أقرّت الصين قانوناً الخميس، يستهدف مواجهة العقوبات الأجنبية المفروضة عليها، وإتاحة مزيد من الأدوات للبلاد، للردّ على الولايات المتحدة.
وأفادت وكالة "رويترز" بأن القانون الجديد هو أحدث وأوسع أداة قانونية لدى الصين، للردّ على العقوبات الأجنبية، ويستهدف منح تدابيرها الانتقامية مزيداً من الشرعية، مشيرة إلى أن شركات أجنبية تشعر بقلق من تأثير محتمل للقانون في الاستثمار الأجنبي.
وأضافت الوكالة أن الولايات المتحدة وحلفاءها فرضوا عقوبات متزايدة على مسؤولين صينيين، نتيجة قلق بشأن تعامل بكين مع مسلمي أقلية الأويغور في إقليم شينغيانغ، والحراك المؤيّد للديمقراطية في هونغ كونغ. ودفع ذلك الصين إلى فرض عقوبات مضادة، استهدفت ساسة ومسؤولين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
كذلك استهدفت واشنطن شركات تكنولوجيا صينية، مثل "هواوي" و"زد تي إي"، لاتهامها بانتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران أو كوريا الشمالية، وهذا إجراء أطلقت عليه بكين تسمية "الذراع الطويلة للولاية القضائية".
"الذراع الطويلة للولاية القضائية"
وبثت شبكة التلفزيون الرسمية الصينية أن اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب، أعلى هيئة تشريعية في الصين، صادقت على القانون، الذي لم تُكشف تفاصيله بعد.
وأشارت "رويترز" إلى أن جميع النواب الـ 14 لرئيس اللجنة، يخضعون لعقوبات أميركية، بعد تمريرهم قانوناً للأمن القومي في هونغ كونغ العام الماضي، يعتبر منتقدوه أنه شلّ الحريات السياسية في المستعمرة البريطانية السابقة. لكن بكين تشدد على أنه كان ضرورياً، لاستعادة الاستقرار في المدينة.
ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن رئيس الهيئة التشريعية الصينية، لي زانشو، قوله، في تقرير نُشر في مارس الماضي، إن بكين ستسعى إلى "ترقية أدواتنا القانونية، لمواجهة التحديات والحماية من الأخطار، من أجل التصدي للعقوبات الأجنبية، والتدخل (الأجنبي في شؤون الصين)، والذراع الطويلة للولاية القضائية".
وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ حضّ، في نوفمبر الماضي، الحزب الشيوعي الحاكم على استخدام وسائل قانونية للدفاع عن سيادة الصين، وأمنها، ومصالحها، ضد أطراف أجنبية.
وفي يناير الماضي، أعلنت وزارة التجارة الصينية عن آليات لتقييم مسوّغ فرض قيود أجنبية، على التجارة والنشاطات التجارية في الصين، وبشأن إمكانية أن يرفع أفراد أو شركات صينية دعوى لنيل تعويض أمام محكمة صينية.
"لعبة شطرنج سياسية"
وخضع مشروع القانون الصيني لقراءة أولى سرية في أبريل، ومُرّر الخميس، بعد يومين على إعلان المجلس الوطني لنواب الشعب عن قراءة ثانية للمشروع. ولم يجرِ المجلس قراءة ثالثة، مطلوبة عادة لمشاريع قوانين أخرى.
وأعربت غرفة التجارة في الاتحاد الأوروبي، عن قلق أعضائها من الافتقار إلى الشفافية بشأن تمرير مشروع القانون. وقال رئيس الغرفة يورغ فوتكي: "يبدو أن الصين في عجلة من أمرها. إن هذا الإجراء لا يساهم في جذب الاستثمار الأجنبي، أو طمأنة شركات تشعر بشكل متزايد بأنها ستكون ضحية في لعبة شطرنج سياسية".
أما شون وو، من شركة "بول هاستينغز" للمحاماة في هونغ كونغ، فرأى أن الشركات الأجنبية التي تريد إجراء أعمال تجارية في الصين، قد تجد نفسها في مواجهة تدقيق متزايد من السلطات التنظيمية الصينية، في ما يتعلّق بعملياتها، محلياً وخارجياً.
"ثاني أفضل خيار"
في المقابل، اعتبر خبراء صينيون أن بكين تلجأ إلى أدوات، استخدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين أقرّا في السنوات الأخيرة قوانين مختلفة، لتكون بمثابة أساس قانوني في مواجهة الصين.
وقال وانغ جيانغيو، أستاذ القانون في جامعة سيتي بهونغ كونغ: "لم تكن لدى الصين سابقاً، لا القوة الاقتصادية ولا الإرادة السياسية، لاستخدام وسائل قانونية للردّ على العقوبات الأميركية. لديها الآن كلا الأمرين. التعاون هو الخيار الأفضل، لكن الولايات المتحدة لا تريده. لذلك فإن الانتقام، مثل هذا القانون الجديد، هو ثاني أفضل خيار. وقبوله هو الأسوأ".
في بروكسل، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إن الاتحاد الأوروبي مستعد للتصدي للأعمال العدوانية التي تنفذها الصين وروسيا. وأضاف: "سندافع عن أنفسنا ضد الممارسات التي تشكّل أخطاراً أمنية".
واعتبر أن بكين هي منافس منهجي، وشريك أيضاً، وأضاف: "سنواصل الدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون، في شينغيانغ وهونغ كونغ وأماكن أخرى".