في معركة السيطرة على السماوات، تبدو المقاتلة الروسية "سوخوي 35" Su-35 المحدثة، تحدياً لا يمكن التقليل من شأنه، فيما تظل المقاتلة الأميركية الأقل شهرة F-22، هي الرهان الرابح لسلاح الجو الأميركي.
وتحتفظ واشنطن بالمقاتلة F-22 من أجل استخدامها بشكل أساسي في الدفاع عن الأراضي الأميركية، وبعض أكثر الأماكن حساسية للأمن القومي الأميركي.
المقارنة بين المقاتلتين، تبدو مربكة، فرغم الخلافات المتصاعدة، وصراع النفوذ بين واشنطن وموسكو، إلا أن الخصمين النووين، لم يتواجها قط في أجواء كل منهما.
كان موقع Warrior Maven الأميركي المتخصص في الشؤون العسكرية والدفاعية، أجرى مقارنة مثيرة، يفترض فيها "مواجهة مباشرة" بين مقاتلات "سوخوي 35" su-35 الروسية بعد تحديثاتها الأخيرة، ومقاتلة F-22 الأميركية. وأظهرت المقارنة، التقارب الشديد بين المقاتلتين في الإمكانيات الفنية والتقنية، بما يشي أن مواجهة بينهما قد تؤدي لنتائج لا يمكن توقعها بشكلٍ حاسم.
تطوير روسي
تعتبر الطائرة Su-35 مشتقة من طراز Su-27 التي ينظر إليها على عتيقة، ولكن مقاتلة الهيمنة الجوية الروسية بنسخها الأكثر حداثة، ويمكن أن تمثل تهديداً كبيراً للمقاتلات الأميركية، نظراً لنطاق وتأثيرات التعديلات والترقيات المدمجة بها.
وتحتفظ الطائرة الروسية Su-35 بقدرات كبيرة للغاية، لعدة أسباب منها حصولها على ترقيات تجعلها من مقاتلات الجيل "الرابع +"، وذلك وفقاً لموقع Warrior Maven.
وتتميز الطائرة القديمة Su-27 بقدرتها على الوصول إلى سرعة كبيرة تصل إلى 2.35 ماخ، وهي نفس سرعة Su-35، ولكن الأخيرة تعمل بقدرة super cruise، بطريقة مشابهة للمقاتلة الأميركية F-22 وذلك بهدف الحفاظ على السرعة العالية دون حاجة للجوء لخاصية الاحتراق اللاحق after burner.
وأكد موقع Warrior Maven، أنه بالنظر إلى التحسينات والترقيات التي حصلت عليها Su-35، فإن التساؤل حالياً بشأن ما إذا كان تم تصميمها في الأساس لمنافسة وتحدي الطائرة F-22 الأميركية.
يمكن اعتبار Su-35 طائرة من الجيل الرابع، إلا أنها تمتلك عدداً من معايير الأداء والترقيات التكنولوجية التي قد تجعلها تحدياً هائلاً للمقاتلة الأميركية F-22.
وحرصت القوات الجوية الأميركية، وشركة Lockheed المطورة، على تزويد المقاتلة F-22 بشكل سريع، بالتحديثات اللازمة لضمان احتفاظها بالتفوق والهيمنة الجوية.
طائرة "شبه شبحية"
وتحتفظ الطائرة الروسية بعنصر مثير للاهتمام، ولكن أقل شهرة، وهو قدرتها على تقليل المقطع العرضي للرادار، ما يجعلها "شبه شبحية". وتبدو الطائرة Su-35 بالنسبة لعين المراقبين متخفية بعض الشيء، حيث أن جسمها أكثر استدارة قليلاً من معظم طائرات الجيل الرابع ذات الحواف الحادة.
ويقدم جسم الجناح المخلوط عدداً أقل من الخطوط والزوايا الحادة التي من المحتمل أن تولد عرضاً مرتداً لرادار العدو عندما ترتد الأصوات الكهرومغناطيسية من الطائرة.
ويبدو أن الطائرة Su-35 تشبه قليلاً F-22، لكن هذا لا يشير إلى أن خصائصها الشبحية قابلة للمقارنة.
وجرى إدخال الطائرة Su-35 إلى الخدمة مع الجيش الروسي مؤخراً في عام 2014، وهو إطار زمني يشير إلى أنها قد تشتمل بالفعل على عدد كبير من الترقيات المتطورة في مجال الأسلحة، والاستشعار، وإلكترونيات الطيران، وأنظمة المهام، والأسلحة غير الحركية.
وبحسب تقارير روسية، فإن الطائرة Su-35 لديها قدرة super cruise، تشبه طائرة F-22 في الحفاظ على سرعات ماخ دون الحاجة إلى احتراق لاحق.
وقد يكون مجال المقارنة بين الطائرتين الروسية والأميركية، الأكثر لفتاً للانتباه، هو نسبة الدفع إلى الوزن، والتي تبدو في الطائرة الروسية، أعلى من طائرة F-22، أو على الأقل قريبة منها.
ويشير مخطط البيانات المنشور في منتدى الدفاع الروسي، إلى أن المقاتلة Su-35 تتصدر المخطط بنسبة دفع إلى وزن تبلغ 1.30، في حين أن مقاتلة F-22 مدرجة بـ 1.18 أو تصل إلى 1.37 مع فوهات مستديرة.
وبالرغم من أن القدرات متقاربة بين الطائرتين، إلا أن خبراء يعتقدون أن المقاتلة F-22 أفضل طائرة للتفوق الجوي في أي مكان في العالم.
