ترمب يجمع فريقاً من الصقور المعادين للصين.. كيف ترد بكين؟

تقارير: إيلون ماسك قد يصبح "مفتاح" الصين لتوسيع قنوات الاتصال مع الإدارة الجديدة

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج يتصافحان قبل اجتماعهما الثنائي على هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان. 29 يونيو 2019 - REUTERS
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج يتصافحان قبل اجتماعهما الثنائي على هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان. 29 يونيو 2019 - REUTERS
دبي-الشرق

حرص الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على تسمية فريق حكومي يجمع "صقور الصين" الذين أوضحوا طموحهم لمواجهة القوة العظمى الصاعدة المنافسة لأميركا في كل المجالات من الاقتصاد إلى الأمن، لكن بخلاف ما حدث خلال إدارته الأولى، قد تكون القيادة في الصين أكثر استعداداً للتعامل مع نهج أميركي يميل للمواجهة.

ورجح خبراء أميركيون في تصريحات لشبكة CNN، أن تكون بكين أصبحت أكثر خبرة في التعامل مع "رجل الصفقات" والصقور الأيديولوجيين من حوله، وقد تسعى لتوسيع قنوات الاتصال غير الرسمية عبر شخصيات أكثر صداقة للصين داخل دائرة ترمب المقربة، مثل الملياردير إيلون ماسك.

وليس هناك أي مجال للأوهام بالنسبة لمراقبي السياسة الخارجية الصينية بشأن الاتجاه السلبي المحتمل للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة في ظل ولاية ترمب الثانية، الذي هدد خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على الواردات الصينية. وخلال الأسبوع الماضي، أعلن أنه سيفرض رسوماً إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية فوق جميع الرسوم المفروضة حالياً.

صقور مناهضة للصين

وقال يون سان، مدير برنامج الصين في "مركز ستيمسون" في واشنطن: "إذا نظرت إلى فريق ترمب، ستجد أن معظمهم، إن لم يكن جميعهم، من الصقور المناهضة للصين، ومن المحتمل أن يسعى المسؤولون الذين تم تعيينهم إلى اتّباع سياسة متشددة لرفع مستوى المنافسة مع الصين".

وأضاف: "لا أعتقد أن بكين ترى أي منهم على أنه خبر سار"، ومع ذلك، يعتقد بعض المفكرين في الصين أن الرئيس المنتخب لا يزال يرغب في التوصل إلى اتفاق معها، وأنه قد يكون أكثر مرونة مما تشير إليه اختياراته الوزارية.

بدوره، قال هال براندز، أستاذ الشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز: "يُعرف عن ترمب اهتمامه الأكبر بالتحدي الاقتصادي الذي تُمثّله الصين، بينما يشغل بال العديد من المسؤولين في الإدارة القادمة، من مجلس الأمن القومي إلى وزارتَي الخارجية والدفاع، التحديات الأمنية والعسكرية التي تطرحها الصين".

وتابع براندز: "السؤال المهم هو ما إذا كان بإمكانهم الاستفادة من تشدد ترمب الاقتصادي تجاه الصين لتنفيذ سياسات قوية وحاسمة في الجوانب الأمنية، أم أن ترمب سيصعب عليهم ذلك، لأنه أقل اهتماماً بتلك الجوانب من سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين".

من جانبه، قال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة فودان في شنغهاي، إنه من المهم أن تُميّز بكين بين مستشاري ترمب المتشددين وبين الرئيس المنتخب نفسه.

وأضاف: "العديد من المتشددين يرغبون في مواجهة شاملة وفصل تام عن الصين، لكن هل هذا هو هدف ترمب الفعلي في علاقات بلاده مع الصين؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن سياساتهم قد تتأثر وتخفف بفضل ترمب نفسه".

وكان ترمب اختار النائب مايك والتز مستشاراً للأمن القومي، الذي صرح مرتين في السنوات الأخيرة بأن الحزب الشيوعي الصيني في "حرب باردة" مع أميركا، أما مرشحه لوزارة الخارجية، السيناتور ماركو روبيو، فيُعرف في الصين بلقب "الطليعة المناهضة للصين"، ويخضع حالياً لعقوبات من بكين، كذلك، حذّر بيت هيجسيث، المذيع السابق في قناة "فوكس نيوز" الذي تم اختياره وزيراً للدفاع، من أن الصين تسعى إلى هزيمة الولايات المتحدة وتحقيق الهيمنة العالمية.

ما دور إيلون ماسك؟

من المتوقع أن يزيد وجود المناهضين للصين في الإدارة المقبلة من الضغوط على بكين، للبحث عن قنوات بديلة للوصول إلى "أُذنَي" الرئيس الأميركي المنتخب، بدءاً من إيلون ماسك.

ويتمتع مؤسس شركة "تسلا" بمصالح تجارية واسعة في الصين، حيث تنتج شركته نصف سياراتها الكهربائية هناك، وغالباً ما يُدعى ماسك للاجتماع مع المسؤولين الصينيين خلال زياراته إلى الصين.

وقال يون سان، مدير برنامج الصين في "مركز ستيمسون" في واشنطن: "الجميع يراقب الدور الذي سيلعبه إيلون ماسك في العلاقة مع الصين". وأضاف: "بكين بالتأكيد ترغب في أن يكون ماسك على الأقل قناة تواصل وربما يلعب دوراً إيجابياً".

وغالباً ما يردد ماسك بعض النقاط التي تروج لها بكين، مثل الحفاظ على علاقة اقتصادية صحية "رابحة للطرفين"، وحتى وصف تايوان بأنها "جزء لا يتجزأ من الصين".

وقال لايل موريس، الزميل البارز في معهد Asia Society Policy Inst: "يبدو أن الدور الذي خصصه له ترمب ينصب أكثر على صعيد الكفاءة الحكومية، لذلك لا أتوقع أن يكون ماسك له دور بارز في الشؤون الخارجية".

وأضاف: "رغم أن مصالح ماسك التجارية كبيرة في الصين، أتصور أن ترمب سيستمع إلى آرائه بشأن العلاقة التجارية بين واشنطن وبكين".

الصين والمرحلة الصعبة

وبغض النظر عن ذلك، ستستعد بكين لمرحلة صعبة في المستقبل، إذ حذَّر الاقتصاديون من أن التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% قد يُوجه ضربة قوية لاقتصاد الصين المتعثر ويقلص معدل نموه إلى النصف.

ووصف سكوت بيسينت، المدير التنفيذي لصندوق التحوط، الذي اختاره ترمب وزيراً للخزانة، الرسوم الجمركية بأنها "أداة مفيدة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للرئيس"، مشيراً إلى تهديد ترمب بأنه "موقف تفاوضي أقصى".

أما جيميسون جرير، الذي تم ترشيحه ليكون الممثل التجاري الأميركي، فقد شغل منصب رئيس موظفي روبرت لايتهايزر، الذي كان من أبرز المدافعين عن الحماية التجارية وقاد الحرب التجارية مع الصين خلال ولاية ترمب الأولى، فقد تبنَّى الموقف الصارم تجاه بكين ودعا إلى "الانفصال الاستراتيجي" عنها.

وقال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة فودان في شنغهاي، إن الصين "يجب أن تكون مستعدة لبعض التحديات الجادة التي قد تنشأ في العلاقات الصينية الأميركية. وسواء في التجارة أو الدبلوماسية أو الأمن، فإن الوضع يبدو قاتماً للغاية".

والسؤال الأول المعقد بالنسبة لبكين هو ما الذي يجب فعله بشأن العقوبات المفروضة على ماركو روبيو، والتي فرضت في إطار الرد بالمثل على العقوبات الأميركية ضد المسؤولين الصينيين بسبب "القمع" في شينجيانج وهونج كونج، وفق CNN.

