ما أن تيقنت حركة "حماس" من مصير رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار حتى بدأت في الإعداد لاختيار خليفة له، وسط ترجيحات بتولي مجلس قيادي إدارة الحركة لحين انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وحسب مصادر في الحركة لـ"الشرق"، ستشهد الساعات والأيام القليلة المقبلة سلسلة اجتماعات تعقدها قيادة الحركة في الخارج بالعاصمة القطرية الدوحة، لبحث اختيار خليفة السنوار.
وأوضحت المصادر أن الاجتماعات ستشمل من يتواجد في الخارج من أعضاء مجلس الشورى المركزي للحركة، وأعضاء المكتب السياسي العام، وأنهم بدأوا بالتوافد إلى العاصمة القطرية لهذا الغرض.
وقالت المصادر إن هناك عدة سيناريوهات بانتظار "حماس"، منها تولي مجلس قيادي إدارة الحركة حتى نهاية الحرب.
وشكلت "حماس"، في أغسطس، مجلساً قيادياً غير معلن، برئاسة رئيس مجلس الشورى المركزي محمد درويش، لإدارة عمل الحركة، بعد اختيار يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي، بسبب عدم قدرته على الحركة نظراً لظروف الحرب.
ورجحت مصادر قريبة من الحركة أن يواصل هذا المجلس قيادة الحركة في المرحلة المقبلة حتى انتهاء الحرب، أو أن يجري إدخال بعض التغييرات عليه.
لكن هناك سيناريوهات أخرى منها انتخاب رئيس جديد للمكتب السياسي، وثمة من يتوقع أن يعبر اختيار خليفة السنوار عن خيار سياسي واضح المعالم للحركة في المرحلة المقبلة.
وقال المحلل السياسي عماد أبو عواد، الذي أمضى سبع سنوات في السجون الإسرائيلية بتهمة الانتماء لحركة "حماس"، لـ"الشرق": "إذا جرى اختيار خليل الحية رئيساً للمكتب السياسي، فهذا يعني مواصلة مسار السابع من أكتوبر الذي قاده السنوار، أما إذا جرى اختيار خالد مشعل، فهذا قد يعني محاولة البحث عن مخرج سياسي".
المرشحون.. وعودة خالد مشعل
وقال سفيان أبو زايدة، وهو محلل سياسي من قطاع غزة انتقل بعد اندلاع الحرب إلى القاهرة، لـ"الشرق": "اغتيال السنوار حدث زلزالي في حركة حماس، فهو الذي شكل وجه الحركة في العقد الأخير، وكان صاحب القرار في الملفات الكبيرة".
وأضاف: "اغتيال السنوار مختلف عن اغتيال الرئيس السابق إسماعيل هنية، فالسنوار هو الذي قاد المواجهة الكبيرة مع إسرائيل في السابع من أكتوبر وما تلاها من حرب مفتوحة على قطاع غزة، وكان هو صاحب القرار في الملفات الرئيسية، أما الآن فإن قيادة الحركة ستكون أكثر تحرراً من قيود الحرب وتداعياتها".
وحسب مصادر قريبة من الحركة، فإن أبرز الأسماء المرشحة لخلافة السنوار هي كل من: الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل، ورئيس مجلس الشورى المركزي محمد درويش، وأعضاء المكتب السياسي المركزي خليل الحية وحسام بدران ومحمد نصر.
وتقول المصادر إن بقاء محمد درويش على رأس المجلس القيادي أمر مفضل للكثيرين في الحركة، بسبب حالة الاستقرار التي تحققت في الحركة خلال الفترة الماضية التي أعقبت اغتيال هنية.
لكن مصادر أخرى تقول إن خالد مشعل قد يكون مفضلاً للعديدين، نظراً لخبرته الطويلة في قيادة المكتب السياسي للحركة التي استمرت من العام 1996 حتى العام 2017، وأن فرصته تعززت في الشهور الأخيرة بسبب الفراغ القيادي الكبير في الحركة بقطاع غزة، وتراجع تأثير حزب الله وإيران على الحركة.
وكان السنوار وقيادة الحركة في غزة على خلاف مع خالد مشعل منذ خروجه من سوريا عام 2011، وهو الخروج الذي أفسد علاقته مع أطراف ما يسمى بـ"محور المقاومة"، خاصة إيران وحزب الله.
تحديات كبيرة
وتقول المصادر إن التطورات الأخيرة في غزة ولبنان وإيران قد تعيد مشعل إلى الواجهة من جديد.
ويعد الدكتور خليل الحية من المرشحين الأقوياء أيضاً، نظراً لأنه تولى منصب نائب يحيى السنوار في قيادة الحركة بقطاع غزة منذ العام 2021، علماً أنه غادر القطاع قبل عدة سنوات ليتولى إدارة ملف العلاقات العربية في الحركة، حيث أقام في الدوحة.
وبتكليف من السنوار، تولى خليل الحية، خلال الحرب، ملف مفاوضات تبادل الأسرى. ومؤخراً تولى الحية، بتكليف من المجلس القيادي، ملف المفاوضات مع حركة "فتح" حول إدارة قطاع غزة التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة. وكان من المقرر أن تستأنف هذه المفاوضات خلال أقل من أسبوعين.
وأياً كان الرئيس القادم لحركة "حماس" سيواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها كيفية وقف الحرب المدمرة في قطاع غزة، وتبادل الأسرى، وإدارة القطاع بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والعلاقة مع المحيط العربي، خاصة مصر والأردن.
ويحتل فرع الحركة في قطاع غزة الثقل الأكبر في حركة "حماس"، لكن سلسلة الاغتيالات الأخيرة أضعفته، خاصة اغتيال إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، وأحمد بحر وروحي مشتهى، ومحمد الضيف، ومروان عيسى وغيرهم.