"السيف الحاد".. الصين تطور أول مسيّرة شبحية تطلق من السفن

time reading iconدقائق القراءة - 9
الطائرة المسيّرة الصينية الشبحية GJ-11 (السيف الحاد) أثناء عرض عسكري ضخم في بكين بمناسبة "يوم النصر" في الصين. 3 سبتمبر 2025 - South China Morning Post
الطائرة المسيّرة الصينية الشبحية GJ-11 (السيف الحاد) أثناء عرض عسكري ضخم في بكين بمناسبة "يوم النصر" في الصين. 3 سبتمبر 2025 - South China Morning Post
دبي -الشرق

مع انطلاق موكب يوم النصر الصيني في بكين في 3 سبتمبر، بدأت بعض أكثر المعدات العسكرية تقدماً في العالم في المرور عبر ميدان تيانانمن، وكان من بينها طائرة مسيّرة من طراز GJ-11 الملقبة بـ"السيف الحاد" (Sharp Sword)، والتي قد تكون أول مسيّرة شبحية تُطلق من السفن لدى الجيش الصيني.

وتُمثّل الطائرة المسيّرة التي تحمل الرقم 21 على هيكلها، أحد أكثر الأنظمة غير المأهولة تقدماً في الخدمة لدى الجيش الصيني، وفق موقع South China Morning Post.

وأظهرت نظرة أقرب على أجنحة الطائرة وجود مفصلات قابلة للطي، وهو تغيير عن ظهور الطائرة المسيّرة للمرة الأولى في 2019.

وأشارت إلى أن هذا الطراز الأحدث ، ربما يكون من طراز GJ-21 البحري، والذي كان قيد التعديل من أجل نشره المحتمل على حاملات الطائرات أو السفن الهجومية البرمائية.

وفي وقت سابق من العام الجاري، ظهرت صور تشبه شكل جناح الطائرة المسيّرة الفريد على شعار السفينة Sichuan، وهي أول سفينة إنزال برمائية من طراز Type 076 تابعة للبحرية الصينية، والمعروفة بشكل غير رسمي باسم "حاملة الطائرات المسيّرة"، مع مقلاع كهرومغناطيسي.

مواصفات مسيّرة GJ-11

تطورت GJ-11 من مشروع الطائرات الشبحية المسيّرة Sharp Sword، التابع لشركة Shenyang عام 2009، وتنتجها مجموعة Hongdu Aviation Industry، وكلتا الشركتين تابعتين لشركة صناعة الطيران الصينية (AVIC) المملوكة للدولة.

وأجرى النموذج الأولي لطائرة Sharp Sword رحلته الأولى في نهاية عام 2013، وكُشف النقاب عنه رسمياً في العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني السبعين في الأول من أكتوبر 2019، باسم GJ11 أو Attack 11.

ويشير اسم GJ إلى أنها كانت قد دخلت الخدمة في سلاح الجو للجيش الصيني آنذاك.

وبفضل تصميم جناحها الطائر، وهيكلها المتكامل الذي يسمح برؤية منخفضة للمقطع الراداري، يبلغ طول الطائرة الشبحية 10 أمتار، وباع جناحيها 14 متراً، ووزنها عند الإقلاع 10 أطنان.

وبُنيت أسطح تحكم مجزأة في الحافة الخلفية للجناح الرئيسي، لتكون بمثابة وحدة تحكم طيران للطائرة عديمة الذيل.

ولتعزيز قدرتها على التخفي، تتميز طائرة GJ-11 بمدخل هواء علوي على شكل حرف S، لمنع موجات الرادار من الوصول إلى شفرات محركها التوربيني المروحي الداخلي.

كما أن فوهة الطائرة المسطحة والمحمية تقلل من بصمات الأشعة تحت الحمراء والرادار، بينما يقلل الطلاء الرمادي الفاتح، المشابه للطلاء المستخدم في المقاتلات الشبحية الصينية المأهولة من احتمالية اكتشافها.

وخلال عرضها التجريبي في معرض تشوهاي الجوي عام 2021، تميزت الطائرة المسيّرة بحجرتين داخليتين للأسلحة، ما زاد من قدرتها على التخفي ومن كفاءتها الديناميكية الهوائية.

