هل تجاوزت الصين العقبة الأكبر في تطوير أسلحة الليزر؟

الولايات المتحدة تراجعت عن تطوير أسلحة الليزر بسبب مشكلات تقنية

time reading iconدقائق القراءة - 8
دبي-الشرق

تمكن علماء صينيون من تطوير نظام تبريد جديد لتقنية أسلحة الليزر، يتيح لهذا النوع من الأسلحة العمل لفترات زمنية غير محدودة، وهذا يعني التغلب على مشكلة الحرارة التي كانت تشكل تحدياً تقنياً كبيراً في تطوير أسلحة الليزر.

وشرح فريق من العلماء في الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع في مدينة تشانجشا بمقاطعة هونان الصينية، كيف أن نظام التبريد الجديد يمكن أن يحل تماماً مشكلة الحرارة التي تنشأ أثناء تشغيل أسلحة الليزر عالية الطاقة. 

وهذا يعني أنه بفضل هذه التكنولوجيا الجديدة، يمكن لهذه الأسلحة الليزرية العمل بلا انقطاع، ومن دون أي تأثير على أدائها لفترات زمنية غير محدودة، وفق ما أوردت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

ووصف فريق العلماء الذي يقوده عالم أسلحة الليزر يوان شنجفو، في ورقة بحثية نُشرت في مجلة "أكتا أوبتيكا سينيكا" الصينية في 4 أغسطس الماضي، التكنولوجيا الجديدة بأنها "إنجاز كبير سيسمح بتحسين أداء أنظمة الليزر عالية الطاقة".

غاز التبريد في أسلحة الليزر

وفقاً للورقة البحثية، يعتمد نظام التبريد الجديد على هياكل متطورة وتحسين تدفق غاز التبريد داخل أسلحة الليزر. 

ويُشير ذلك إلى أن هذا النظام الجديد قادر على تحويل مجرى العمل في المعارك بشكل كبير، حيث يُمكن من زيادة وقت تشغيل أسلحة الليزر أثناء الاشتباكات، وزيادة نطاق عملها، وبالتالي تقليل الأضرار وتوفير تكاليف أقل.

يوضح يوان وفريقه في ورقتهم البحثية أن منذ اختراع أول ليزر ياقوتي في عام 1960، كان الناس متحمسين للانتقال من استخدام الطاقة الحركية إلى استخدام طاقة الليزر، وكانت هناك آمال في تحويل أشعة الليزر إلى "أشعة قاتلة" قادرة على تدمير الأهداف فوراً. 

ولكن للأسف، مر أكثر من 60 عاماً من دون تطبيق ناجح لأنظمة الليزر عالية الطاقة، على الرغم من تطوير أنواع مختلفة من التكنولوجيا الليزرية.

لماذا تراجعت أميركا عن تطوير أسلحة الليزر؟

على مر السنوات الأخيرة، أطلقت الولايات المتحدة مشاريع عدة لاقتناء أسلحة ليزر متقدمة، شملت تطوير سلاح الليزر الكيميائي المتقدم الذي تم تصميمه لاستخدامه في البحرية الأميركية. 

ويتضمن هذا التطور استخدام مادة "فلوريد الديوتيريوم" كمصدر لليزر، كما تم تطوير الليزر الكيميائي بالأشعة تحت الحمراء، والليزر التكتيكي عالي الطاقة، والليزر الفضائي الذي يعتمد على "فلوريد الهيدروجين" كمصدر لليزر. 

وبالإضافة إلى ذلك، تم تطوير الليزر المحمول جواً الذي يستخدم ليزر يود الأكسجين الكيميائي. 

ووفقاً للورقة البحثية، تم اختبار جميع أنواع الأسلحة الليزرية المذكورة سابقاً، إذ نجح سلاح الليزر الكيميائي بالأشعة تحت الحمراء في إسقاط صواريخ أسرع من الصوت، وقام الليزر التكتيكي عالي الطاقة بإسقاط 48 هدفاً جوياً، ونجح الليزر المحمول جواً في اعتراض صواريخ تعمل بالوقود السائل. 

ومع ذلك، قررت الولايات المتحدة إلغاء جميع تلك المشاريع، بسبب الحجم الكبير والوزن الثقيل لهذه الأسلحة.

رغم ذلك، يقول يوان وزملاؤه، إن "السبب الحقيقي لإلغاء هذه المشاريع هو أن قوتها التدميرية لم ترق إلى مستوى التوقعات"، موضحين أن المدى الأقصى الفعال لهذه الأسلحة كان بضعة كيلومترات فقط.

وكي يتم تعزيز القوة التدميرية لهذه الأسلحة، يتعين الوصول إلى طريقة تسمح بتشغيل هذه الأسلحة لفترة أطول، وهو ما نجح العلماء الصينيون في تحقيقه.

