إبراهيم رئيسي.. مرشح خامنئي الأقرب لقيادة إيران

time reading iconدقائق القراءة - 8
إبراهيم رئيسي عقب الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية. 19 مايو 2017 - REUTERS
إبراهيم رئيسي عقب الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية. 19 مايو 2017 - REUTERS
دبي-رامي زين الدين

برز اسم القاضي المتشدد إبراهيم رئيسي (60 عاماً)، والمعروف بولائه لهيكل سلطة رجال الدين في إيران، باعتباره المرشح الأول في الانتخابات الرئاسية بعد استبعاد المعارضين الرئيسيين، وسيحتاج إلى تأمين أغلبية في الجولة الأولى من التصويت لتجنب جولة الإعادة.

وعلى غرار المرشد الإيراني، وُلد رئيسي في مدينة مشهد شمال شرقي إيران. وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، فلا يوجد معلومات دقيقة عن سجله الدراسي التفصيلي، رغم أنه درس لأول مرة عندما كان يبلغ 15 عاماً، في إحدى مدارس قم، سابع أكبر مدن البلاد على بعد 140 كم جنوبي طهران.

ولطفولة رئيسي تأثير واضح على شخصيته كمرشح للرئاسة الإيرانية، إذ أطلق وعوداً لمرشحيه بأنه سيعمل في حال فوزه، على تشكيل "حكومة شعبية" وبناء "إيران قوية"، مع التركيز دائماً على خلفيته المغمورة اقتصادياً، ووفاة والده حينما كان عمره 5 سنوات فقط.

ويقول أحد ملصقات حملته الانتخابية: "لقد ذقت الفقر، ولم أسمع عنه فقط".

"محافظ للغاية"

يُعد رئيسي أحد المقربين الأكثر ثقة بالنسبة للمرشد الإيراني علي خامنئي. ويقول تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إن الاثنين يؤمنان بتفسير صارم للفقه بي كأساس للدولة والحكومة. وفضلاً عن كونه يعارض فتح إيران أمام المستثمرين الأجانب، ويكيل الانتقادات للولايات المتحدة، فإنه يدعم فكرة المحادثات بشأن الاتفاق النووي التي قد تُفضي إلى إزالة العقوبات عن طهران.

ومع ذلك، لا يُتوقع أن يكون للانتخابات تأثير على المفاوضات الجارية في فيينا مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والقوى العالمية بشأن إحياء الاتفاق النووي، ومن غير المرجح أن يتأثر الحوار مع السعودية برئاسة رئيسي، على اعتبار أن القرارات الاستراتيجية تُترك إلى حد كبير ليس للرئيس، ولكن للمرشد الأعلى.

وأفادت وكالة "رويترز" في 25 مايو الماضي، بأن الموافقة على ترشح رئيسي المنتمي لتيار غلاة المحافظين، واستبعاد بعض كبار منافسيه المحتملين مثل الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، يزيد على الأرجح من فرص نجاح رئيسي، الحليف المقرب خامنئي. لكن تلك الخطوة قد تضعف آمال رجال الدين الذين يحكمون البلاد في إقبال كبير على التصويت، وسط استياء شعبي متزايد بسبب حالة الاقتصاد الذي أصابته العقوبات الأميركية بالشلل.

سجل "مُظلم"

بالنسبة للعديد من الإيرانيين، يرتبط اسم رئيسي بسلسلة من المحاكمات السياسية خلال الحرب مع العراق في الثمانينات. وتذكر شبكة "سي إن إن"، أن رئيسي لعب بصفته نائب المدعي العام في طهران، دوراً كبيراً في أحد أحلك فصول الجمهورية: الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين عام 1988 بعد فتوى أصدرها مؤسس الجمهورية الخميني.

في ذلك الوقت، كان رئيسي قاضياً في محكمة طهران الثورية، التي كانت تخضع لعملية تطهير ضد المعارضين، بعد استيلاء المتشددين على السلطة عام 1979. وصفت الشبكة الأميركية احتمالية فوز برئيسي بأنه سيعيد إيران إلى "ماض مظلم" في وقت يتطلع المواطنون فيه إلى التغيير.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن رئيسي كان عضواً في ما يسمى "لجنة الموت"، التي استجوبت السجناء بشأن معتقداتهم الدينية وانتماءاتهم السياسية وأرسلت آلاف الإيرانيين إلى حتفهم، غالبا بعد محاكمات دامت بضع دقائق.

واليوم مع ترجيح فوزه بانتخابات الرئاسة، ينظر الكثيرون إلى رئيسي على أنه شخصية خطيرة يمكن أن تساعد في تعزيز قوة المتشددين والأجهزة الأمنية المخيفة في البلاد، بما في ذلك جهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي كان وراء اعتقال عشرات النشطاء.

وولفت موقع "أوروبا الحرة" المختص بالشؤون الإيرانية، إلى أن العديد من الصحافيين تعرضوا للتهديد بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد رئيسي.

