كيف تحمي نفسك من اضطرابات الأكل؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
طفلة تستمع لطبيب يتحدث عن التغذية بمدينة ميديلين شمال غرب كولومبيا. 25 فبراير 2015 - AFP
طفلة تستمع لطبيب يتحدث عن التغذية بمدينة ميديلين شمال غرب كولومبيا. 25 فبراير 2015 - AFP
بالتعاون مع مايو كلينك-الشرق

اضطرابات الأكل هي حالات خطيرة ترتبط بسلوكيات الأكل المستمرة، التي تُؤثِّر بشكل سلبي على الصحة والعواطف والقدرة على التأدية الوظيفية في جوانب مُهمَّة من الحياة.

أكثر اضطرابات الطعام شيوعاً هي: فقدان الشهية العصبي، والشَّرَه العصبي، واضطراب نَهَم الطعام.

تشمل اضطرابات تناوُل الطعام التركيز بشكل كبير على الوزن وشكل الجسم والطعام؛ ما يُؤدِّي إلى سلوكيات خطيرة في تناوُل الطعام. هذه السلوكيات يُمكِن أن تُؤثِّر بقوة على حصول الجسم على تغذية مناسبة. يُمكِن أن تُؤذِي اضطرابات الأكل القلب والجهاز الهضمي والعظام والأسنان والفم، وتُؤدِّي إلى أمراض أخرى.

غالباً ما تَحدُث اضطرابات الأكل في سن المراهقة والشباب، على الرغم من أنها قد تَحدُث في الأعمار الأخرى. مع العلاج، يُمكن العودة إلى عادات الأكل الصحية، كما يُمكِن عكس المضاعفات الخطيرة التي تُسبِّبها اضطرابات الأكل في بعض الأحيان.

الأعراض

تختلف الأعراض حسب نوع اضطراب الأكل. فقدان الشهية العصبي (أنوركسيا)، ومرض الشَّرَه العصبي (بوليميا)، واضطراب الإسراف في تناول الطعام تعتبر أكثر الاضطرابات شيوعاً عند تناول الغذاء. تتضمن اضطرابات تناول الغذاء الأخرى اضطراب الاجترار، واضطراب تناول الطعام الاجتنابي/المقيَّد.

فقدان الشهية العصبي

"أنوركسيا نرفوزا"، يطلق عليه عادة "أنوركسيا" فقط، وهو اضطراب في الأكل قد يصبح مهدِّداً للحياة يميزُه انخفاض وزن الجسم بصورة غير عادية، خوف حاد من اكتساب الوزن، وفَهم مضلِّل للوزن والشكل. المصابون بأنوركسيا يبذلون قصارى جُهودهم للسيطرة على وزنهم وشكلهم، مما يتداخل بصورة واضحة مع صحتهم ونشاطاتهم الحياتية.

حين يُصاب الشخص بالأنوركسيا، فعليه أن يحد بشدة من السعرات الحرارية أو يستخدم طرقاً أخرى لفقدان الوزن، مثل التمارين الرياضية المفرِطة، واستخدام المسهِّلات (المليِّنات) أو وسائل الحمية، أو يتقيأ بعد الأكل. جهود الحد من الوزن، وبخاصة حتى حين يكون الوزن تحت المعدَّل، قد تؤدي إلى مشكلات صحية حادة، تصل إلى حد التجويع حتى الموت أحياناً.

الشره المرضي العصبي

 بوليميا نرفوزا (الشره المرضي العصبي) الذي يُطلَق عليه بشكل شائع اسم البوليميا (الشره المرضي)، هو اضطراب خطير في الأكل يمكنه أن يهدِّد الحياة. حين يكون الشخص مصاباً بالبوليميا، يحظى بنوبات من الإفراط والإسهال، التي تتضمَّن نقصاً في السيطرة على الطعام. يقوم العديد من المصابين بالبوليميا أيضاً بالحدِّ من أكلهم أثناء اليوم؛ مما يؤدي بدوره غالباً إلى المزيد من الأكل المفرط والإسهال.

أثناء هذه النوبات، يأكل الشخص كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير، ثم يُحاوِل التخلُّص من السعرات الحرارية الزائدة بطريقة غير صحية. قد يتقيأ عن عَمْد أو قد يُمارِس الرياضة بصورة مفرطة، أو يستخدم أساليب أخرى، مثل المسهلات (المليِّنات)؛ ليتخلَّص من السعرات الحرارية، بدافع الذنب، والإحساس بالخجل والخوف الدائم من زيادة الوزن نتيجة الأكل المفرط.

