تحولت الطائرات المُسيرة إلى "كابوس قاتل" في مناطق صراع عدة حول العالم، حيث تحلق على ارتفاعات مختلفة ومدى طويل، قد يتجاوز ألفي كيلومتر، لتلاحق القوات المسلحة التقليدية وتحول الأرض إلى جحيم في ثوانٍ.
لم تبرز الطائرات المُسيرة فجأة، لكن دورها المتصاعد بقوة في الحروب والصراعات العسكرية، جعل وجودها "حقيقة قاتلة"، خاصة ضد الجيوش التقليدية التي تنفق ملايين الدولارات من أجل مواجهة أسراب المسيرات التي تبلغ كلفة الواحدة منها أقل من 400 دولار في بعض الأحيان.
في هذه المواجهة مع المسيرات، تتجاوز تكلفة استخدام صاروخ واحد مضاد للطائرات المليون دولار، مثل صاروخ "باتريوت" الأميركي الذي يتم استخدامه عادة لمواجهة تهديدات ذات تقنيات عالية، وحتى في أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى مثل "القبة الحديدية" الإسرائيلي ونظام "بانتسير" الروسي تكون تكلفة الصاروخ الواحد أضعاف سعر الهدف في كثيرٍ من الأحيان.
وتتراوح تكلفة صاروخ واحد من طراز "تامير" الذي تستخدمه "القبة الحديدية"، ما بين 30 إلى 40 ألف دولار، لكن تظل أنظمة الدفاع الجوي، تعاني بشدة بسبب "لعنة المسيرات"، خاصة أن الأنواع الأكثر استخداماً في الهجمات، مثلما يجري في روسيا، هي مُسيرات تجارية عادية يتراوح سعرها بين 30 إلى 200 دولار، قبل أن يتم تزويدها بقذيفة هاون أو بعض القنابل الخفيفة القاتلة لإسقاطها على الأهداف، أو حتى توفير مراقبة حية لساحة المعركة.
ويرى المحلل العسكري الأميركي جون روسوماندو، أن "الطائرات المُسيرة، تمتلك ميزة أهم من السرعة والمدى، وهي القدرة على الإفلات من رادارات الدفاع الجوي".
وأضاف روسوماندو لـ"الشرق"، أن "هذه مشكلة كبيرة لفرق الدفاع الجوي بشكلٍ عام حول العالم، فالطائرات المسيرة، أصبحت صغيرة جداً ورخيصة، وحتى الأنواع الأكبر والأكثر من ناحية الدقة والقدرة التدميرية، يبلغ سعرها نحو 20 ألف دولار، وقد تحتاج لصاروخ بتكلفة تصل 5 ملايين دولار لإسقاطها".
ولفت إلى أن "هذه معادلة تحتاج لتغيير كبير في خطط الدفاع الجوي، وهي مشكلة تواجهها كل الجيوش الآن، وهي كيف يمكن حماية معداتنا وقواتنا بتكلفة متناسبة"، موضحاً أن "بعض هذه الطائرات تباع بسعر زهيد جداً، ويمكن لأطرافٍ عديدة، أن تطلق منها أسراباً تشكل خطراً حقيقياً، فحتى لو تم إسقاط غالبيتها بتكلفة باهظة، سيظل العبء على مخططي القوات المسلحة، أن يواجهوا موجات من تلك المُسيرات، تستنزف احتياطاتهم المالية والصاروخية".
عيون المعركة وسيوفها
تتميز الطائرات المسيرة، ليس فقط بتكلفتها المنخفضة للغاية مقارنة بالمقاتلات أو حتى أسلحة الدفاع الجوي، لكنها أيضاً تتميز بإمكانية التخصيص المزدوج وبتكاليف أقل. فالمسيرات يتم ترتيبها حسب المهمة، حيث تركز طائرات الاستطلاع غير المسلحة على المدى الذي تستطيع الوصول إليه، والارتفاع الذي يمكنها التحليق فيه بشكلٍ يوفر رؤية واضحة، إضافة إلى قدرتها على حمل التجهيزات التقنية اللازمة للرصد والاستطلاع، والفترة التي تقضيها خلال التحليق.
وأصبحت المسيرات بمثابة "عين واقعية" على ميدان المعركة، ليس فقط بهدف رصد قوات العدو، لكن أيضاً تصويب نيران القوات المهاجمة، مثل المدفعية، ورصد وتصوير الإصابة لتمكين القوات المهاجمة من تحديد حجم الضرر الذي أوقعته.
بخلاف ذلك، يمكن لطائرات الاستطلاع نفسها، أن تتحول إلى مسيرات استطلاع مسلحة، فهي ترصد وتهاجم في الوقت نفسه، ما يجعل مسألة اتخاذ القرار خلال المعارك سريعة ومؤثرة للغاية.
أما الطائرات الانتحارية، فتعمل على استهداف نقطة بعينها للانفجار فيها تماماً، مثل القذائف التقليدية والصاروخية، غير أنها في الغالب تحلق بطريقة يصعب رصدها وإسقاطها، إذ يمكنها التحليق على ارتفاعات مختلفة، وبسرعات متعددة، مما يجعل عملية إسقاطها مسألة معقدة ومكلفة.
ورغم أن الصورة الشائعة عن المُسيرات هي كونها "طائرات صغيرة الحجم"، إلا أنها متنوعة بشكل كبير في قدراتها وحمولتها ومهامها وقدراتها التقنية وواجباتها في المعركة.
هناك على سبيل المثال، مسيرات من طراز first person vision (FPV) والمنتشرة حالياً في الحرب الروسية-الأوكرانية، وهي مسيرات صغيرة الحجم تحلق على ارتفاعات منخفضة، وتعمل بتكلفة تشغيل زهيدة، كما يمكن تصنيعها في ورش صغيرة أو حتى شراء بعضها عبر الإنترنت.
بالمقابل، هناك مُسيرات ضخمة غالية الثمن وعالية التقنيات مثل المُسيرة الأميركية الضخمة GLOBAL HAWK التي يصل مداها إلى 550 كم، وطولها 13.3 متراً، فيما تستطيع التحليق بسرعة 644 كيلومتراً في الساعة، وترتفع حتى 18 ألف متر، ويكلف إنتاجها أكثر من 135 مليون دولار للواحدة.
وتحمل مسيرات GLOBAL HAWK أجهزة استشعار ذات قدرات فائقة، إذ تستطيع مسح مناطق شاسعة، وإرسال المعلومات بصورة حية إلى القيادة، ومتابعة عشرات الأهداف.
كما تعتبر من أكثر الطائرات المُسيرة من حيث القدرة التقنية في العالم، بحسب موقع الشركة المنتجة التي ذكرت أن Global Hawk خدمت بالفعل في العراق وأفغانستان وشمال إفريقيا وآسيا ومنطقة المحيط الهادي الكبرى.
من جهتها، تمتلك دول عدة طائرات مُسيرة عملاقة، مثل الطائرة المُسيرة الصينية الضخمة CH-7، والتي تستطيع التحليق على ارتفاع 13 ألف متر، مع حزمة هائلة من أجهزة الرصد والاستطلاع، كما أن لديها القدرة على تقديم صورة واقعية لمساحات شاسعة في الوقت الفعلي للقيادات العسكرية.
كما تمتلك الطائرة الصينية تقنيات تجعلها "مُسيرة شبحية"، إذ يصعب بشدة العثور عليها لانخفاض مقطعها الراداري. بالإضافة لذلك، استثمرت الصين في "مزيج الاستخدام المزدوج"، إذ تستطيع الطائرة حمل صواريخ موجهة وقنابل ذكية وكذلك صواريخ سطحية وأيضاً أسلحة جو–جو.