وتعمل أسلحة الليزر، وفق الباحثين، من خلال نظام التحكم في شعاع الليزر، وهو النظام المسؤول عن توجيه أشعة الليزر والتحكم فيها، حيث يجب أن يكون هذا النظام دقيقاً ومستقراً للغاية، نظراً إلى أن أي انحراف أو اهتزاز حتى ولو صغير في هذا النظام، قد يتسبب في فقدان الشعاع لمساره المحدد.

وعندما يمر شعاع الليزر عبر الهواء، فإنه يزيد من درجة حرارة الغاز الموجود في مساره، وهو ما يتسبب في تمدده وخلق بعض الاضطرابات في هذا المسار، الأمر الذي يؤثر على شعاع الليزر نفسه، ويقلل من فعاليته ودقته.

 كما يمكن أن يتسبب هذا الغاز الذي يتعرض لحرارة عالية، في تلويث مرايا وعدسات النظام، وهو ما يؤثر بدوره على أداء النظام برمته، ويقلل من عمره الافتراضي.

كيف يعمل نظام تبريد أسلحة الليزر؟

يقول فريق يوان، إنه نجح في تطوير مبرد لمسار الشعاع الداخلي، وهو نظام يقوم على ضخ غاز معين داخل السلاح للتخلص من الحرارة، وتم تصميمه ليكون مضغوطاً وفعالاً، مع التركيز على تحسين تدفق الغاز وتقليل حجم ووزن النظام. 

وأشار فريق العلماء الصيني، إلى أن مبرد مسار الشعاع الداخلي لأسلحة الليزر يتألف من مكونات عدة، بينها مصدر الهواء، ونظام المبادل الحراري، ونظام التحكم في تدفق الغاز، ونظام حقن وسحب الغاز.

ويوضح العلماء الصينيون أن العنصر الأول، وهو مصدر الهواء المسؤول عن إمداد مسار الشعاع الداخلي بهواء نظيف وجاف، ليتم بعد ذلك تمريره عبر نظام المبادل الحراري المسؤول عن تبريده إلى درجة الحرارة المطلوبة.

أما نظام التحكم في تدفق الغاز، فإنه ينظم تدفقات الغاز داخل النظام في درجة حرارة مناسبة، كما يعمل على تقليل الانحرافات، بينما نظام حقن وسحب الغاز هو المسؤول عن حقن الغاز في مسار الشعاع الداخلي، وسحبه بعد مروره.

وتنبه فريق يوان لعدد من النقاط الفنية والعملية عند تطوير وتشغيل مبرد مسار الشعاع الداخلي، فقد كان أحد التحديات الرئيسية هو ضمان تحقيق نظام تدفق الغاز بدرجة التبريد المطلوبة. 

ويتطلب هذا الهدف تصميماً دقيقاً واختباراً لنظام التحكم في تدفق الغاز، بالإضافة إلى نظام حقن وسحب الغاز الذي ينقل الغاز إلى مسار الشعاع الداخلي.

أما التحدي الآخر الذي واجه الفريق، كان ضمان جعل نظام التبريد مضغوطاً وفعالاً بما يكفي ليكون عملياً أثناء الاستخدام. ولتحقيق هذا الهدف، تطلب الأمر تصميمات مبتكرة مثل هياكل الهواء المضغوط المتقدمة، وتحسين تدفق الغاز لكل مسار، وتكامل نظام حقن وسحب الغاز مع الجزء الخاص بالشعاع، وتبسيط خطوط الأنابيب.

ما مشكلات النظام الجديد؟

أوضح الباحثون أن نظام التبريد يمكن أن يُحدث مشكلات جديدة، مثل الاضطرابات والاهتزازات، والتي قد تؤثر سلباً على جودة الشعاع، إذا لم يتم بناؤه بشكل صحيح.

على سبيل المثال، يمكن أن يتسبب ضخ الغاز عبر مسار الشعاع الداخلي في حدوث اضطرابات واهتزازات، قد تؤثر على استقرار وجودة شعاع الليزر. 

ولهذا السبب، أجرى الفريق الصيني اختبارات مكثفة على هذا النظام للتحقق من مطابقته لمواصفات الأداء المطلوبة من قبل الجيش الصيني. وفيما بعد، استخدموا الجهاز على عدد من أسلحة الليزر التي كانت قيد التطوير.

وتعمل الصين بنشاط على تطوير أسلحة ليزر عالية الطاقة، والتي يمكن استخدامها لتدمير أو اعتراض أهداف مثل المركبات المسيرة، والصواريخ، والطائرات. 

وتتميز هذه الأسلحة بقدرتها على التفاعل مع الأهداف بسرعة الضوء، مما يجعلها فعالة للغاية في اعتراض وتدمير الأهداف ذات الحركة السريعة.

إضافة إلى ذلك، تتميز أسلحة الليزر بكونها أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بمنظومات الصواريخ التقليدية. فهي لا تتطلب ذخائر باهظة الثمن، ويمكن إعادة شحنها بسرعة.

تصنيفات

قصص قد تهمك