التليف الرئوي.. مرض خطير قد تسببه طبيعة العمل

time reading iconدقائق القراءة - 9
امرأة تخضع لاختبار قدرة الانتشار الرئوي باستخدام مقياس التنفس في قسم علاج الحساسية والربو في مستشفى لاري في تولوز، فرنسا، 26 أكتوبر 2021- - AFP
امرأة تخضع لاختبار قدرة الانتشار الرئوي باستخدام مقياس التنفس في قسم علاج الحساسية والربو في مستشفى لاري في تولوز، فرنسا، 26 أكتوبر 2021- - AFP
بالتعاون مع "مايو كلينك"-الشرق

التليف الرئوي مرض يصيب الرئة نتيجة تضرر نسيجها وتندّبه، ويمنع هذا النسيج السميك والصلب الرئتين من العمل بشكل سليم، وتتفاقم حالة التليف الرئوي مع مرور الوقت، وقد يبقى بعض المرضى في حالة مستقرة مدة طويلة، بينما تتدهور حالة آخرين بشكل أسرع، ويزداد ضيق النفس مع تفاقم الحالة.

يمكن أن ينتج التليف الرئوي عن عدد من العوامل، ففي كثير من الأحيان، لا يتمكن الأطباء وغيرهم من اختصاصيي الرعاية الصحية من تحديد سبب المشكلة، وفي حال عدم التوصُّل إلى السبب، تُسمَّى الحالة التليف الرئوي مجهول السبب.

يحدث التليف الرئوي مجهول السبب عادةً لدى البالغين الأكبر سناً، ومَن هم في منتصف العمر، ويُشخَّص التليف الرئوي أحياناً عند الأطفال والرُضَّع، لكن هذا ليس شائعاً.

لا يمكن ترميم الرئتَين المتضررتَين بسبب التليف الرئوي، ويمكن أن تساعد الأدوية والعلاجات أحياناً على إبطاء معدل التليُّف وتخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة، وقد تكون زراعة الرئتَين خياراً مناسباً لبعض المرضى، حسب "مايو كلينك".

أعراض التليف الرئوي

يمكن أن تشمل أعراض التليف الرئوي ما يأتي:

  • ضيق النفس.
  • السعال الجاف.
  • التعب الشديد.
  • فقدان الوزن بغير قصد.
  • وَجَع العضلات والمفاصل.
  • زيادة عرض واستدارة أطراف أصابع اليدين والقدمين، ما يُسمى تعجّر الأظافر.

يمكن أن تختلف سرعة تفاقم التليف الرئوي بمرور الوقت ومدى شدة الأعراض بشكل كبير من شخص إلى آخر. يُصاب بعض الأشخاص بمرض شديد بسرعة. ويُصاب البعض الآخر بأعراض متوسِّطة تزداد سوءا ببطء، على مدار شهور إلى سنوات.

أسباب التليف الرئوي

التليف الرئوي تندّبٌ وثخانةٌ في الأنسجة المحيطة بالأكياس الهوائية، التي تُسمَّى الحويصلات الهوائية، والفاصلة بينها في الرئتين. وتُصعِّب هذه التغيرات انتقال الأكسجين إلى مجرى الدم.

قد يحدث تضرر الرئتين الذي ينتج عنه التليف الرئوي بسبب عوامل مختلفة. ومن أمثلتها التعرض لبعض المواد السامة مدة طويلة، والعلاج الإشعاعي، وتناوُل بعض الأدوية، والإصابة بحالات مرضية معينة. وفي بعض الحالات، يكون سبب الإصابة بالتليف الرئوي مجهولاً.

طبيعة العمل وبيئة العمل

قد يكمن السبب الرئيسي أو الجزئي للإصابة بالتليف الرئوي في نوع العمل الذي تؤديه والمكان الذي تعمل أو تعيش فيه. فالتعرض المستمر أو المتكرر للمواد السامة أو الملوِّثة، أي المواد التي تُفسد جودة الماء أو الهواء أو التربة، يمكن أن يضر الرئتين، خصوصاً في حال عدم ارتداء معدات واقية، ومن أمثلة ذلك:

  • غبار السيليكا.
  • الألياف الأسبستية.
  • غبار المعادن الثقيلة.
  • نشارة الخشب وغبار الفحم والحبوب.
  • العفن.
  • روث الطيور والحيوانات.