وتمتلك المُسيرة الصينية كذلك، قدرات تقنية تجعلها قادرة على اعتراض إشارات الرادار، واكتشاف الأهداف عالية القيمة، مثل مراكز القيادة المعادية، ومواقع إطلاق الصواريخ، حسب تقارير إعلامية.
نقاط ضعف المُسيرات
هذا المزيج الفعال بين الأحجام المختلفة والقدرات المتنوعة ما بين الاستطلاع والرصد والتدمير، جعل الجيوش ترصد ميزانيات ضخمة، لمواجهة هذا "الكابوس القاتل" الذي أصبح حقيقة لا يمكن تجاهلها في ميدان المعركة.
لكن رغم خصائصها المميزة، لا تزال الطائرات المسيرة تعاني من نقاط ضعف خطيرة، فالأنواع الرخيصة منها تفتقر بشدة إلى الدقة، كما أن حمولتها لا تزال متواضعة للغاية في ساحة معركة مفتوحة، بالمقابل فإن حملة طائرة مقاتلة واحدة تمثل عشرات الأضعاف مقارنة بالطائرات المسيرة.
بخلاف الحمولة، تحتاج الطائرات المُسيرة لصيانة أقل، لكنها في الوقت نفسه، تصبح عرضة أكثر للتشويش الإلكتروني، خاصة إذا كانت تعتمد على وصلة بيانات Data link يمكن اختراقها، وبالتالي يمكن تغيير الهدف أو تدمير الطائرة.
لذلك، فإن بعض الطائرات المُسيرة تستخدم نظام GPS أو ذاكرة داخلية مخزن عليها مسار الرحلة لمنع العدو من التشويش عليها، لكن حتى إشارات نظام التموضع العالمي GPS يمكن التشويش عليها باستمرار، في حين تلجأ بعض الطائرات الأغلى ثمناً، للعمل من خلال الاتصال بالأقمار الصناعية، لتجنب التشويش من محطات الحرب الإلكترونية.
ورغم كل النجاحات التي حققتها المُسيرات في المعارك، لا تزال إمكانية إسقاطها بأسلحة تقليدية، أمراً وراداً، فضلاً عن إمكانية السيطرة على بعضها عبر اختراق وصلة البيانات، مما يمنح الخصوم فرصة كبيرة لدراسة تقنيات الطائرة، وحتى إعادة استخدامها.
نهاية عصر الدفاع الجوي "المحكم"
وعن تنوع الأدوار التي تقوم بها المسيرات في ميدان المعركة، وتزايد احتياج الجيوش لـ"حماية محكمة" ضد هذه الهجمات، أوضحت خبيرة شؤون الأمن القومي الأميركية إيرينا تسوكرمان، أن الطائرات بدون طيار "أعادت تشكيل وجه المعارك التكتيكية بالفعل".
وقالت تسوكرمان لـ"الشرق" إن "الطائرات بدون طيار أصبحت تشكل رقماً صعباً للجيوش، وذلك لأسباب مختلفة، بعضها يشمل حقيقة أن تلك المركبات غير المأهولة هي في الواقع مجموعة واسعة من الأسلحة ذات الميزات والقدرات المختلفة للغاية، وبالتالي لا يوجد دفاع مثالي واحد ضدها جميعاً أو ضد مزيج منها".
وذكرت المحللة الأميركية، أن "الدفاع ضد الطائرات بدون طيار الضخمة مثل Reaper أو Bayraktars يختلف كثيراً عن ردع سرب من الطائرات بدون طيار الصينية أو المسيرات الأصغر حجماً وحمولةً، لكنها تشكل معاً، حين تستهدف منطقة في شكل أسراب، تحدياً قوياً".
وبيّنت تسوكرمان، أن فكرة تحقيق "حصانة كاملة" من هذا المزيج المتنوع والمعقد من الطائرات، سواء من ناحية القدرات أو الحجم أو المدى، أصبحت "أمراً شديد الصعوبة، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار الطائرات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، فهي تستطيع أن تفلت من الرصد بسهولة أكبر".
