قانون "الأعداء الأجانب".. صدر عام 1798 واستخدمه ترمب لترحيل مهاجرين

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال زيارة لوزارة العدل بالعاصمة واشنطن. 14 مارس 2025 - REUTERS
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال زيارة لوزارة العدل بالعاصمة واشنطن. 14 مارس 2025 - REUTERS
دبي -رويترزالشرق

استعان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء السبت (بالتوقيت المحلي الأميركي)، بقانون "الأعداء الأجانب" لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، مانحاً نفسه صلاحيات واسعة بموجب قانونٍ يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر لترحيل أشخاص مرتبطين بعصابة فنزويلية. وبعد ذلك بساعات، أوقف قاضٍ فيدرالي عمليات الترحيل بموجب هذا القانون.

ويتيح هذا القانون، الذي لم يستخدم إلا في أوقات الحرب، صلاحيات واسعة تسمح للرئيس بتجاوز حقوق الإجراءات القانونية الواجبة للأجانب المصنفين على أنهم يشكلون تهديداً، وتسريع ترحيلهم دون منحهم فرصة المثول أمام قاضٍ في محكمة الهجرة أو المحكمة الفيدرالية.

وكان ترمب ألمح بشكل متكرر خلال حملته الانتخابية إلى أنه سيُعلن عن صلاحياتٍ استثنائية لمواجهة الهجرة غير الشرعية، ومهّد السبيل لمزيدٍ من الإجراءات بسلسلةٍ أوامر تنفيذية في 20 يناير.

ماذا حدث؟

استند ترمب إلى قانون "الأعداء الأجانب" لعام 1798 لتصنيف عصابة "ترين دي أراجوا" (Tren de Aragua) الفنزويلية، على أنها "منظمة إرهابية أجنبية". وقال، في إعلان نشره البيت الأبيض، إن البلاد تواجه "غزواً" من منظمة إجرامية مرتبطة بالاختطاف والابتزاز والجريمة المنظمة والقتل المأجور.

لكن القاضي جيمس بوسبيرج، من المحكمة الاتحادية بمقاطعة كولومبيا، أصدر أمراً تقييدياً مؤقتاً يمنع ترحيل الفنزويليين لمدة 14 يوماً، وحدد موعداً لجلسة استماعٍ، الجمعة.

وقال بوسبيرج، الذي عيّنه الرئيس السابق باراك أوباما، إن القانون "لا يشكل أساساً لإعلان الرئيس، نظراً لأن مصطلحي الغزو والتوّغل المتوحش ينطبقان في الواقع على الأعمال العدائية التي ترتكبها أي دولة، ويتناسبان مع الحرب".

ورفعت منظمة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ومنظمة غير ربحية أخرى تدعى "الديمقراطية إلى الأمام" الدعوى القضائية في وقت سابق السبت.

وقالت المنظمتان في الدعوى إن "استخدام قانون الأعداء الأجانب لعام 1798 وشيك، وسيكون غير قانوني؛ لأنه سلطة يتم استدعاؤها في وقت الحرب فقط، ومن الواضح أنها تنطبق فقط على الأعمال الحربية".

وتُظهر وثائق المحكمة أن "الحكومة استأنفت ضد أمر القاضي التقييدي المؤقت".

ما هو قانون "الأعداء الأجانب" (The Alien Enemies Act)؟

هو جزء من مجموعة قوانين تُعرف باسم "قوانين الأجانب والتحريض" في الولايات المتحدة. وسُن هذا القانون لمنح الرئيس صلاحيات واسعة خلال أوقات الحرب، بما في ذلك اعتقال وترحيل الأجانب الذين ينتمون إلى دول معادية أو يُعتبرون تهديداً للأمن القومي.

ويعود القانون إلى عام 1798، عندما كانت الولايات المتحدة على وشك الدخول في حرب مع فرنسا. وكان الحزب الفيدرالي، الذي كان ينادي بحكومة مركزية قوية، يعتقد أن انتقادات الديمقراطيين والجمهوريين للسياسات الفيدرالية "غير مخلصة"، وكان يخشى أن يتعاطف "الأجانب" أو غير المواطنين الذين يعيشون في الولايات المتحدة مع الفرنسيين أثناء الحرب.

