
تشير الدلائل إلى أنه أصبح من الضروري ارتداء كمامات بجودة ومعايير معززة، أو كمامة جراحية وأخرى قماشية في ذات الوقت، نظراً لانتشار نسخ متحورة من فيروس كورونا، أشد عدوى من النسخة الأساسية، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن بعض الخبراء الطبيين.
ويتفق العلماء حالياً على أن الفيروس ينتقل بشكل رئيسي عبر الهواء وليس من خلال الأسطح الملوثة، وهناك أدلة متزايدة على أن القطرات الدقيقة التي يمكن انتشارها في مسافة عدة أمتار خلال تحدُّث شخص ما أو تنفسه قد تكون كافية لنقل المرض.
ويزداد الوضع تعقيداً لأن بعض النسخ المتحورة، مثل تلك التي ظهرت في بريطانيا، تنتقل بسهولة أكبر من الفيروس الأساسي المنتشر في العالم، وفقاً لعدد من الخبراء.
وعندما بدأ انتشار الوباء، وأوصت السلطات الصحية بارتداء الكمامات الجراحية، لم تكن تتوافر كميات كافية منها فتم التشجيع على ارتداء كمامات "مصنوعة منزلياً" من القماش عادة ما يكون مصدرها قطع ثياب قديمة، إلا أنه لم يكن خياراً صائباً بحسب العلماء.
الكمامة المثالية
لينسي مار الأستاذة في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا والمتخصصة في الأمراض المنقولة جواً، قالت إن "فاعلية القناع تعتمد على أمرين، قدرته على الفلترة وإمكانية ضبطه وإحكامه"، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأشارت إلى أن "الفلترة الجيدة تمنع مرور أكبر عدد ممكن من الجزيئات، كما أن ضبط الكمامة بإحكام يعني عدم وجود تسرب حول حوافها، حيث يمكن أن يمر الهواء، وبالتالي الفيروس"، موضحة أنه حتى فتحة صغيرة قد تؤدي إلى تقليل فاعلية القناع بنسبة 50%.
وأفضل المواد التي تمنع دخول الجزيئات الدقيقة هي مادة "البولي بروبيلين" غير المنسوجة المستخدمة في العديد من الأقنعة الجراحية، أو كمامات مزودة بفلتر مثل "كيه إن 95"، أما أفضل أنواع الأقمشة، فهو القطن المرصوص جيداً.
وأوضحت مار أنه "يجب أن يشعر الإنسان بأن القناع يشد إلى الداخل أثناء الشهيق، وإذا وضع يديه على جانبيه، فيجب ألا يشعر بأي هواء يخرج أثناء الزفير".
وتسمح الكمامات المزودة بأنبوب معدني بضبطه بشكل أفضل على مستوى الأنف، وتكون أكثر فاعلية في هذا الشأن عندما تلتف الأربطة المطاطية حول الرأس وليس حول الأذنين فقط.
اثنتان أفضل من واحدة
وتابعت مار: "إذا كنت تضع كمامة من القماش، فاختر واحدة تحتوي على طبقات متعددة، مع جيب صغير يسمح بإدخال فلتر فيه، أو يمكنك وضع كمامة جراحية تحت تلك القماشية".
وتُصنع الكمامات الجراحية من مادة تتمتع بقدرة كبيرة على الفلترة، لكنها تميل إلى أن تكون فضفاضة، وبالتالي فإن إضافة قناع من القماش قد يساعد في الحفاظ على حوافه ملتصقة بالوجه ما يقلل من احتمال تسرب الجزئيات.
وتؤدي إضافة طبقة إلى تحسين عملية الفلترة، فإذا كان بإمكان طبقة واحدة احتجاز 50% من الجزيئات، فمع طبقتين، ستزيد هذه النسبة إلى 75%.
وأضافت: "لا نوصي بوضع أكثر من كمامتين، إذ قد يؤدي ذلك إلى التأثير في القدرة على التنفس بشكل جيد".
فاعلية الكمامات
وثمة خيار آخر هو كمامة "كيه إن 95" أو "إف إف بي 2"، وهي غالباً ما تكون مخصصة للعاملين في المجال الطبي. وهذه الكمامات هي الأكثر قدرة على فلترة الهواء.
وأوضح رانو ديلون، الطبيب في مستشفى "بريغام أند ويمنز" وفي كلية الطب بجامعة هارفارد، أنها "توفر مستوى مماثلاً من فلترة الجسيمات التي تدخل وتخرج".
ويتولى ديلون حملة للتشجيع على استخدام أقنعة أكثر فاعلية منذ الربيع، ويأسف لعدم تقديم معلومات للعامة عن فوائدها، مشيراً إلى أنه "لم يكن هناك جهد منسق لإنتاجها وتوزيعها بشكل جماعي".
إلى متى؟
ومن المحتمل أن يستمر وضع الكمامات بشكل جزئي، حتى بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا.
ودرس دونالد ميلتون، الأستاذ في جامعة ميريلاند، مع علماء آخرين، الإنفلونزا وخلصوا إلى أنه يمكنها أن تنتقل أيضاً عن طريق الجزيئات الصادرة عن التحدث أو التنفس، موضحين أن دور العطس والسعال وانتقال الفيروس عبر الأسطح، أقل مما كان مقدراً في البداية.
وفي حينه، أثار بحثهم جدلاً لكن تم إحياؤه بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، لذلك، قد يستمر التشجيع على وضع الكمامات في المستقبل خلال موسم الإنفلونزا.