وتابعت: "إذا قررت منظومة دفاعية التركيز على مواجهة الطائرات الأصغر والأكثر مرونة والأرخص تكلفة، التي يمكنها الإفلات قد تجد نفسها أيضاً في مواجهة طائرات أكبر في القدرات التدميرية".
إدمان المسيرات
ورغم القدرات المتنوعة للطائرات المُسيرة، إلا أن الجيوش ما تزال تواصل تطوير أسلحة تقليدية مثل الطائرات والدبابات، وحذرت محللة شؤون الأمن القومي تسوكرمان، من أن الجيوش "لا يمكنها الاعتماد حصرياً على المُسيرات للانتصار بالحروب أو الاشتباكات طويلة الأجل".
وتسعى غالبية الدول المنتجة للمسيرات، مثل روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إلى تطوير أسطولها من القوات الجوية التقليدية وتحديثه.
وتسعى الولايات المتحدة لتطوير وتحديث أسطولها الجوي مع التركيز على مقاتلات الجيل الخامس العاملة حالياً مثل F-35، كما تسعى لإنتاج مقاتلة الجيل السادس لسلاحها الجوي. فيما تلاحق الصين وروسيا التطوير المستمر في أسلحة القوات الجوية، وتسعى موسكو لإنتاج واسع لطائرات SU-75 لمواجهة التطوير الغربي المستمر.
وبشأن تنوع عمليات الطائرات المسيرة وتوسع مداها القتالي، أشارت تسوكرمان، إلى الحوثيين في اليمن كمثال لـ"قدرة المسيرات على الإزعاج"، قائلةً إن "الحوثيين استخدموا طائرات مُسيرة من طرازات مختلفة، في هجماتهم السابقة، ومؤخراً للوصول إلى أهداف إسرائيلية".
ورغم أن غالبية تلك الهجمات واجهت صعوبة كبيرة في الوصول لأهدافها، إلا أن الضربات الحوثية اشتملت على مزيج من الأدوات القتالية، ولفتت الخبيرة الأميركية، إلى أن "هناك مشكلة كبيرة في دقة الطائرات المسيرة، ورغم أنها أكثر قدرة على الهرب من الرادارات، إلا أن شحنتها المتفجرة ودقتها لا تزال محل شك كبير، لذلك يستخدم الحوثيون مزيجاً من المسيرات والصواريخ لتحقيق الإصابة".
وترى أن "وجود السفن الأميركية الضخمة في البحر الأحمر، خاصة حاملات الطائرات في أعقاب الحرب على غزة، جعل لدى الحوثيين هدفاً مثالياً أضخم وأقرب"، مشيرةً إلى أن "المشكلة الرئيسية في تهديدات الملاحة بالبحر الأحمر، هي التكلفة خاصة مع التفوق الكبير للقوات الأميركية في مواجهة التهديدات الحوثية".
تقييم قدرات المسيرات الانتحارية
ظهرت مؤخراً بكثافة المُسيرات الانتحارية، والتي يتم توجيها بواسطة مشغل عن بعد، ومهمتها الاصطدام بالهدف لتفجيره بما تحمله من متفجرات.
واشتهرت روسيا وإسرائيل وإيران والصين وكوريا الشمالية بتصنيع المُسيرات الانتحارية "الكاميكازي" على نطاق واسع.
واستخدمت روسيا وأوكرانيا بشكل مكثف طائرات FPV لمهاجمة تجمعات الجنود، أو إعطاب المركبات المدرعة، أو حتى دبابات القتال الرئيسية.
