أمل جديد لمرضى الحساسية الموسمية.. اكتشاف علمي قد يغير طريقة العلاج

time reading iconدقائق القراءة - 7
امرأة تخضع لاختبار قدرة الانتشار الرئوي باستخدام مقياس التنفس في قسم علاج الحساسية والربو في مستشفى لاري بتولوز في فرنسا. 26 أكتوبر 2021 - AFP
امرأة تخضع لاختبار قدرة الانتشار الرئوي باستخدام مقياس التنفس في قسم علاج الحساسية والربو في مستشفى لاري بتولوز في فرنسا. 26 أكتوبر 2021 - AFP
القاهرة -محمد منصور

نجح باحثون في هندسة جسم مضاد أحادي النسيلة مستخلص من الفئران، أظهر فاعلية كبيرة في منع ظهور أعراض حمى القش والربو والحساسية الموسمية عند استخدامه داخل أنف الفئران المعرّضة لحبوب لقاح الشيح.

ويُعتبر الشيح السبب الأكثر شيوعاً لحساسية حبوب اللقاح في آسيا الوسطى وأجزاء من أوروبا، حيث يصيب ما بين 10% إلى 15% من المصابين بحمى القش.

وحساسية حبوب اللقاح، المعروفة باسم حمى القش، مشكلة صحية تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ففي أوروبا وحدها، يعاني نحو 40% من السكان من هذه الحساسية، ما يؤدي إلى خسارة تقديرية تبلغ 100 مليون يوم دراسي وعملي سنوياً.

وتتزايد معدلات انتشار حمى القش بشكل مطرد على مدى العقود الماضية، ويُعزى ذلك إلى عوامل متعددة مثل تحسين النظافة، والاستخدام الواسع للمضادات الحيوية والمطهرات، وتغيرات نمط الحياة، والنظام الغذائي، والتلوث، وأزمة المناخ.

والآن، يلوح في الأفق أمل جديد للمصابين بهذه الحساسية المزعجة، بفضل اكتشاف علمي واعد قد يغيّر طريقة علاجها، بحسب الدراسة المنشورة في دورية "فرونتير".

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، قيصر تابينوف، مدير المركز الدولي للقاحات في جامعة كازاخستان الوطنية للبحوث الزراعية إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توصيل جسم مضاد أحادي النسيلة، مصمم خصيصاً لحجب مسبّب حساسية معين من حبوب اللقاح مباشرة إلى الأنف، ويُظهر حماية ضد أعراض الحساسية في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي.

ويفتح هذا النهج الجديد الباب أمام جيل جديد من علاجات الحساسية الدقيقة التي تتميز بسرعة التأثير وعدم الحاجة إلى الحقن، وإمكانية تكييفها لتناسب حساسية كل فرد تجاه مسببات الحساسية المختلفة.

وتختلف هذه الطريقة الجديدة جذرياً عن العلاجات التقليدية، مثل العلاج المناعي الخاص بمسببات الحساسية، والذي يتضمن تعريض المرضى لجرعات متزايدة تدريجياً من مسبّب الحساسية لخفض حساسيتهم.

الأجسام المضادة أحادية النسيلة

في حين أن العلاج المناعي التقليدي لا يناسب جميع المرضى، فقد برز العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة الخاصة بمسببات الحساسية كبديل واعد.

والأجسام المضادة أحادية النسيلة هي أجسام متطابقة تنتج من خلية أم واحدة مستنسخة، ما يضمن تجانسها وقدرتها على استهداف جزيء واحد محدد بدقة عالية.

وفي هذا العلاج، قام الباحثون بهندسة أجسام مضادة من فئة أجسام الجلوبولين المناعي IgG، والتي إما تتعرف على مسبّب الحساسية نفسه وتحجبه، أو ترتبط بالأجسام المضادة من نوع IgE بشكل عام. وفي الحالتين، يمنع هذا التفاعل مسبّب الحساسية من إطلاق استجابة تحسسية.

وأجسام الجلوبولين المناعي هي النوع الأكثر وفرة من الأجسام المضادة في الدم، وتشكل نحو 75% من إجمالي الجلوبولينات المناعية في البشر.

وتلعب هذه الأجسام المضادة دوراً حاسماً في الاستجابة المناعية الثانوية، حيث تُنتج بكميات كبيرة بعد التعرض المتكرر لمسببات الأمراض أو مسببات الحساسية.

وتتميز تلك الأجسام بقدرتها على عبور المشيمة، ما يوفر مناعة سلبية من الأم إلى الجنين، كما أنها تُعد فاعلة في تحييد السموم والفيروسات، وتنشيط البلاعم لابتلاع الكائنات الدقيقة، وتنشيط نظام المتممة الذي يساعد على تدمير الخلايا المصابة.

