أعلنت مصر وإريتريا والصومال في بيان ثلاثي مشترك، الخميس، الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية مشتركة من وزراء خارجية الدول الثلاث للتعاون الاستراتيجي في كافة المجالات.
واستقبل رئيس دولة إريتريا إسياس أفورقي، نظيريه المصري عبد الفتاح السيسي، والصومالي حسن شيخ محمود، في العاصمة الإريترية أسمرا، حيث أجرى الرؤساء في قمة ثلاثية مشاورات مكثفة بشأن مسائل إقليمية ودولية حيوية.
وأكدت الدول الثلاث، ضرورة الالتزام بالمبادئ والركائز الأساسية للقانون الدولي باعتبارها الأساس الذي لا غنى عنه للاستقرار والتعاون الإقليميين، خاصة الاحترام المطلق لسيادة واستقلال ووحدة أراضي بلدان المنطقة، والتصدي للتدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة تحت أي ذريعة أو مبرر، وتنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وخلق مناخ موات للتنمية المشتركة والمستدامة.
واتفقت على تطوير وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية، وتمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بكافة صوره، وحماية حدوده البرية والبحرية وصيانة وحدة أراضيه.
وجاء في البيان الثلاثي أن القمة توصلت إلى توافق في الآراء بشأن "الأزمة في السودان وتداعياتها الإقليمية، والوضع في الصومال على ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة، وقضايا الأمن والتعاون بين الدول الساحلية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب في سياق أهميته القصوى كممر بحري حيوي، وآليات التنسيق الدبلوماسي والجهود المشتركة بين الدول الثلاث".
كما رحبت القمة بالجهود التي تقوم بها كل من إريتريا ومصر في دعم الاستقرار في الصومال، وتعزيز قدرات الحكومة الفيدرالية، والإشادة بعرض القاهرة المساهمة بقوات في إطار جهود حفظ السلام في الصومال.
وكانت مصادر مطلعة، قالت لـ"الشرق"، الأربعاء، إن زيارة الرئيس المصري لإريتريا تستهدف بحث "تعزيز العلاقات الثنائية"، وتوقيع اتفاقية تستهدف تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري، لحماية مسار التجارة عبر البحر الأحمر.
اتفاق مصري- إرتيري
وأضافت المصادر أن القاهرة وأسمرة ستوقعان اتفاقية "مهمة"، موضحة أنها تشبه الاتفاقية الموقعة بين مصر والصومال في أغسطس الماضي، كما ذكرت المصادر أن مصر أبلغت كافة الأطراف أنها لن تقبل أي وجود عسكري إثيوبي على البحر الأحمر.
وفي منتصف الشهر الماضي، نقل رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، رسالة من الرئيس السيسي، إلى نظيره الإريتري أسياس أفورقي، تناولت سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية ومتابعة التطورات في المنطقة، قبل أن يستمعا إلى رؤية رئيس إريتريا بشأن البحر الأحمر، وذلك بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
وأشار بيان الخارجية المصرية حينها إلى أن رئيس المخابرات ووزير الخارجية استمعا إلى رؤية أفورقي بشأن "تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، على ضوء أهمية توفير الظروف المواتية لاستعادة الحركة الطبيعية للملاحة البحرية والتجارة الدولية عبر مضيق باب المندب، فضلاً عن التطورات في القرن الإفريقي والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها".
وفي الثامن من أغسطس الماضي، استقبل الرئيس المصري وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح الذي سلمه رسالة نصية من نظيره الإريتري أسياس أفورقي. وفي السياق، وصل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، إلى أسمرة، مساء الأربعاء، في زيارة رسمية تستغرق 3 أيام.
تطورات القرن الإفريقي
وفي فبراير الماضي، استقبل السيسي في القاهرة أفورقي، وبحثا التطورات "الخطيرة" في البحر الأحمر، وأهمية عدم التصعيد واحتواء الموقف، وفق بيان للرئاسة المصرية.
وجاء في البيان حينها أن الرئيسين تباحثا كذلك بشأن التطورات التي يشهدها القرن الإفريقي، حيث "تم التوافق على ضرورة احترام سيادة دولة الصومال، ودعمها في رفض كافة الإجراءات التي من شأنها الانتقاص من هذه السيادة".
واتفق الطرفان على "أهمية تكثيف الجهود ومواصلة التشاور لتحقيق الاستقرار في السودان ودعم مؤسسات الدولة الوطنية فيه، فضلاً عن الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه".
وكانت مصر وقعت اتفاقية تعاون عسكري مع الصومال في أغسطس الماضي، أرسلت القاهرة بموجبها إمدادات عسكرية جواً وبحراً لمساعدة الجانب الصومالي في مجال مكافحة الإرهاب.
جاء ذلك بعد أن وقَّعت إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي في الأسبوع الأول من يناير الماضي، مذكرة تفاهم تمنح بموجبها أديس أبابا حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضيها لمدة 50 عاماً، في تحرك أدانته الحكومة الصومالية التي أكدت أنها "ستتصدى لهذه الاتفاقية بكل الوسائل القانونية"، معتبرة إياها "عدواناً وانتهاكاً صارخاً لسيادتها".
وأعلنت أرض الصومال استقلالها عن الصومال في 1991، لكن الخطوة لم تحظ باعتراف أي دولة.
وكان السيسي، قال في يناير، إن بلاده لن تسمح بأي تهديد للصومال أو أمنها، مؤكداً أن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال ليس مقبولاً لأي أحد.
وأضاف السيسي في مؤتمر صحافي مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود في القاهرة: "بكل وضوح مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال، أو يمس أمنها، محدّش يجرب مصر، ويحاول يهدد أشقاءها خاصة لو أشقاءها طلبوا منّا التدخل".