أزمة نقص العمالة تحد من قدرة أميركا على بناء سفن حربية جديدة

time reading iconدقائق القراءة - 8
المدمرة الأميركية المحملة بالصواريخ من فئة أرلي بيرك يو إس إس هالسي (DDG 97) وهي تجري عمليات روتينية في مضيق تايوان. 8 مايو 2024 - AFP
المدمرة الأميركية المحملة بالصواريخ من فئة أرلي بيرك يو إس إس هالسي (DDG 97) وهي تجري عمليات روتينية في مضيق تايوان. 8 مايو 2024 - AFP
دبي-الشرق

يمثل نقص العمالة تحدياً بارزاً يحد من قدرة البحرية الأميركية في إنتاج السفن الحربية، ما تسبب في تراكم المتأخرات لدى خطوط الإنتاج، وتراجع لخدمات الصيانة، في وقت تواجه واشنطن، تهديدات عالمية متزايدة، وفقاً لموقع "ديفينس نيوز"

ودفع تبدل أولويات الدفاع، والتغييرات التي تطال التصاميم في اللحظات الأخيرة، ومايترتب على ذلك من زيادة في التكاليف، لوضع الولايات المتحدة خلف الصين في عدد السفن الجاهزة، بالإضافة إلى اتساع الفارق بين البلدين.

وقال المحلل البحري في مكتب الميزانية بالكونجرس، إريك لابس،"إن بناء السفن في الوقت الحالي، يمر بمرحلة هي الأسوأ منذ ربع قرن". 

وأضاف: "هناك شعور بالقلق، ولا توجد طريقة سريعة وسهلة للخروج من الأزمة الحالية". 

وقال لابس، إن شركة Marinette Marine وقعت عقداً لبناء 6 فرقاطات صواريخ موجهة مع خيارات لبناء 4 فرقاطات أخرى، لكن الشركة لديها ما يكفي من العمال لإنتاج فرقاطة واحدة فقط في السنة. 

أين ذهب العمال؟ 

وتعتبر إحدى المشاكل الرئيسية التي تواجه الصناعة في الصراع على توظيف العمال، والاحتفاظ بهم للعمل الصعب لبناء سفن جديدة، مع تقاعد المحاربين القدامى، آخذين معهم عقوداً من الخبرة. 

وأنشأت أحواض بناء السفن في مختلف أنحاء الولايات المتحدة أكاديميات تدريبية، ودخلت في شراكات مع كليات تقنية لتزويد العمال بالمهارات التي يحتاجون إليها لبناء السفن الحربية عالية التقنية. 

كما شكل بناة الغواصات والبحرية، تحالفاً لتعزيز المهن التصنيعية، إذ تقدم أحواض بناء السفن امتيازات للاحتفاظ بالعمال بمجرد التوظيف. 

وقال لوكاس أندرييني، عامل لحام في شركة Fincantieri Marinette Marine، إن بعض أصدقائه يتراجعون عن العمل، بسبب الوصمة التي تلاحقهم بأن بناء السفن "بيئة عمل سيئة وغير آمنة". 

وأضاف لـ"ديفينس نيوز"، أن "هذا ليس هو الواقع، فالمزايا الصحية التي يتمتع بها أفضل من تلك التي كان يتمتع بها في وظيفته السابقة، وسيحصل على معاش تقاعدي للمرة الأولى، وهناك فرصة لاكتساب مهارات أكثر تقدماً من تلك التي تلقاها أثناء تدريبه الأولي". 

وأوضح أندرييني أنه يشعر أيضاً بأنه "يخدم بلده"، معرباً عن شعور بالرضا لتمكنه من تصنيع السفن التي تقل الأصدقاء في الخدمة إلى الديار بأمان. 

من جهتها، أعربت ألوني ليك، وهي أيضاً عاملة لحام وخريجة برنامج الكلية التقنية، عن سعادتها بحصولها على وظيفة توفر لها الاستقرار على المدى الطويل. 

وقالت ليك، البالغة من العمر 32 عاماً، إنها تعتقد أن الكثير من الشباب مهتمون بالوظائف الحرفية. 

وأكد وزير البحرية الأميركية، كارلوس ديل تورو مؤخراً، على أهمية برامج التدريب. وقال: "يقع على عاتق الجميع التفكير في كيفية رعاية المواهب على أفضل وجه، وتطوير مهارات الخريجين، لبناء الأمة والدفاع عنها ضد التهديدات والتحديات العالمية الجارية". 

ضمان بقاء العمال 

وتحاول البحرية الأميركية مساعدة أحواض بناء السفن، في ضمان بقاء العمال الجدد في سوق العمل الضيق بمجرد تدريبهم وتوظيفهم. 

وفي ولاية ويسكونسن، يتم استخدام جزء من 100 مليون دولار، من تمويل البحرية الأميركية المقدم إلى شركة Marinette Marine، لمكافآت الاحتفاظ بالموظفين في حوض بناء السفن، والذي وصفه ديل تورو، بأنه  عمل عظيم، بسبب احتفاظه بالموظفين في الماضي. 

وقال المتحدث باسم الشركة إريك دنت، إن "الشركة التي توظف أكثر من ألفي عامل تقدم مكافآت تصل إلى 10 آلاف دولار، للاحتفاظ بالعمال".  

وأضاف: "نقص القوى العاملة يمثل مشكلة بالتأكيد، وهي أزمة تواجه جميع أحواض بناء السفن". 

ويشكل الاحتفاظ بالقوى العاملة مصدر قلق حتى بالنسبة لأحواض بناء السفن التي حققت أهدافها، بما في ذلك شركة Huntington Ingalls Industries، التي تصنع المدمرات والسفن الحربية البرمائية في ولاية ميسيسيبي، وحاملات الطائرات والغواصات في ولاية فرجينيا. 

وتعمل الشركة على إنشاء شراكات تدريبية مع الكليات والمدارس العامة في جميع المستويات الدراسية. 

وتعاونت شركة Huntington Ingalls Industries مع البحرية الأميركية، ومدينة نيوبورت نيوز بولاية فرجينيا، لبناء مرآب جديد، لانتظار السيارات للعمال والبحارة. 

مشاكل استمرت لعقود

ويقع الكثير من اللوم في المشاكل الحالية التي تواجهها صناعة السفن في الولايات المتحدة، على عاتق البحرية الأميركية، التي تغير متطلباتها بشكل متكرر، وتطلب ترقيات وتعدل التصميمات، بعد أن يبدأ بناة السفن في البناء. 

وتسببت هذه المطالب في تجاوز التكاليف، والتحديات التكنولوجية، والتأخير في بناء أحدث حاملة طائرات تابعة للبحرية، وهي USS Ford، وتعطيل نظام المدفعية لبرنامج المدمرة الشبحية بعد أن أصبحت مقذوفاتها المدعومة بالصواريخ مكلفة للغاية، والتقاعد المبكر لبعض السفن القتالية الساحلية المدرعة الخفيفة التابعة للبحرية، والتي كانت عرضة للانهيار. 

وتعهدت البحرية الأميركية بالتعلم من دروس الماضي، من خلال الفرقاطات الجديدة التي تبنيها في Marinette Marine، إذ تحظى الفرقاطات بتقدير كبير، لأنها أقل تكلفة في الإنتاج من المدمرات الأكبر حجماً، ولكنها تتمتع بأنظمة تسليح مماثلة. 

واختارت البحرية تصميم سفينة مستخدمة بالفعل من قبل القوات البحرية في فرنسا وإيطاليا بدلاً من البدء من الصفر. 

وكانت الفكرة هي تحديث 15% من السفينة لتلبية مواصفات البحرية الأميركية، بينما يظل 85% دون تغيير، ما يقلل التكاليف ويسرع البناء. 

وقال برايان كلاك، المحلل في معهد دسون للأبحاث، إن البحرية الأميركية قامت بعكس تلك المعادلة، إذ أعادت تصميم 85% من السفن، ما أدى إلى زيادة التكاليف وتأخير البناء. 

وأدى ذلك إلى تأخر بناء أول سفينة حربية من طراز Constellation، والتي بدأت في أغسطس 2022، عن الموعد المحدد بـ3 سنوات، إذ تم تأجيل التسليم إلى عام 2029. 

التهديدات المتغيرة 

وتعتبر الطبيعة المتغيرة للتهديدات العالمية، من بين الأمور الأكثر تعقيداً، فيما يتعلق بعملية بناء السفن الجديدة، وهو ما يزيد الوضع تعقيداً. 

وتحتاج البحرية الأميركية إلى التكيف مع مخاطر مختلفة، سواء كانت الحرب الباردة في العقود الماضية أو التهديدات الحالية، بما في ذلك الحرب في الشرق الأوسط، والمنافسة المتزايدة من القوات البحرية الصينية والروسية، والقرصنة قبالة سواحل الصومال، والهجمات المستمرة على السفن التجارية من قبل جماعة الحوثي في اليمن. 

وقال ماثيو باكستون، من مجلس شركات بناء السفن في الولايات المتحدة، وهي جمعية تجارية وطنية، إن دمج أحواض بناء السفن، وعدم اليقين بشأن التمويل أديا إلى إرباك وتيرة البناء، وإعاقة الاستثمارات والتخطيط الطويل الأجل. 

وأكد باكستون، أنه كان يتم التعامل مع خطط بناء السفن غير المتسقة لسنوات، وعندما تم البدء في زيادة الإنتاج، صُدمت البحرية الأميركية لفقدان شركات البناء للأيدي العاملة. 

وتتعامل البحرية الأميركية مع مشاكل بناء السفن على محمل الجد.

وقال الملازم كايل هانتون، المتحدث باسم مكتب ديل تورو، إنه "لم يكن دور البحرية الأميركية في الدفاع عن الولايات المتحدة، وتعزيز السلام أكثر اتساعاً أو أهمية من أي وقت مضى". 

تصنيفات

قصص قد تهمك