويد الغواصات بقدرات دفاع جوي، والتي اقتصرت غالباً على أنظمة دفاع جوي محمولة معدلة للإطلاق تحت الماء، بمدى وفاعلية محدودين.
ويتفوق IDAS على تلك الأنظمة من خلال مدى اشتباك أوسع، وتحكم دقيق، وتصميم مخصص يتكامل بسلاسة مع الغواصات الحديثة العاملة بالديزل والكهرباء.
ومن خلال منح الغواصات دوراً دفاعياً فعالاً ضد الصيادين الجويين، تتحدى منظومة IDAS عقيدة الحرب المضادة للغواصات الراسخة منذ عقود.
من الناحية التقنية، تُبرز IDAS أهمية أنظمة التوجيه الشبكية والمرنة في الحروب البحرية، إذ يوفر الاتصال بالألياف الضوئية حصانة ضد الإجراءات الإلكترونية المضادة، إلى جانب تغذية بصرية وتحكم دقيق للمشغلين.
ويضع هذا النظام نفسه في فئة مستقلة عن تسليح الغواصات التقليدي، حيث يجسر الفجوة بين التخفي تحت الماء والضربات الدقيقة في الزمن الفعلي، ويعكس التزام أوروبا بتطوير قدرات الردع تحت سطح الماء.
أما استراتيجياً، قد تُحدث هذه القدرة تحولاً في ديناميكيات العمليات البحرية، إذ لم تعد الغواصات مضطرة للبقاء في وضع التخفي أو الهروب من المطاردة الجوية، بل باتت قادرة على الردع أو الاشتباك المباشر.
ويكتسب هذا أهمية خاصة في المياه الساحلية المتنازع عليها مثل بحر البلطيق أو بحر الصين الجنوبي، حيث يعزز من قدرة الغواصات على البقاء والمناورة.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، تشير المنظومة إلى تحول في ميزان الحرب تحت سطح البحر لصالح الغواصات، ما يعقّد جهود الحرب المضادة للغواصات لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وروسيا، والقوى البحرية الصاعدة في آسيا.
وإلى جانب تطورها التقني، تتمتع المنظومة بثقل استراتيجي كبير، ما يجعل المجال البحري أكثر غموضاً بالنسبة للخصوم المحتملين.