قالت دراسة علمية نُشرت نتائجها في دورية BMJ إن النُدرة في التوجيهات السريرية المُحدَّثة وعالية الجودة بشأن جدري القرود أدَّت إلى إعاقة العلاج الفعال والآمن للعدوى في جميع أنحاء العالم.
ويقول الباحثون إن الإرشادات الحالية تفتقر إلى التفاصيل الكافية، وتفشل في تضمين المعلومات المختلفة الحديثة عن هذه العدوى الجديدة.
ويؤكد الباحثون أن بعض التوجيهات السريرية متناقضة تماماً، ما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن تلك التوجيهات.
حتى عندما تكون المعلومات محدودة، فإن الإرشادات السريرية مهمة لإبلاغ وتوحيد أفضل رعاية متاحة للمرضى في جميع أنحاء العالم، ولتمكين المزيد من البحث لتحديد العلاجات الجديدة، كما يقول الباحثون.
لذلك شرع الباحثون في تقييم مدى توافر وجودة ونطاق وشمولية الإرشادات السريرية الدولية المتاحة بشأن العلاج والرعاية الداعمة للمرضى المصابين بعدوى جدري القردة عبر البحث في 6 قواعد بيانات بحثية رئيسية عن المحتوى ذي الصلة الذي تم نشره حتى منتصف أكتوبر 2021، بالإضافة إلى "الأدبيات الرمادية" - وثائق السياسة والنشرات الإخبارية والتقارير- المنشورة حتى مايو 2022 - بعدة لغات.
14 مبدأ توجيهياً
وجد الباحثون 14 مبدأ توجيهياً، معظمها ذو جودة منخفضة وفقاً لنظام تقييم المبادئ التوجيهية للبحث والتقييم، حيث سجلت متوسط 2 من أصل 7. كما افتقر معظمها إلى التفاصيل وغطى فقط نطاقاً ضيقاً من الموضوعات.
وكان هناك القليل من تلك المبادئ موجهاً لمختلف الفئات المعرضة للخطر، فقط 5 (36٪) قدموا نصائح لإصابات الأطفال. و3 (21٪) فقط قدموا المشورة للحوامل أو للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
واقتصرت إرشادات العلاج في الغالب على المشورة بشأن الأدوية المضادة للفيروسات ولم تكن متسقة مع الدراسات الحديثة، فـ7 إرشادات نصحت بالعلاج بدواء "سيدوفوفير cidofovir" و4 منها حددت استخدام هذا العلاج فقط للعدوى الشديدة، فيما نصح مبدأ توجيهي واحد بالعلاج بعقار "برينسيدوفوفير brincidofovir".
وتوصي إرشادات أحدث، بما في ذلك إرشاد توجيهي صادر من منظمة الصحة العالمية، باستخدام تيكوفورمات tecovirimat بدلاً من سيدوفوفير.
وقد لاحظ الباحثون أنه في حين أن سيدوفوفير و برينسيدوفوفير فعالان ضد فيروسات الجدري في الدراسات المختبرية، إلا أن هناك القليل من البيانات حول كيفية فعاليتهم ضد فيروسات الجدري لدى البشر.
لم توضح أي من الدلائل الإرشادية الجرعة المثلى أو توقيت العلاج أو طوله. وقدَّم دليلاً واحداً فقط توصيات بشأن الرعاية الداعمة وعلاج المضاعفات.
وأوصت جميع الإرشادات الـ14 بالتلقيح كعلاج وقائي، لكن لم تكن جميعها محدثة بلقاحات الجيل الأحدث.
فهم جدري القرود
ويقر الباحثون بأن فهم فيروس جدري القرود لا يزال قيد التطور، ما قد يفسر بعض التباين في التوصيات التي توصلوا إليها.
لكنهم يقولون: "حتى مع وجود قاعدة أدلة محدودة، فإن إرشادات الإدارة السريرية هي أدوات مهمة لتوجيه عملية صنع القرار وتقليل مخاطر العلاجات غير الملائمة".
ويضيفون: "إن عدم الوضوح بين الإرشادات يخلق حالة من عدم اليقين لدى الأطباء الذين يعالجون مرضى جدري القرود ما قد يؤثر على رعاية المرضى".
وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى إطار صارم لإنتاج مبادئ توجيهية قبل الأوبئة ومنصة معترف بها لمراجعة وتحديث الإرشادات بسرعة أثناء تفشي المرض، مع ظهور أدلة جديدة.
ويمثل جدري القرود الآن تحدياً حتى في الأماكن عالية الموارد مع أنظمة الرعاية الصحية جيدة الموارد. وقد يؤثر نقص الإرشادات بشكل خاص على العيادات ذات الخبرة السابقة المحدودة أو في البلدان النامية والفقيرة.
ويقول الباحثون إن هذه لحظة مناسبة لتسخير الاهتمام والاستثمار في مزيد من الأبحاث للتأكد من حصول الجميع على أفضل علاج.
ومنذ أن تم تحديد أول حالة إصابة بشرية بجدري القرود في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تم الإبلاغ عنها في الغالب في بلدان وسط وغرب إفريقيا.
وتعد الفاشية المستمرة في عام 2022 هي الأولى التي تؤثر على العديد من البلدان غير الموبوءة، حيث تم الإبلاغ مئات الحالات في عدد كبير من الدول.
وتكون العدوى خفيفة في معظم الحالات، ولكن الأطفال الأصغر سناً قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى شديدة.
وبينما يكون معدل الوفيات منخفضاً عادةً، تشير الدلائل إلى أنه يمكن أن يكون قاتلاً فيما يصل إلى 10٪ من الحالات، خاصةً عند الأطفال الأصغر سناً.
وتشمل المضاعفات البثور المؤلمة والالتهابات الثانوية والالتهاب الرئوي القصبي والتهاب الدماغ (تورم المخ) والتهاب القرنية (التهاب سطح العين) والأعراض النفسية.
وينتشر جدري القرود عند البشر من خلال الاتصال المباشر، مثل سوائل الجسم ورذاذ الجهاز التنفسي، وبشكل غير مباشر من الأسطح الملوثة، ومن الأم إلى جنينها عبر المشيمة.
اقرأ أيضاً: