أفاد مستشار الشؤون الاستراتيجية بمستشارية الأمن القومي العراقي سعيد الجياشي، الخميس، بأن العراق عمل من خلال "الاتفاق الأمني" المبرم مع طهران على إنشاء مجمع من المخيمات للمعارضين الإيرانيين بعيداً عن حدود البلدين، مشيراً إلى أن المباحثات بشأن مستقبل هذه الجماعات شهدت طرح 4 خيارات منها "العفو" عنهم من قبل الحكومة الإيرانية لمن يرغب في العودة إلى بلاده.
واعتبر الجياشي في تصريحات لـ"الشرق"، أن أحد أهم بنود الاتفاق المبرم عام 2023، "هو إخلاء مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لطهران والمتواجدة على الحدود المشتركة بين البلدين، ونقلهم إلى عمق الأراضي العراقية بعيداً عن الحدود، وتجريدهم من أسلحتهم، ووضعهم في مخيمات، والتعامل معهم كمدنيين دون أي صفة عسكرية".
وذكر المسؤول، أن "العراق نفذ هذا البند بالفعل من خلال إخلاء مقرات الأحزاب الإيرانية المعارضة، وتسليمها إلى قوات الحدود والبيشمركة الكردية".
وكان البلدان وقعا، في مارس 2023، اتفاقاً أمنياً يهدف إلى "التنسيق في حماية الحدود المشتركة"، وتوطيد التعاون في مجالات أمنية عدة، وذلك بعد أشهر من المفاوضات بشأن ما وصفته طهران بـ"تهديدات من الأراضي العراقية".
وبموجب الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي، أخلى العراق المقرات المتواجدة قرب الحدود مع إيران، والتي كانت تشغلها مجموعات المعارضة الإيرانية بشكل نهائي ونقلهم إلى مكان بعيد عن الحدود.
كما نُزعت الأسلحة من المعارضة الإيرانية تمهيداً لاعتبارهم لاجئين وفق ضوابط مفوضية اللاجئين، كذلك انتشرت قوات الحدود الاتحادية العراقية بتلك المناطق والوُجود بشكل دائم ورفع العلم العراقي فيها. وكان المعارضون الإيرانيون يتمركزون في جبال كردستان المتاخمة للحدود الإيرانية كمقار لهم، وينفذون من خلالها عملياتهم ضد طهران.
أبرز الأحزاب الإيرانية المعارضة
الجياشي أشار في تصريحه لـ"الشرق"، إلى أن من أبرز تلك الأحزاب المعارضة "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب الحرية الكردستاني، وحزب الحياة الحرة الكردستاني، وحزب خبات، وحزب كوملة المكون من مجموعة أحزاب، وجماعة الدعوة والإصلاح، إلى جانب عدد من الأحزاب الإيرانية الصغيرة".
ولفت إلى أنه "جرى نقل هذه الأحزاب إلى 6 ست مخيمات في أربيل والسليمانية، بالتعاون والتنسيق بين الحكومة الاتحادية (في بغداد) وحكومة إقليم كردستان".
وأكد الجياشي، أن "العراق يعمل باستمرار من أجل التنسيق مع منظمة الأمم المتحدة لإعادة توطين الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة في بلد آخر"، لكنه أضاف: "لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق رسمي في هذا الخصوص".
من جهته، أوضح مسؤول عراقي رفيع المستوى لـ"الشرق"، أن "المجمع يضم 15 ألف إيراني معارض مع عوائلهم"، لافتاً إلى أن "الحكومة العراقية تنفق على هذا المشروع، وأنه سيكون تحت إشراف الأمم المتحدة".
وقال مصدر أمني كردي لـ"الشرق"، إن "حزب الكوملة الذي كان المنتمون له موجودين في منطقة زركويز القريبة من مدينة السليمانية (شرق إقليم كردستان العراق)، تم تحويلهم إلى منطقة سورداش قرب دوكان بمحافظة السليمانية، وهناك مجمع آخر للمعارضة في منطقة سوران بمحافظة أربيل يضم أعضاء الحزب الديمقراطي الإيراني، وأعضاء حزب پاك وآخرين".
4 خيارات أمام المعارضة
من جهته، يرى مستشار الشؤون الاستراتيجية في مستشارية الأمن القومي العراقي، أن "هناك مسؤولية تقع على الحكومة الإيرانية تجاه عناصر هذه الأحزاب باعتبارهم مواطنين إيرانيين".