العلاجات الإشعاعية

تَظهر مؤشرات تضرر الرئة على بعض الأشخاص الذين يَتلقون علاجاً إشعاعياً على الصدر، مثل علاج سرطان الرئة أو الثدي، بعد العلاج بأشهر وأحياناً بسنوات، وقد تعتمد مدى خطورة التضرر على:

  • حجم جزء الرئة الذي تعرض للإشعاع.
  • إجمالي كمية الإشعاع المُستخدمة.
  • ما إذا كان استُخدِم العلاج الكيميائي أيضاً.
  • ما إذا كان الشخص مصاباً بمرض كامن في الرئة.

الأدوية

قد تسبب أدوية كثيرة تضررَ الرئتين. ومن أمثلتها ما يأتي:

العلاج الكيميائي. الأدوية المعدَّة لقتل الخلايا السرطانية، مثل ميثوتريكسات (Trexall، وOtrexup، وغيرهما) وبليوميسين وسيكلوفُسفاميد (Cytoxan)، يمكن أن تُتلف أنسجة الرئة.

أدوية القلب. بعض الأدوية المستخدمة في علاج اضطراب نبض القلب، مثل الأميودارون (Nexterone، وPacerone)، يمكن أن تَضر أنسجة الرئة.

بعض المضادات الحيوية. المضادات الحيوية مثل نتروفورانْتُوين (Macrobid، وMacrodantin) أو إيثامبيوتول (Myambutol) يمكن أن تُسبب تضررَ الرئة.

الأدوية المضادة للالتهاب. بعض مضادات الالتهاب مثل ريتوكسيماب (Rituxan) أو سلفاسالازين (Azulfidine) يمكن أن تُسبب تضررَ الرئة.

الحالات الطبية

يُؤدي عدد من الحالات الصحية لتلف الرئة مثل:

  • التهاب الجلد والعضل، وهو مرض التهابي يتميز بضعف العضلات والطفح الجلدي.
  • الذئبة، وهو مرض يهاجم فيه جهاز المناعة في الجسم خلاياه وأعضاءه.
  • مرض النسيج الضام المختلط، والذي يتميز بأعراض مختلطة لعدة اضطرابات، مثل الذئبة وتصلب الجلد والتهاب العضلات.
  • التهاب الرئة، وهو عَدوى تؤدي إلى التهاب الأكياس الهوائية في إحدى الرئتين أو كلتيهما.
  • التهاب العضلات، وهو مرض التهابي يُسبب ضعف العضلات على كلا جانبي الجسم.
  • التهاب المفاصل الروماتويدي، وهو مرض التهابي يؤثر في المفاصل وأجهزة الجسم الأخرى.
  • الساركويد، وهو مرض التهابي يؤثر في الرئتين والعُقَد اللمفية غالباً.
  • تصلب الجلد، وهو مجموعة من الأمراض النادرة التي تتضمن شد الجلد وتصلبه وكذلك مشكلات داخل الجسم.

التليُّف الرئوي مجهول السبب

تُسبب العديد من المواد والحالات الصحية التليف الرئوي. ومع ذلك، لا يُعرف سببها في العديد من الأشخاص. ولكن يمكن أن تكون عوامل الخطورة مثل التدخين أو التعرض لتلوث الهواء مرتبطة بهذه الحالة المرضية، حتى إذا تعذَّر تأكيد السبب. يُسمى التليف الرئوي من دون سبب واضح بالتليف الرئوي مجهول السبب.

قد يُصاب العديد من الأشخاص المصابين بالتليف الرئوي مجهول السبب أيضاً بداء الارتجاع المَعِدي المريئي، والمعروف أيضاً بـ GERD. وتحدث هذا الحالة عندما يتدفق الحمض من المعدة إلى المريء مرة أخرى. قد يكون داء الارتجاع المَعِدي المريئي من عوامل الخطورة المرتبطة بالتليف الرئوي مجهول السبب، أو يُسبب تفاقم الحالة المرضية بشكلٍ أسرع. لكن يجب إجراء مزيد من الدراسات.