تتمثل الميزة الفريدة لهذا النهج الجديد، كما أوضح تابينوف، في أن "طريقتنا تعمل فوراً وبشكل موضعي على بطانة الأنف، عن طريق تحييد مسبّب الحساسية عند التلامس.  فهذا الدرع الجزيئي لا يمنع تنشيط الأجسام المضادة IgE فحسب، بل قد يقلل أيضاً من الالتهاب من خلال آليات أخرى، مثل تهدئة استجابات الخلايا المناعية وتعزيز المسارات التنظيمية".

ولإثبات فاعلية هذا العلاج، حقن الباحثون الفئران بجرعة من حبوب لقاح الشيح لتحفيز إنتاج الأجسام المضادة ضدها. وبعد ذلك، تم استخلاص خلايا الدم البيضاء من طحال الفئران، وتم دمج هذه الخلايا مع خلايا سرطانية نمت في المختبر من فئران مصابة بالورم النقوي المتعدد.

وأدت هذه العملية إلى إنتاج خمسة خطوط خلوية هجينة تنتج كل منها نوعاً واحداً أحادي النسيلة من الأجسام المضادة ضد حبوب لقاح الشيح.

وأظهرت الاختبارات التشخيصية أن أقوى جسم مضاد تم إنتاجه بواسطة الخط الخلوي الهجين هو جسم معروف باسم XA19 ، والذي تم اختياره لعمل الدراسة.

ولاختبار فاعلية الأجسام المضادة، تم إعطاء الأجسام المضادة النقية من XA19 لخمسة فئران تم تحسسها مسبقاً لحبوب لقاح الشيح. وكانت خمسة فئران إضافية بمثابة مجموعة تحكم إيجابية حُسّست ولكن تلقّت دواءً وهمياً، وخمسة فئران أخرى كانت مجموعة تحكم سلبية، لم تُحسّس ولم تُعطَ أجساماً مضادة. وبعد ثلاثة أسابيع، تعرضت جميع الفئران لجرعات من حبوب لقاح الشيح.

وأظهرت النتائج أن الفئران التي تلقّت الجسم المضاد XA19 أظهرت انخفاضاً كبيراً في أعراض الحساسية مقارنة بمجموعات التحكم. وعلى سبيل المثال، أظهرت استجابة أضعف لتورم الأذن وهو تفاعل تحسسي شائع في القوارض، وقلة فرك الأنف، ما يشير إلى تهيُّج أقل في المجاري الهوائية العلوية، وحفاظاً على سعة الرئة الكاملة عند التعرض لحبوب اللقاح، وانخفاضاً في الالتهاب داخل فتحتي الأنف.

وبالإضافة إلى ذلك، انخفضت مستويات جزيئين معززين للالتهاب داخل الرئتين.

وخلص الباحثون إلى أن الجسم المضاد أحادي النسيلة من XA19 فعّال في حجب التفاعلات التحسسية ضد حبوب لقاح الشيح التي تثيرها الأجسام المضادة IgE، على الأقل في الفئران.

التهاب الأنف التحسسي

تفاعل تحسسي لمواد غير ضارة (مسببات الحساسية) تُشبه أعراض نزلات البرد ولكنها ليست عدوى فيروسية.

الأعراض:

سيلان الأنف - حكة العينين - احتقان - عُطاس - ضغط الجيوب الأنفية.

المسببات الشائعة:

حبوب اللقاح - عث الغبار - وبر الحيوانات الأليفة - فضلات الصراصير - بعض أنواع الفطريات.

التأثير:

تؤثر على الأداء في العملأو المدرسة والأنشطة اليومية.

الحلول:

تجنب المهيجات والعلاج المناعي.

الأعراض الشائعة:

سيلان الأنف وانسدادها - كثرة دموع العينين - حكة العينين واحمرارهما - العطس والسعال - حكة الأنف - الرشح - الشعور بالتعب والإرهاق بسبب قلة النوم.

وقبل أن يتم اختبار هذا العلاج على البشر، يلزم تعديل الجسم المضاد ليصبح مناسباً للاستخدام البشري وإجراء دراسات إضافية قبل السريرية للسلامة والفاعلية.

ووفقاً لـ"تابينوف" يمكن أن تبدأ التجارب السريرية في غضون سنتين إلى 3 سنوات، على الرغم من أن طرحه في السوق قد يستغرق 5 إلى 7 سنوات.

ويخطط الفريق البحثي بالفعل لهذا الانتقال ويعمل على توسيع نطاق الإنتاج، ويُمثّل هذا التطور خطوة هائلة نحو مستقبل يتم فيه علاج حمى القش وغيرها من الحساسيات الشائعة بشكل أكثر فاعلية وسهولة، ما يوفر راحة حقيقية لملايين الأشخاص حول العالم.

تصنيفات

قصص قد تهمك