الذكاء الاصطناعي والقرارات العسكرية.. "قوة مميتة" تهدد بزيادة التصعيد

time reading iconدقائق القراءة - 8
صورة أنتجتها "الشرق" بالذكاء الاصطناعي لرؤوس نووية أطلقت بطريقة عشوائية عبر الذكاء الاصطناعي. 9 مايو 2024 - Midjourney
صورة أنتجتها "الشرق" بالذكاء الاصطناعي لرؤوس نووية أطلقت بطريقة عشوائية عبر الذكاء الاصطناعي. 9 مايو 2024 - Midjourney
دبي -الشرق

يرجح أن يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل ممارسات الردع في مجال الدفاع والأمن، نظراً لتأثيراته الثلاثية التكميلية المتوقعة على حسابات القوة والإدراك والإقناع البشري بين الدول. 

وتؤكد الاستثمارات الكبيرة في الذكاء الاصطناعي عبر الحكومات والصناعات الخاصة والأوساط الأكاديمية على دوره المحوري، وذلك وفقاً لما ذكرته مجلة The National Interest. 

ولفتت المجلة الأميركية، إلى ضرورة الحديث عن الطرق التي سيغير بها الذكاء الاصطناعي معادلة الردع والإكراه وطرق مواجهة التحديات الاستراتيجية، مشيرة إلى أن الردع في جوهره يدور حول التأثير في سلوك الخصم من خلال التهديد بالعقاب أو الانتقام. 

ويعد الهدف من الردع، هو إقناع الخصم بالتخلي عن إجراء معين من خلال زرع الخوف من العواقب، وبالتالي التلاعب بحسابات التكلفة والعائد. 

الردع والإجبار

وفي حين أن الردع يهدف إلى منع الخصم من اتخاذ إجراء محدد في المستقبل، يسعى "الإجبار" إلى فرض تغيير في سلوك الخصم. ويندرج كلا المفهومين ضمن المفهوم الأوسع لـ"الإكراه". 

ويجب على الجهات الفاعلة المشاركة في هذه الديناميكية أن تفكر بعناية في كيفية إيصال التهديدات إلى خصومها لجعلهم يعيدون النظر في رغبتهم في اتخاذ إجراءات محددة.  

وتحمل كل خطوة أو خطوة مضادة في حسابات الإكراه، مخاطر تصعيدية كبيرة يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مقصودة. 

ويجب على صناع القرار دراسة كل خطوة بحكمة، بالاعتماد على التاريخ وعلم النفس والسياق لتوصيل التهديدات الموثوقة لثني الخصوم عن تجاوز الخطوط الحمراء. 

ويمكن اختصار العناصر الأساسية للإكراه إلى ثلاثة أساسيين: القوة، والإدراك، والإقناع. 

القوة كعامل للإكراه العسكري

تتميز القوة بأبعاد عديدة بينها القدرات العسكرية والثروة الاقتصادية، والتقدم التقني، والعلاقات الدبلوماسية، والموارد الطبيعية، والتأثير الثقافي.  

وإلى جانب القوة الفعلية، تعتبر القدرة على "الإشارة إلى امتلاكها" أمر بالغ الأهمية.  

ويرجح أن يصبح التفاعل الديناميكي للقوى الذي يدفع التعاون والمنافسة والصراع متقلباً بشكل متزايد بسبب الذكاء الاصطناعي والغموض الذي قد يضعه في أذهان صناع القرار، عند تفسير الطموحات الدفاعية أو الهجومية لجهة ما، فإذا كان أحد الممثلين ينظر بالفعل إلى الطرف الآخر على أنه خبيث، فإن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من المرجح أن تعزز التحيز القائل بأن الوضع العسكري للمنافس يعكس بشكل متزايد توجهاً هجومياً وليس دفاعياً.  

وقد يعني تعزيز التحيزات، أنه سيصبح من الصعب على الدبلوماسية أن تلعب دوراً في تهدئة التوترات. 

ويشكل الافتقار المتأصل للذكاء الاصطناعي إلى القدرة على التفسير، حتى في التطبيقات السلمية، تحدياً كبيراً مع تزايد اندماجه في القدرات العسكرية التي لديها القدرة على إلحاق ضرر جسيم.

وسيتعين على صناع القرار أن يتعاملوا مع تفسير المعادلة الدفاعية الهجومية لنظرائهم وسط هذا الغموض. 

وعندما قدمت مجموعة الذكاء الاصطناعي للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (IRS) التي تتعقب التدريبات العسكرية الصينية في بحر الصين الجنوبي، تحليل التدريبات، على أنها مقدمة للهجوم على تايوان، فإن ذلك يدفعها إلى التوصية بأن تنشر الولايات المتحدة مجموعات قتالية مصاحبة لحاملات الطائرات لـ"ردع الصين". 

ويثق صناع القرار في الولايات المتحدة بالتوصية؛ لأن مجموعة AI ISR قامت بمعالجة بيانات أكثر بكثير مما يستطيع البشر القيام به وتنفيذ التوصية.  

