آخر الرجال المخلصين لترمب.. بومبيو يغادر الخارجية بـ"تحولات جذرية"

time reading iconدقائق القراءة - 22
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال اجتماع في البيت الأبيض - 23 أكتوبر 2020 - AFP
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال اجتماع في البيت الأبيض - 23 أكتوبر 2020 - AFP
دبي-الشرق

يغادر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الأربعاء، مكتبه القابع في ضاحية "فوجي بوتوم" العريقة بالعاصمة واشنطن كأحد المخلصين للرئيس دونالد ترمب، حتى النهاية.

 واصطبغت ولاية بومبيو الوزارية، التي استمرت قرابة 3 سنوات بنهج "أميركا أولاً" حتى النخاع، وشهدت تحوّلات جذرية مثيرة للجدل في السياسة الخارجية الأميركية، بدءاً من الملف الإيراني، مروراً بالصيني، ووصولاً إلى الإسرائيلي.

وأعلن بومبيو، عدداً من قراراته الأكثر أهمية خلال الأسابيع الأخيرة من فترة توليه المنصب، مخلفاً "ملفات ملغمة" لإدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن.  

وكان بومبيو قد تعهد بإعادة "البهاء والرونق" إلى وزارة الخارجية، لكنه تركها "جوفاء فارغة"، على حد تعبير سفيرته المعزولة في أوكرانيا، ماري يوفانوفيتش.

سيل تبريكات عبر "تويتر"

وبينما تواصل الولايات المتحدة التصدي لتداعيات الهجوم على إحدى أعرق مؤسساتها الديمقراطية، يغادر بومبيو منصبه واضعاً نصب عينيه مستقبله السياسي، كما يشي بذلك سيل تبريكاته لجهوده عبر موقع "تويتر".  

ففي الأسابيع السابقة على مراسم التنصيب، استخدم بومبيو حسابه الرسمي في وزارة الخارجية لمشاركة عشرات التغريدات حول الإرث الذي خلفه كدبلوماسي أميركي حول "مهام متعددة ونجاحات ضخمة وقصص شخصية، وأكثر من ذلك بكثير".
    
وحث في العديد من التغريدات، متابعي الحساب البالغ عددهم 3 ملايين شخص، على مواصلة متابعته عبر حسابه الشخصي على "تويتر". 

وأشارت إحدى التغريدات، التي نشرت، الأربعاء، إلى أنه يجب ترشيح الرئيس دونالد ترمب لـ"جائزة نوبل" على إنجازاته في ملف اتفاقات التطبيع بين إسرائيل من جانب، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، من جانب آخر.

ولكن، بعد ساعات قلائل من نشر التغريدة، صوّت مجلس النواب للمرة الثانية، لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة لمصلحة عزل الرئيس، بعد إدانته بتهمة "تحريض" أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول.

إرث ترمب فقط  

في مقابلة سبقت تصويت مجلس النواب لمصلحة عزل ترمب بيوم واحد، أشار بومبيو إلى أنه لا يعتقد أن الهجوم الذي وقع على مبنى الكابيتول سوف ينال من إرث هذه الإدارة.
  
وقال للمقدم الإذاعي المحافظ، هيو هيويت: "انظر، ما حدث في ذاك اليوم كان مريعاً، وقد قلت مراراً إنه يجب تحديد هوية المتورطين في هذا العمل ومحاكمتهم، كما أكدت أنهم مجرمون ويجب التعامل معهم على أساس ذلك".

وأضاف: "لكن التاريخ سيتوقف ملياً أمام العمل الرائع الذي أنجزته هذه الإدارة ورئيسنا، وستسطر الكتب التغيير الذي حققناه في جميع أنحاء العالم، والاعتراف الذي حصلنا عليه بشأن الواقع والسيادة واحترام الكرامة الأساسية وحقوق الإنسان، والعودة إلى المبادئ التأسيسية على نحو لم تتمكن منه الإدارات السابقة". 

