بينما يتوقع خبراء عسكريون اختفاء دبابات القتال الثقيلة من ساحة المعركة في المستقبل، خاصة بعد ظهور حروب الطائرات المسيّرة، والذخائر المتسكعة، برزت الدبابة اليابانية Type 10 لتعطي نظرة مختلفة - ربما - عن مستقبل الدروع الثقيلة.
وتصف شركة Mitsubishi Heavy industries، الدبابة Type 10 التي دخلت الخدمة مع قوات الدفاع الذاتي البرية اليابانية في العام 2010، بأنها "الدبابة الأكثر تقدماً في العالم".
وتتميز هذه الدبابة بأنها أصغر حجماً عن نظيراتها من دبابات الجيل الرابع، وأخف وزناً، مع تحسين قدرات الدروع والاستهداف بشكل كبير.
واعتمدت الشركات الدفاعية حول العالم، على زيادة حجم دبابات القتال الرئيسية مع كل جيل، لتبلغ معظم دبابات القتال الرئيسية في الدول الصناعية الكبرى نحو 60 طناً، إذ أن تجاوز هذا الوزن يضع قيوداً على الحركة والتنقل، ما يجعل تشغيلها صعباً، بحسب Mitsubishi.
وقالت الشركة اليابانية إنه عندما لم تحسم العديد من الدول مفهومها لدبابة الجيل القادم، كان رد اليابان هو جعلها أصغر حجماً.
جيل جديد من الدبابات
ويشير موقع Army Technology إلى أن تاريخ بداية تطوير الدبابة Type 10 يعود إلى العام 2002، إذ طورها معهد البحث والتطوير التقني (TRDI). وتم الانتهاء من النموذج الأولي لها في عام 2006، فيما جرت اختبارات التشغيل خلال عامي 2007 و2008، تلتها تجارب إطلاق النار.
وواصل معهد البحث والتطوير التقني، عملية تطوير الدبابة في العام 2009. وبدأ إنتاجها بالفعل في العام 2010.
وقدَّمت وزارة الدفاع اليابانية طلباً إلى المقاول الرئيسي ي شركة Mitsubishi لشراء ما يصل إلى 13 دبابة من طراز Type 10 في العام 2010.
ودخلت الدبابات الخدمة مع اليابان في يناير 2012، وتعمل إجمالي 76 دبابة من Type 10 مع قوات الدفاع الذاتي البرية اليابانية في مايو 2020.
وتقول شركة Mitsubishi إن تقليص حجم الدبابة يجعل مهمة اكتشافها أكثر صعوبة، لافتة إلى أنه في بلد مثل اليابان، التي لديها خط ساحلي طويل، والعديد من الجبال والأنهار، يفضل أن تكون المدرعة أصغر حجماً حتى يسهل نقلها.
ويشغل الدبابة طاقم من 3 أفراد، فيما يصل وزنها إلى 44 طناً، وسرعتها القصوى 70 كلم/ الساعة.
قال هيديوكي إيشينوز، الذي كان مسؤولاً عن تصميم الدبابة، إن النجاح في تقليص حجم ووزن الدبابة لا يغني أبداً عن أهمية تميزها بأداء قوي وفعال.
وأشار إلى أن الدبابة الجديدة كانت بحاجة إلى مواصفات تفوق سابقتها Type 90 من حيث القوة النيرانية، والتنقل، والحماية.
وأضاف إيشينوز أن اليابان تمتلك مجموعة متنوعة من التقنيات المتقدمة، ويمكنها من خلال استخدام تكنولوجيا المواد الجديدة، تحسين الحماية لجسم الدبابة الصغيرة.
وأوضح أنه من خلال تقليص حجم المعدات على متنها، وتصميم تخطيط المعدات، أصبح وزن الدبابة حوالي 44 طناً، وهو أخف بمقدار 6 أطنان من الدبابة من Type 90.
وأشار إيشينوز إلى أنه بالرغم من الحجم الصغير للدبابة، إلا أنه يمكنها حمل نفس المدفع الرئيسي عيار 120 ملم مثل جميع الدبابات الرئيسية في العالم. وأكد أنه تم تعزيز تكنولوجيا عمل الدبابة لزيادة قوتها النارية، وتحسين قدرتها على الحركة.
نظام الحماية النووية
تتميز الدبابة Type 10 MBT ببرج مزود بنظام تحميل تلقائي، ويمكن تدوير البرج بزاوية 360 درجة لتحديد الأهداف. وهي مسلحة بمدفع أملس L44 عيار 120 ملم، تم تصنيعه بترخيص من شركة Japan Steel Works. وجرى تجهيز البرج أيضاً بقاذفات قنابل دخان.
