
يبدو أن أهم مشروع أوروبي لتطوير مقاتلة مأهولة من الجيل السادس على وشك الانهيار، أو قد لا يبدأ أبداً، فمن إطلاق برنامج "نظام القتال الجوي المستقبلي" (FCAS) عام 2017 كمشروع دفاعي مشترك بين ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، واجه البرنامج اضطرابات متواصلة.
ورغم المحاولات المبذولة للحفاظ عليه، تبحث برلين وباريس حالياً "تقليص حجم" البرنامج، مع التحوّل نحو تطوير "السحابة القتالية" (Combat Cloud) وهي منظومة قيادة وسيطرة كانت جزءاً أساسياً من المشروع الأكبر، بحسب مجلة The National Interest.
مستقبل غامض لبرنامج FCAS
كان الهدف من برنامج FCAS منذ البداية طموحاً للغاية، إذ يسعى لإعادة تعريف القتال الجوي، وتعزيز الاستقلال العسكري الأوروبي بعيداً عن الدول غير الأوروبية، ولا سيما الولايات المتحدة، وتقوية شراكات الدفاع داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو).
لكن شركتي "إيرباص" (Airbus) الألمانية و"داسو للطيران" (Dassault) الفرنسية ظلّتا على خلاف بشأن قضايا عدّة مرتبطة بتطوير مقاتلة الجيل السادس، بما في ذلك تبادل الملكية الفكرية ونسبة العمالة التي ستساهم بها كل شركة.
وكما أُشير سابقاً، فإن ما يحدث الآن يشبه إلى حد كبير ما جرى في برنامج "المقاتلة الأوروبية المستقبلية" في ثمانينيات القرن الماضي، حين انسحبت فرنسا لتطوير مشروعها الخاص، ما أدى لاحقاً إلى إنتاج مقاتلة "رافال" (Rafale)، بينما أنتجت الأطراف الأخرى مقاتلة "يوروفايتر تايفون" (Eurofighter Typhoon).
وتاريخياً، طوّرت فرنسا معظم منظوماتها العسكرية بشكل مستقل، محافظةً على السيطرة على سلسلة التوريد وحقوق التصدير وغيرها فيما أكد رئيس شركة Dassault إريك ترابييه أن الشركة مستعدة وقادرة على تطوير طائرة الجيل السادس بمفردها.
من جهة أخرى، قد تسعى ألمانيا، وربما إسبانيا أيضاً، إلى الانضمام لبرنامج برنامج "القتال الجوي العالمي" (GCAP) الذي تقوده المملكة المتحدة، حيث تُبدي لندن انفتاحاً أكبر مقارنة باليابان، الشريك الآخر إلى جانب إيطاليا.
ومع ذلك، حتى في حال حدوث ذلك، فسيكون الدور الألماني أقل بكثير، لكنه سيمنح برلين على الأقل مقعداً على طاولة الجيل السادس.
وثمة خيار آخر لألمانيا يتمثل في التعاون مع السويد، العضو الأحدث في حلف الناتو، لتطوير بديل مستقبلي لمقاتلة JAS 39 Gripen. وكانت ستوكهولم في السابق شريكاً لبريطانيا وإيطاليا قبل أن تنسحب بعد دمج برنامج "تيمبيست" (Tempest) مع البرنامج الياباني F-X.
"السحابة القتالية" قد تنفصل عن FCAS
من الواضح أن FCAS لن يقدّم مقاتلة مأهولة تحلّق في السماء، لكنه قد يسفر عن تطوير "السحابة القتالية"، وهي منصة شبكية تربط المقاتلات المأهولة بأجهزة استشعار ورادارات وطائرات مسيّرة (UAVs) وغيرها من الأنظمة، بما في ذلك تلك الموجودة على الأرض وفي البحر.
وسيتم الاستفادة من التقدّم في الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة لتعزيز قدرات المقاتلات العاملة ضمن حلف الناتو وتحسين قابلية التشغيل المشترك. وكانت "السحابة القتالية" ركيزة رئيسية في البرنامج منذ بدايته.
وفي وقت سابق، قال مسؤول مطّلع لصحيفة "فاينانشال تايمز" هذا الأسبوع: "يمكننا التعايش مع وجود عدة مقاتلات في أوروبا، لكننا نحتاج إلى نظام سحابة واحد للجميع".
نظام قيادة شبكي
وكان المخطط الأصلي يقضي بأن تدخل هذه المنظومة القتالية الشبكية حيّز التشغيل بحلول عام 2040، إلا أن ألمانيا وفرنسا تبحثان حالياً إمكانية تنفيذها بشكل أسرع، ربما بحلول 2030.
ومن بين أسباب إمكانية إنقاذ "السحابة القتالية" حتى لو أُلغي برنامج FCAS الأكبر، هو أن شركة Dassault للطيران" ليست جزءاً منه. إذ تتولى Airbus الألمانية و"إندرا" (Indra) الإسبانية و"تاليس" (Thales) الفرنسية زمام المبادرة في هذا المجال.
ويبدو أن الاتفاق الحالي هو أن أوروبا تحتاج إلى منظومة قيادة شبكية مستقلة عن الولايات المتحدة، خصوصاً بعد شيوع مزاعم عن وجود "زر قتل" في مقاتلة F-35، يمكنه تعطيل الطائرة عن بُعد.









