
تعرّض سياح ومقيمون دائمون في الولايات المتحدة من جميع أنحاء العالم للاعتقال والاحتجاز والترحيل، في إطار التدابير التي تتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتشديد القيود على الهجرة.
وتظهر عمليات الاعتقال والترحيل الأخيرة تصعيداً في أساليب مسؤولي الهجرة، الذين يواجهون اتهامات بـ"استهداف" بعض الأفراد بسبب مواقفهم، أو مشاركتهم في أنشطة سياسية، مثل الاحتجاجات أو التظاهرات، بحسب موقع "أكسيوس".
وعلى خلفية هذه الإجراءات، نصحت الأمم المتحدة موظفيها المقيمين في نيويورك وأفراد عائلاتهم بحمل بطاقات هوية صادرة عن الأمم المتحدة، ونسخة من صفحة جوازات سفرهم التي تحتوي على تأشيراتهم، كما حذرتهم من أنهم يواجهون خطر التعرّض للتوقيف من قبل مسؤولي الهجرة. وفيما يلي أبرز المعتقلين والمحتجزين، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
طالب دكتوراه في جامعة "ألاباما"
قال المتحدث باسم جامعة "ألاباما" في بيان، الأربعاء، إن "جامعة ألاباما علمت مؤخراً أن سلطات الهجرة الفيدرالية احتجزت طالب دكتوراه خارج الحرم الجامعي".
وأضاف المتحدث، الذي لم يذكر اسم المحتجز، احتراماً لقوانين الخصوصية: "جامعة ألاباما ملتزمة وستواصل الالتزام بجميع قوانين الهجرة والتعاون مع السلطات الفيدرالية".
طالبة تركية في جامعة "تافتس"
احتجزت وزارة الأمن الداخلي، رميساء أوزتورك، وهي طالبة دكتوراه تركية الجنسية في جامعة تافتس، في 25 مارس الجاري، وفق وثائق المحكمة.
وأظهر مقطع فيديو، ضباطاً لا يرتدون الزي الرسمي، وكثير منهم يخفون أجزاء من وجوههم، وهم يوقفونها على الرصيف.
ونُقلت أوزتورك إلى مركز احتجاز في لويزيانا، وفقاً لمحاميها ووثائق المحكمة التي حصلت عليها صحيفة "بوسطن جلوب".
وقال رئيس جامعة تافتس سونيل كومار، في بيان عقب احتجازها: " تأشيرة الطالبة ألغيت، ونسعى للتحقق من صحة هذه المعلومات".
باحث فرنسي
صرح مسؤولون حكوميون فرنسيون لعدة وسائل إعلام، بأن باحثاً فرنسياً مُنع من دخول الولايات المتحدة هذا الشهر، بسبب رسائل أرسلها انتقد فيها سياسات البحث الأكاديمي لإدارة ترمب.
وكان العالم، الذي لم يُكشف عن اسمه، مسافراً لحضور مؤتمر قرب هيوستن، وفق صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وفي تعليق على الواقعة، قال وزير التعليم العالي والبحث الفرنسي، فيليب بابتيست، في بيان، إن "حرية الرأي، وحرية البحث، والحرية الأكاديمية قيمٌ سنواصل التمسك بها بفخر. سأدافع عن حق جميع الباحثين الفرنسيين في الوفاء بها، مع احترام القانون".
وقال بابتيست في منشور على منصة "إكس"، إنه طلب عقد اجتماع طارئ مع وزراء أوروبيين آخرين لوضع خطة للحفاظ على الحرية الأكاديمية.
وكتب: "يجب على أوروبا أن ترتقي إلى مستوى الحدث لحماية البحث والترحيب بالمواهب التي يمكنها المساهمة في نجاحه".
فنانة وسائحة ويلزية
اعتقلت ريبيكا بيرك، وهي فنانة بريطانية تبلغ من العمر 28 عاماً من ويلز، في 26 فبراير خلال "رحلة العمر عبر أميركا الشمالية"، وفقاً لعائلتها وصفحة لجمع التبرعات.
وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية BBC في 18 مارس الجاري بأن بيرك تمكنت من العودة إلى عائلتها هذا الشهر.
وعندما حاولت العبور إلى كندا، ظنّت السلطات أنها بحاجة إلى تأشيرة عمل، فأُمرت بالعودة إلى الولايات المتحدة.
وكتب والدها: "لم يُسمح لها بالدخول، وصُنّفت على أنها أجنبية غير شرعية"، مضيفاً: "ورغم كونها سائحة بلا سجل جنائي، كانت مقيدة اليدين، واقتيدت إلى مركز احتجاز في تاكوما، بولاية واشنطن".