وقالت محللة الشؤون الأمنية الأميركية، إن "معدل نجاح الطائرات المُسيرة الانتحارية يختلف حسب نوع الطائرة والمشغل"، مضيفةً أن "هناك بالتأكيد أضرار تحدث، لكن ما حجم تلك الأضرار؟ وهل تم إعطاب الآلية عطب يمكن إصلاحه في الميدان؟، أم أنها تحتاج لصيانة أكثر تعقيداً في الورش أو الخطوط الخلفية؟ أم أن الشحنة الانفجارية كانت كافية لإخراج المعدة من الخدمة؟ كل هذه المعايير يجب أن توضع في الحسبان".
وتزعم روسيا أن طائرات Lancet بدون طيار بلغ معدل نجاحها حوالي 25 إلى 30%، وهو أعلى من معدل النجاح النموذجي لطائرات بدون طيار FPV، والذي قد يصل إلى 10%. واستخدمت موسكو طائرات أخرى من طراز شاهد -136 إيرانية الصنع، لمهاجمة أهداف عسكرية ومراكز سكانية ومحطات طاقة في أوكرانيا، وفق تقارير غربية.
وأشارت تسوكرمان، إلى أنه "في المتوسط، يبلغ معدل نجاح الطائرات الانتحارية حوالي 19%".
وكانت طائرة Lancet الانتحارية بدون طيار واحدة من أكثر الأسلحة الروسية فعالية في هذا الصراع. وأوضحت تسوكرمان، أن "طائرة Lancet ذات المدى البعيد، قادرة على ضرب الأهداف من مسافة تزيد عن 30 ميلاً، وهي في الأساس طائرة كبيرة، وقد تم تصنيفها كتهديد خاص للمدفعية الأوكرانية والدفاعات الجوية وغيرها من الأصول العسكرية الهامة".
ما الحل لمواجهة "خطر المسيرات"؟
تواجه قوات الدفاع الجوي معضلة لمواجهة الطائرات المُسيرة، لكنها تتعامل معها بعدة مستويات، منها استهداف وصلات البيانات التي تربط المُسيرة بالمشغلين، سواء لإسقاط الطائرة، أو لتوجيهها نحو إحداثيات خاطئة.
أما الطريقة الثانية فهي استخدام المدافع المضادة للطائرات لإسقاط الطائرة مباشرة على ارتفاعات منخفضة، غير أن تلك الطريقة لا تزال بحاجة لموازنة المسافة بين الطائرة المسيرة وبين الرامي، لحمايته من الشظايا. والطريقة الثالثة هي استخدام الصواريخ على مدى أبعد لمواجهة خطر المُسيرات، كما تفعل أنظمة الدفاع الجوي قصيرة ومتوسطة المدى.
طرق مواجهة الطائرات المسيرة
- استهداف وصلات البيانات Data link التي تربط المُسيرة بالمشغلين، سواء لإسقاط الطائرة، أو لتوجيهها نحو إحداثيات خاطئة.
- استخدام المدافع المضادة للطائرات لإسقاط الطائرة مباشرة على ارتفاعات منخفضة، غير أن تلك الطريقة لا تزال بحاجة لموازنة المسافة بين الطائرة المسيرة وبين الرامي، لحمايته من الشظايا.
- استخدام الصواريخ على مدى أبعد لمواجهة خطر المُسيرات، كما تفعل أنظمة الدفاع الجوي قصيرة ومتوسطة المدى.
ولفتت تسوكرمان، إلى "وجود العديد من الاستراتيجيات والتقنيات الرادعة للتعامل مع هجمات الطائرات بدون طيار".
وتشمل هذه التقنيات تشويش نظام تحديد المواقع العالمي GPS، والتلاعب بالرادارات للكشف عن الطائرات بدون طيار، ومحللي ترددات الرادار الذين يحللون الإشارات بين الطائرة بدون طيار وجهاز التحكم بها، وأجهزة الاستشعار البصرية التي تكتشف المسيرات في الظلام وفي الضوء، وتجمع بين الأطوال الموجية المرئية والأشعة تحت الحمراء.