لم "يُفصل من عمله"

لكن مسؤولاً سابقاً رفيع المستوى في وزارة الخارجية، قال لشبكة "سي إن إن"، إن "الإنجاز الوحيد لبومبيو هو أنه لم يُفصل من عمله، وإنه بشكل ما أمضى فترته مع هذا الرئيس، وهو ما لا يستطيعه كثيرون".

وأضاف المسؤول: "كما هو الحال في كل ما يتعلق بهذه الإدارة، لا يوجد ما يسمى بإرث بومبيو، أو إرث تيلرسون، أو إرث ماتيس، أو إرث إسبر، إنه فقط إرث ترمب، لأنه يمثل في نهاية المطاف كيف يفهم الرئيس نفسه وكل من حوله".   

"جزيرة منعزلة"

تركت 4 سنوات من حكم ترمب أميركا جزيرة معزولة على المسرح العالمي. واهتزت مصداقيتها عندما قلب ترمب السياسة الخارجية الأميركية الراسخة رأساً على عقب، وانسحبت الولايات المتحدة من منظمات متعددة الأطراف، مثل منظمة الصحة العالمية، إلى جانب انسحابها من معاهدات مثل اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران.  

كما استهان الرئيس بحلفائه، والتزم دبلوماسية شخصية مع عدد من أخطر قادة العالم، إذ عقد قمتين مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، وتبادل معه رسائل ودودة.  

وانتهج أيضاً علاقة تقارب وثيقة على نحو غير معتاد مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بانحيازه اللافت إلى الزعيم الروسي على حساب مجتمعه الاستخباراتي في ما يتعلق بالتدخل في انتخابات عام 2016.  

لكن هذه العلاقات لم تسفر عن نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، أو عن بوتين "خاضع ومهزوم". ففي هذا الأسبوع تحديداً، كشف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عن صاروخ باليستي جديد يطلق من غواصة، كما واصلت روسيا احتلالها لشبه جزيرة القرم، وارتبط اسمها بهجوم سيبراني ضخم على الحكومة الأميركية، وحاولت التدخل في الانتخابات الأميركية، كما حاولت شرطتها السرية قتل أحد منتقدي الكرملين البارزين.  

"إننا اليوم في وضع اسوأ مما كنا عليه قبل وصول ترمب إلى سدة البيت الأبيض، لم أكن أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث"، هكذا قال وزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، الذي عُزل من منصبه في مارس 2018. 

خطط مستقبلية

وفي مقابلة مع "بلومبرغ" في بداية يناير، رفض بومبيو، الحديث عن تفاصيل خططه المستقبلية، لكنه قال إنه فخور بالعمل الذي أنجزته الإدارة. 

وأضاف: "لقد تعرفت إلى أصدقاء حقيقيين، وأتيحت لي الفرصة لرؤية أشخاص من جميع المستويات في الحكومة يعملون ويناضلون للحفاظ على أمن وسلامة الشعب الأميركي".  

وتابع: "أعتقد أننا نترك عالماً أكثر أمناً مما كان عليه لدى تبوئنا السلطة". 

وتابع: "آمل أن تتوافر للسياسات التي انتهجناها القدرة على الاستمرار". 

لم يكن بومبيو وأعضاء فريق وزارة الخارجية سوى وجوه لبعض أكبر جهود الإدارة، التي تمثلت في استراتيجيتها العدائية تجاه الصين، والاتفاقات غير المسبوقة مع طالبان، وحملة "الحد الأقصى من الضغوط" ضد إيران، والتحول السافر في سياساتها الراسخة تجاه إسرائيل.

في هذا السياق، قال مسؤول سابق آخر رفيع المستوى في وزارة الخارجية، لشبكة "سي إن إن"، إنه "سواء كان التعامل مع إيران، أو مع الصين، أو التفسيرات الخاصة لحقوق الإنسان، أو محاولة تحقيق التناغم بين الأجندة السياسية المحلية وما تفعله الدولة على الصعيد الخارجي.. كل هذا بدا مدفوعاً بمصالح شخصية".