ناشط فلسطيني وخريج جامعة كولومبيا
اعتقل عملاء فيدراليون محمود خليل، وهو مقيم دائم بصفة قانونية في الولايات المتحدة حاصل على البطاقة الخضراء، ما أثار مخاوف مدافعين عن الحقوق بشأن انتهاك حرية التعبير، والتعديل الأول لدستور الولايات المتحدة.
وأفادت وزارة الأمن الداخلي، بأنها جمعت أدلة على أنه كان يدعم حركة "حماس" بشكل نشط، ولكن ليس مادياً. وشارك في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا العام الماضي. ولم تُوجّه إلى خليل أي اتهامات جنائية حتى الآن.
باحث بجامعة جورج تاون
اعتقل بدر خان سوري، وهو طالب دراسات عليا في جامعة جورج تاون من أصل هندي، في منزله في مدينة أرلينجتون بولاية فرجينيا في 17 مارس، على يد رجال أمن ملثمون قالوا إن تأشيرة دراسته أُلغيت.
ووُجهت إليه تهمة "نشر دعاية حماس والترويج لمعاداة السامية على منصات التواصل الاجتماعي"، و"الارتباط الوثيق بإرهابي معروف أو مشتبه به، وهو مستشار كبير لحماس"، وفقاً للمتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين.
وقال محامو سوري في التماس قدموه للإفراج عنه إن احتجازه غير قانوني. وأمر قاضٍ في 20 مارس إدارة ترمب بعدم ترحيل سوري، في انتظار صدور أمر قضائي آخر.
طبيبة لبنانية بجامعة براون
احتجزت السلطات الطبيبة رشا علوية، وهي لبنانية تحمل تأشيرة H-B1 من القنصلية الأميركية، هذا الشهر لدى وصولها إلى مطار بوسطن.
وقالت السلطات إنها سافرت إلى بيروت لحضور جنازة الأمين العام السابق لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، كما كانت تحمل على هاتفها صوراً له وأخرى للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وتحمل علوية تأشيرة برعاية جامعة براون، بعد أن عرضت عليها الجامعة منصب أستاذة مساعدة، بناءً على شكوى.
كندية تقدمت بطلب تأشيرة
أوقفت السلطات ياسمين موني، وهي رائدة أعمال كندية، على حدود سان دييجو أثناء خضوعها لإجراءات الحصول على تأشيرة عمل قانونية. واحتُجزت لمدة أسبوعين تقريباً.
وكتبت موني في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية: "لا يوجد أي تفسير أو تحذير. في لحظة، كنتُ في مكتب الهجرة أتحدث مع موظف بشأن تأشيرة عملي، التي جرت الموافقة عليها قبل أشهر وسمحت لي، بصفتي كندية، بالعمل في الولايات المتحدة".
وأضافت: "في اللحظة التالية، طُلب مني وضع يديّ على الحائط، وخضعت للتفتيش كالمجرمين قبل إرسالي إلى مركز احتجاز تابع لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية دون أن تُتاح لي فرصة التحدث إلى محامٍ".
عدة ألمان
حدَّثت السلطات الألمانية التوجيهات المتعلقة السفر للولايات المتحدة، مُحذِّرةً من تطبيق قوانين الهجرة على الحدود، في أعقاب اعتقال سياح ألمان.
عاد لوكاس سيلاف (25 عاماً)، إلى ألمانيا هذا الشهر بعد أن أمضى أسبوعين رهن الاحتجاز، وفقاً لصحيفة "الجارديان". وكان أجاب بشكل خاطئ على سؤال بشأن مكان إقامته؛ بسبب حاجز اللغة عند عودته إلى الولايات المتحدة من المكسيك.
احتُجزت جيسيكا بروش (29 عاماً)، لأكثر من 6 أسابيع، منها 8 أيام في حبس انفرادي. وكانت تسافر ومعها معدات وشم، وافترض ضباط الحدود أنها تعتزم العمل بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة.
احتُجز فابيان شميدت (34 عاماً)، وهو مقيم دائم في الولايات المتحدة من أصل ألماني، بعد عودته من رحلة إلى لوكسمبورج في 7 مارس، وفقاً لشبكة NBC News.
ما هي الوكالات التي تطبق قوانين الهجرة؟
لا يقتصر تطبيق قوانين الهجرة على حدود الولايات المتحدة فحسب، بل يشمل أيضاً المناطق الداخلية من البلاد. وتتولى وزارة الأمن الداخلي الأميركية (DHS) مسؤولية تطبيق جميع قوانين الهجرة الفيدرالية، فيما تؤدي اثنتان من الوكالات التابعة لها دوراً رئيسياً منفصلاً، بسحب تقرير أصدره مؤخراً معهد سياسات الهجرة في واشنطن.