وذكرت المحللة، أنه "يمكن الاعتماد أيضاً على أجهزة الاستشعار الصوتية التي تجمع الأصوات الصادرة عن الطائرات بدون طيار للكشف عن اتجاهها، والأجهزة التي تستخدم النبض الكهرومغناطيسي لتعطيل الأجهزة الإلكترونية، والمدافع الشبكية".
فيما أشار روسوماندو، إلى أن "أسلحة الطاقة الموجهة Directed-energy weapons، باعتبارها أفضل دفاع ضد الطائرات بدون طيار. وتعمل أسلحة الطاقة الموجهة على توجيه حزم طاقة مركزة، مثل أشعة الليزر لإتلاف الدوائر الكهربائية للمسيرات".
وأوضح الخبير العسكري الأميركي، أنه "من المرجح أيضاً أن تستخدم بعض الدول طائرات بدون طيار لمواجهة المسيرات المعادية"، لافتاً إلى أن "المسيرات هي تقنية جديدة في ساحة المعركة، لذا فإن العقيدة المتعلقة سواء باستخداماتها أو طرق مواجهتها لا تزال قيد المراجعة المستمرة".
وأشار إلى أن "الجيش الأميركي لا يزال يعمل حتى الآن على تطوير أنظمة حرب إلكترونية مصممة خصيصاً لمواجهة المُسيرات"، مؤكداً أن هذه "العملية مستمرة، والمعارك التي تجري يتم استخلاص الدروس منها في غالبية الجيوش حول العالم، لمواجهة هذا الخطر".
أسلحة الليزر
تختبر الجيوش ومنها الأميركي، أسلحة طاقة موجهة لحرق الطائرات بدون طيار أو إتلاف أجزاء منها. وقد تصبح أسلحة الطاقة فعالة للغاية ضد المسيرات إذا تمكنت الشركات الدفاعية العالمية من التغلب على المسائل المتعلقة بتشغيلها، والتي من بينها توليد الطاقة الكبيرة والمركزة، وحماية الأطقم المشغلة من الحرارة الهائلة.
وأوضحت تسوكرمان، أن "أسلحة الطاقة الموجهة تأتي في فئتين وهما: الليزر عالي الطاقة والموجات الدقيقة عالية الطاقة"، مشيرةً إلى أن "هناك 6 برامج على الأقل قيد التطوير أبرزها: ODIN، Optical Dazzling Interdictor (البحرية)؛ وhelios".
وتشير الأعداد القليلة من أسلحة الطاقة إلى حقيقة أن هذه التقنيات لا تزال في أفضل الأحوال بعيدة لسنوات عن الاستخدام الميداني الواسع، فضلاً عن كون تكاليف الإنتاج والفعالية وعوامل أخرى لا تزال تشكل عقبات أمام نشر هذه الأسلحة على نطاقٍ أوسع.
ومر ما يقرب من عقد منذ أن صنعت البحرية الأميركية التاريخ، وقامت بتثبيت نظام سلاح ليزر تجريبي بقوة 30 كيلو واط (LaWS) على سفينة النقل البرمائية من فئة USS Ponce Austin آنذاك.
وحسب الخبيرة الأميركية، فقد كان من الممكن أن تنجح مثل هذه الأسلحة في إسقاط طائرات الحوثيين بدون طيار في البحر الأحمر بالفعل، لكن البحرية لا تزال لا تستخدمها.
وقالت تسوكرمان، إنه وفقاً للتقارير، فإن "سلاسل توريد أسلحة الطاقة الموجهة حالياً، بما في ذلك المواد الخام الحيوية وقاعدة التصنيع والقوى العاملة والبنى التحتية اللازمة للاختبار، غير قادرة على دعم نشر سلاح الطاقة الموجهة على نطاق واسع".
وأشارت إلى أن "البحرية الأميركية قادرة فقط على إنتاج كميات قليلة من الأنظمة من هذا النوع، وعلى فترات زمنية طويلة".