الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.. الأعراض والأسباب

اضطراب يرتبط بإصابات الرأس المتكررة غالباً في الرياضات الالتحامية أو القتال العسكري

time reading iconدقائق القراءة - 7
طبيب أعصاب يوضح لمريض نتائج الفحص بالأشعة المقطعية على المخ. 9 أغسطس 2023 - AFP
طبيب أعصاب يوضح لمريض نتائج الفحص بالأشعة المقطعية على المخ. 9 أغسطس 2023 - AFP
بالتعاون مع "مايو كلينك" -الشرق

الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن (CTE) هو اضطراب دماغي ينتج على الأرجح عن إصابات الرأس المتكررة، ويسبب موت الخلايا العصبية في الدماغ، ويُعرف بانحلال الخلايا. 

يتفاقم الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بمرور الوقت، والطريقة الوحيدة لتشخيص الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بشكل قاطع ومحدد هي تشريح الدماغ بعد الوفاة.

الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن هو اضطراب نادر جدّاً، وما زالت هناك حاجة إلى فهمه جيداً. ولا يبدو أن هناك ارتباطاً بين الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، وبين التعرّض لإصابة في الرأس مرة واحدة. بل يرتبط بإصابات الرأس المتكررة التي تحدث غالباً في الرياضات الالتحامية، أو في القتال العسكري.

وارتبطت الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بمتلازمة التأثير الثاني، التي يتعرض فيها الرأس لإصابة ثانية قبل علاج أعراض إصابة الرأس السابقة بشكل كامل.

ولا يزال الخبراء يحاولون فهم دور إصابات الرأس وغيرها من العوامل في حدوث التغيرات الحاصلة في الدماغ التي تؤدي إلى الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

ويعكف الباحثون على بحث العلاقة المحتملة بين عدد إصابات الرأس التي يتعرض لها الشخص، ومدى خطورة تلك الإصابات وبين احتمالات الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

واكتُشِف الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن في أدمغة الأشخاص الذين كانوا يمارسون كرة القدم الأميركية وغيرها من الرياضات الالتحامية مثل الملاكمة، وقد يحدث أيضاً لدى العسكريين الذين تعرضوا للانفجارات.

ويُعتقد أن أعراض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن تشمل الصعوبات المرتبطة بالتفكير والعواطف، والمشكلات البدنية والسلوكيات الأخرى. ويُعتقد أنها تتطور على مدى سنوات أو عقود بعد حدوث إصابات الرأس.

ولا يمكن تشخيص الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن تشخيصاً قاطعاً أثناء الحياة إلا في الأشخاص الذين لديهم احتمال مرتفع للتعرض للإصابة.

ويعمل الباحثون في الوقت الراهن على تطوير مؤشرات حيوية تشخيصية للاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، لكن لم يُعتمد أي منها بعد.

وعند ظهور الأعراض المرتبطة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، قد يشخص الطبيب الحالة على أنها متلازمة الاعتلال الدماغي الرضحي.

ولا يعرف الخبراء حتى الآن عدد مرات تكرار حدوث الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن في عموم السكان، لكن يبدو أنه نادر الحدوث، ولا يفهمون أيضاً أسباب حدوثه بشكل كامل.

ولا يوجد كذلك علاج شافٍ للاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

أعراض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن

لا توجد أعراض محددة ترتبط بصورة واضحة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن. وقد تصاحب بعض الأعراض المحتملة العديد من الحالات المرضية الأخرى.

وبالنسبة للأشخاص الذين تأكدت إصابتهم بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بعد تشريحهم، تضمنت الأعراض تغيرات إدراكية وسلوكية ومزاجية وحركية.

الضعف المعرفي

  • صعوبة التفكير.
  • فقدان الذاكرة.
  • مشكلات في التخطيط والتنظيم وتنفيذ المهام.

التغيرات السلوكية

  • السلوك الاندفاعي.
  • السلوك العدواني.

الاضطرابات المزاجية

  • الاكتئاب أو اللامبالاة.
  • عدم الاستقرار العاطفي.
  • إدمان المواد المخدرة.
  • الأفكار أو السلوكيات الانتحارية.

الأعراض الحركية للاعتلال الدماغي الرضحي المزمن

  • مشكلات في المشي والاتزان.
  • مرض الباركنسونية، الذي يسبِّب ارتجافاً وتباطؤ الحركة ومشكلات في النطق.
  • مرض العصبون الحركي، الذي يدمِّر الخلايا التي تتحكم في عملية المشي والكلام والبلع والتنفُّس.

لا تظهر أعراض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن على الفور بعد إصابة الرأس. ويرى الخبراء أن الأعراض تظهر بعد مرور سنوات، أو عقود من التعرُّض لإصابة في الرأس.

كما يرى الخبراء أن أعراض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن تظهر في شكلين. يظهر الشكل الأول من الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن في المرحلة العمرية المبكرة التي تمتد من أواخر العشرينيات إلى أوائل الثلاثينيات، وقد تسبِّب مشكلات تتعلق بالصحة العقلية ومشكلات سلوكية.

وتتضمن أعراض هذا الشكل الاكتئاب والقلق والسلوك الاندفاعي والعدوانية. ويُعتقد أن الشكل الثاني من الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن يسبِّب ظهور الأعراض في مرحلة متأخرة من العمر، أي في سن 60 عاماً تقريباً.

وتشمل أعراض المرض وجود مشكلات في الذاكرة والتفكير، والتي يُحتمل أن تتطور إلى الخَرَف.

وما زالت القائمة الكاملة لمؤشرات المرض التي يُبحث عنها في الأشخاص المصابين بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن أثناء تشريح الجثة غير معروفة. ولا نعرف إلا القليل عن كيفية تطوُّر الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

أسباب الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن

تُسبب إصابات الرأس المتكررة على الأرجح الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن. وقد ركزت معظم دراسات الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن على لاعبي كرة القدم الأميركية في الولايات المتحدة، وكذلك أفراد الجيش الذين يخدمون في مناطق الحرب. إلا أن هناك رياضات وعوامل أخرى مثل الانتهاك الجسدي يمكن أن تؤدي أيضاً إلى إصابات الرأس المتكررة.

وقد تُسبب إصابة الرأس حدوث ارتجاج، ما قد يسبب الصداع ومشكلات الذاكرة وغيرهما من الأعراض، لكن بعض من تعرضوا لارتجاجات متكررة، بما في ذلك الرياضيون وأفراد الجيش، لا يصابون بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

وأظهرت بعض الدراسات عدم زيادة معدلات الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بين الأشخاص المعرضين لإصابات الرأس المتكررة.

وكشف الباحثون عن ترسب نوع من البروتينات يُسمى "تاو" حول الأوعية الدموية في أدمغة المصابين بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

وتختلف ترسبات بروتين "تاو" في حال الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن عن ترسباته في حالات داء ألزهايمر، وغيره من أشكال الخَرف.

ويُعتقد أن الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن يسبب تلاشي بعض مناطق بالدماغ، أو ما يُعرف بالضمور. ويرجع ذلك إلى إصابات في الخلايا العصبية تصدر نبضات كهربية تؤثر في الاتصال بين الخلايا.

ومن المحتمل أن تظهر مؤشرات أمراضٍ تنكسية عصبية أخرى لدى الأشخاص المصابين بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، ومنها داء ألزهايمر أو التصلب الجانبي الضموري (ALS) أو داء باركنسون أو التنكس الفصي الجبهي الصدغي، المعروف أيضاً باسم الخَرَف الجبهي الصدغي.

الوقاية من الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن

لا يوجد علاج لمرض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، ولكن يمكن الوقاية منه نظراً لارتباطه بالإصابة بالارتجاج بشكل متكرر. والأشخاص الذين أصيبوا بارتجاج واحد سابقاً أكثر عرضةً للإصابة بإصابة رأس أخرى. تنصح التوصيات الحالية للوقاية من اعتلال الدماغ الرضحي المزمن بالحد من الإصابات الدماغية الرضحية الطفيفة، واتقاء حدوث المزيد من الإصابات بعد الإصابة بالارتجاج.

علاج الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن

لا يوجد بعدُ علاج لمرض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن. يكون اضطراب الدماغ في هذه الحالات تصاعدياً، ما يعني أن الحالة تتفاقم بمرور الوقت.

وما تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث في العلاجات، ولكن النهج الحالي هو الوقاية من إصابة الرأس.

ومن المهم أيضاً أن يظل الشخص مطلعاً على طرق اكتشاف إصابات الدماغ الرضحية وعلاجها.

تصنيفات

قصص قد تهمك