خطاب "معادٍ" لبكين

دق كبير الدبلوماسيين الأميركيين، طبول خطاب معادٍ لبكين خلال الفترة التي تولى فيها منصبه الوزاري، واصفاً الحزب الشيوعي الصيني بأنه "التهديد الأخطر في هذا العصر" في الوقت الذي بلغ فيه التوتر بين البلدين ذروتها، كما انتهج سياسات عدوانية بهدف الوقوف في وضع المواجهة ضد الحكومة الصينية، ما دفع بكين في كثير من الأحيان إلى تبادل الردود الانتقامية مع واشنطن.

وفرض بومبيو، قيوداً على تأشيرات مسؤولي الحكومة الصينية، ووصف شركات الإعلام الصينية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها بالبعثات الأجنبية، وأغلق القنصلية الصينية في هيوستن، متهماً إياها بأنها "بؤرة مهمة للتجسس الصيني".

ووصف نائب وزير الخارجية لشؤون النمو الاقتصادي والطاقة والبيئة، كيث كراش، بومبيو بأنه "استراتيجي للغاية"، و"صعب المراس"، وهو ما اعتبره سمات جيدة في التعامل مع الصين.

وفي حديث لشبكة "سي إن إن"، قال كراش: "إذا كنا نحاول إيجاد مناطق للتعاون مع الصينيين، فعلينا في الواقع التنافس معهم أولاً، إنهم ينظرون إلى التعاون على أنه معادلة صفرية، والطريقة الوحيدة للتعامل معهم يجب أن تكون من موضع القوة". 

وأعرب كراش، عن اعتقاده بأن "مبادرة الشبكة النظيفة"، التي تعهدت بموجبها عشرات الحكومات والشركات باستخدام شركاء اتصالات "موثوق بها"، بدلاً من شركات مثل "هواوي"، ستكون إحدى الموروثات الدائمة لوزارة الخارجية في عهد بومبيو، كما هددت إدارة ترمب بالحد من مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الدول التي استخدمت عملاق الاتصالات الصيني.

تحوّل جذري في السياسات الأميركية

مع تشديده من وطأة السياسات الأميركية تجاه الصين، أعلن بومبيو مؤخراً عن تحول جذري في السياسات الأميركية، لتمهيد الطريق أمام الدبلوماسيين الأميركيين ومسؤولين حكوميين آخرين للتعامل بشكل مباشر مع مسؤولي حكومة تايوان في خطوة بدت تهدف إلى توجيه ضربة لإدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.

وجاء هذا الإعلان ضمن تصريحات عديدة كشف عنها وزير الخارجية الأميركي في الساعات الأخيرة، إلى جانب إعلان إعادة تصنيف كوبا "دولة راعية للإرهاب"، وتصنيف جماعة الحوثي في اليمن "منظمة إرهابية أجنبية"، ويخشى خبراء من أن يؤدي الإعلان الأخير إلى حدوث مجاعة في الدولة التي مزقتها الحرب.

حرب أفغانستان

وفي إطار جهود الإدارة لإنهاء أطول حرب خاضتها أميركا، كما تعهدت حملة ترمب، أقدم بومبيو وفريقه على عمل لم يرغب أي مسؤول أميركي به، وهو الجلوس مع قادة حركة طالبان وتوقيع اتفاق معهم في فبراير 2020، أسفر عن بدء المفاوضات بين الأفغان، إلا أن هذه المحادثات لم تؤتِ ثمارها بعد.

وفي غضون ذلك، استمرت أعمال العنف في أفغانستان، وكشفت تقارير عن أن طالبان لم تنأ بنفسها عن تنظيم القاعدة بعد أن تعهدت بذلك، وعلى الرغم من مزاعم مسؤولي إدارة ترمب بأن الانسحاب الأميركي من أفغانستان مبني على شروط، إلا أن ترمب واصل خفض مستوى القوات في كابول، وهو ما أكد البعض أنه منح طالبان اليد العليا في المفاوضات، ومع اقتراب انتهاء ولاية إدارة ترمب، يصل الوجود الأمريكي الذي دام على مدى عقدين من الزمان في أفغانستان إلى 2500 جندي فقط اعتباراً من الجمعة.