علاج التليف الرئوي

لا يمكن ترميم التندّب والثخانة اللذين يصيبان الرئتين بفعل التليف الرئوي. ولم تَثبت فعالية أي علاج في منع تفاقم المرض بمرور الوقت. قد تحسِّن بعض العلاجات الأعراض مؤقتاً، أو تبطئ تفاقم المرض. وهناك علاجات أخرى قد تساعد على تحسين جودة الحياة.

يعتمد العلاج على سبب التليف الرئوي. ويقيِّم الأطباء وغيرهم من اختصاصيي الرعاية الصحية مدى شدة المرض. وبعدها يمكنك الاشتراك معهم في تحديد أنسب خطة علاجية لك.

الأدوية

إذا كنت مصاباً بالتليف الرئوي مجهول السبب، فقد يوصيك اختصاصي الرعاية الصحية بدواء بيرفينيدون (Esbriet) أو نينتدانيب (Ofev). وكلاهما معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لعلاج التليف الرئوي مجهول السبب. وقد اعتُمد نينتدانيب كذلك لعلاج أنواع أخرى من التليف الرئوي التي تتفاقم بسرعة. قد يساعد هذان الدواءان على إبطاء تفاقم التليف الرئوي ومنع النوبات الناتجة عن تفاقم الأعراض بشكل مفاجئ.

 

قد يسبب نينتدانيب آثاراً جانبية مثل الإسهال والغثيان. ومن بين الأعراض الجانبية لدواء بيرفينيدون الغثيان وفقدان الشهية والطفح الجلدي عند التعرض لأشعة الشمس. يجري اختصاصي الرعاية الصحية اختبارات دم دورية مع أي من الدواءَين لتقييم وظائف الكبد.

هناك أدوية وعلاجات جديدة قيد التصنيع أو الاختبار في مراكز التجارب السريرية، لكن لم تُعتمد بعدُ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية. ويواصل الباحثون إجراء الدراسات على الأدوية المستخدمة لعلاج التليف الرئوي.

قد يوصي الأطباء بأدوية مضادة للحموضة إذا كانت لديك أعراض داء الارتجاع المَعِدي المريئي (GERD). داء الارتجاع المَعِدي المريئي من أدواء الجهاز الهضمي التي تصيب عادةً مرضى التليف الرئوي مجهول السبب.

العلاج بالأكسجين

إنَّ استخدام مزيد من الأكسجين، ما يُسمَّى الأكسجين الإضافي، لا يمكنه إيقاف تضرر الرئة، لكن يمكنه:

  • جعل التنفس وممارسة الرياضة أيسر.
  • منع المضاعفات الناجمة عن انخفاض مستويات الأكسجين في الدم أو تقليلها.
  • تقليل إجهاد الجانب الأيمن من القلب.
  • تحسين النوم والشعور بالراحة.

يمكنك استخدام الأكسجين عندما تنام أو تمارس الرياضة. لكن يحتاج بعض الأشخاص إلى استخدام الأكسجين طوال الوقت. ويمكن أن يساعدك حمل خزان أكسجين صغير أو استخدام جهاز تكثيف الأكسجين المحمول على أن تكون أكثر قدرة على الحركة.

التأهيل الرئوي

يمكن أن يساعد الخضوع لبرنامج تأهيل رئوي على التحكم في الأعراض وتحسين القدرة على أداء المهام اليومية. وتركِّز برامج التأهيل الرئوي على ما يأتي:

أداء التمارين البدنية لزيادة القدرة على التحمل.

  • ممارسة أساليب تنفس قد تحسِّن كفاءة الرئتين في استخدام الأكسجين.
  • الاستشارة الغذائية.
  • الاستشارة والدعم النفسي.
  • التثقيف بخصوص حالتك.

زراعة الرئة

قد تكون زراعة الرئة خياراً لبعض الأشخاص المصابين بالتليف الرئوي. يمكن أن تُحسِّن زراعة الرئة جودة الحياة وتطيل العمر. لكنها قد تنطوي على مضاعفات، مثل رفض الجسم لها أو الإصابة بالعَدوى. ويتعين تناول الأدوية لبقية الحياة بعد زراعة الرئة. قد تتناقش مع فريق الرعاية الصحية حول زراعة الرئة إذا اعتُقد أنها الخيار العلاجي المناسب لحالتك.

تصنيفات

قصص قد تهمك