وبفضل وجود أربع نقاط تثبيت داخل كل حجرة، استطاعت الطائرة المسيّرة حمْل مجموعة متنوعة من الذخائر، من صواريخ كروز، وصواريخ مضادة للإشعاع إلى القنابل الموجهة بدقة.

ويقدّر أن الطائرة المسيّرة الصينية يمكنها التحليق لمدة ست ساعات تقريباً وبسرعة أقل من سرعة الصوت.

وبمدى قتالي يتجاوز 1500 كيلومتر، تستطيع الطائرة تغطية معظم المناطق الرئيسية ضمن سلسلة الجزر الأولى، بما في ذلك بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي عند انطلاقها من الساحل الصيني.

ويمتد نطاقها التشغيلي إلى ما هو أبعد من سلسلة الجزر الأولى عند إطلاقها من حاملات الطائرات، وجرى تصميم الطائرة GJ-11 لمهام مثل التحكم الجوي والهجوم وقمع الدفاع الجوي.

الذكاء الاصطناعي وتطوير الأسلحة

لطالما كان الذكاء الاصطناعي محوراً رئيسياً في تطوير الصين لأسلحة الجيل التالي، وعلى سبيل المثال، تتميز طائرة GJ-11 بقدرة عالية على التحكم الذاتي، ويمكن للخوارزميات التحكم في عمليات الإقلاع والهبوط وتنفيذ المهام بشكل مستقل.

كما يمكن للذكاء الاصطناعي المتقدم تنفيذ مهام أكثر تعقيداً، مثل تخطيط المسار، والتعرف على الأهداف وتتبعها، وإطلاق الذخائر، مما يقلل بشكل كبير من الاعتماد على المشغلين عن بُعد.

وجاء في تعليق رسمي أن الذكاء الاصطناعي يتنافس على الهيمنة على الجو والفضاء، وأن الطائرات المسيّرة قادرة على تنفيذ ضربات خفية، وتحقيق تغطية واسعة النطاق، والعمل بالتنسيق بشكل مستقل، وابتكار أشكال جديدة من القتال الجوي في المستقبل.

ويشير التنسيق المستقل إلى شبكة المعلومات التفاعلية في ساحات المعارك المستقبلية

ويمكن أن تعمل طائرة GJ-11 وغيرها من أنظمة الجيل التالي الصينية المسيّرة كعقدة في شبكة قتالية أوسع عبر وصلة بيانات رقمية، مما يتيح تبادل المعلومات في الوقت الفعلي، وتحسين الوعي الظرفي، واتخاذ القرارات بشكل تعاوني، وتوزيع المهام.

"الجناح المخلص"

على الرغم من أن العرض العسكري أظهر بعض الطائرات المسيّرة المقاتلة التعاونية الأحدث والأكثر تخصصاً، فمن المرجح أن طائرة GJ-11 قادرة على شغل دور "الجناح المخلص" للمقاتلات المتقدمة للجيش الصيني.

ويشير مصطلح الجناح المخلص (Loyal Wingman)، إلى طائرات مسيّرة متعددة الأنواع، والمهام، تحلّق إلى جانب طائرة الجيل الخامس، أو السادس المأهولة، والتي تتولى تشغيل المسيّرة.

وفي وضع القتال الجماعي المأهول وغير المأهول (MUM-T)، يتم توصيل طائرة مسيّرة واحدة، أو أكثر بالطائرة المأهولة، وتعمل بشكل مستقل، أو حتى يتم التحكم فيها من قِبَل الضابط الثاني على متن الطائرة ذات المقعدين J-16 أو J-20S، أو المقاتلات المستقبلية من الجيل السادس مثل J-36.

كما يمكن لطائرة GJ-11 أن تعمل بمثابة "عين" ممتدة للمقاتلة للقيام بمهام استطلاع عالية الخطورة، مثل اختراق شبكات رادار العدو، والعمل كرأس حربة لإطلاق الضربات الأولية، مثل قمع الدفاعات الجوية للعدو لإفساح الطريق للطائرات المأهولة.

ويمكن للطائرة المسيّرة أيضاً أن تعمل كمخزون إضافي للأسلحة المحمولة جواً لتوفير قوة نيران إضافية تحت قيادة المقاتلة، وكطعم يمكن الاستغناء عنه لتغطية، وحماية الطائرات المأهولة من نيران العدو.