تفحص هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) غير المواطنين الداخلين إلى البلاد، وتعتقل من يحاولون الدخول دون تصريح. وفي المناطق الداخلية، تتولى هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) مسؤولية اعتقال واحتجاز وترحيل غير المواطنين المخالفين لقوانين الهجرة، ولذلك، تلعب الدور الرئيسي في تطبيق القوانين بعيداً عن الحدود، وتحديد حجم ونطاق عمليات الترحيل والإعادة من داخل البلاد.
من هي الفئات المعرّضة للترحيل؟
بينما يميل الجمهور إلى الاعتقاد بأن عمليات الترحيل تقتصر على المهاجرين غير المصرح لهم، فإن المهاجرين المقيمين بشكل قانوني، الذين لم يصبحوا مواطنين أميركيين يمكن ترحيلهم في ظل ظروف محددة.
1- المهاجرون الذين عبروا الحدود الأميركية بشكل غير قانوني، أو الذين تجاوزوا مدة تأشيرتهم.
2- المهاجرون الحاصلون على تأشيرة مؤقتة والذين انتهكوا شروط تأشيرتهم، على سبيل المثال من خلال الحصول على وظيفة بتأشيرة لا تسمح بالعمل.
3- المقيمون الدائمون بصفة قانونية (المعروفون أيضاً بحاملي البطاقة الخضراء) أو حاملو التأشيرات المؤقتة الذين أدينوا بمجموعة كبيرة من الجرائم، بما في ذلك القيادة تحت تأثير المخدرات أو الكحول، وحيازة الأسلحة النارية أو المخدرات، والسرقة، أو ارتكاب جريمة عنيفة.
أما المهاجرين غير الشرعيين الذين يتمتعون بحماية مؤقتة سارية، مثل وضع الحماية المؤقتة (TPS)، أو الإفراج المشروط لأسباب إنسانية، أو إجراء مؤجل (بما في ذلك برنامج العمل المؤجّل للطفولة الوافدة DACA)، لا يمكن ترحيلهم عموماً؛ لكن لأن هذه الأوضاع تُمنح على أساس مؤقت أو تقديري، فمن المحتمل إلغاؤها، ما يجعل هؤلاء الأفراد عرضة للترحيل.
يتعين على حكومة الولايات المتحدة إصدار أمر ترحيل قبل ترحيل أي غير مواطن، ويمكن للأفراد الطعن في ترحيلهم بإثبات استحقاقهم لشكل من أشكال الحماية، مثل اللجوء.
كم عدد القضايا العالقة أمام القضاء؟
عادةً ما يُوضع غير المواطنين الذين تعتقلهم إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) قيد إجراءات الترحيل في محكمة الهجرة، ما لم يكن هناك أمر ترحيل قائم يمكن للوكالة تنفيذه. وبالنظر إلى وجود 3.6 مليون قضية عالقة في محكمة الهجرة حتى أكتوبر 2024، فإن الأشخاص الخاضعين لإجراءات الترحيل عادةً ما ينتظرون سنوات قبل جلسة الاستماع الأولية.
وأثناء إجراءات المحاكمة، قد يُوضع المهاجرون في مراكز احتجاز للمهاجرين، أو يخضعون لبرنامج تتبع غير المحتجزين (يُسمى بدائل الاحتجاز)؛ كما يمكن إطلاق سراحهم دون تتبع، ويُطلب منهم مراجعة إدارة الهجرة والجمارك بشكل دوري.
واعتباراً من أوائل عام 2025، تلقت الوكالة تمويلاً لتوفير 41 ألف و500 سرير في مراكز احتجاز، وهو عدد أقل بكثير مما هو مطلوب لاحتجاز جميع المهاجرين المعرضين للترحيل، وبالتالي فإن الغالبية العظمى منهم غير محتجزين.
كم تبلغ ميزانية ترحيل المهاجرين وما هي أعدادهم؟
في السنة المالية 2024، بلغت ميزانية هيئة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) 9.1 مليار دولار، وبلغ عدد موظفيها نحو 21 ألف موظف، منهم 7700 موظف مخصصون لعمليات الإنفاذ والترحيل.
نفّذت وزارة الأمن الداخلي (DHS) عمليات ترحيل بمعدل 352 ألف عملية سنوياً خلال السنوات المالية 2020-2024. ومن بين هذه العمليات، كانت هيئة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) مسؤولة عن 146 ألف عملية ترحيل سنوياً.
وخلال الفترة بين عامي 2020-2024، نفّذت هيئة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) ما معدله 43 ألف عملية ترحيل سنوياً لغير المواطنين الذين أُلقي القبض عليهم في المناطق الداخلية الأميركية.
وارتفع عدد غير المواطنين الذين رحّلتهم دائرة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) بعد اعتقالهم على الحدود بشكل ملحوظ خلال السنوات الأربع الماضية، ليصل إلى 224 ألف شخص في السنة المالية 2024.