نشاط السفارة الروسية بالمكسيك يثير هواجس "الحرب الباردة" في واشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 7
السفير الروسي نيكولاي سوفينسكي خلال حدث في السفارة الروسية في المكسيك. 11 أبريل 2024 - @EmbRusiaMexico
السفير الروسي نيكولاي سوفينسكي خلال حدث في السفارة الروسية في المكسيك. 11 أبريل 2024 - @EmbRusiaMexico
دبي-الشرق

قال مسؤولون أميركيون لشبكة NBC News، إن أجهزة الاستخبارات الروسية تعمل على تعزيز وجودها في المكسيك استعداداً لـ"عمليات تجسس تستهدف الولايات المتحدة"، وهو ما يمثل عودة إلى تكتيكات "الحرب الباردة".

وذكر مسؤولون أميركيون وضباط استخبارات سابقون، أن روسيا تحاول "استغلال الأجواء الآمنة نسبياً" في العاصمة مكسيكو سيتي، للقيام بعمليات تستهدف الولايات المتحدة، وذلك بعدما وظّفت العشرات في سفارتها، رغم العلاقات التجارية المحدودة بين البلدين.

واعتبر المسؤولون أن هذا الاتجاه "مثير للقلق"، ويعتقدون أن خطوة روسيا في سفارتها بمكسيكو سيتي "تهدف إلى تعزيز العمليات الاستخباراتية للكرملين، التي تستهدف الولايات المتحدة، فضلاً عن جهوده الدعائية الرامية إلى تقويض واشنطن وأوكرانيا".

وقال مسؤول أميركي لـNBC News إن إدارة الرئيس جو بايدن، أثارت هذه القضية مع الحكومة المكسيكية، وأضاف: "لقد استثمرت روسيا في المكسيك بشكل حقيقي من أجل توسيع وجودها هناك".

الوجود الروسي في المكسيك

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA وليام بيرنز، صرّح في وقت سابق من هذا الشهر، في لندن، بأن وكالته والحكومة الأميركية "تركزان بشدة" على مسألة الوجود الروسي في المكسيك، والذي قال إنه يرتبط، جزئياً، بطرد الجواسيس الروس من العواصم الأجنبية، بعد غزو أوكرانيا. 

ونقلت NBC News عن مسؤولين استخباراتيين سابقين قولهم إن "تحركات روسيا في المكسيك تعكس موقفاً أكثر عدوانية من قبل أجهزتها الاستخباراتية على جبهات متعددة". 

وقال بول كولبي، الذي عمل لمدة 25 عاماً كضابط عمليات في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في روسيا والبلقان وأماكن أخرى: "يبدو أنهم على استعداد لتحمّل مخاطر أعلى بكثير الآن من تلك التي كانوا يتحملونها في فترة ما بعد الحرب الباردة مباشرة".

وفي مارس 2022، أخبر الجنرال جلين فان هيرك، وهو رئيس القيادة الشمالية في القوات الجوية الأميركية، لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، أن "جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي بات لديه وجود ضخم في المكسيك". 

وأضاف: "أودّ أن أشير إلى أن النسبة الأكبر من أعضاء جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي في العالم، موجودة الآن في المكسيك، هؤلاء موظفون بالاستخبارات الروسية، ويراقبون عن كثب أي فرصة متاحة للوصول إلى الولايات المتحدة".

ومنذ تصريحات فان هيرك، التي جاءت بعد وقت قصير من بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، تواصل موسكو توسيع وجودها في سفارتها في مكسيكو سيتي، كما حصلت على اعتماد من السلطات المكسيكية، بحسب NBC News. 

وفي رده على تصريحات الجنرال جلين فان هيرك، قال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور حينها، إنه "ليس لديه معلومات حول الأمر"، مشدداً على أن المكسيك "دولة حرة ومستقلة وذات سيادة". 

وعلى الرغم من إنشاء المكسيك علاقات تجارية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمان، فإنها حاولت تجنب الانحياز الكامل للسياسة الخارجية لواشنطن، وحافظت على علاقات ودية مع "روسيا وكوبا".

التوجه إلى المكسيك

ونقلت NBC News عن جون سايبر، الذي عمل في الخدمة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لمدة 28 عاماً، قوله "إن موسكو دائماً ما كانت تطلب من الأميركيين الذين عرضوا التجسس لصالحها، أن يتوجهوا إلى المكسيك".

وأضاف: "كان يطلب منهم السفر إلى مكسيكو سيتي، لأن بيئة العمل في الولايات المتحدة كانت صعبة بالنسبة للاستخبارات الروسية". 

وفي سبعينيات القرن العشرين، أُدين كريستوفر بويس، وهو طالب جامعي كان يعمل في شركة "TRW" للفضاء الجوي في ضواحي لوس أنجلوس، وصديقه أندرو دالتون لي، بتهمة تقديم "أسرار الأقمار الصناعية الأميركية إلى السوفييت".

وظل لي يسافر إلى مكسيكو سيتي على مدى عامين لنقل معلومات سرية إلى عملاء في السفارة السوفييتية هناك، وجمع الأموال له ولبويس، وأصبحت قضيتهما موضوع كتاب وفيلم شهير في هوليوود بعنوان "الصقر ورجل الثلج".

وعلى عكس الولايات المتحدة، التي تخضع فيها الاستخبارات الروسية لتدقيق مكثف من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، فإن المكسيك توفر بيئة مناسبة، وأقل خطورة لموسكو للإشراف على العملاء في الولايات المتحدة وإدارة العمليات الأخرى، وفقاً لما نقلته NBC News عن ضباط استخبارات سابقين. 

وقال دوجلاس لندن، وهو ضابط عمليات متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ومؤلف مذكرات بعنوان "المجند": "إنها (المكسيك) بيئة ملائمة للغاية بالنسبة للروس للعمل فيها، وهذا منطقي للغاية، وهذا هو السبب وراء وجودهم هناك بأعداد كبيرة". 

وأضاف: "الروس ربما يرغبون في استخدام قُرب المكسيك من الولايات المتحدة، فضلاً عن الأمان النسبي الذي يتمتع به العملاء الأميركيون والضباط الروس بعيداً عن أجهزة إنفاذ القانون الأميركية". 

وأشار لندن وضباط آخرون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية إلى أنه "يمكن للعملاء الأميركيين الذين يعملون لصالح الاستخبارات الروسية، أن يتنقلون عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ويلتقون بالمشرفين الروس للحصول على مدفوعات، وتلقي التدريب على أساليب الاتصال وغيرها من أساليب التجسس، كما يمكن للاستخبارات الروسية أيضاً أن تستغل قُرب المكسيك لاستهداف أعداء بوتين السياسيين داخل الولايات المتحدة"، وفق قولهم. 

وذكر لندن أن الروس "ربما لا يرغبون في أن يحاول عملائهم عبور الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بشكل غير قانوني"، وأضاف: "إنهم يريدون أن تكون أي رحلة قانونية، وأن تبدو سليمة وغير ملحوظة".

وفي أبريل الماضي، نشر السفير الروسي في مكسيكو سيتي تقريراً من وسائل إعلام روسية، يزعم أن الولايات المتحدة "تجند أفراد من عصابات المخدرات في المكسيك وكولومبيا لإرسالهم للحرب في أوكرانيا"، واهتمت بعض المؤسسات الإخبارية المكسيكية بهذا التقرير، الذي وصفته NBC News بأنه "لا أساس له".

تصنيفات

قصص قد تهمك