وعند نشرها في مجموعات، يمكن للطائرات المسيّرة أيضاً التنسيق تلقائياً في هجوم جماعي، أو العمل كمحطات نقل بيانات جوية، وتوحيد المعلومات من منصات مختلفة ومشاركتها عبر تشكيل MUM-T بأكمله، وكذلك مع وحدات أخرى.

الانطلاق من حاملة طائرات

وأظهر فيديو توضيحي لشركة AVIC في معرض تشوهاي الجوي لعام 2021 طائرة GJ-11 قابلة للطي تُقلع من سفينة إنزال برمائية.

والتقطت صور الأقمار الاصطناعية نماذج GJ-11 عُرضت في منشأة محاكاة حاملات الطائرات البرية في ووهان عام 2023، وبجوار حوض بناء السفن الذي يبني أول سفينة برمائية من طراز Type 076 في شنغهاي عام 2024.

ومن المرجح أنه بعد العرض العسكري الذي أقيم في سبتمبر الماضي، تم الانتهاء من تطوير النسخة البحرية من الطائرة GJ-11، وهي جاهزة للانتشار على Sichuan، وحاملة الطائرات Fujian، بمجرد دخولها الخدمة، أو إلى أي حاملات طائرات مستقبلية مجهزة بمنجنيق كهرومغناطيسي.

وباعتبارها الطائرة المميزة على قمة Sichuan، ستكون طائرة GJ-11 بمثابة القوة الأساسية لحاملة الطائرات المسيّرة.

وبالمقارنة مع المروحيات المحمولة على متن سفن الهجوم البرمائية التقليدية، فإن مدى طائرة GJ-11 الطويل، وقدرتها على التخفي، سيزيدان بشكل كبير من المدى التشغيلي لسفينة Type 076، ووعيها بالوضع، وقدرتها على شن الضربات، ما يجعلها أقرب إلى فاعلية حاملة الطائرات التقليدية في القتال.

وتلعب طائرة GJ-11 دوراً مهماً في حاملات الطائرات المستقبلية.

وسواء كانت تُجري استطلاعاً خفياً، أو تُنفذ ضربات بمفردها، أو تُنفذ ضربات جوية مكثفة برفقة مقاتلات متمركزة على متن السفن مثل J-15 أو J-35، يُمكن لـ GJ-11 أن تُساعد في تحويل الجناح الجوي المتمركز على حاملات الطائرات إلى نظام قتالي أكثر كفاءة وتنوعاً، فضلاً عن أنها ستكون مكملة أقل تكلفة بكثير للمقاتلات الشبحية المجهزة بطاقم.

الأولى عالمياً

وحتى الآن، لا توجد طائرة مسيّرة شبحية محمولة على متن سفينة أخرى قيد الخدمة في أي مكان في العالم.

وعملت البحرية الأميركية على تطوير طائرة مسيّرة قتالية متمركزة على حاملة طائرات، وهي طائرة X-47B بواسطة شركة Northrop Grumman.

وتقترب طائرة MQ-25 Stingray الشبحية المسيّرة، التي صممتها شركة "بوينج" Boeing لصالح البحرية الأميركية، من دخول الخدمة، لكنها ناقلة مستقلة، وليست طائرة مسيّرة قتالية.

ولدى القوات الجوية الأميركية طائرتان ضمن مفهوم الطائرات القتالية التعاونية - CCA قيد التطوير، وهما: طائرة General Atomics YFQ-42A، وطائرة Anduril YFQ-44A التي خضعت لاختبارات أرضية.

وفي الوقت نفسه، تسعى البحرية الأميركية للحصول على تصاميم تصورية لطائرات CCA من المقاولين الدفاعيين.

فيما تُعتبر طائرة Sukhoi S-70 Okhotnik-B الروسية القتالية المسيّرة، بتصميم جناح طائر مخلص، قيد الخدمة، لكنها غير مخصصة للاستخدام على السفن. 

فيما انتهى تطوير طائرتي nEUROn الفرنسية، وTaranis ​​البريطانية القتاليتين المسيرتين، وكلاهما قيد التجربة.

تصنيفات

قصص قد تهمك