ويتكون التسليح الثانوي للدبابة Type 10 من مدفع رشاش ثقيل M2HB عيار 12.7 ملم، ومدفع رشاش محوري من النوع 74 عيار 7.62 ملم.
وجرى تجهيز هيكل الدبابة بفولاذ نانو كريستالي، ودرع مركب من السيراميك من الجيل الرابع للحماية من قذائف القنابل الصاروخية (RPG)، ومقذوفات HEAT، والصواريخ المضادة للدبابات.
ويمكن إزالة الوحدات الإضافية، وتثبيتها بسهولة لتغيير مستويات الحماية.
كما أنها مزودة بنظام الحماية النووية، والبيولوجية، والكيميائية (NBC)، وأنظمة إخماد الحرائق الأوتوماتيكية. وجرى تجهيز الدبابة Type 10 بنظام محسّن للتحكم في الحرائق، وجهاز تحديد المدى بالليزر للاشتباك مع الأهداف الثابتة والمتحركة.
ويوفر نظام إدارة ساحة المعركة الرقمية (BMS)، الموجود على متن الدبابة، وعياً متزايداً بالموقف من خلال عرض المعلومات المطلوبة.
وتتميز الدبابة أيضاً بأنظمة استشعار متقدمة، ومعدات C4I (القيادة والتحكم والاتصالات وأجهزة الكمبيوتر والاستخبارات) المتطورة، والتي تسمح لها بالتواصل ومشاركة المعلومات مع الدبابات الأخرى في شبكة قوات الدفاع الذاتى البرية.
كما يمكّن نظام الاستخبارات C4I دبابة القتال الرئيسية من العمل مع القوات في شبكة الكمبيوتر الخارجية للمشاة، ونظام التحكم في قيادة الفوج (ReCS) أثناء العمليات القتالية المتكاملة.
المحرك والتنقل
يتم تشغيل الدبابة بواسطة محركات ديزل مبردة بالماء، وأربع دورات، وثماني أسطوانات مقترنة بعلبة تروس ناقل الحركة المتغير باستمرار (CVT). ويولد المحرك قوة تبلغ 1200 حصان.
وجرى تجهيز الخزان بنظام تعليق هوائي نشط يوفر قدرة فائقة على الحركة، ويمكن أن تصل سرعة الدبابة إلى حوالي 70 كلم/ساعة للأمام والخلف. ويصل مداها التشغيلي إلى حوالي 440 كيلومتراً.
وقالت Mitsubishi إن الشركة انخرطت منذ فترة طويلة في تطوير محركات الدبابات، وجاء تتويج هذا الجهد في محرك الديزل V8 رباعي الدورات، والمبرد بالماء. وأضافت أنه بالرغم من صغر حجمه، إلا أنه يتميز بقدرة عالية تصل إلى 1200 حصان.
الدبابة الأغلى في العالم
بدأ الإنتاج الضخم للدبابة من النوع 10 في عام 2010، وتم نشرها تدريجياً مع القوات اليابانية اعتباراً من العام 2011.
وعملت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية على تطوير دبابة جديدة كل 20 سنة تقريباً، بداية من Type 61 إلى Type 74 إلى Type 90 إلى Type 10.
وتعتبر الدبابة Type 10 بين الأقوى في العالم، لما تمتلكه من قدرات حماية فائقة، وقدرات استهداف معززة بإلكترونيات محدثة.
وأجرى موقع Army Recognition ترتيباً لأفضل 15 دبابة قتال رئيسية قيد الإنتاج حالياً، أو جاهزة للإنتاج المتسلسل في العالم.
ورغم صغر حجمها مقارنة بمنافسيها، دخلت الدبابة Type 10 قائمة أقوى المركبات المدرعة الثقيلة في العالم.
وذكر موقع JANES، وهو موقع استخباراتي مفتوح المصدر مهتم بالشؤون العسكرية، أن قوات الدفاع الذاتي اليابانية طلبت في أكتوبر الماضي نحو 10 دبابات Type 10. وقال الموقع إن وزارة الدفاع اليابانية خصصت مبلغ 16.8 مليار ين (ما يعادل 112 مليون دولار أميركي) لشراء 10 دبابات من طراز Type 10، ما يجعل تكلفة الوحدة الواحدة تزيد قليلاً عن 11 مليون دولار.
وفي يناير الماضي، ذكرت مجلة The National Interest أن الدبابة K2 Black Panther أغلى دبابة على وجه الأرض بتكلفة تبلغ 8.5 مليون دولار، ما يجعل الدبابة اليابانية هي الأغلى عالمياً.