كما لا تستطيع بكين التأكد مما إذا كانت الخطوة الأميركية تأتي رداً على مناوراتها العسكرية أم أنها تهدف لأغراض أخرى.  

وتنظر القيادة الصينية بحالة من عدم اليقين بشأن كيفية وصول الولايات المتحدة إلى هذا القرار وما هي نواياها، ما يضيف المزيد من الضبابية إلى تفسيرها للدوافع الاستراتيجية الأميركية، ومدى استنارة هذه الدوافع بنصيحة الذكاء الاصطناعي مقابل الإدراك البشري. 

وقد تؤدي هذه الديناميكية إلى تضخيم المفاهيم الخاطئة، وتجعل من الصعب بطبيعتها منع حدوث دوامة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى صراع فعلي مباشر. 

التحيز الخوارزمي في صنع القرار

يبدو أنه من المخاوف الملحة الأخرى بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في القرارات العسكرية، تدور حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى "تضخيم قدرات العدو"، ومن ثم استخدام تقييمات أسوأ السيناريوهات لتبرير العقاب أو العنف.  

وأدت البيانات المتحيزة في أعمال الشرطة، المستندة إلى هذه النوعية من البيانات، إلى استهداف غير متناسب للأقليات.  

وفي المجال العسكري، قد يؤدي "التحيز الخوارزمي" الناشئ عن جمع البيانات والتدريب والتطبيق إلى "عواقب مميتة".  

وقد يشكل البشر الذكاء الاصطناعي، لكن التكنولوجيا الجديدة قد تشكل بدورها عملية صنع القرار في المستقبل. 

ولا يمكن لأي إصلاحات تقنية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، أن تتغلب على مشاعر عدم الأمان البشرية العميقة.  

وبينما يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز القدرات العسكرية من خلال تحسين الوعي الظرفي، والاستهداف الدقيق، واتخاذ القرارات السريعة، يعتبر غير قادر على القضاء على المعضلة الأمنية المتجذرة في حالة عدم اليقين.  

وقد يؤدي الاعتماد المتزايد للذكاء الاصطناعي في الهياكل السياسية والدفاعية والعسكرية من قبل الجهات الفاعلة على مستوى العالم إلى نفس التصورات تقريباً. 

تقلبات في التنافس العسكري

وقالت The National Interest، إنه على الولايات المتحدة الاستعداد لمزيد من التقلبات مع تسابق الدول للتقدم على منافسيها، مقتنعة بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسرع مكانتها في النظام الدولي، ما يؤدي إلى تضخيم المعضلة الأمنية.  

وتستعد الدول في كثير من الأحيان للأسوأ لأنها "لا تستطيع أبداً معرفة نوايا منافسيها". 

ويكمن التحدي الرئيسي في التواصل الفعال مع القدرات القائمة على الخوارزمية.  

ولا يوجد ما يعادل قياس قدرة الذكاء الاصطناعي على منصات الأسلحة المادية مثل الدبابات أو الصواريخ أو الغواصات، الأمر الذي يزيد من عدم اليقين فيما يتعلق بمصطلحات الردع. 

ويرجح أن يصبح فن الإقناع أكثر تعقيداً مع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. 

وأظهر التقدم في الذكاء الاصطناعي بالفعل قوة الأنظمة التي يمكنها إقناع البشر بشراء المنتجات، ومشاهدة مقاطع الفيديو، والتعمق في غرف الصدى الخاصة بها.  

ومع تحول أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى أكثر تخصيصاً وانتشارا، وسهولة الوصول إليها، بما في ذلك في بيئات شديدة السرية والحساسية، يوجد خطر يتمثل في أن تؤثر تحيزات صناع القرار على كيفية تشكيل واقعهم ومسارات عملهم.  

مخاطر سوء الفهم والتصعيد

ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يغير تجارب القادة البشر، حيث إنهم سيخضعون لدرجات متفاوتة من المعلومات الخاطئة القوية وحملات التضليل من خصومهم.  

ويرجح أن يؤثر التفاعل مع الذكاء الاصطناعي وأدوات الإقناع التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على بيئة المعلومات الخاصة بالبشر، ما يؤثر في كيفية الممارسة لديناميكيات الإكراه والاستجابة لها.

ويشكل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري تحديات كبيرة لممارسات الردع.  

ويزيد افتقار الذكاء الاصطناعي إلى القدرة على التفسير، من الصعوبات على صناع القرار في تفسير نوايا نظرائهم بدقة، ما يزيد من خطر سوء الفهم والتصعيد. 

وقد يؤدي التبني المبكر للذكاء الاصطناعي إلى تعزيز صور العدو وتحيزاته، ما يعزز عدم الثقة، ويحتمل أن يثير الصراع. 

ومع تنافس الدول على المزايا الاستراتيجية التي يعتمدها الذكاء الاصطناعي، تزداد التقلبات وخطر التصعيد. 

وتؤكد مأساة عدم اليقين والخوف على الحاجة إلى اتخاذ "سياسات حذرة" مع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي في التعامل مع الآلة الحربية. 

تصنيفات

قصص قد تهمك