ومن المتوقع أن يصبح روبيو أول وزير خارجية أميركي في الخدمة تفرض عليه الصين عقوبات، ما يثير تساؤلاً حول ما إذا كان سيتمكن حتى من زيارة الصين بصفته أكبر دبلوماسي أميركي.

ويُعد روبيو من أكبر المؤيدين لتايوان، وقد دفع لتمرير مجموعة من التشريعات لتعزيز العلاقات بين واشنطن وتايبيه، بما في ذلك تسريع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى الجزيرة.

وينقسم المتخصصون في كل من الولايات المتحدة والصين حول ما إذا كانت الصين سترفع العقوبات عن روبيو، لكن معظمهم يتفق على أن الحكومة الصينية تتمتع بالبرجماتية الكافية لعدم السماح لهذه العقوبات بالتأثير على البروتوكولات الدبلوماسية.

وفي نظر بكين، لا يُعد روبيو هو الخيار الأسوأ، بحسب الخبراء الصينيين.

وقال وو: "تنفس العديد في الصين الصعداء عندما أعلن ترمب أنه لن يدعو (وزير الخارجية السابق مايك) بومبيو للانضمام إلى إدارته الجديدة". وأضاف: "بطريقة ما، كان هو العامل المباشر في تدهور العلاقات الصينية الأميركية".

بومبيو، الذي دعا في وقت سابق الشعب الصيني إلى الانضمام إلى جهود دولية لـ"تغيير سلوك" حكومته، تم فرض عقوبات عليه من قِبَل بكين إلى جانب أكثر من 12 من مسؤولي إدارة ترمب السابقين، عندما تولى جو بايدن منصبه.

تايوان و"الخطوط الحمراء" 

في المقابل، يرى خبراء صينيون أن بكين الآن لديها فهم أعمق لاستراتيجية ترمب وهي أكثر استعداداً للتعامل مع رئاسته الثانية.

وقال وانج ييوي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة "رينمين" في بكين: "الصين لم تعد كما كانت قبل 8 سنوات عندما تولى ترمب منصبه، سواء من حيث العقلية أو القوة أو المكانة الدولية. الصين حصلت على مزيد من المكانة والثقة".

وأضاف: "نحن الآن نفهم شخصية ترمب.. بمجرد أن تظهر الصين ضعفاً، سيتقدم أكثر. لذلك، لا يمكن للصين أبداً تقديم تنازلات، خصوصاً في البداية".

وسيكون القادة الصينيون قلقين بشكل خاص بشأن موقف فريق السياسة الخارجية الجديد لترمب تجاه تايوان، الذي يُعد من أهم "الخطوط الحمراء" لبكين.

وخلال حملته الانتخابية، اتهم ترمب تايوان بـ"سرقة" صناعة الرقائق الإلكترونية من الولايات المتحدة، وقال إنه يجب أن تدفع لواشنطن مقابل الحماية.

ويقول خبراء الصناعة إن تايوان طورت صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها بشكل طبيعي من خلال مزيج من البصيرة والعمل الجاد والاستثمار.

كما أن الجزيرة قد اشترت معظم أسلحتها من الشركات الأميركية المصنعة للأسلحة على مدار العقود الماضية، لكن خطاب ترمب في الحملة الانتخابية أشار على الرغم من ذلك إلى "نهج أكثر انتهازية تجاه تايوان".

وعندما سُئل من قِبَل صحيفة "وول ستريت جورنال" في مقابلة، عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية ضد حصار تايوان من قِبَل الصين، قال ترمب إنه "لن يصل الأمر إلى ذلك، لأن (الرئيس الصيني) شي جين بينج يحترمه ويعرف أنه مجنون". وبدلاً من ذلك، قال إنه سيفرض رسوماً جمركية تتراوح بين 150 و200% على بكين.

تصنيفات

قصص قد تهمك