إذا كان الشخص مصاباً بالبوليما، فهو على الأغلب دائم الانشغال بوزنه وشكل جسمه، وقد يحكم على نفسه بصورة حادة وقاسية بشأن عيوبه المتخيَّلة. قد يكون ذا وزن طبيعي أو حتى فوق الطبيعي بعض الشيء.

اضطراب نهم الطعام

إذا كان الشخص مصاباً باضطراب نهم الطعام، فإنه يأكل كميات كبيرة من الطعام بانتظام (الشراهة)، ويشعر بعدم القدرة على التحكم في تناوُل الطعام. وربما يأكل بسرعة أو يتناول كميةً من الطعام أكثر مما يريد، حتى في وقت عدم شعوره بالجوع، وقد يستمرّ بتناول الطعام حتى بعد مدةٍ طويلةٍ من شعوره بالشبع الزائد.

بعد الأكل بشراهة، قد ينتابه شعور بالذنب أو الاشمئزاز أو الخجل حسب سلوكه وكمية الطعام التي تناولها. ولكنه لا يحاول التعويض عن هذا السلوك بالإفراط في ممارسة الرياضة أو استخدام المسهلات كما الحال عند المصابين بالشره المرضي أو فقدان الشهية. ويمكن أن يقوده شعوره بالإحراج إلى تناوُل الطعام بمفرده لإخفاء شراهته.

وعادةً تحدث نوبة جديدةٌ من الشراهة مرة واحدة في الأسبوع على الأقل. وربما يكون الوزن طبيعيّاً أو زائداً أو أن الشخص مصاب بالسمنة.

اضطراب الاجترار

يؤدي اضطراب الاجترار إلى ارتجاع الطعام مراراً وتكراراً وبصورة مستمرَّة بعد أكله، ولكن سببه لا يرجع إلى حالة طبية أو اضطراب خاص بالأكل مثل فقدان الشهية أو الشَّرَه المَرَضي أو اضطراب نهم الطعام. حيث يعود الطعام إلى الفمِ بدون الغثيان أو الانسداد، وقد لا يكون الاجترار مقصوداً. في بعض الأحيان، يُعاد مضغ الطعام المُجتَرِّ وإعادة بلعه أو يُبصق خارج الفم.

قد يحدث هذا الاضطراب نتيجة سوء التغذية إذا بُصق الطعام خارج الفم أو إذا كان الشخص يأكل بكَميات أقل بكثير للغاية بهدف منع حدوث الاجترار. قد يكون تَكرار حدوث اضطراب الاجترار أكثر شيوعاً بين الأطفال أو الأشخاص الذين يعانون من إعاقة ذهنية.

اضطراب تجنُّب/تقييد تناول الطعام

يتميز هذا الاضطراب بعدم تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية اليومية؛ بسبب فقدان الاهتمام بالأكل، حيث يتحاشى المريض المواد الغذائية ذات الخصائص الحِسِّية المعينة مثل اللون، أو الملمس، أو الرائحة، أو الطعم، أو الشعور بالقلق إزاء عواقب تناول الطعام، مثل الخوف من الاختناق. ويُتجَنَّب تناول الطعام بسبب الخوف من زيادة الوزن.

يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى خسارةٍ كبيرةٍ في الوزن، أو عدم اكتساب الوزن في مرحلة الطفولة، فضلاً عن نقص التغذية الذي يمكن أن يسبب مشكلات صحيةٍ.

الأسباب

لا يُعرف السبب الدقيق وراء اضطرابات الشهية. كما هو الحال بالنسبة للأمراض النفسية الأخرى، قد يكون هناك العديد من الأسباب، مثل:

الخصائص الحيوية والعوامل الوراثية. قد يكون لدى بعض الأشخاص جينات تزيد من خطر تطور اضطرابات الشهية. قد تلعب العوامل الحيوية، مثل التغييرات في المواد الكيميائية في الدماغ، دوراً في الإصابة باضطرابات الأكل.

الصحة النفسية والعاطفية. قد يكون لدى الأشخاص المصابين باضطرابات الشهية مشكلات نفسية وعاطفية تسهم في حدوث هذا الاضطراب. قد يكون لدى هؤلاء الأشخاص قلة احترام الذات، وتوخي الكمال، والسلوك المتهور، والعلاقات المضطربة.

