
تقترب دائرة الإيرادات الداخلية الأميركية (IRS) من التوصل إلى اتفاق يسمح لمسؤولي الهجرة باستخدام بيانات الضرائب لتأكيد أسماء وعناوين الأشخاص المشتبه في وجودهم بشكل غير قانوني في البلاد، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن 4 أشخاص مطّلعين على الأمر.
وجاء ذلك في ختام أسابيع من المفاوضات بشأن استخدام النظام الضريبي لدعم أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لترحيل المهاجرين بشكل جماعي.
وفي حال إتمام الاتفاق، سيُمثل ذلك تحولاً كبيراً في كيفية تعامل الوكالات الفيدرالية مع معلومات دافعي الضرائب وتطبيق قوانين الهجرة، إذ لطالما طمأنت مصلحة الضرائب العمال المهاجرين غير الموثقين بأن معلوماتهم الضريبية سرية، وأن بإمكانهم تقديم إقراراتهم الضريبية من دون خوف من الترحيل.
وبموجب الاتفاق، ستتمكن إدارة الهجرة والجمارك (ICE) من تقديم أسماء وعناوين المهاجرين المشتبه في عدم امتلاكهم وثائق قانونية إلى مصلحة الضرائب لمقارنتها مع قواعد بيانات دافعي الضرائب السرية، بحسب المصادر التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها.
وكثّفت إدارة ترمب حملات الترحيل خلال الفترة الأخيرة، مستهدفة ليس فقط المهاجرين غير القانونيين من أصحاب السوابق كما كان ترمب يُروّج في حملته الانتخابية، بل توسعت القائمة لتشمل حاملي التأشيرات القانونية، والمقيمين الدائمين، وحتى مهاجرين متزوجين من مواطنين أميركيين، وفق "واشنطن بوست".
"خطوة غير مسبوقة"
وعادةً ما تُعتبر المعلومات الضريبية الشخصية، بما في ذلك الاسم والعنوان، سرية للغاية وتخضع لحماية مشددة داخل مصلحة الضرائب. ويؤدي الكشف غير القانوني عن هذه البيانات، بحسب ما ذكرت الصحيفة الأميركية، إلى عقوبات مدنية وجنائية.
ومع ذلك، يمكن مشاركة المعلومات الضريبية مع وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية الأخرى في ظروف محددة ومحدودة. وغالباً ما يتطلب الأمر موافقة قضائية.
وقالت المصادر إن استخدام استثناءات قانون سرية دافعي الضرائب لتبرير التعاون مع سلطات الهجرة سيكون أمراً غير معتاد، إن لم يكن غير مسبوق.
وأثار الاتفاق المقترح قلق المسؤولين المهنيين في مصلحة الضرائب، ممن يخشون أن يؤدي هذا الترتيب إلى إساءة استخدام جزء ضيق ونادر الاستخدام من قانون الخصوصية، الذي وُضع أصلاً لمساعدة المحققين في بناء قضايا جنائية، وليس لتنفيذ العقوبات.
وبحسب أجزاء من مسودة الاتفاق التي حصلت عليها "واشنطن بوست"، فإن وصول إدارة الهجرة والجمارك إلى البيانات الضريبية سيكون محصوراً بتأكيد عناوين المهاجرين غير الشرعيين المعروفين الذين صدرت بحقهم أوامر ترحيل بالفعل. ويُسمح بتقديم الطلبات فقط من قبل وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أو القائم بأعمال مدير إدارة الهجرة تود ليونز، حسبما تنص المذكرة، ويجب أن تتضمن اسم دافع الضرائب وعنوانه، وتاريخ صدور أمر الترحيل، ومعلومات تعريفية أخرى تسمح لمصلحة الضرائب بالتحقق من هوية الشخص.
وسيسمح الاتفاق بالتحقق من بيانات الأشخاص "الخاضعين لتحقيق جنائي" بسبب انتهاكهم لقانون الهجرة.
"أكبر عملية ترحيل جماعي"
ويقدّر باحثون أن نحو نصف المهاجرين غير الموثقين البالغ عددهم حوالي 11 مليون شخص في البلاد، يقدمون إقرارات ضريبية لإثبات مساهماتهم المالية للحكومة الأميركية.
وقال مسؤول سابق في مصلحة الضرائب: "هذه خيانة كاملة لـ30 عاماً من تطمينات الحكومة للمهاجرين بضرورة تقديم إقراراتهم الضريبية".
وتأتي هذه الخطوة نحو تبادل المعلومات، بينما يدفع ترمب إدارته لاستخدام كل الموارد المتاحة لتنفيذ ما يأمل أن يكون أكبر عملية ترحيل جماعي للمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة.
ومنذ أسابيع، تُحاول سلطات إنفاذ قوانين الهجرة في الولايات المتحدة تصعيد عمليات الاعتقال بشكل كبير، مستهدفة ما بين 1200 و1500 حالة يومياً، مستخدمة سلسلة من الأساليب العدوانية وغير التقليدية، وفقاً للصحيفة، من بينها: الاستعانة بوكالات لا تشارك عادة في تنفيذ قوانين الهجرة، وتفعيل قانون "الأعداء الأجانب" العائد للقرن الـ19 لترحيل مهاجرين فنزويليين إلى سجن في السلفادور، وتوسيع صلاحيات الحكومة في طرد المهاجرين من دون جلسات محاكمة.
ورغم أن ترمب وكبار مساعديه تعهدوا بالتركيز على المهاجرين الموجودين بشكل غير قانوني أو المدانين بارتكاب جرائم عنف، فإن الإجراءات الأخيرة شملت الآلاف من المهاجرين الذين يملكون تصاريح قانونية للإقامة في البلاد.