تايوان تبحث خيارات دفاعية جديدة في ظل تراجع إمدادات واشنطن

حربا أوكرانيا وغزة تؤخران تسليم صفقات أسلحة أميركية إلى تايوان

time reading iconدقائق القراءة - 7
صاروخ ينطلق من منصة Patriot PAC-2 أرض-جو خلال تدريب عسكري بمدينة بينجتونج في تايوان. 20 أغسطس 2024 - REUTERS
صاروخ ينطلق من منصة Patriot PAC-2 أرض-جو خلال تدريب عسكري بمدينة بينجتونج في تايوان. 20 أغسطس 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

أجرى الجيش التايواني مؤخراً تدريبات بالذخيرة الحية على الشريط الساحلي قبالة الصين، لاستعراض 6 مركبات مدرعة جديدة طراز "هامفي"، مُجهزة بأنظمة إطلاق قذائف مضادة للدبابات، التي تعد جزءاً من شحنة الأسلحة الأخيرة التي استلمتها من الولايات المتحدة.

لكن القذائف التي اختبرها الجنود التايوانيون في مياه مضيق تايوان كانت من طراز قديم ذي مدى أقصر، لأن القذائف المُصممة للاستخدام مع منصات الإطلاق لم تصل مع الشحنة، بحسب "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، السبت، إن القذائف الحديثة من المقرر أن تصل إلى تايوان في نهاية العام الجاري، وتأتي ضمن عدد من عمليات نقل الأسلحة المتأخرة لأسباب منها الضغوط التي تواجه صناعة الدفاع الأميركية.

وأضافت الصحيفة، أن الحربين الجاريتين في غزة وأوكرانيا، وتخوض كلاهما دولتان تدعمهما الولايات المتحدة، تسلط الضوء على حدود إمكانية قاعدة الصناعة العسكرية الغربية، وتطرح سؤالاً حاسماً عما ستفعله تايوان إذا وجدت نفسها تعاني من نقص في الأسلحة في حال نشوب صراع مع الصين.

وتُعد واشنطن الداعم الأهم لتايبيه منذ عقود، إذ زودت الجيش التايواني بالأسلحة لردع أي "عمل عدائي" محتمل من بكين. وفي المقابل، تعتبر الصين، الجزيرة جزءاً من أراضيها، ولا تستبعد استخدام القوة لفرض سيطرتها عليها.

وبينما تُنتج الأسلحة لتلبية احتياجات حربين، تواجه صناعة الدفاع الأميركية سلسلة من التحديات، منها نقص الرقائق، والمعدات، والعمالة الماهرة، بحسب "وول ستريت جورنال".

وتسبب شُح الأسلحة في بعض الفترات هذا العام في تأخير تسليم منظومات أسلحة إلى تايوان تُقدر قيمتها بأكثر من 20 مليار دولار، وفقاً لإريك جوميز، محلل الدفاع في "معهد كاتو"، وهو مركز أبحاث في واشنطن.

زيادة الطلب العالمي

وفي مايو الماضي، قالت نائبة الرئيس التايواني، شياو بي كيم، في منتدى "هيل آند فالي" في واشنطن، إن قاعدة صناعة الدفاع الأميركية الحالية لا تنتج ما يكفي من المعدات لتلبية الطلب العالمي.
ويُعد منتدى "هيل آند فالي" مجموعة من المشرعين والمستثمرين الأميركيين المعارضين للنفوذ الصيني في صناعة التكنولوجيا الأميركية. وجاءت تصريحات شياو قبل أسابيع من توليها منصبها، وفقاً للصحيفة.

ولفتت "وول ستريت جورنال"، إلى أن شياو خففت من حدة تصريحاتها منذ أن أدت اليمين، كما أسهمت سلسلة من الشحنات التي سُلمت مؤخراً في تقليص الشحنات المتأخرة. وقالت تايبيه إن عدد حزم الأسلحة المتأخرة حالياً يبلغ 3 فقط من أصل 18 حزمة.

ومع ذلك، لا تزال الحكومة والجيش في تايوان يواجهان ضغوطاً بشأن قدرة الجزيرة على تخزين الأسلحة بسرعة.

وتركز شركات تصنيع الأسلحة الغربية حالياً على إرسال المزيد من الذخائر إلى أوكرانيا، لمساعدتها في سد الفجوة الكبيرة مع روسيا، التي تمتلك مخزونات أكبر من الذخائر، وتمكنت من زيادة الإنتاج بسرعة، وتتلقى شحنات ضخمة من المَدافع من كوريا الشمالية، وفق "وول ستريت جورنال".

