يُجهز الديمقراطيون "استراتيجيات جديدة"، لمعارضة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، لا تشبه "المعارضة" الليبرالية لعام 2017، بعد ابتعادهم عن السلطة العام المقبل، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، السبت، إن مظاهر الاحتجاج الضخم الذي هزت ولايات أميركا الزرقاء ذلك العام ولت، والليبراليون المنهكون على ما يبدو أكثر ميلاً إلى تجاهل ترمب بدلاً من القتال.
ووفقاً للصحيفة، تركز الاستعدادات المبكرة للحزب الديمقراطي لمعارضة إدارة ترمب المقبلة بشكل كبير على معارك قانونية، وتعزيز سلطة الولايات، بدلاً من التظاهر في الشوارع.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن واشنطن تختلف كثيراً أيضاً، فالجمهوريون الذين عرقلوا بعض ملفات أجندة ترمب في ولايته الأولى أصبحوا "موتى الآن" على غرار السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، أو متقاعدين أو ديمقراطيين. والمحكمة العليا، أثبتت مع تعيين 3 قضاة من قبل الرئيس السابق، مدى الخضوع لإرادته.
موجة ثانية من المعارضة
وفي مواجهة هذا المشهد السياسي الصعب، يسعى مسؤولون ديمقراطيون وناشطون وسياسيون طموحون إلى بناء موجة ثانية من المعارضة لترمب من المناطق التي ما زالوا يسيطرون عليها؛ وهي الولايات الزرقاء بشكل عميق.
ويسعى الديمقراطيون إلى استخدام سلطتهم في هذه الولايات لمنع سياسات إدارة ترمب بشكل جزئي، على سبيل المثال، من خلال رفض فرض قوانين الهجرة، ودفع رؤيتهم للحكم من خلال تمرير قوانين الولايات التي تكرس حقوق الإجهاض، وتمويل الإجازات مدفوعة الأجر ووضع لائحة طويلة من أولويات الحزب الأخرى.
وبدأ بعض التخطيط في الولايات الزرقاء عام 2023 باعتباره دعم محتمل في حال فاز ترمب، مع الحفاظ على سرية الاستعدادات إلى حد كبير لتجنب إثارة شكوك عامة بشأن قدرة الديمقراطيين على الفوز في الانتخابات الرئاسية، وفق عدد من الديمقراطيين المشاركين في تلك الجهود.
من جانبه، قال المدعي العام لولاية مينيسوتا كيث إليسون، إن "الولايات في نظامنا لديها الكثير من القوة، لقد أوكلت إلينا مهمة حماية الناس، وسنفعل ذلك".
وأضاف: "يمكنهم أن يتوقعوا أننا سنظهر في كل مرة يحاولون فيها دهس الشعب الأميركي"، مشيراً إلى أن مكتبه كان يستعد لعودة ترمب المحتملة إلى السلطة منذ أكثر من عام.
جهود قانونية ومالية
ومن المتوقع، أن يعتمد الجهد الديمقراطي على عمل مئات المحامين، الذين يجندهم الحزب للتصدي لسياسات إدارة ترمب بشأن مجموعة من الأولويات الديمقراطية.
وبدأت مجموعات قانونية بالفعل تنظيم ورش عمل لدعاوى قضائية، وتجنيد مدعين عامين محتملين للطعن على لوائح وقوانين وإجراءات إدارية متوقعة من اليوم الأول.
ووفقاً للصحيفة، بنت "ديمقراطية إلى الأمام" (Democracy Forward)، وهي مجموعة قانونية تشكلت بعد فوز ترمب في عام 2016، صندوق مالي بملايين الدولارات، وحشدت أكثر من 800 محامٍ للضغط من أجل الحصول على استجابة قانونية كاملة عبر مجموعة واسعة من القضايا.
وقالت الرئيسة التنفيذية للمجموعة سكاي بيريمان: "لم يكن أحد يلجأ إلى المحكمة بشأن مجموعة من المسائل التي تهم الناس في المجتمعات"، في إشارة إلى جهود المعارضة خلال فترة ولاية ترمب الأولى.
وأضافت بيريمان أن "المعارضة هذه المرة تتعلق ببناء القوة الجماعية.. إنها تستخدم القانون وتستخدم التقاضي".
كما بدأ الموظفون الذين وظفهم الحزب في البحث عن فضائح (معلومات وأسرار مشينة) تخص إدارة ترمب المستقبلية.
ويعمل الباحثون في اللجنة الوطنية الديمقراطية و"أميركان بريدج" (American Bridge)، وهي لجنة عمل سياسي ديمقراطية بارزة، على تجميع ملفات عن الاختيارات الأولى للبيت الأبيض والحكومة.
على المستوى الفيدرالي، لن يكون لدى الديمقراطيين قدرة كبيرة على تمرير قوانين أو وقف أجندة ترمب، والكثير من التركيز سينصب على حكام الولايات الثلاثة والعشرين، الذين يتنافس العديد منهم على أن يكونوا وجه الحركة المناهضة لترمب المقبلة.
مواجهة ترمب.. بوادر انقسام
مع ذلك ظهرت بوادر انقسام بشأن كيفية، وما إذا كان ينبغي، مواجهة ترمب، إذ اتخذ حاكما كاليفورنيا جافين نيوسوم، وإلينوي جي بي بريتزكر موقفاً أكثر مواجهة، وحشدا الهيئات التشريعية التي يسيطر عليها الديمقراطيون، لتجهيز ولايتيهما ضد إدارة ترمب المستقبلية.
لكن آخرين، بما في ذلك حاكم نيوجيرسي فيل مورفي، أشاروا إلى أنهم سيسعون إلى البحث عن مجالات يمكنهم العمل فيها مع الإدارة الجديدة، واتصل مورفي بترمب لتهنئته على فوزه، وإبلاغه أنه يعتزم حضور حفل تنصيبه في يناير المقبل.
وفي تعليق على نهجه، قال مورفي: "إنه مزيج من القتال متى تحتاج إلى القتال، وهذا يشمل كل شيء؛ العمل القانوني، واحتجاجات سلمية والعصيان المدني. وفي الوقت نفسه، لا يمكننا إغلاق الباب أمام فرص إيجاد أرضية مشتركة".