وأوضح الجياشي أنه "جرى الحديث بين بغداد وطهران بشأن هذه الجماعات"، لافتاً إلى "طرح 4 خيارات: الأول هو العفو عنهم من قبل الحكومة الإيرانية لمن يرغب بالعودة إلى إيران"، فيما كان الخيار الثاني هو "للذين لا يرغبون بالعودة إلى بلدهم، فإن الحكومة الإيرانية مستعدة لتقديم الوثائق الرسمية الخاصة بهم، بالإضافة إلى دفع تكاليف السفر لمن يرغب بمغادرة العراق إلى دولة أخرى".
أما الخيار الثالث لـ"الذين ليس لديهم وثائق رسمية، ولا يرغبون بالعودة إلى إيران أو المغادرة إلى دولة أخرى، فعليهم التواجد في المخيمات تحت سيطرة الحكومة العراقية وحكومة كردستان محكومة بضوابط ومعايير الأمم المتحدة".
الخيار الرابع ينحصر بـ"الذين يحملون إقامة عراقية أو الحاصلين على اللجوء فلهم حرية التحرك داخل العراق، ويخضعون للقانون العراقي، أو السفر خارج البلاد"، بحسب الجياشي.
ووفقاً للمسؤول العراقي الرفيع، فإن "البلدان التي يتم تسفير الإيرانيين المعارضين إليها بعد العفو عنهم، يتم تنسيقها من خلال الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن "الأحزاب المعارضة في الإقليم تم تجريدها من السلاح، وأصبحوا معارضين سياسيين".
4 خيارات أمام المعارضة الإيرانية في العراق
- العفو عنهم من قبل الحكومة الإيرانية لمن يرغب بالعودة إلى إيران.
- لمن لا يرغب العودة إلى إيران، فستقدم طهران الوثائق الرسمية الخاصة بهم، بالإضافة إلى دفع تكاليف السفر لمن يرغب بمغادرة العراق إلى دولة أخرى.
- الذين ليس لديهم وثائق رسمية، ولا يرغبون بالعودة إلى إيران أو المغادرة إلى دولة أخرى، فعليهم التواجد في المخيمات تحت سيطرة الحكومة العراقية وحكومة كردستان وفقاً لضوابط ومعايير الأمم المتحدة.
- من يحملون إقامة عراقية أو الحاصلين على اللجوء، فلهم حرية التحرك داخل العراق، ويخضعون للقانون العراقي، أو السفر خارج البلاد.
بزشكيان في العراق
وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان زار في وقت سابق الأسبوع الجاري، العراق، في أولى رحلاته الخارجية، مشيراً إلى عزمه توطيد العلاقات مع الحليف الاستراتيجي لكل من طهران وواشنطن في ظل تزايد التوتر في الشرق الأوسط.
واجتمع بزشكيان الذي انتخب في يوليو الماضي، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مستهل الزيارة التي استمرت 3 أيام، وشهدت التوقيع على 14 مذكرة تفاهم ثنائية.
وشدد بزشكيان في مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني، على "ضرورة تنفيذ الاتفاقات الأمنية الموقعة بين إيران والعراق، وبما يؤدي إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للأعداء".
ووصف الرئيس الإيراني المباحثات مع رئيس الوزراء العراقي بـ"الجيدة جداً"، معرباً عن سعيه لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة مع العراق.
وأضاف: "إذا حدثت أي مشكلة في سياق تنفيذ هذه التفاهمات والتوافقات، سوف أكون على تواصل مباشر مع الأخ السوداني لكي لا يتوقف العمل".
من جهته، أشار السوداني، إلى أن "المباحثات تطرقت إلى جانب التعاون الأمني، وأكدنا على موقفنا المبدئي والدستوري والقانوني بعدم السماح لأي جهة كانت بارتكاب عدوان أو عمل مسلح أو تهديد عابر للحدود ضد إيران".
وتابع: "نجحنا في الاتفاق على ضبط الأوضاع الأمنية، خصوصاً عند المناطق الحدودية، واللجنة الثنائية الأمنية مستمرة في التزاماتها ومهامها"، مؤكداً أن "التواصل مستمر بين الأجهزة الأمنية بخصوص مسك الحدود، ومنع كل أشكال التهريب التي تضر بالأمن الداخلي لكلا البلدين".