الضغط على إيران

بدأ بومبيو عمله كوزير للخارجية، بطرح 12 مطلباً على إيران، واتبع سياسة العقوبات الساحقة خلال العامين ونصف العام التالية. لكن سياسة "الحد الأقصى من الضغوط" لم تسفر سوى عن عزل الولايات المتحدة عن حلفائها الرئيسيين، وهو ما تجلى أكثر عندما حاولت الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة على إيران في 2020. 

وبحسب مسؤول أميركي سابق تحدث لـ"سي.إن.إن"، فإنه بدلاً من كبح جماح طهران، دفعت هذه السياسات، إيران نحو مزيد من العدوانية، فانتهكت التزاماتها التي كانت مفروضة عليها بموجب الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في مايو 2018. وأعلنت مؤخراً أنها ستخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20%.

في هذا السياق، قال المسؤول السابق الأول رفيع المستوى في وزارة الخارجية لـ"سي إن إن"، إنه: "لو تمسكنا بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCOPA)، لما فعلوا هذا على الإطلاق".

 إسرائيل  

وأدت سياسات إدارة ترمب تجاه إسرائيل أيضاً، إلى عزل الولايات المتحدة عن حلفائها بعد أن نقلت السفارة الأميركية إلى القدس، واعترفت في سابقة تاريخية ودولية بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية.

وفي نوفمبر 2019، أعلن بومبيو أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، غير قانونية باعتبار الأمر الواقع، وهو ما يعد قلباً جذرياً لسياسات الولايات المتحدة الراسخة.
 
وعن الوضع السابق للمستوطنات الذي كان قائماً منذ عام 1978، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان: "لم يرغب أحد حقاً في المساس به، لكنه رغب في ذلك".

وأخبر فريدمان المعين سياسياً من قبل ترمب، شبكة "سي إن إن" أن بومبيو ضخ "قدراً جيداً من الطاقة داخل الدائرة القانونية بوزارة الخارجية"، لتحقيق ذلك. 

تكهنات حول 2024 

أثناء إحدى زياراته الأخيرة، بوصفه قائد الدبلوماسية الأميركية، أصبح بومبيو أول وزير خارجية يزور إحدى المستوطنات التي تعد غير قانونية بموجب القانون الدولي، ومرتفعات الجولان.

وهى الزيارة التي أثارت العديد من التكهنات حول طموحات بومبيو الرئاسية لعام 2024، إذ اعتبرها البعض بمنزلة محاولة لجذب الناخبين الإنجيليين الأميركيين.
 
وكانت هذه التكهنات بالحسبان لدى أول تواصل لبومبيو مع المجتمع الإنجيلي الأميركي المحافظ، ففي العام الماضي، تحدث في كنيسة كبرى بتكساس، وظهر في قمة Values Voters المحافظة، وألقى الخطاب الرئيسي لمنظمة مسيحية محافظة مناهضة للجنسية المثلية والإجهاض في فلوريدا، واستخدم عضو الكونغرس السابق عن كنساس، منصبه لوضع سياسات حرية دينية واتخاذ تدابير قوية ضد الإجهاض.

وفي إسرائيل ألقى بومبيو خطاباً أمام المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، فيما يعد انتهاكاً صارخاً للقواعد التي رسخها الوزراء السابقون في تجنب السياسات الحزبية أثناء تولي المناصب الوزارية، وخرقاً واضحاً لقواعد وزارته، وانتهاكاً محتملاً للقانون.
 
وتميزت فترة ولاية بومبيو الوزارية بالعديد من التحقيقات التي أجراها مكتب المفتش العام، التي كان أحدها بشأن إساءة استخدام محتملة لموارد دافعي الضرائب من قبل بومبيو وزوجته، إلى جانب الإطاحة المثيرة للجدل بالمفتش العام، ستيف لينيك.
 
