دراسة: الاكتئاب والقلق لا يُزيدان من خطر الإصابة بالسرطان

time reading iconدقائق القراءة - 5
باحثة بأحد مختبرات شركة "بيونتك" في ألمانيا تُجري اختبارات على علاجات مُحتلمة لمرض السرطان. 27 يوليو 2023 - REUTERS
باحثة بأحد مختبرات شركة "بيونتك" في ألمانيا تُجري اختبارات على علاجات مُحتلمة لمرض السرطان. 27 يوليو 2023 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

لطالما كانت الصلة بين التوتر والقلق وتأثيرهما على الصحة العامة تثير التساؤلات بشأن التسبب في الإصابة بأمراض عدة، إلا أن دراسة تحليلية حديثة، نُشرت في دورية جمعية السرطان الأميركية "كانسر"، كشفت عكس ذلك، إذ بيّنت أن الحالة النفسية ليست مرتبطة بارتفاع مخاطر الإصابة بمعظم أنواع السرطان.

ويعتبر الاكتئاب والقلق نوعين من اضطرابات الصحة العقلية السائدة التي تؤثر على ملايين الأشخاص في أنحاء العالم، فبينما يتسم الاكتئاب بمشاعر الحزن المستمرة وفقدان الاهتمام ونقص الطاقة، يتسم القلق بالأرق والخوف. ويمكن أن تكون لكلا الحالتين آثار عميقة على نوعية حياة الفرد والعلاقات الاجتماعية والأداء اليومي.

ويعتقد العلماء أن من ضمن الآليات الرئيسية، التي ربما يؤثر من خلالها الاكتئاب والقلق على خطر الإصابة بالسرطان، هو جهاز المناعة، إذ يمكن أن يؤدي الاضطراب النفسي طويل الأمد إلى خلل في الجهاز المناعي، مما يضعف قدرته على اكتشاف الخلايا غير الطبيعية والدفاع عنها، وقد تخلق هذه الاستجابة بيئة مواتية لتطور الخلايا السرطانية وتطورها.

غير أن الدراسة الجديدة، التي لم تدرس تلك الآليات، بل قامت بالتحقق من مجموعة كبيرة من الدراسات السابقة، تؤكد خطر ذلك الزعم، إذ حلّل الباحثون مجموعة كبيرة من الدراسات العلمية أجريت على سكان من هولندا، وبريطانيا، والنرويج وكندا، تضم مجتمعة أكثر من 300 ألف بالغ.

ولم يجد التحليل أي ارتباط بين الاكتئاب أو القلق، وسرطان الثدي والبروستاتا والقولون والمستقيم، والسرطانات المرتبطة بالكحول بشكل عام خلال متابعة تصل إلى 26 عاماً.

تأثير الإجهاد النفسي

وسابقاً، تم ربط وجود الاكتئاب أو القلق بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة والسرطانات المرتبطة بالتدخين بنسبة 6%، لكن تم تقليل هذه المخاطر بشكل كبير بعد تعديل عوامل أخرى بما في ذلك عادة التدخين وتقليل الكحول ومؤشر كتلة الجسم.

وعلاوة على ذلك، أشارت بعض الأبحاث إلى أن أي علاقة محتملة بالمرض قد تتأثر بعوامل مربكة مختلفة، مثل عادات نمط الحياة والحالة الاجتماعية والاقتصادية والاستعداد الجيني.

وبحسب دراسات سابقة، يمكن أن يؤدي الإجهاد النفسي المزمن إلى حدوث حالة من الالتهابات المزمنة في الجسم، حيث يلعب الالتهاب دوراً مهماً في تطور السرطان، من خلال المساهمة في تلف الحمض النووي ودعم نمو الأورام.

وارتبطت المستويات المرتفعة من علامات الالتهاب بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، مما وفر في السابق مزيداً من الأدلة على الصلة المحتملة بين الصحة العقلية وخطر الإصابة بالسرطان.

كما يُمكن أن يؤثر الاكتئاب والقلق أيضاً على خيارات نمط حياة الفرد، الأمر الذي قد يسهم في خطر الإصابة بالسرطان.

ومن الممكن أن يكون الأشخاص الذين يعانون من ضائقة نفسية أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات غير صحية، مثل التدخين والإفراط في استهلاك الكحول والعادات الغذائية السيئة.

ومنذ فترة طويلة تم التعرف على هذه السلوكيات كعوامل خطر كبيرة لأنواع مختلفة من السرطان.

ويعيش الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب والقلق حياة خاملة ويهملون ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

ويرتبط الخمول البدني بزيادة الوزن والسمنة، وكلاهما من عوامل الخطر المعروفة للعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم وسرطان بطانة الرحم.

أدلة متضاربة

الأبحاث السابقة تُشير إلى أن الإجهاد المزمن قد يؤدي إلى تغييرات جينية، وترتبط بحدوث تعديلات تغيّر التعبير الجيني دون تغيير تسلسل الحمض النووي الأساسي.

ويُمكن أن تُؤثر هذه التعديلات، المعروفة باسم التغييرات فوق الجينية، على التعبير عن الجينات المرتبطة بالسرطان، مما قد يزيد من قابلية الإصابة بالسرطان، لكن الدراسة الجديدة تؤكد خطأ تلك الاعتقادات.

ويدعم هذا التحليل أهمية معالجة تدخين التبغ والسلوكيات غير الصحية الأخرى، بما في ذلك تلك التي قد تتطور نتيجة القلق أو الاكتئاب.

ويقول الباحثون إن النتائج بثت "مشاعر ارتياح لكثير من مرضى السرطان الذين يعتقدون أن تشخيصهم يُعزى إلى قلق أو اكتئاب سابق".

وفي حين أن العلاقة بين الاكتئاب والقلق وخطر الإصابة بالسرطان معقدة وغير مفهومة تماماً، تتضارب الأدلة الناشئة، وبالتالي هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتأكد من تلك النتائج.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات