
أكدت 25 دولة على الأقل تسجيل إصابات بمتحور فيروس كورونا الجديد "أوميكرون"، فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين يعملون في قطاع الصحة قولهم، إن المتحور ظهر في أوروبا قبل عدة أيام من إعلان اكتشافه في 24 نوفمبر الماضي.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن المعهد الوطني الهولندي للصحة العامة والبيئة، قوله إن "العينات المأخوذة في 19و23 نوفمبر الماضيين، قبل الإعلان عن المتحور الجديد في 24 من الشهر ذاته، كانت إيجابية لمتحور أوميكرون".
ولفت المسؤولون، إلى أن عدد الدول التي وُجد بها المتحور الجديد "ارتفع إلى 20 دولة على الأقل"، ما أثار علامات استفهام حول ما إذا كانت موجة جديدة من الوباء توشك أن تضرب من جديد.
وأشار المسؤولون، إلى أن "الطفرات في متحور أوميكرون تشير بقوة إلى أنه أكثر عدوى من المتحورات السابقة"، محذرين من أنهم "لا يستطيعون التحقق من ذلك دون إجراء الاختبارات وجمع المزيد من البيانات".
ووفقاً للحقائق المتوافرة، فإنه من الأفضل تجنب السفر حالياً، خصوصاً لمن يعانون من أمراض مزمنة أو الفئات المعرضة للخطر.
وبالإضافة إلى سرعة انتشار المتحور، فإنه ليس لدى العلماء حتى الآن إجابات أخرى عن التساؤلات الملحة التي يتم طرحها، مثل مدى فعالية اللقاحات الموجودة حالياً في مواجهة أوميكرون، وما إذا كانت الأدوية فعالة أيضاً، فضلاً عن أعراضه وشدتها.
إجراءات مشددة
من جانبها، قالت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، في وقت متأخر مساء الثلاثاء، إنها خططت "لتشديد اختبارات فيروس كورونا، وفحص الأشخاص القادمين إلى الولايات المتحدة".
ولفتت إلى أنها ستطلب من جميع المسافرين الدوليين تقديم نتيجة سلبية من فحص اختبار فيروس كورونا PCR تم إجراؤه قبل 24 ساعة من المغادرة.
وفي هذا السياق، قال الناطق باسم المراكز، جيسون ماكدونالد، إن "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها تعمل من أجل تعديل نظام اختبارات السفر المعمول بها حالياً في جميع أنحاء العالم، مع زيادة معرفتنا بمتحور أوميكرون".
وأشار ماكدونالد، إلى أن الخوف الحقيقي يتمثل في كون "القواعد الحالية، التي تسمح للمطعمين بالكامل بإجراء اختبار قبل 3 أيام من المغادرة على متن رحلة جوية إلى الولايات المتحدة، قد لا تكون صارمة بما فيه الكفاية".
في السياق، قالت مديرة المراكز الأميركية، روشيل ولينسكي، إن "المراكز تجري اختبارات على تسلسل الجينوم لـ 80 ألف عينة من فيروس كورونا أسبوعياً، ما يعادل سُبع جميع اختبارات PCR المخبرية الإيجابية في البلاد، وستضاعف الاختبارات على الركاب الدوليين القادمين إلى الولايات المتحدة"، بحسب "نيويورك تايمز".
وبعد يوم من تحذيرها من أن خطر متحور أوميكرون "مرتفع للغاية"، قالت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، إن غير المطعمين الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً أو المرضى، أو من يعانون مخاطر صحية أساسية عليهم تجنب السفر".
بيانات شحيحة
ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، فإن خبراء الصحة حذروا من الانسياق وراء التقارير التي تؤكد أن متحور أوميكرون يسبب فقط مرضاً خفيفاً، مشيرين إلى أن البيانات "لا تزال شحيحة".
وتشير الأدلة المبكرة الصادرة عن جنوب إفريقيا إلى أن أوميكرون يصيب الأشخاص الذين سبق إصابتهم بالفعل بكورونا أو متحوراته السابقة، لكن هذا يتطلب اختبارات صارمة.
وقال كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي، الثلاثاء، إن "الأمر سيستغرق أسبوعين إلى أربعة أسابيع، وربما قبل ذلك بقليل، قبل أن تتاح الإجابات المبدئية".