وفي أواخر العام الماضي، أُعدم المصارع الشاب نويد أفكاري، على خلفية الاشتباه بمشاركته في الاحتجاجات المناهضة للحكومة الإيرانية عام 2018. ووصفت جماعات حقوق الإنسان ما حدث بأنه "استهزاء بالعدالة".

مناصب بارزة

حتى أعوام قليلة مضت، لم يكن رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي معروفًا تقريباً لدى غالبية الإيرانيين، إذ خاض انتخابات عام 2017 لكن الحظ لم يحالفه. وفي السنوات الأخيرة، عيّن خامنئي رئيسي في مناصب رفعت مكانته في مراكز القوة الإيرانية، أبرزها رئاسة القضاء.

ثقة المرشد برئيسي دفعته لتعيينه عام 2016 كرئيس لـ"أستان قدس رضوي"، إحدى أكثر المؤسسات الدينية ثراءً في البلاد، ويتوزع مجال نشاطها بين العمل الخيري وإدارة مجموعة واسعة من العقارات والشركات، بدءاً من الزراعة إلى البناء، وأدار رئيسي هذه الإمبراطورية الاقتصادية لمدة 3 سنوات.

سرعان ما أصبح على رأس القضاء الإيراني وتحديداً عام 2019، إذ جعل رئيسي مكافحة الفساد جزءاً أساسياً من حملته. في حين يقول منتقدوه إنه كان منذ فترة طويلة جزءاً لا يتجزأ من المؤسسات السياسية الإيرانية الفاسدة والقمعية، غير أن تربعه على رأس القضاء مكّنه من قيادة الإطاحة بسمعة بعض خصومه السياسيين البارزين.

وبعد بضعة أشهر من تعيينه رئيساً للسلطة القضائية في عام 2019، فرضت الولايات المتحدة على رئيسي عقوبات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، تشمل إعدام معتقلين سياسيين في الثمانينات، وقمع اضطرابات في 2009، وهي أحداث لعب فيها دوراً، حسبما تقول جماعات حقوقية. 

ولم تقر إيران مطلقا بتنفيذ أحكام إعدام جماعية، ولم يتحدث رئيسي نفسه علناً عما يتردد عن دوره في مثل هذه الأحداث.

وفي العام ذاته، تم تعيين رئيسي نائباً مجلس الخبراء الإيراني، الأكثر نفوذاً في البلاد، والمكلف باختيار المرشد الأعلى المقبل عند وفاة خامنئي البالغ من العمر 82 عاماً.

"خليفة خامنئي"

في مايو الماضي، وافق مجلس صيانة الدستور بعد فرض قيود جديدة على 7 فقط من بين 600 مرشح تقدموا بطلب خوض السباق الانتخابي. 5 من المقبولين، ومن بينهم رئيسي، ينتمون إلى التيار المحافظ للغاية، بينما استبعد المجلس جميع المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين، إضافة إلى منافسين محتملين، مثل رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني.

ويعتقد الكثيرون أن فوز رئيسي بالرئاسة الإيرانية أمراً محسوماً، وسط تكهنات بأنه قد يخلف ذات يوم أعلى سلطة في البلاد، المرشد علي خامنئي البالغ من العمر 82 عاماً، والذي شغل هو نفسه منصب الرئيس مرتين قبل تعيينه مرشداً أعلى عام 1989.

انتخابات "مُهندسة"

تتوقع استطلاعات الرأي أن نسبة المشاركة في الانتخابات الإيرانية ستكون منخفضة، بحيث لا تتجاوز الـ40%، على خلاف سابقتها عام 2017 التي وصلت إلى 73%، ويرجع ذلك، كما تقول صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، إلى أن النظام الإيراني ذهب إلى أبعد من أي وقت مضى في "هندسة النتيجة".

وسيحتاج عبد الناصر همتي، وهو أبرز منافس لرئيسي، إلى الحصول على 50% من الأصوات في الجولة الأولى لتأمين جولة الإعادة، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن همتي يحتل المركز الثاني بعد رئيسي.

وبحلول السبت 19 يونيو، سيكون معلوماً ما إذا استطاع رئيسي حسم النتيجة دون الحاجة لجولة إعادة.

وفي الاستحقاق الرئاسي الأخيرة في إيران عام 2017، خاض رئيسي الانتخابات وخسر أمام روحاني، الذي حصل على فترة ولاية ثانية مدتها 4 سنوات. آنذاك، قال العديد من الإيرانيين إنهم صوتوا لروحاني لمنع رئيسي من الوصول إلى سدة الحكم، لكن هذه المرة، يُنظر إلى رئيسي على أنه المرشح المختار للمرشد الإيراني، وهو ما يمثل دفعة كبيرة لفرصه.

على صعيد الشارع، تشير تقارير عديدة إلى أن الكثير من الإيرانيين أصيبوا بخيبة أمل شديدة لدرجة بعضهم قد لا يشارك في عملية الاقتراع، حيث توقع محللون أن تكون نسبة المشاركة منخفضة.