حثت بولندا، أكبر دولة من حيث الإنفاق في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، شركاءها في الاتحاد الأوروبي على المساهمة في زيادة تحصين الدفاعات على طول حدودها مع روسيا وبيلاروس، كوسيلة لإظهار التزامهم بأمنهم للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
وقالت ماجدالينا سوبكوفياك تشارنيكا، الوزيرة البولندية المسؤولة عن إعداد رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية اعتباراً من يناير المقبل، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن الكتلة يجب أن تساهم في ما يسمى بالدرع الشرقي لتعزيز الدفاعات الحدودية وأنظمة المراقبة الجوية.
وقالت تشارنيكا: "أعتقد أن التضامن في الدرع الشرقي يمكن أن يساعد في إظهار ترمب أننا نفهم ما نحتاج إلى القيام به في مجال الدفاع، باعتبارنا الاتحاد الأوروبي".
وتابعت: "إذا كان ترمب يقول إنه سيعمل فقط مع البلدان التي تستثمر في الدفاع، فإن بولندا بخير لأننا وضعنا بالفعل 4% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، ولكن ماذا عن الآخرين؟ سيكون تمويل الدرع الواقي الشرقي وسيلة لإظهار وجود التزام مشترك من الدول الأوروبية".
وكشفت "فاينانشيال تايمز" أن برنامج "الدرع الواقي الشرقي"، الذي تم الاعلان عنه لأول مرة في مايو الماضي، يتألف من تحصينات إضافية وأنظمة مراقبة جوية على طول حدود بولندا مع بيلاروس وجيب كالينينجراد الروسي، ويمثل عنصراً أساسياً في تعهد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بوقف "العدوان الروسي" المحتمل، وخاصة "الحرب الهجينة" التي شنتها موسكو ومينسك، والتي سهلت الهجرة غير الشرعية إلى بولندا من بيلاروس.
كما اتهمت وارسو، الكرملين، برعاية "هجمات الحرق العمد وأعمال التخريب الأخرى" في بولندا، وعلى متن الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة.
زيادة الانفاق العسكري الأوروبي
وخصصت حكومة توسك، 10 مليارات زلوتي (2.3 مليار يورو) للدرع الشرقي، كجزء من إنفاقها الدفاعي، والذي سيرتفع إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي لبولندا في عام 2025، مقارنة بـ 4.1% في 2024، وهو ما يمثل أعلى مستوى في حلف شمال الأطلسي، ويضاعف هدف التحالف العسكري المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي، والذي لا تزال بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا وإسبانيا تفتقر إليه.
وقالت تشارنيكا: "يجب على جميع شركائنا أن يفهموا أن (الدرع الشرقي) لا يتعلق فقط ببولندا، ولكن أيضاً بحدود الاتحاد الأوروبي".
يأتي طلب التمويل البولندي، في الوقت الذي تعمل فيه بروكسل على تعديل سياسات الإنفاق في الاتحاد الأوروبي للسماح بإعادة توجيه عشرات المليارات من ميزانية الكتلة إلى الدفاع والأمن. ستتولى بولندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من المجر قبل أسابيع فقط من عودة ترمب إلى البيت الأبيض.
وتثير ولاية ترمب الثانية، قلق عواصم الاتحاد الأوروبي، بعد أن تعهد بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على الكتلة، وأشار إلى أنه سينهي الحرب على أوكرانيا، مما أثار احتمال التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يصب في مصلحة روسيا.
وقالت تشارنيكا، إن الحكومة البولندية تركز على تعزيز أمن الاتحاد الأوروبي "بجميع أبعاده المختلفة"، من تعزيز تصنيع المعدات العسكرية للكتلة إلى مكافحة "التضليل" الذي تقوده روسيا، بحسب تعبيرها، وتأمين إمدادات الطاقة.
وأضافت: "هذه الرئاسة البولندية لها توقيت جيد للغاية بالنسبة لنا، لأن بولندا هي من ستقود الفترة المقبلة الصعبة، ولأننا أحد أقوى حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا". ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية البولندية في مايو المقبل.
وقالت تشارنيكا: "كان الرئيس دودا يقول علناً إن الرئيس ترمب صديقه الجيد جداً". وتابعت: "إذا كان الرئيس دودا قادراً على المساعدة، وكان أول من يتحدث إلى ترمب، فهذا أمر جيد جداً لجميع مواطني بولندا."