كشف باحثون، خلال فعاليات المؤتمر الأوروبي للطب النفسي المنعقد في العاصمة الفرنسية باريس، أن الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب أو القلق وتعرّضوا لصدمات في طفولتهم، يُعانون من مشكلات الغضب وهم بالغون.
مشكلات الغضب نمط من السلوك يعاني بسببه الشخص من نوبات غضب شديدة ومتكررة يصعب السيطرة عليها، إذ يواجه هؤلاء الأفراد صعوبة في إدارة عواطفهم وقد يعبرون عن غضبهم بطرق غير مناسبة أو عدوانية، مثل الصراخ أو العنف الجسدي أو الإساءة اللفظية.
وفي الدراسة الجديدة التي استمرت نحو 19 عاماً، طلب الباحثون من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً معلومات حول طفولتهم.
وشارك في الدراسة 2276 شخصاً، إذ تمكن الباحثون من اكتشاف ما إذا كان هناك أي تاريخ لصدمات الطفولة، مثل فقدان الوالدين أو طلاقهما.
كما سألوا المشاركين عن الإهمال والاعتداء العاطفي والجسدي والجنسي، وتم فحص المشاركين لاحقاً بحثاً عن مجموعة متنوعة من الأعراض النفسية المتعلقة بالاكتئاب والقلق، بما في ذلك ميلهم إلى الغضب.
ووجد الباحثون أن الأشخاص القلقين أو المكتئبين الذين لديهم تاريخ من الإهمال العاطفي أو الإساءة الجسدية أو النفسية، كانوا أكثر عرضة بنسبة 1.3 إلى مرتين للإصابة بمشاكل الغضب، كما وجدوا أنه كلما كانت تجربة الطفولة صادمة زاد الميل نحو الشعور بالغضب.
ولفت الباحثون إلى أن الأطفال الذين عانوا من الإهمال العاطفي لديهم ميل متزايد للنمو ليصبحوا سريعي الغضب، في حين أن أولئك الذين تعرّضوا للإيذاء الجسدي كان لديهم ميل أكبر نحو نوبات الغضب أو سمات الشخصية المعادية للمجتمع.
عواقب الغضب
يمكن أن يؤدي الشعور بالغضب بسهولة إلى عدة عواقب، فقد يجعل التفاعلات الشخصية أكثر صعوبة، ويمكن أن يكون له عواقب على الصحة العقلية، كما أن الأشخاص الذين يغضبون بسهولة يميلون أيضاً إلى التوقف عن العلاج النفسي، لذلك قد يعني هذا الغضب أنه يقلل من فرصهم في حياة أفضل.
وفي السابق، وجد الباحثون أن أكثر من 40 % من المرضى الذين يعانون من القلق والاكتئاب يميلون إلى الغضب، مقارنة بنحو 5 % من مرضى القلق والاكتئاب الذين لم يُعانوا من صدمات الطفولة.
ويمكن أن تأتي صدمات الطفولة بأشكال مختلفة كالإيذاء الجسدي، أو الاعتداء الجنسي، أو الإهمال، أو العنف المنزلي أو انفصال الوالدين أو موت أحدهم، أو الكوارث الطبيعية والحروب.
وأظهرت الأبحاث السابقة أن الأفراد الذين عانوا من صدمات الطفولة هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي صدمة الطفولة أيضاً إلى صعوبات في العلاقات الشخصية والتفاعلات الاجتماعية.
ومن أكثر الطرق شيوعاً لتأثير صدمات الطفولة على البالغين التسبب بصعوبات في تنظيم عواطفهم، بما في ذلك الغضب والخوف والحزن.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تقلبات مزاجية واندفاع وصعوبة في إدارة التوتر، كما يمكن أن تؤدي صدمة الطفولة أيضاً إلى تغييرات في بنية الدماغ ووظيفته. وتقول الأبحاث السابقة إن صدمات الطفولة يمكن أن تؤثر على القدرات المعرفية مثل الانتباه والذاكرة.
علاوة على ذلك، قد يكون الأفراد الذين عانوا من صدمات الطفولة أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر مثل تعاطي المخدرات وإيذاء النفس، وقد يواجهون صعوبة في الثقة بالآخرين. ونتيجة لذلك، قد يعانون من عدم القدرة على إقامة علاقات صحية.