ممارسة التمارين في الصغر تعزز الرشاقة والحركة مع التقدم في العمر

time reading iconدقائق القراءة - 6
 يساعد الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية على تأخير ظهور علامات التقدم في العمر - Bloomberg
يساعد الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية على تأخير ظهور علامات التقدم في العمر - Bloomberg
القاهرة -محمد منصور

ذكرت دراسة علمية أن ممارسة التمارين الهوائية قد تساعد على تحسين الحركة والرشاقة مع التقدم في العمر، مشيرة إلى أن الزيادة في المواد الكيميائية الدماغية التي يحدثها الجري قد تعزز التنسيق والسرعة لدى الصغار وكبار السن على حد سواء.

وأوضحت الدراسة المنشورة في دورية npj Parkinson Disease، التي أجريت على فئران متوسطة العمر، أن النشاط البدني قادر على استعادة قدر من اللياقة الحركية التي غالباً ما تتراجع مع التقدم في العمر لدى البشر والحيوانات، وفقاً لما ذكره الباحثون.

واستهدفت الدراسة "فهم كيفية تأثير التمارين الهوائية في زيادة إفراز الدوبامين"، وهو مادة كيميائية في الدماغ ترتبط بالحركة والمكافأة والذاكرة.

وبنى الفريق البحثي عمله على دراسات سابقة أظهرت أن ذكور الفئران الصغيرة ذات العشرة أسابيع شهدت زيادة دائمة في إفراز الدوبامين بعد الجري الطوعي على عجلة تدريب لمدة ثلاثين يوماً.

وكشفت النتائج الجديدة أن ذكور الفئران البالغة 12 شهراً – وهو ما يعادل عمر إنسان في الخمسينيات – شهدت الارتفاع نفسه أو أكبر في مستوى هذه المادة. كما استطاعت الفئران متوسطة العمر التي مارست الجري النزول عن عمود أو الانطلاق في ساحة مفتوحة بسرعة ورشاقة تفوق فئراناً من العمر نفسه لم تتح لها عجلة تمرين فعّالة.

وأشار الفريق البحثي إلى أن قوة قبضة هذه القوارض لم تتغير بعد شهر من التمرين، ما يوحي بأن التحسّن نتج حصراً عن تعزيز التنسيق الحركي، وليس زيادة القوة العضلية.

صحة الدماغ

وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة مارجريت رايس، إن التأثيرات الإيجابية للتمارين على صحة الدماغ والقدرة الحركية لا تقتصر على الفئات العمرية الشابة.

وأضافت رايس أنه من خلال الحصول على قدر كافٍ من النشاط البدني، يمكن أن يعزز إفراز الدوبامين، ويساعد على الحركة بشكل أسرع وأسهل.

وأظهرت الأبحاث السابقة أهمية التمارين الهوائية مثل السباحة وركوب الدراجات والرقص في تعزيز إفراز الدوبامين ومواد أخرى ضرورية لصحة الدماغ. لكن كيفية تأثير هذه الآليات في الدماغ والجسم المتقدمين في السن لم تكن واضحة. وتوضح "رايس" أن الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين تتراجع تدريجيا لدى كبار السن، ما يجعل فهم تأثير التمارين أمرا حاسما.

والدراسة هي الأولى من نوعها التي تربط بين زيادة إفراز الدوبامين الناتج عن التمرين وتحسن الأداء الحركي لدى فئران مسنة من الجنسين، بعد أن كانت الدراسات السابقة تركز فقط على الذكور الصغيرة.

وترى رايس أن النتائج قد تقدم رؤى مهمة بشأن العلاجات المحتملة لمرض باركنسون، وهو اضطراب عصبي تنكسي تتدهور فيه الخلايا المنتجة للدوبامين، ما يؤدي إلى الرعشة وبطء الحركة وضعف التوازن وغيرها من المشكلات الحركية. وقد لوحظ منذ زمن بعيد أن النشاط البدني يساعد المرضى في التخفيف من الأعراض.

وتقدم النتائج دلائل كيميائية عصبية تفسر لماذا تؤدي التمارين إلى تحسين الذاكرة والحركة والمزاج، وهي كلها وظائف تتأثر لدى المصابين بمرض باركنسون. وتضيف أن الفريق البحثي سيعمل لاحقاً على تكرار هذه التجارب على فئران معدلة وراثياً لتمثّل نماذج قريبة من المرض.

وحذّرت رايس من أن فهم تأثير إفراز الدوبامين الناتج عن التمارين على مرضى باركنسون لا يمكن تأكيده إلا من خلال دراسات مستقبلية على البشر، مؤكدة ضرورة إجراء أبحاث إضافية قبل استخلاص استنتاجات نهائية بشأن إمكانات العلاج.

إفراز الدوبامين

وأجرت الدراسة تجربتها على مجموعتين من الفئران بلغ عددها 24، حيث أتيح لبعضها الوصول غير المحدود إلى عجلة تدور بحريّة، بينما وضعت مجموعة أخرى أمام عجلة مقفلة بلا حركة. 

وبعد مرور شهر، أخضع الباحثون الفئران لسلسلة من اختبارات اللياقة لقياس الحركة والتنسيق والقوة العضلية، ثم قارنوا نتائج الحيوانات النشطة بالفئران غير النشطة.

وبعد ذلك، قاس الفريق مستوى إفراز الدوبامين في شرائح دماغية مأخوذة من منطقة "المخطط"، وهي منطقة أساسية في الدماغ تتحكم بالحركة والتحفيز.

وأظهرت النتائج أن الفئران التي مارست الجري سجلت ارتفاعاً بنسبة 50% في إفراز الدوبامين مقارنة بنظيراتها الخاملة.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن إناث الفئران، رغم أنها جرت ضعف المسافة التي قطعها الذكور، حققت الارتفاع نفسه في مستوى الدوبامين والتحسن ذاته في الأداء الحركي.

وفسّر الباحثون ذلك بأن هناك "حداً كافياً" من التمرين يسمح بزيادة إفراز الدوبامين، وأن الوصول إلى هذا الحد يحقق الفائدة المرجوة دون أن يؤدي التمرين الإضافي إلى زيادة أكبر.

الدراسة تبرز أهمية التمارين الهوائية في الحفاظ على كفاءة الدماغ، خصوصاً مع التقدم في العمر، وتدعم الفكرة القائلة إن الحركة ليست مجرد وسيلة لتحسين اللياقة البدنية، بل أداة فاعلة لتعزيز الصحة العصبية، وربما للحد من تأثيرات الأمراض التنكسية مثل باركنسون.

تصنيفات

قصص قد تهمك