أظهر دواء "اكزولير"، المستخدم لعلاج الربو، فعالية في الوقاية من الحساسية المرتبطة بأنواع عدة من المأكولات، حسبما ذكرت دراسة حديثة نشرت نتائجها مجلة "The New England Journal of Medicine"، الأحد.
وتؤثر الحساسية الغذائية على حوالي 8% من الأطفال و10% من البالغين، وتتواجد بعض مسبباتها الشائعة، مثل الفول السوداني والحليب والبيض والقمح، في الكثير من الأطعمة، ما يجعل الأنشطة اليومية مثل حضور الحفلات وتناول الطعام للمرضى في المطاعم أمراً صعباً.
ويتلقى الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الشديدة نصائح بتجنب الأطعمة التي تحتوي على مسببات الحساسية لديهم تماماً، إذ يُمكن أن تؤدي تلك الأطعمة للوفاة.
وبحسب ما ورد في دورية "نيو أنجلاند" الطبية يمكن لدواء "أوماليزوماب"، وهو الاسم العلمي لـ"اكزولير"، أن يجعل حياة الأطفال الذين يعانون من الحساسية الغذائية أكثر أماناً عن طريق منع الاستجابات التحسسية الخطيرة للكميات الصغيرة من الأطعمة المسببة للحساسية.
ويمكن أن يحمي الاستخدام المنتظم لدواء أوماليزوماب، أن يحمي الأشخاص من ردود الفعل التحسسية الشديدة، مثل صعوبة التنفس، والتي قد تنتج إذا تناولوا عن طريق الخطأ كمية صغيرة من الطعام الذي لديهم حساسية منه، وفقاً للدراسة التي أجراها علماء في كلية الطب بجامعة "ستانفورد".
"استجابة رائعة"
وقالت المؤلف المشارك في الدراسة "شارون شينثراجا"، وهي أستاذ مشارك في الطب وطب الأطفال، والمدير بالإنابة لمركز "شون إن باركر" للحساسية، إن "الدواء الجديد حقق استجابات رائعة حقاً للعديد من الأطعمة التي تسبب الحساسية".
وأظهرت الدراسة أن "الأوماليزوماب" يمكن أن يشكل طبقة حماية ضد التعرضات الصغيرة العرضية، إذ يواجه المرضى المتأثرون بالحساسية الغذائية تهديداً يومياً من ردود الفعل التي تهدد حياتهم بسبب التعرض العرضي.
ووافقت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA) على "أوماليزوماب" في الأصل لعلاج أمراض مثل الربو التحسسي المزمن، حيث يرتبط بالأجسام المضادة التي تسبب أنواعاً كثيرة من أمراض الحساسية ويثبط نشاطها.
وبناءً على البيانات التي تم جمعها في الدراسة الجديدة، وافقت (FDA) على عقار "أوماليزوماب" لتقليل خطر الحساسية تجاه الأطعمة في 16 فبراير الماضي.
وتشير شينثراجا إلى أن العديد من المرضى الذين يعانون من الحساسية الغذائية يعانون أيضاً من حالات حساسية أخرى يعالجها "أوماليزوماب"، مثل الربو والتهاب الأنف التحسسي، وبالتالي يمكن أن يحسن العلاج جميع حالات الحساسية.
وكان جميع المشاركين في الدراسة يعانون من حساسية شديدة تجاه الفول السوداني واثنين من الأطعمة الأخرى على الأقل. وبعد 4 أشهر من حقن "الأوماليزوماب" شهرياً أو كل شهرين، تناول ثلثا المشاركين، البالغ عددهم 118 مشاركاً، الدواء بأمان مع كميات صغيرة من الأطعمة المسببة للحساسية.
والجدير بالذكر أن 38.4% من المشاركين في الدراسة كانوا أصغر من 6 سنوات، وهي فئة عمرية معرضة لخطر كبير بسبب الابتلاع العرضي للأطعمة المسببة للحساسية.
وتسبب الحساسية الغذائية آثاراً اجتماعية ونفسية كبيرة، بما في ذلك التهديد بردود الفعل التحسسية عند التعرض العرضي، وبعضها يمكن أن يهدد الحياة، كما تواجه الأسر أيضاً آثاراً اقتصادية نتيجة شراء أغذية باهظة الثمن لتجنب مسببات الحساسية.
تفاصيل الدراسة
و"أوماليزوماب" هو جسم مضاد يتم حقنه، ويربط ويعطل جميع أنواع الجلوبولين المناعي (الجزيء المسبب للحساسية في الدم).
وحتى الآن، يبدو أن "الأوماليزوماب" قادر على توفير الراحة من مسببات الحساسية الغذائية المتعددة في وقت واحد.
وشملت الدراسة 177 طفلاً يعانون من 3 حالات حساسية غذائية على الأقل لكل منهم، 38% منهم تتراوح أعمارهم بين 1 إلى 5 سنوات، و37% تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 11 عاماً، و24% تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً أو أكثر.
وجرى التحقق من الحساسية الغذائية الشديدة لدى المشاركين عن طريق اختبار وخز الجلد، إذ تتفاعل أجسادهم بردود أفعال تحسسية مع أقل من 100 ملليجرام من بروتين الفول السوداني وأقل من 300 ملليجرام من كل طعام آخر.
وتم تعيين ثلثي المشاركين بشكل عشوائي لتلقي حقن "أوماليزوماب"، في حين تلقى الثلث حقناً وهمية.
وكان بإمكان 79 مريضاً (66.9%) ممن تناولوا "أوماليزوماب" تحمل ما لا يقل عن 600 ملليجرام من بروتين الفول السوداني، وهي الكمية الموجودة في حبتين أو ثلاث حبات من الفول السوداني، مقارنة مع 4 مرضى فقط (6.8%) تناولوا الدواء الوهمي.
وأظهرت نسب مماثلة من المرضى تحسناً في ردود أفعالهم تجاه الأطعمة الأخرى في الدراسة.
واستطاع حوالي 80% من المرضى الذين تناولوا "أوماليزوماب" استهلاك كميات صغيرة من طعام واحد على الأقل مسبب للحساسية دون حدوث رد فعل تحسسي، فيما كان 69% من المرضى قادرين على تناول كميات صغيرة من اثنين من الأطعمة المسببة للحساسية، وتمكن 47% من تناول كميات صغيرة من الأطعمة الثلاثة المسببة للحساسية.
ولم يسبب "أوماليزوماب" أي آثار جانبية، باستثناء بعض حالات التفاعلات الطفيفة في موقع الحقن.
وتمثل هذه الدراسة المرة الأولى التي يتم فيها تقييم سلامة الدواء لدى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سنة واحدة.
إجابات غائبة
وقال الباحثون إن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم كيفية مساعدة "الأوماليزوماب" للأشخاص الذين يعانون من الحساسية الغذائية.
وهناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، بما في ذلك" ما المدة التي يحتاجها المرضى لتناول هذا الدواء؟ وهل تم تغيير نظام المناعة بشكل دائم؟ وما هي العوامل التي تتنبأ بالأشخاص الذين سيكون لديهم أقوى استجابة؟
ويخطط الفريق لإجراء دراسات للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، مثل العثور على نوع المراقبة اللازمة لتحديد متى يكتسب المريض تحملاً حقيقيًا للأطعمة المسببة للحساسية.
ويتمثل أفضل علاج متاح للحساسية الغذائية حالياً في علاج مناعي عن طريق الفم، حيث يتناول المرضى جرعات صغيرة ومتزايدة تدريجياً من الأطعمة المسببة للحساسية تحت إشراف الطبيب لبناء القدرة على التحمل. لكن هذا العلاج يمكن أن يؤدي في حد ذاته إلى استجابات تحسسية، وربما تستغرق إزالة التحسس تجاه مسببات الحساسية شهوراً أو سنوات، وتكون العملية طويلة بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون عدة أنواع من الحساسية الغذائية، حيث يتم علاجهم عادةً من حساسية واحدة في كل مرة.
كما أنه بمجرد إزالة حساسية المرضى تجاه مسببات الحساسية، يجب عليهم أيضاً الاستمرار في تناول الطعام بانتظام للحفاظ على قدرتهم على تحمله، لكن الناس غالباً ما يكرهون الأطعمة التي يُطلب منهم تجنبها لفترة طويلة.
وبالتالي فهناك حاجة حقيقية لعلاج يقدم خيارات للمرضى الذين يعانون من حساسية الطعام.