تعهّد ببناء "قبة حديدية".. هل ينجح ترمب فيما فشل فيه رؤساء سابقون؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
دونالد ترمب عندما كان رئيساً يؤدي التحية العسكرية خلال حضوره حفل تخرج الأكاديمية العسكرية الأميركية في نيويورك- 13 يونيو 2020 - Reuters
دونالد ترمب عندما كان رئيساً يؤدي التحية العسكرية خلال حضوره حفل تخرج الأكاديمية العسكرية الأميركية في نيويورك- 13 يونيو 2020 - Reuters
دبي-الشرق

وعد الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية 2024، دونالد ترمب، بتجديد جيش بلاده، وبناء نظام دفاع صاروخي تحت مسمى "القبة الحديدية"، مستنكراً عدم امتلاك بلاده هكذا منظومة بينما هي متوفرة لدى إسرائيل.

وبحسب تقرير لموقع Defense One، من المستحيل من الناحية الفنية بناء نظام قادر على حماية الولايات المتحدة من هجوم الصواريخ الباليستية.

ومع إعلان الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان عن مبادرته الدفاعية الاستراتيجية الطموحة عام 1983، قدمت واشنطن أكثر من 415 مليار دولار لأفضل المقاولين العسكريين، ووظفت عشرات الآلاف من العمال وأفضل العلماء في هذه الجهود، لكن لم ينجح أي شيء.

وامتلكت الولايات المتحدة حينها نظاماً أساسياً يتألف من 44 صاروخاً اعتراضياً أرضياً منتشراً في ألاسكا وكاليفورنيا.

وفي ظل ظروف الاختبار المثالية، لم تتمكن هذه الصواريخ من إصابة هدف إلا في نصف الحالات فقط.

ماذا يعني ترمب؟

وفقاً للموقع المتخصص بالشؤون العسكرية، قد يعني ترمب بتصريحاته أن الولايات المتحدة يمكنها ببساطة نشر نسخة أميركية الصنع من القبة الحديدية الإسرائيلية.

وجرى تصميم القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، وليس الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

ويمكن لكل نظام من أنظمة القبة الحديدية الدفاع عن منطقة تبلغ مساحتها نحو 150 ميلاً مربعاً.

وستحتاج الولايات المتحدة إلى نشر أكثر من 24 ألف و700 بطارية من القبة الحديدية للدفاع عن 10 ملايين كيلو مربع تقريباً هي مساحة الولايات المتحدة.

وتبلغ تكلفة كل بطارية نحو 100 مليون دولار، ما يعني أن تكلفة نشر منظومة حول الولايات المتحدة القارية ستبلغ نحو 2.47 تريليون دولار، الأمر الذي كان يمكن تفهمه لو كان بوسع هذا النظام أن يدافع عن البلاد، لكنه لا يكفي، لأن القبة الحديدية مصممة لاعتراض الصواريخ وقذائف الهاون البدائية التي تقطع أقل من 44 ميلاً.

وتشكل الصواريخ طويلة المدى تهديداً مختلفاً تماماً وأكثر تعقيداً من الصواريخ قصيرة المدى.

وبعد عقود من الجهود، أصبح لدى أميركا أنظمة قادرة على اعتراض الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي تقطع عشرات أو حتى مئات الأميال، وهذه الصواريخ بطيئة نسبياً، وكبيرة الحجم، وساخنة الأهداف.

وتسافر في الغالب عبر الغلاف الجوي، الأمر الذي يمنعها من نشر أي نوع من الطعوم ضد الصواريخ الاعتراضية.

وثبت أن اعتراض الصواريخ بعيدة المدى التي تقطع آلاف الأميال بسرعة، وصغر حجمها، وبرودتها أثناء انطلاقها عبر الفضاء الخارجي أمر مستحيل، وخاصة إذا استخدم الخصم تدابير مضادة مثل الطعوم وأجهزة التشويش.

ولا تستطيع الصواريخ الاعتراضية رؤية الهدف، وحتى عندما تدخل الرؤوس الحربية الغلاف الجوي، وتجردها من الطعوم المنتشرة في الفضاء، فإنها تسافر بسرعة كبيرة، تصل إلى 4 أميال في الثانية، وهي صغيرة جداً لدرجة أنها تشكل هدفاً صعباً للغاية.

كما يمكن للخصم إغراق الأنظمة الدفاعية برؤوس حربية أكثر من عدد الصواريخ الاعتراضية، وستواجه الدفاعات الأميركية مشاكل لا يمكن التغلب عليها.

وسعى رونالد ريجان إلى حل هذه المعضلة بنشر أسلحة الليزر في الفضاء.

ومن الناحية النظرية، كان بوسع هذه الأسلحة أن تتغلب على الميزة الكامنة التي تتمتع بها الأسلحة الهجومية، ولكن هذا "كان ضرباً من الخيال"، وفقاً لـDefense One.

وخلصت الجمعية الفيزيائية الأميركية، وهي الجمعية الأولى للفيزيائيين في البلاد عام 1987، إلى أن الأمر سيستغرق عقوداً من الزمان لتحديد ما إذا كانت مثل هذه التكنولوجيات قابلة للتطبيق أم لا.

وبعد عدة سنوات من السعي إلى تطبيق مخططات غير عملية مثل "الحصى اللامعة"، التي من شأنها أن تستوعب الآلاف من الصواريخ الاعتراضية في مرائب فضائية ضخمة، اضطر البرنامج إلى العودة لاستخدام الأنظمة الأرضية، حتى مع القيود المتأصلة فيها.

هل تحسنت التكنولوجيا؟

قد يعتقد ترمب أن التكنولوجيا تطورت بالفعل لاستيعاب تقنيات حديثة.

وقال إن رونالد ريجان كان يريد تطبيق نظام القبة الحديدية منذ سنوات عديدة، لكن لم تكن الولايات المتحدة تملك التكنولوجيا حينها.

وفي حين أصبحت أسلحة الطاقة الموجهة قصيرة المدى ممكنة حالياً، لا يزال العلماء غير قريبين بأي حال من تحقيق أنواع القوة، والتحكم في الشعاع، والتتبع الدقيق المطلوبة للأسلحة الفضائية.

كما لم يتغلب المهندسون على التكلفة الكبيرة، وصعوبات الصيانة، والتشغيل المترتبة على وضع عشرات أو مئات الأسلحة في الفضاء.

وحذر رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي، آدم سميث، في تعليق على مراجعة ترمب للدفاع الصاروخي لعام 2019، من أن طبقة اعتراضية مقرها الفضاء، تمت دراستها مراراً وتكراراً، ووجد أنها صعبة من الناحية التكنولوجية ومكلفة للغاية.

ويؤمن ترمب بهذه الرؤية بقوة لدرجة أنه جعلها الركيزة الدفاعية الوحيدة في برنامج الحزب الجمهوري الجديد بخلاف تعزيز الجيش.

وتوجد 20 نقطة في أجندة الحزب الجمهوري الرسمية، تتحدث الثامنة منها عن منع الحرب العالمية الثالثة، واستعادة السلام في أوروبا والشرق الأوسط، وبناء درع دفاعي صاروخي عظيم من القبة الحديدية فوق الولايات المتحدة.

ويدعو مشروع 2025 إلى جعل الدفاع الصاروخي "أولوية قصوى".

ويعود المشروع إلى مبدأ الاستثمار في تكنولوجيات الدفاع الصاروخي المتقدمة في المستقبل مثل الطاقة الموجهة أو الدفاع الصاروخي القائم على الفضاء والتي يمكنها الدفاع ضد المزيد من التهديدات الصاروخية.

وأعدت مؤسسة Heritage، وهي المجموعة التي تقف وراء مشروع 2025، تقريراً دعا إلى إنهاء سياسة إدارة بيل كلينتون المتمثلة في ترك المدن والأراضي الأميركية مفتوحة للهجمات الصاروخية.

وزعم التقرير أن أميركا تستطيع في مقابل بضعة مليارات من الدولارات أن تطور وتنشر دفاعات صاروخية باليستية ميسورة التكلفة وفعالة، مشيراً إلى أن كل ما ينقص هو فهم سليم للدفاعات الصاروخية والإرادة السياسية لبنائها.

وأكد موقع Defense One، أنه لا صحة مطلقاً لتعليقات مؤسسة Heritage بشأن نشر دفاعات صاروخية تحمي كل سماء الولايات المتحدة.

وأنفق البيت الأبيض الجمهوري والكونجرس الجمهوري مليارات الدولارات، لكن لم يصلا إلى أي نتيجة في هذه الخطة.

وبعد 30 عاماً، يحاول دونالد ترمب تكرار "نفس الخدعة"، معتمداً على ذات  المجموعة وفقاً للموقع الأميركي.

تصنيفات

قصص قد تهمك