بعد مرور عامين على فشل حزب "يمينا بالحصول على أي مقعد في الكنيست الإسرائيلي، يبدو الواقع اليوم مغايراً تماماً، إذ يوشك زعيمه نفتالي بينيت على تولي منصب رئيس الوزراء في البلاد، وقد يذهب في نفوذه أبعد من ذلك، ليكون قادراً على الإطاحة بمعلمه ورئيسه السابق بنيامين نتنياهو.
لكن هذا التغيير في التوازنات السياسية لم يأتِ بالصدفة، بل نتاج تحالفات جديدة بين قوى وتيارات إسرائيلية عديدة، حيث قالت شبكة "سي إن إن"، في تقرير نُشر الجمعة، إن بينيت وقّع على اتفاق ائتلاف تاريخي مع زعيم الوسط، يائير لَبيد، والذي ضم مجموعة واسعة من الأحزاب السياسية كجزء من ائتلاف تغيير للإطاحة بنتنياهو، بما في ذلك حزب يساري متطرف، وكذلك حزب عربي، وهو ما يحدث للمرة الأولى في البلاد.
وأشارت الشبكة الأميركية إلى أنه في حال صادق البرلمان الإسرائيلي على الصفقة في الأيام المقبلة، فإن بينيت سيتولى منصب رئيس الوزراء في أول عامين، على أن يليه لَبيد في العامين التاليين، ما يعني أن بينيت سيجلس إلى جانب سياسيين لديهم أيديولوجيات معارضة تماماً لأفكاره، وفق المصدر ذاته.
وأضافت "سي إن إن" أن أفكار بينيت تتشابه مع أفكار نتنياهو في عدة مجالات حاسمة، إذ سيحمل زعيم "يمينا" معه إلى منصبه الجديد تاريخاً من التصريحات المحرضة تجاه الفلسطينيين، وطموحات معروفة جيداً لضم جزء من الضفة الغربية المحتلة.
ورغم أن قلة قليلة فقط من الإسرائيليين صوتت لحزب "يمينا"، في انتخابات مارس الماضي، الأمر الذي منحه 7 مقاعد فقط مقارنة بـ30 مقعداً لحزب نتنياهو، لكنه استطاع أن يجد لنفسه دوراً مهماً في ظل حاجة نتنياهو ولَبيد إلى دعم حزبه من أجل توفير الأغلبية الكافية لتشكيل حكومة، وفي حال استمرت الصفقة، فقد يصبح زعيم "يمينا" لاعباً رئيسياً على الساحة العالمية، بحسب " سي إن إن".
ضد حل الدولتين
ولد نفتالي بينيت في حيفا لأبوين مهاجرين من سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية، وخدم في الجيش الإسرائيلي ضمن وحدة النخبة، ثم درس القانون في الجامعة العبرية، وفي العام 1999 أطلق شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا، لكنه باعها لاحقاً مقابل 145 مليون دولار.
وبعد مرور عدة سنوات دخل بينيت مجال السياسة تحت قيادة نتنياهو، ورغم حدوث خلاف بينهما بعد إقالته من منصب رئيس الأركان عام 2008، غير أن بينيت استطاع أن يشق طريقه الخاص بتلي زعامة حزب البيت اليهودي (المؤيد للاستيطان) عام 2013، ما جعله يستخدم فكرة منع قيام دولة فلسطينية كشعار في استقطاب الناخبين. وفيما بعد اتحذ الحزب اسماً جديداً هو "يمينا"، وذلك بعد اندماجه مع تيار سياسي آخر عام 2019.
وشغل بينيت عدة مناصب في مختلف حكومات نتنياهو، بما في ذلك وزير الدفاع، واستمر في دعمه للقضايا المتعلقة بالأراضي الفلسطينية، وظل متمسكاً بمعارضته لقرار الدولتين منذ ذلك الحين.
ولطالما عارض بينيت التنظيم الحكومي للقطاع الخاص والنقابات العمالية في إسرائيل، حيث قال لصحيفة "ذا غارديان"، البريطانية عام 2013 "إذا كان هناك شيء واحد أرغب في تحقيقه خلال السنوات الأربع المقبلة، فهو التخلص من الاحتكارات الموجودة هنا، وفك القبضة الخانقة التي تمارسها النقابات الكبرى على الاقتصاد الإسرائيلي".
"شوكة في خاصرة نتنياهو"
ولفتت الشبكة الأميركية إلى أن بينيت قد يبدو ليبرالياً إلى حد ما في عدد قليل من القضايا الأخرى، موضحة أنه على الرغم من خلفيته الدينية، فقد قال خلال الحملة الانتخابية الأخيرة إن المِثليين يجب أن "يتمتعوا بكامل الحقوق المدنية التي يتمتع بها الشخص العادي في إسرائيل"، وذلك على الرغم من أنه قال أيضاً إن هذا لا يعني أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لضمان توفير المساواة القانونية لهم.
وأضافت "سي إن إن" أنه في الأشهر الأخيرة، أصبح بينيت بمثابة "شوكة في خاصرة نتنياهو"، لافتة إلى أنه ظل ينتقد طريقة تعامله مع الوباء بشدة، فضلاً عن انتقاد المأزق السياسي المستمر الذي تعاني منه تل أبيب.
ومن غير المرجح، وفقاً للشبكة، أن يصبح بينيت ولَبيد على وفاق، إذ أعرب الأخير، عن دعمه لحل الدولتين مع الفلسطينيين، وكذلك لاتخاذ بعض التحركات للحد من تأثير الدين في إسرائيل، بما في ذلك الزواج المدني.
واعتبرت "سي إن إن" في نهاية التقرير أن السؤال عن إمكانية بينيت في فرض أيديولوجيته الشخصية إذا ما أصبح رئيساً للوزراء سيقى مفتوحاً على احتمالات متعددة.