ونتيجة لهذا، أقر الكونجرس الذي يسيطر عليه الفيدراليون 4 قوانين، تُعرف مجتمعة باسم قوانين الأجانب والتحريض، إذ رفعت هذه القوانين متطلبات الإقامة للحصول على الجنسية من 5 إلى 14 عاماً، وسمحت للرئيس بترحيل الأجانب، كما سمحت باعتقالهم وسجنهم وترحيلهم أثناء الحرب. 

متى استخدم هذا القانون؟

جرى استخدام هذا القانون في 3 مناسبات تاريخية رئيسية بحسب وكالة "أسوشيتد برس"، وهي: 

- حرب 1812:

استمرت الحرب بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى من 18 يونيو 1812 حتى 17 فبراير 1815. وكانت الأسباب الرئيسية للحرب تتعلق بتوترات تجارية وبحرية، حيث كانت بريطانيا العظمى تفرض قيوداً على التجارة الأميركية مع فرنسا، وتقوم بتجنيد البحارة الأميركيين بالقوة للخدمة في البحرية الملكية. 

وشهدت الحرب معارك بحرية بارزة، مثل مواجهة السفينة الأميركية USS Constitution، والسفينة البريطانية HMS Guerriere. وفي عام 1814، أحرقت القوات البريطانية مبنى الكابيتول والبيت الأبيض.

وانتهت الحرب بمعاهدة "غينت"، التي أعادت الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب دون تغييرات حدودية كبيرة، لكنها عززت الشعور بالوطنية الأميركية.

- الحرب العالمية الأولى: 

استُخدم هذا القانون في ااعتقال آلاف الألمان وغيرهم من الأجانب ممن اعتبروا "أعداء محتملين".

- الحرب العالمية الثانية:

مع انتشار المخاوف المعادية للأجانب في البلاد، استُخدم هذا القانون لتبرير الاحتجاز الجماعي للأشخاص من أصل ألماني وإيطالي وياباني في معسكرات داخل الولايات المتحدة. وسُجن خلال الحرب ما يُقدر بـ120 ألف شخص من أصل ياباني، بمن فيهم حاملو الجنسية الأميركية.

هل تعتبر أميركا نفسها في حالة حرب الآن؟

طيلة سنوات، قال ترمب وحلفاؤه إن أميركا تواجه "غزواً" من المهاجرين غير الشرعيين. وتجاوزت الاعتقالات على الحدود الأميريكية مع المكسيك مليوني شخص سنوياً لعامين متتاليين لأول مرة في عهد الرئيس السابق جو بايدن، مع إطلاق سراح العديد منهم إلى الولايات المتحدة لطلب اللجوء.

وبعد أن سجل أعلى مستوى شهري له على الإطلاق عند 250 ألفاً في ديسمبر 2023، انخفض العدد إلى أقل من 8400 في فبراير، وهو أدنى مستوى له منذ ستينيات القرن العشرين. وقال ترمب في خطاب تنصيبه إن هذا القانون سيكون أداةً أساسيةً في حملته على الهجرة.

لماذا قرر ترمب تفعيل قانون "الأعداء الأجانب" الآن؟

أعلن الرئيس دونالد ترمب تفعيل القانون في 15 مارس 2025 لاستهداف أفراد عصابة فنزويلية تُعرف باسم "ترين دي أراجوا".

وفي استحضاره لهذا القانون، قال ترمب إن أعضاء العصابة "يخوضون حرباً غير نظامية ويقومون بأعمال عدائية ضد الولايات المتحدة"، بهدف زعزعة استقرار البلاد. ورغم أن البيت الأبيض أصدر الإعلان، السبت، إلا أن صياغته تشير إلى أن ترمب وقع عليه، الجمعة.

وبموجب إعلان ترمب، فإن جميع الفنزويليين الذين يبلغون من العمر 14 عاماً أو أكثر والذين يصنفون على أنهم أعضاء في العصابة والمتواجدين داخل الولايات المتحدة، ولا يحملون جنسية أخرى أو مقيمين دائمين قانونيين في البلاد "معرضون للاعتقال والتقييد، والتأمين والإبعاد باعتبارهم أعداء أجانب".