دورة صنع القرار
تعتمد كثير من نتائج القتال الجوي بقدرة الطيار وصنع القرار، إلا أن التساؤلات بشأن ما إذا كانت الجوانب الفنية لأي من الطائرتين قد تمنحها ميزة.
وتبدو الطائرتان متقاربتان إن لم تكونا قابلتين للمقارنة إلى حد ما من حيث السرعة، ونسبة الدفع إلى الوزن، وبالتالي فمن المحتمل أن تحدد المتغيرات الأخرى هامش الاختلاف بين الطائرتين.
وأشار Warrior Maven، إلى أن التساؤل الملح، هو مدى قدرة أي طيار على متن المقاتلة الروسية أو الأميركية، على استكمال حلقة المراقبة، والتوجيه، والقرار، والتصرف - OODA لاتخاذ القرار أولاً.
وتشير حلقة OODA إلى أن الطيار والطائرة التي تدرك الديناميكيات، وتتكيف مع الظروف بشكل أسرع، وأكثر دقة ستكون في وضع يسمح لهما باتخاذ القرار والتصرف، أو القتل والتدمير أولاً.
وأكد Warrior Maven، أنه يتم الإشارة إلى الطائرة F-22 غالباً على أنها طائرة "الطلقة الأولى، القتل الأول".
وأوضح أنه بالنظر إلى أن "الطائرتين يمكنهما الإقلاع عمودياً، وتحقيق مستويات عالية من الدفع والتوجيه ومعدل الصعود"، فإن الاختلاف الفني، من حيث معايير الأداء، من المحتمل أن يكمن في جودة أنظمة المهام واستهداف الأسلحة، والاستشعار والحوسبة.
ويثير مثل هذا السؤال الفرضية الأساسية بشأن ما إذا كان مفهوم المواجهة المباشرة "عفا عليه الزمن".
ويبدو أن هذه الفرضية كانت سبباً في وجود الطائرة F-35 الشبحية من الجيل الخامس؛ لأنه على الرغم من أنها مصممة للقتال الجوي بفعالية كبيرة، إلا أن حوسبتها واستهدافها ورادارها واستشعارها يجعلها بقدرات فائقة للغاية، لدرجة أنها لا تضطر إلى القتال الجوي المباشر مع مقاتلة أخرى لتنتصر.
قدرات قياسية
وأظهرت طائرات F-35 في المناورات الحاسمة للقوات الجوية الأميركية مثل "العلم الأحمر"، قدرتها على رؤية وتدمير أعداد كبيرة من طائرات الجيل الرابع من مسافات لا يمكن لمقاتلة العدو اكتشافها.
وتوفر هذه القدرة ميزة لا مثيل لها، وتقدم نفسها كمثال على مجالات الاختلاف التكنولوجي التي من المحتمل أن تحدد الفائز في الاشتباك من F-22 إلى Su-35.
ويبدو أن القوات الجوية الأميركية، وشركة Lockheed وضعت في الاعتبار أهمية تحديث الطائرة F-22 بإلكترونيات الطيران، والاستشعار، وتكنولوجيا الاتصالات لتحسين قدرتها على استخدام الأسلحة بشكل كبير.
وأدت ترقية F-22 على مستوى الأسطول، والمشار إليها باسم 3.2b إلى تحسين النطاق بشكل كبير، حيث تم تزويدها بصواريخ AIM-9X Sidewinder وAIM-120D.
وتمت ترقية كل من هذه الأسلحة جو-جو المعروفة بطريقة أدت إلى تحسين الأداء والفتك بشكل كبير.
وعملت شركة Lockheed والقوات الجوية الأميركية على تعزيز وتحسين الطلاء للطائرة F-22، وهو تطور ربما يضمن تحسين قدراتها في الحفاظ على موادها الماصة للرادار.
كما جرى تحسين مجال الاتصالات عندما يتعلق الأمر بالطائرة F-22، حيث تتيح روابط البيانات الجديدة حالياً الاتصال ثنائي الاتجاه بين طائرات F-22 وF-35، وطائرات الجيل الرابع أيضاً.
التحكم في الطائرات بدون طيار
تكمن إحدى المجالات الحاسمة للتفوق الجوي المحتمل للطائرات المقاتلة في التعاون بين طائرات مأهولة، وغير مأهولة.
ولسنوات عديدة، أحرز علماء القوات الجوية الأميركية، ومطورو الأسلحة تقدماً في تطوير قدرة طائرات F-22 على التحكم في الطائرات بدون طيار من قمرة القيادة، ما يزيد من نطاق الاستشعار، والاستهداف، وحتى إمكانيات الهجوم.
وتشير تقارير، نشرتها وكالة أنباء TASS الروسية، إلى أن موسكو تعمل بالفعل على تكرار هذا النوع من القدرات، ولكن يبدو أنها ليست متفوقة تماماً مثل القوات الجوية الأميركية.
وأظهرت القوات الجوية الأميركية بالفعل، أنها تستطيع ربط الطائرات بدون طيار، بطائرات مقاتلة من طراز F-35 أثناء التحليق، وهي خطوة تشير إلى أن قدرة الطائرات المأهولة على التحكم في مجموعات من الطائرات بدون طيار من الجو على وشك أن تتحقق.
ويتيح ذلك لطائرة من الجيل الخامس تغطية منطقة ما بالمراقبة، واختبار الدفاعات الجوية للعدو، وإجراء استطلاع أمامي عالي المخاطر، وحتى توصيل الأسلحة عندما يوجهها الإنسان.
وقد تكون الطائرة المنتصرة في اشتباك قتالي بين F-22 وSu-35 هي المقاتلة الأفضل قدرة على تشغيل الأنظمة غير المأهولة من الجو.