
أفادت دراسة حديثة بأن النساء يواجهن صعوبة أكبر من الرجال في استعادة القدرة على أداء المهام اليومية خلال العام الأول بعد الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية، وهي النوع الأكثر شيوعًا من السكتات الدماغية.
وأظهرت الدراسة التي نشرتها دورية Neurology المجلة الطبية الرسمية للأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب، أن الفروق بين النساء والرجال في التعافي الوظيفي تستمر حتى بعد الأخذ في الاعتبار عوامل مثل العمر، ومستوى التعليم، وحالة التأمين الصحي، ما يشير إلى وجود اختلافات مرتبطة بالنوع تؤثر على مسار التعافي بعد السكتة الدماغية.
تُعد السكتة الدماغية أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة، ومع التقدم في متوسط أعمار السكان، يتزايد عدد الناجين الذين يعيشون سنوات مع تحديات جسدية ومعرفية ونفسية.
اعتمد الباحثون على بيانات 1046 شخصًا أُصيبوا لأول مرة بسكتة دماغية إقفارية، وبلغ متوسط أعمارهم 66 عامًا، وتابعوا المشاركين خلال السنة الأولى بعد الإصابة، وأجروا تقييمات لهم بعد 3 أشهر، و6 أشهر، و12 شهرًا.
شملت المتابعة مراجعة السجلات الطبية، وإجراء مقابلات مع المشاركين، إضافة إلى اختبارات عصبية ومعرفية، واستبيانات لتقييم جودة الحياة، كما جرى تقييم قدرة المشاركين على أداء الأنشطة اليومية، سواء البسيطة مثل المشي والاستحمام، أو الأكثر تعقيدًا مثل الطهي، والقيادة، وأداء الأعمال المنزلية.
صعوبات يومية أكبر لدى النساء
اعتمد الباحثون مقياسًا لتقييم صعوبة أداء الأنشطة اليومية، إذ يشير معدل درجتين إلى وجود بعض الصعوبة، و3 درجات وجود صعوبة كبيرة.
وأظهرت النتائج أن النساء حصلن في المتوسط، على درجات أعلى من الرجال في جميع نقاط التقييم الثلاث، ما يدل على تعافٍ أضعف في ما يتعلق بالقدرة على إنجاز المهام اليومية.
وبعد 3 أشهر من السكتة الدماغية، بلغ متوسط الدرجة لدى النساء 2.39، مقارنة بـ 2.04 لدى الرجال، واستمرت هذه الفجوة بعد 6 أشهر وبعد عام كامل من الإصابة.
ورغم أن درجات النساء انخفضت بين الشهر الثالث والشهر الثاني عشر، بما يشير إلى حدوث تحسن تدريجي، إلا أن هذا التحسن لم يكن كافيًا لإغلاق الفجوة مع الرجال، الذين لم تُظهر درجاتهم تغيرًا كبيرًا خلال الفترة نفسها.
وبعد تعديل النتائج وفق عوامل مثل العمر، والعرق، ومستوى التعليم، وحالة التأمين الصحي، ظل الفارق قائمًا، إذ كانت درجات النساء أعلى من الرجال بمقدار 0.13 بعد 3 أشهر، و0.10 بعد 6 أشهر، و0.09 بعد 12 شهرًا، ما يعكس استمرار صعوبات التعافي الوظيفي لديهن.
وأشار الباحثون إلى أن حجم هذا التأثير يُعد صغيرًا من الناحية الإحصائية، لكنه يظل ذا دلالة سريرية.
في المقابل، لم تُسجَّل فروق واضحة بين النساء والرجال في جوانب أخرى من التعافي، مثل تحسن الوظائف العصبية الأساسية، بما في ذلك القدرة على التواصل وأداء الحركات البسيطة، إذ أظهر الجنسان تحسنًا ملحوظًا في هذه المجالات مع مرور الوقت.
دعوة للتدخل المبكر
قال الباحث الرئيسي في الدراسة، تشين تشين، الأستاذ بجامعة ميشيجان الأميركية: "رغم أن كثيرًا من المرضى ينجون من السكتة الدماغية، إلا أن حياتهم اليومية ربما تتأثر بشكل عميق؛ فهم الفروق في التعافي بين النساء والرجال يساعدنا على تطوير استراتيجيات أكثر فاعلية لتحسين نتائج الشفاء".
وأضاف أن الفروق كانت أكثر وضوحًا في الأنشطة التي تتطلب جهدًا بدنيًا أكبر، مثل الأعمال المنزلية الثقيلة، والتسوق، وحمل الأوزان، ما يشير إلى أن برامج إعادة التأهيل ربما تستفيد من إدخال تمارين موجهة لتقوية العضلات وتحسين القدرة البدنية الوظيفية.
وأكد تشين أن النتائج تسلط الضوء على أهمية إجراء تقييمات مبكرة ومتكررة لقدرة المرضى على أداء الأنشطة اليومية بعد السكتة الدماغية، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء، موضحاً أن التركيز على الوظائف اليومية يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من خطة التعافي، خاصة لدى النساء، من أجل تقليل الفجوات في النتائج الوظيفية.