ما خطورة عصابة "ترين دي أراجوا"؟

عصابة "ترين دي أراجوا" تُعتبر واحدة من أخطر العصابات الفنزويلية، وقد أثارت قلقاً كبيراً في الولايات المتحدة بسبب نشاطاتها الإجرامية العابرة للحدود. وفقاً للتقارير، يُزعم أن هذه العصابة متورطة في تهريب المخدرات، والاتجار بالبشر، وجرائم أخرى تُهدد الأمن القومي الأميركي.

وقال إعلان ترمب إن المنظمة "تضم آلاف الأعضاء، الذين تسلل العديد منهم بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة، ويخوضون حرباً غير نظامية وينفذون أعمالاً عدائية ضدها. وتعمل بالتعاون مع عصابة دي لوس سولس (Cártel de los Soles)، وهي منظمة إرهابية مرتبطة بالمخدرات في فنزويلا ترعاها حكومة (الرئيس) نيكولاس مادورو، وترتكب جرائم وحشية، تشمل القتل والخطف والابتزاز والاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة".

وأضاف الإعلان أن "المنظمة شاركت، وتواصل المشاركة، في عمليات هجرة جماعية غير شرعية إلى الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها المتمثلة في إيذاء مواطني الولايات المتحدة، وتقويض السلامة العامة، ودعم هدف نظام مادورو المتمثل في زعزعة استقرار الدول الديمقراطية في الأميركتين، بما فيها الولايات المتحدة".

وذكر الإعلان، أنه في ديسمبر 2024، أكد فرع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) في واشنطن، أن عصابة "ترين دي أراجوا" تشكل "تهديداً كبيراً للولايات المتحدة لأنها تتسلل إلى تدفقات المهاجرين من فنزويلا".

ما علاقة السلفادور؟

بالتزامن مع إعلان البيت الأبيض بشأن القانون، وافقت إدارة ترمب على دفع 6 ملايين دولار للسلفادور لسجن نحو 300 عضو مشتبه بهم في عصابة "ترين دي أراجوا" لمدة عام، بحسب أسوشيتد برس.

وجاء الاتفاق مع السلفادور عقب مناقشات بين رئيس البلاد نجيب بوكيلي ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن إيواء المهاجرين في سجون السلفادور سيئة السمعة. واعتقلت حكومة بوكيلي أكثر من 84 ألف شخص منذ عام 2022 في إطار إجراءات صارمة ضد عنف العصابات.

ونقلت أسوشيتد برس عن لي جيليرنت، محامي منظمة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، أن رحلتين جويتين غادرتا، السبت، ربما كانتا تقلان أشخاصاً رُحِّلوا بموجب إعلان ترمب، إحداهما إلى السلفادور والأخرى ربما إلى هندوراس.

ما الآثار القانونية لقانون "الأعداء الأجانب"؟

قانون الأعداء الأجانب له آثار قانونية متعددة، خاصة في سياق الأمن القومي والسياسة العامة. من أبرز هذه الآثار:

- الاعتقال والترحيل: يمنح القانون السلطات التنفيذية صلاحية اعتقال وترحيل الأفراد الذين يُعتبرون تهديداً للأمن القومي خلال أوقات الحرب أو النزاعات.

- التأثير على الحقوق المدنية: يمكن أن يؤدي تطبيق القانون إلى تقييد حقوق الأفراد، مثل حرية التنقل والإقامة، ما يثير تساؤلات حول التوازن بين الأمن القومي والحقوق المدنية.

- التأثير على العلاقات الدولية: قد يؤثر استخدام هذا القانون على العلاقات بين الدول، خاصة في حال استهداف مواطني دول معينة.

- التحديات القانونية: يمكن أن يواجه القانون تحديات قانونية ودستورية، حيث قد يجري الطعن في قرارات الاعتقال أو الترحيل أمام المحاكم.

تصنيفات

قصص قد تهمك