لكن في ما يتعلق بالقضية الأساسية التي أثارت احتجاجات قوية ضد التمييز العنصري في الولايات المتحدة ووحشية الشرطة، ظل بومبيو صامتاً بدرجة كبيرة، فلم يعلق على الفور على مقتل جورج فلويد، الرجل الأسمر والأعزل الذي قتل على يد شرطة بلاده، ما خيب آمال دبلوماسيين تحدثوا إلى شبكة "سي. إن. إن".



فشل في إعادة "البهاء" إلى الخارجية

في الأيام الأولى، وعد بومبيو بأن تستعيد الخارجية الأميركية "بهاءها" تحت قيادته، لكن العديد من الدبلوماسيين أكدوا لشبكة "سي. إن. إن" أنه فشل في ذلك.

وبحسب هؤلاء الدبلوماسيين، كانت الآمال تحدو الكثيرين في بداية فترته الوزارية، إذ تولى وزارة تهالكت في عهد تيلرسون.

وأخبر المسؤول رفيع المستوى الأول بالوزارة "سي. إن .إن" بأن بومبيو حقق "تقدماً كبيراً في بداية ولايته بجعل هذه الوزارة وثيقة الصلة بالرئيس".
 

شهادة يوفانوفيتش

لكن هذا تغير تماماً مع أول محاكمة لعزل ترمب "وهذا النوع من الاستعراض اللافت لكبار مسؤولي الوزارة الذين جرى استدعاؤهم للشهادة ضده"، كما قال المسؤول، وكان من أبرز هؤلاء السفيرة الأميركية السابقة لدى أوكرانيا، ماري يوفانوفيتش، التي أقيلت من منصبها في أعقاب حملة منسقة شنها المحامي الشخصي لترمب، رودي جولياني، وآخرون. وظل بومبيو صامتاً إزاء الأكاذيب التي روّج لها ترمب ضد يوفانوفيتش.

وفي شهادتها أمام مجلس النواب في نوفمبر 2019، قالت يوفانوفيتش: "ما زلت أشعر بخيبة أمل مريرة، لأن قيادة الوزارة رفضت الاعتراف بأن الهجوم الذي تعرّضت له، وآخرون، كان ظالماً على نحو خطير، الأمر لا يتعلق بي، أو بشخص أو اثنين، فالانتقاص من العاملين بالسلك الدبلوماسي يجعل المؤسسة ذاتها، وبكل من فيها، في وضع مهين. وسوف يتسبب ذلك عاجلاً في أضرار فعلية ما لم يكن قد تسبب بالفعل".

"تخلى عن واجبه"

ويعتقد أيضاً كثير من المسؤولين الدبلوماسيين الذين تحدثوا إلى "سي. إن إن" طوال فترة ولاية بومبيو أنه تخلى مراراً عن واجبه في دعم وحماية المؤسسة الدبلوماسية عندما أثرت الاضطرابات في الداخل على عمل المؤسسة في الدفاع عن الديمقراطية الأميركية في جميع أنحاء العالم، بدءاً من قمع المحتجين السلميين، ومروراً بفشل بومبيو في البداية في الاعتراف بفوز بايدن، ووصولاً إلى رد فعله على أحداث العنف التي اجتاحت مبنى الكابيتول، الذي لم يتجاوز 3 تغريدات تدين العنف وتدعو إلى محاسبة المسؤولين.
 
وقال أحد المعينين السياسيين في وزارة الخارجية، الذي استقال من عمله في أسبوع الاحتجاجات إن "ما شهدناه يوم الأربعاء هو نقيض عمل وزارة الخارجية".

وأضاف: "لا أفهم كيف يختلف هذا عن أي هجوم على إحدى سفاراتنا، لا أصدق أن الوزير بومبيو أبدى كل هذا القدر من العجز القيادي، إنه أمر مخزٍ تماماً".