وأشارت الصحيفة إلى أن جغرافية تايوان كجزيرة تشكل تحدياً أكبر في إعادة تزويد جيشها بالمعدات، على عكس أوكرانيا أو إسرائيل. ويشعر خبراء عسكريون غربيون بقلق خاص من أن الصين قد تحاول إجبار تايوان على الاستسلام عبر فرض حصار.

ونقلت عن جيرمانتس ليلاري، وهو ضابط سابق في القوات الجوية الأميركية، قوله: "إذا حدث حصار وطال أمد الحرب، ستنفد أسلحة تايوان في النهاية".

وأضاف ليلاري، الذي يعمل حالياً في معهد أبحاث الدفاع الوطني والأمن المدعوم من الجيش التايواني: "تايوان بحاجة إلى أن تكون مستقلة قدر الإمكان لتتمكن من تجديد أنظمة أسلحتها"، مُوضحاً أن نقل الأسلحة قد يستغرق عدة سنوات حتى في الظروف العادية، بسبب الإجراءات المُطولة للدفع والإنتاج والتسليم.

ومن المتوقع أن تكتمل صفقة بيع 66 طائرة مقاتلة جديدة من طراز F-16، التي وافقت عليها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2019، بحلول عام 2026.

"ضغط" جمهوري

من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، النائب الجمهوري من تكساس مايكل ماكول، رداً على سؤال بشأن التأخيرات خلال زيارة إلى تايبيه في مايو الماضي: "في حالة تايوان، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً للغاية".

وأضاف ماكول أنه مارس "ضغوطاً مستمرة على الشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع، والإدارة، ووزارتي الخارجية والدفاع لتسليم هذه المعدات الدفاعية بأسرع ما يمكن".

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن المتحدث باسم وزارة الدفاع "البنتاجون"، جون سابل، قوله إن الوزارة تبحث سُبل تسريع مبيعات الأسلحة الأجنبية وتسريع عمليات التسليم، مؤكداً دعم الولايات المتحدة لحق تايوان في الدفاع عن نفسها.

وأضاف المتحدث باسم الوزارة، أن "تسريع توفير المعدات لتايوان لا يزال أحد أهم أولويات وزارة الدفاع". 

وتابع: "نحن نعمل باستمرار على تحسين العوامل الواقعة ضمن اختصاص الوزارة، لكن التحدي الذي نواجهه في تلبية احتياجات تايوان، وكذلك احتياجات الشركاء الآخرين، ناتج أساساً عن نقص في قدرة قاعدة الصناعة الدفاعية".

مخاوف تايوانية

وتعود مخاوف تايوان بشأن شحنات الأسلحة المستقبلية إلى فترة اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، عندما أرسلت شياو، التي كانت آنذاك السفيرة الفعلية لتايوان في الولايات المتحدة، تحذيراً إلى تايبيه، حسبما نقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة.

وأنشأت تايوان وكالة عسكرية جديدة، مستوحاة من "وحدة الابتكار الدفاعي" التابعة للبنتاجون، بهدف تحسين عمليات شراء الأسلحة، وتسريع تطوير تقنيات الدفاع المتقدمة محلياً.

وتركز الوكالة، التي أُطلقت في فبراير الماضي، في المقام الأول على تقنيات مثل المركبات غير المأهولة، وأنظمة مكافحة الطائرات المُسيرة، والتعرف على الأهداف المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وفقاً للعقيد وانج تسه-بينج، أحد الضباط المُكلفين بإدارتها.

وقال وانج، إن الوكالة تسعى بشكل عاجل إلى تبسيط مجموعة من المتطلبات البيروقراطية التي تعرقل قدرة الجيش على الحصول على التكنولوجيا الجديدة.

وتسعى تايوان، التي تصنع معظم أشباه الموصلات المتقدمة في العالم، لتكون جزءاً من سلاسل التوريد الدفاعية الأميركية، وفقًا لوزير الخارجية لين تشيا-لونج.

وقال مسؤول تايواني رفيع المستوى مطلع على جهود الحصول على الأسلحة للصحيفة، إن واشنطن تشعر بقلق خاص بشأن التجسس الصيني في تايوان وإمكانية تسرب أسرار الدفاع المتقدمة إلى بكين.

تصنيفات

قصص قد تهمك