وبعد تسجيل الولايات المتحدة أول إصابة بـ "أوميكرون" في ولاية كاليفورنيا، تعتزم الإدارة الأميركية تمديد إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد في وسائل النقل العام حتى مارس المقبل.
من جانبها، أفادت وسائل إعلام برازيلية، الثلاثاء، بأن المتحور ظهر في البرازيل، ما يعني وجوده فعلياً في جميع قارات العالم، ما عدا القارة القطبية الجنوبية.
لقاح إلزامي
وفي اليونان، قال وزير الصحة اليوناني، إن لقاحات كورونا ستصبح "إلزامية" للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق، كما ستفرض غرامات على من يتخلفون في التسجيل لأخذ الجرعة الأولى، إذ إن التسجيل متاح حتى 16 يناير المقبل.
وفي جنوب إفريقيا، حيث تم الإعلان عن متحور اكتشاف "أوميكرون" لأول مرة، أفادت تقارير بأن أعداد الحالات المسجلة بالمتحور الجديد "ارتفعت من 300 حالة يومياً في منتصف نوفمبر إلى 3 آلاف حالة يومياً"، فيما يمثل أسرع معدل زيادة في العالم.
وعلى متن رحلتين متجهتين من جنوب إفريقيا إلى هولندا، الجمعة الماضي، جاءت نتيجة اختبارات 61 مسافراً إيجابية لفيروس كورونا، من بينهم 14 على الأقل لمتحور "أوميكرون".
مضاعفة الاختبارات
ويمتلك المتحور الجديد عدداً هائلاً من الطفرات لم تُشاهد مجتمعة من قبل، ويبلغ عددها 50 طفرة، من بينها أكثر من 30 في بروتين "سبايك" الذي يستخدمه المتحور للالتصاق بالخلايا المضيفة، والذي يمثل أيضاً المستهدف الأساسي للقاحات.
ويكمن هذا العدد الهائل من الطفرات وراء المخاوف من المتحور الجديد، وحالة عدم اليقين بشأن ما إذا كانت هذه المخاوف مبالغاً فيها.
وفي مرات عدة من قبل، عمدت الدول إلى التخفيف من حالة الحذر والتدابير الاحترازية معتقدة أنها تجاوزت السيناريو الأسوأ الذي فرضته الجائحة، لكن في كل مرة تكون بصدد مواجهة موجة أخرى.
تعزيز الجرعات
ويبحث صانعو اللقاحات إعادة تركيب جرعاتهم لتكون مناسبة لمواجهة أوميكرون، وهي خطوة لم تتطلبها محاربة متحور "دلتا".
وقالت شركة "ريجينيرون"، التي قدمت علاجاً فعالاً بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة لكورونا، الثلاثاء، إن علاجها قد لا يعمل بالكفاءة ذاتها ضد أوميكرون.
كما أوصت اللجنة الاستشارية لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، بالموافقة على التصريح بالعلاج الفموي، الذي أنتجته شركة "ميرك"، للحد من شدة المرض، وستبحث قريباً ترخيص علاج آخر من شركة "فايزر".
لكن إمدادات العالم من اللقاحات ذهبت بالأساس إلى الدول الأكثر ثراءً، حيث تلقى الكثيرون ثلاث جرعات قبل أن تتلقى الغالبية في إفريقيا حتى جرعة واحدة.
وفي هذا السياق، قال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس جبريسوس، الاثنين، في بداية مؤتمر يهدف إلى وضع معاهدة دولية لتنسيق الاستجابة للأمراض إن: "المساواة في اللقاحات ليست من قبيل العمل الخيري، وإنما تمثل مصلحة عليا لكل بلد".
وأضاف: "لقد حان الوقت لتتفق الدول على مقاربة مشتركة وملزِمة للتعامل مع خطر مشترك يهددنا جميعاً، ولا يمكننا السيطرة عليه أو منعه بشكل كامل".
وعلى الرغم من أن اللقاحات أصبحت أكثر وفرة، إلا أن الدول الإفريقية لا تزال تواجه تحديات في توزيعها والتغلب على حالة التردد تجاهها.
وقد رفضت دول جنوب إفريقيا مؤخراً شحنة لقاحات بحجة أنها غير متأكدة من قدرتها على استخدام الجرعات في الوقت المناسب.