قالت جمعية القلب الأميركية، الأربعاء، إن هناك دليلاً أولياً يحتاج المزيد من الدراسات، على أن علاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل "آمن وفعال"، وربما يكون مفيداً عند قراءات أقل مما كان يعتقد سابقاً.
ولعقود، كانت فوائد علاج ضغط الدم للحوامل غير واضحة. إذ اعتقد العديد من الأطباء أن أدوية علاج ضغط الدم المرتفع قد تؤثر على الأجنة؛ وعلى الأمهات في الآن ذاته.
وتشير أحدث إحصاءات الجمعية إلى أن ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، والمعروف باسم "الضغط الانقباضي" - الرقم الأعلى في قراءة ضغط الدم - البالغ 140 ملم زئبق أو أعلى، هو السبب الرئيسي الثاني لوفاة الأمهات في جميع أنحاء العالم.
وترتبط الحالات الشديدة بزيادة مخاطر حدوث مضاعفات القلب والأوعية الدموية للأمهات فوراً أو بعد الولادة بفترة وجيزة، ولسنوات بعد الحمل. كما يزيد ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل مخاطر حدوث مضاعفات على النسل مثل الولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة.
وتتزايد معدلات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل على مستوى العالم، وتشير البيانات إلى أن ذلك المرض يؤثر بشكل غير متناسب على النساء اللاتي ينتمين إلى خلفيات عرقية وإثنية متنوعة في الولايات المتحدة، ولا سيما النساء من السود أو الأميركيين الهنود أو سكان ألاسكا الأصليين.
"آمن" على الأم والجنين
بحسب الدراسة، فإن علاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل آمن للعديد من النساء، وقد يقلل من خطر إصابة الأم بارتفاع ضغط الدم الشديد من دون زيادة المخاطر على الأجنة. وهي قد تُفيد في إرشادات الممارسة السريرية المستقبلية.
وفقاً للدراسة، فمن بين البلدان ذات الدخل المرتفع، تمتلك الولايات المتحدة أحد أعلى معدلات وفيات الأمهات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، التي تُسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السكتة الدماغية وفشل القلب.
وتقول الدراسة إن ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يُسبب قرابة نصف وفيات الأمهات في الولايات المتحدة، خصوصاً بعد ازدياد حالات السكتة الدماغية المرتبطة بالحمل بأكثر من 60% من عام 1994 إلى 2011.
ويؤثر تسمم الحمل - الذي يحدث عند ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل مصحوباً بعلامات تدل على مشاكل في الكبد أو الكلى مثل البروتين في البول - على 5-7% من حالات الحمل، وهو مسؤول عن أكثر من 70 ألف وفاة بين الأمهات و500 ألف وفاة جنينية في جميع أنحاء العالم كل عام، وفقاً لجمعية القلب الأميركية.
ونظراً إلى العدد المتزايد من حالات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، جنباً إلى جنب مع المضاعفات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، أصبحت المشكلة أزمة صحية عامة، لا سيما بين النساء من خلفيات متنوعة عرقياً.
تقليل المضاعفات الخطيرة
وبينما تم تحديد تعريف ارتفاع ضغط الدم لعامة السكان عند 130/80 ملم زئبق وفقاً لإرشادات عام 2017 في الكلية الأميركية لأمراض القلب (ACC) وجمعية القلب الأميركية (AHA) للوقاية والكشف وتقييم وإدارة الدم المرتفع الضغط عند البالغين، تحدد معظم الإرشادات في جميع أنحاء العالم ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل على أنه 140/90 ملم زئبق.
ولا يوجد إجماع على موعد بدء علاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل بسبب مخاوف بشأن كيفية تأثير الأدوية على الجنين.
ويوصي العديد من مجموعات الدفاع عن الصحة ببدء العلاج عندما تتراوح مقاييس ضغط الدم أثناء الحمل من 140/90 ملم زئبق (الإرشادات الكندية) إلى 160/110 ملم زئبق (إرشادات الولايات المتحدة).
ويشير البيان الجديد إلى دليل على أن العلاج لارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يقلل بشكل كبير من حدوث ارتفاع ضغط الدم الشديد وما يتبعه من أمراض تُشكل تهديداً للحياة.
وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد إلى أي مدى يمكن أن يؤدي علاج ارتفاع ضغط الدم عند عتبة منخفضة إلى تقليل مضاعفات ارتفاع ضغط الدم الخطيرة، مثل تلف الأعضاء وحالات الطوارئ المرتبطة بارتفاع ضغط الدم.
ويقول مؤلفو الدراسة إن الحد من ارتفاع ضغط الدم الحاد قد يكون ذا أهمية، خصوصاً في المجتمعات التي تفتقر إلى الموارد والخبرة للاستجابة لحالات ارتفاع ضغط الدم الطارئة.
وتشير أحدث الأبحاث حتى الآن إلى أن علاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل بأدوية خفض ضغط الدم لا يبدو أنه يؤثر سلباً على نمو الجنين أو تطوره.
كما تشير أيضاً إلى أن منع ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يدعم صحة الأم أثناء الحمل وبعده. ومن المعروف أن أولئك اللاتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل هن أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم المستمر بعد الحمل بمعدل أعلى مقارنة بمن كان ضغط الدم لديهن طبيعياً أثناء الحمل.
موعد العلاج رهن التجارب
وتُعزز الدراسة الجديدة قيمة الأبحاث الحديثة التي تشير إلى أن التغييرات في نمط الحياة قبل وأثناء الحمل لديها القدرة على تحسين نتائج الأم والجنين؛ إذ تقول إن التغييرات الغذائية قبل وأثناء الحمل يمكن أن تحد من زيادة الوزن وتحسن نتائج الحمل. فقد تقلل ممارسة الرياضة أثناء الحمل من خطر ارتفاع ضغط الدم الحملي بنحو 30% وخطر تسمم الحمل بنسبة تقارب 40%.
ويقترح العلم الحالي أن الأطباء يجب أن يخصصوا قرارات العلاج بشكل فردي، مع مراعاة عوامل الخطر وتفضيلات المريض.
ويقول الباحثون إن هناك حاجة لتجارب سريرية مستقبلية للإجابة عن أسئلة حول موعد بدء علاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.