في حال قررت الصين غزو تايوان، فإنها قد تواجه تعقيدات ضخمة، لا تتمثل فقط في قوة حلفاء تايبيه، ولكن الجزيرة التي تطالب بكين بضمها، وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، تمتلك ترسانة ضخمة من الدفاعات الجوية، والصواريخ لصد أي هجوم محتمل، وفق مجلة The national Interest.
وسيكون عبور المضيق التايواني الذي يبلغ طوله نحو 80 ميلاً، بمثابة المشكلة الأولى من بين العديد من التحديات التي ستحتاج الصين إلى التغلب عليها إذا ما قررت المضي قُدماً في سيناريو ضم تايوان بـ"القوة العسكرية"، وفق المجلة الأميركية.
وتمتلك تايوان مخزوناً كبيراً من الصواريخ، وآلاف الدبابات، وشبكة واسعة من المواقع المحصنة. ويعيش معظم سكانها، البالغ عددهم 24 مليون نسمة في مراكز حضرية كثيفة، بما في ذلك العاصمة تايبيه.
وستضطر الصين، إلى القتال في كتلة تلو الأخرى للسيطرة على الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي، ولكنها ستواجه مقاومة شديدة.
وإذا قررت بكين، شن حملة جوية على تايبيه، فبإمكان ذلك أن يجعلها تخضع لها، ولكن من شأن ذلك أن يدمر البنية التحتية للجزيرة تماماً.
وتتسم المناطق الداخلية لتايوان، بأنها وعرة بشكل خاص، فهي عبارة عن غابة جبلية يمكن أن تكون بمثابة المعقل الأخير الذي قد يستغرق سنوات لإخضاعه.
خسائر تفوق التوقعات
وربما فكرت الصين في شن غزو ضد تايوان، بشكل مشابه للغزو الروسي لأوكرانيا، لكن استمرار الصراع بين موسكو وكييف حتى الآن، يمكن أن يعطي بكين "سبباً لعدم الانخراط في مثل هذه المحاولة للاستيلاء على تايبيه"، وفقاً لمجلة The national Interest.
ولم تتوقع موسكو إلى حد كبير رد الفعل الدولي العنيف، وموجات العقوبات التي فُرضت عليها، وهو ما قد تواجهه بكين إذا اتخذت خطوتها نحو الاستيلاء على تايوان بالقوة، كما أن خسائر روسيا البشرية في الصراع تجاوزت إلى حد كبير توقعات أي شخص، بحسب المجلة الأميركية.
وقالت الزميلة في معهد فريمان سبوجلي للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد، أوريانا سكايلر ماسترو، إن الحديث عن قدرة بكين على شن "غزو ضد تايبيه" يُقصد به مستوى التكلفة التشغيلية، مثل فقدان السفن، والخسائر البشرية والمادية، التي يتعين على الصين أن تدفعها للقيام بذلك.
وأضافت ماسترو، أن صناع القرار الأميركيين ربما ما زالوا يشعرون بالقلق من تقديرات استعداد الصين لاستخدام القوة. وأكدت قدرة بكين على شن هذا الغزو، ولكنها تضع في الحسبان الدفاعات الجوية القوية لدى تايبيه، ومدى قدرة واشنطن على مساعدة تايوان.
وأشارت الدراسات الحديثة الصادرة عن الكلية الحربية البحرية الأميركية، إلى أن بكين تفتقر إلى المعدات والمهارات اللازمة للقيام بـ"غزو تايوان"، ويشمل ذلك وسائل النقل البرمائية التي قد تكون ضرورية لنقل الدبابات، والمركبات الأخرى إلى الجزيرة.
وأجرت الصين بالفعل تدريبات باستخدام عبّارات السيارات، ولكن معظم الخبراء أكدوا أن مثل هذه السفن البطيئة يمكن أن تشكل أهدافاً مغرية للصواريخ التايوانية المضادة للسفن.
غزو مكلف
وذكرت دراسة أخرى أجراها "المجلس الأطلسي"، وهو مؤسسة بحثية أميركية، أن تايبيه لديها قوة دفاعية محتملة قوامها 450 ألف جندي، بدون أي "ميليشيات مدنية" يمكن تنظيمها بسرعة على الأرجح، ولتحقق الصين "غزواً ناجحاً" فستحتاج إلى أكثر من 1.2 مليون جندي، حسبما أوردت The national Interest.
وتتألف قوة الصين النشطة، مما يزيد قليلاً عن مليوني جندي، وهو ما لن يترك احتياطيات كبيرة. ومن غير الواضح عدد الرجال الذين ستحتاج بكين إلى الاحتفاظ بهم كقوة دائمة للسيطرة على الجزر التايوانية.
كما سيتطلب الأمر، آلاف السفن الصينية، التي سيتعين عليها عبور المضيق الذي يبلغ نحو طوله 80 ميلاً، وقد يفقد ذلك أسطول بكين الضخم "عنصر المفاجأة" في حال شنت أي غزو ضد تايوان، وبالتالي سيكون عليها إطلاق حملة جوية، والتي من المرجح أن تدمر البنية التحتية للجزيرة.
وستحتاج الصين إلى الاستيلاء على القواعد الجوية والمطارات بسرعة كبيرة، ولكن عمليات الإنزال الجوي لن تكون سهلة بالنسبة إليها.
وستصطدم القوات الصينية، بقوة الدفاعات الجوية لتايوان، التي لا تعتبر مجرد جزيرة واحدة، ولكنها أكثر من 100 جزيرة، بما فيها تلك الموجودة في سلسلة "ماتسو وكينمن" قبالة البر الرئيسي للصين.
كما تتمتع سلسلة جزر بينجو الرئيسية، وهي عبارة عن أرخبيل يضم نحو 90 جزيرة، بدفاعات ذات قدرات كبيرة.
وتعتبر المؤسسة العسكرية التايوانية، أصغر بكثير من الجيش الصيني، إلا أن قواتها كانت تتدرب على مواجهة مثل هذا الغزو لعقود.
وسيُظهر التايوانيون، مثابرة للدفاع عن الجزيرة، ما يجعل الصين تواجه مقاومة شديدة، حتى لو تمكنت من السيطرة على تايبيه، وفقاً لمجلة The national Interest.