الوقاية

على الرغم من أنه لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من اضطرابات الأكل، هذه بعض الاستراتيجيات لمساعدة الطفل على تطوير سلوكيات الأكل الصحي:

  • تجنب اتباع نظام غذائي أمام الطفل. قد تؤثر عادات تناول الطعام العائلي على العلاقات التي يطورها الأطفال مع الطعام. إن تناول وجبات الطعام معاً يمنح فرصة لتعليم الأطفال عن مخاطر الحمية والتشجيع على اتباع نظام غذائي متوازن بحصص معقولة.
  • التحدث إلى الطفل. نظراً لوجود العديد من المواقع الإلكترونية التي تروج فقدان الشهية كخيار لنمط الحياة بدلاً من كونه اضطراباً ذا صلة بالطعام، فمن المهم التحدث إلى الطفل عن مخاطر خيارات تناول الطعام غير الصحية.
  • غرس وتعزيز صورة سليمة للجسم لدى الطفل مهما كان شكله أو حجمه. التحدث إلى الطفل حول صورته الذاتية وطمأنته بأن أشكال الجسم قد تتنوع. تجنب انتقاد الجسم أمام الطفل. يمكن لرسائل القبول والاحترام أن تساعد في بناء ثقة بالنفس صحية والمرونة التي تساعد الأطفال على المواصلة خلال الفترات الصعبة في سنوات المراهقة.
  • الاستعانة بمساعدة طبيب الطفل. في زيارات المتابعة الصحية للطفل، قد يتمكن الأطباء من تحديد المؤشرات المبكرة لاضطرابات الأكل. مثلاً، يمكنهم طرح أسئلة على الأطفال حول عاداتهم الغذائية ومدى رضائهم عن مظهرهم خلال المواعيد الطبية الروتينية. يجب أن تشمل هذه الزيارات فحص نسب الطول والوزن ومؤشر كتلة الجسم، التي يمكن أن تنبه الوالدين وطبيب الطفل إلى حدوث أيَّ تغييرات كبيرة.

إذا لاحظ الشخص أحد أفراد العائلة أو صديقاً يبدو أنه يظهر علامات اضطراب الأكل، عليه أن يفكر في التحدث معه بشأن مخاوفه على صحته. على الرغم من أنه قد لا يكون قادراً على منع حدوث اضطراب الأكل، فإن التواصل بشكل متعاطف قد يشجع الشخص على طلب العلاج.

التشخيص

تُشخَّص اضطرابات الأكل على أساس العلامات والأعراض وعادات الأكل. إذا اشتبه الطبيب في إصابة الشخص باضطراب الأكل، فسيقوم على الأرجح بإجراء فحص وطلب إجراء اختبارات للمساعدة على الوصول إلى التشخيص. ربما يقوم كلٌّ من مقدِّم الرعاية الأولية واختصاصي الصحة العقلية بفحص الشخص للوصول إلى التشخيص.

تشمل التقييمات والاختبارات عادةً:

  • الفحص البدني. سيفحص الطبيب هذا الشخص على الأرجح للوقوف على الأسباب الطبية الأخرى وراء مشكلات الأكل التي لديه. قد يطلب الأطباء أيضاً إجراء فحوصات مختبرية.
  • التقييم النفسي. سيسأل الطبيب أو مسؤول الصحة العقلية عن الأفكار والشعور وعادات الطعام. وربما يطلب إجابة أسئلة تقييم نفسية.
  • دراسات أخرى. ربما يُجرَى المزيد من الاختبارات للتحقق من أي مضاعفات مرتبطة باضطراب الأكل لدى الشخص.

ربما يَستخدم أيضاً اختصاصي الصحة العقلية المعايير التشخيصية الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين.

المعالجة

يَتضمن علاج اضطراب الشهية عامة اتباع أسلوب الفريق الشهية. يَضم الفريق عادة مقدمي الرعاية الأساسية، ومقدمي رعاية الصحة النفسية واختصاصيي النُّظم الغذائية، وجميعهم من ذوي الخبرة في علاج اضطرابات الأكل.

يَعتمد العلاج على النوع المحدد لاضطراب الأكل. ولكن بشكل عام، يَشمل عادة العلاج النفسي، والتثقيف الغذائي وتناوُل الأدوية. إذا كانت حياة الشخص معرضة للخطر، فقد يحتاج إلى دخول المستشفى فوراً.

هذا المحتوى من مايو كلينك*

اقرأ أيضاً:

تصنيفات