التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بنظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني في روما، الاثنين، خلال زيارة تهدف إلى معرفة كيف حققت حكومتها اليمينية "انخفاضات كبيرة" في أعداد المهاجرين، فيما تعهد الطرفان بتشديد الإجراءات لمواجهة مهربي البشر.
ويسعى ستارمر إلى التعلم من تجربة إيطاليا في الإنفاذ الصارم والتعاون الدولي، رغم انتقادات مجموعات اللاجئين وغيرهم من المنزعجين من قواعد اللجوء الصارمة بشكل متزايد في أوروبا، وكراهية الأجانب المتزايدة والمعاملة العدائية للمهاجرين.
واستقبلت ميلوني ستارمر في فيلا دوريا بامفيلي، وهو قصر يعود تاريخه إلى القرن الـ17 يقع في حديقة كبيرة، ليست بعيدة عن الفاتيكان، إذ يسعى السياسيان إلى التوصل لحل مشترك للحد من وصول المهاجرين إلى شواطئ دولتيهما، وفق ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس".
ورئيس وزراء حزب "العمال" البريطاني من يسار الوسط ليس حليفاً لميلوني، التي ترأس حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف، لكن الهجرة صعدت إلى الأجندة السياسية في بريطانيا، حيث يأمل ستارمر أن يساعده نهج إيطاليا الصارم في الحد من محاولات عبور القنال الإنجليزي.
ووفقاً لوزارة الداخلية الإيطالية، فقد انخفض عدد المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا بالقوارب في النصف الأول من هذا العام بنسبة 60% عن العام 2023.
تجربة إيطاليا
وقال ستارمر، إن إيطاليا "شهدت بعض الانخفاضات بأعداد المهاجرين، لذلك أريد أن أفهم كيف حدث ذلك"، مضيفاً: "يبدو أن هذا يرجع إلى العمل التمهيدي الذي تم إجراؤه في بعض البلدان التي يأتي منها المهاجرين. لطالما اعتقدت أن منع الأشخاص من السفر في المقام الأول هو أحد أفضل الطرق للتعامل مع هذه القضية بالذات".
وخلال رحلته إلى روما، قام ستارمر بجولة في مركز التنسيق الوطني للهجرة في إيطاليا مع قائد أمن الحدود البريطاني المعين حديثاً مارتن هيويت.
بدورها، قالت ميلوني إن إيطاليا وبريطانيا قررتا تشديد الإجراءات لمواجهة مهربي البشر، سعياً لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر.
وأضافت، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ستارمر: "من الواضح أنها ظاهرة تؤثر على القارة الأوروبية بأكملها. نتفق مع ستارمر على أن أول شيء يتعين علينا فعله هو تشديد معركتنا مع مهربي البشر، وذلك عن طريق توحيد جهودنا أكثر".
وحتى الآن، قام أكثر من 22 ألف مهاجر برحلة العبور الخطيرة من فرنسا هذا العام، وهي زيادة طفيفة عن الفترة ذاتها في عام 2023، كما لقي عشرات الأشخاص حتفهم في محاولاتهم، بما في ذلك 8 أشخاص، عندما جنحت سفينة تحمل نحو 60 شخصاً على الصخور في وقت متأخر من السبت، وفي نفس اليوم، وصل 14 قارباً يحمل 801 مهاجر إلى بريطانيا.
وعود ستارمر وتعهدات ميلوني
وكان ستارمر وعد بـ"عهد جديد" من الإنفاذ الدولي لتفكيك هذه الشبكات والعودة إلى نظام اللجوء، إذ قال قبل رحلته إلى روما "لا مزيد من الحيل"، في إشارة إلى خطة الحكومة المحافظة السابقة التي ألغيت لإرسال بعض طالبي اللجوء في رحلة ذهاب فقط إلى رواندا.
وبعد وقت قصير من انتخابه في يوليو، ألغى ستارمر خطة المحافظين المثيرة للجدل لإرسال طالبي اللجوء الذين يعبرون القناة إلى رواندا، على بعد حوالي 4000 ميل (6400 كيلومتر)، دون أي فرصة للعودة إلى بريطانيا حتى لو نجحت مطالبهم باللجوء.
وقال المحافظون إن خطة الترحيل "ستعمل كرادع"، لكن جماعات اللاجئين وحقوق الإنسان وصفتها بأنها "غير أخلاقية"، وحكم القضاة بأنها غير قانونية ورفضها ستارمر باعتبارها "خدعة باهظة الثمن".
ومع ذلك، فقد أعرب عن اهتمامه بإبرام اتفاقات مثل تلك التي أبرمتها إيطاليا مع ألبانيا، والتي من شأنها أن ترى إرسال طالبي اللجوء مؤقتاً إلى دولة أخرى.
بدورها، تعهدت ميلوني بشن حملة صارمة على الهجرة بعد توليها منصبها في عام 2022، بهدف ردع اللاجئين المحتملين عن دفع الأموال للمهربين للقيام بعبور البحر الأبيض المتوسط الخطير إلى إيطاليا.
ووقعت حكومتها المحافظة اتفاقيات مع دول إفريقية فردية لمنع ذلك، وفرضت قيوداً على عمل سفن الإنقاذ الإنسانية، وشنت حملة صارمة على المتاجرين، واتخذت تدابير رادعة.
كما وقعت إيطاليا اتفاقاً مع ألبانيا، سيتم بموجبه نقل بعض المهاجرين الذكور البالغين الذين تم إنقاذهم في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى إيطاليا، إلى ألبانيا لمعالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم.
يشار إلى أن مسألة دعم أوكرانيا مدرجة على جدول اللقاء بين الجانبين، إذ تعد جزءاً من جهود ستارمر لإعادة ضبط العلاقات مع الجيران الأوروبيين، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2020.
وتأتي رحلة ستارمر إلى روما، بعد زيارات إلى باريس وبرلين ودبلن، وكلها جزء من الجهود الرامية إلى استعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي التي تآكلت بسبب خروج بريطانيا من التكتل. واستبعد ستارمر إعادة الانضمام إلى الكتلة التي تضم الآن 27 دولة، لكنه حريص على إقامة علاقة أوثق بشأن الأمن وقضايا أخرى.