
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، عن قلق بلاده من اعتبار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، المناطق في شمال روسيا "موطئ قدم محتمل للصراعات" بين الجانبين، مشيراً في الوقت نفسه إلى إمكانية أن يكون هناك "تعاون" مع الدول الغربية في القطب الشمالي.
وقال بوتين خلال المنتدى الدولي للقطب الشمالي، إن الولايات المتحدة "تتطلع منذ فترة طويلة" إلى ضم جرينلاند، مشيراً إلى أن واشنطن "جادة" بشأن هذه الجزيرة التي يطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ دخوله البيت الأبيض في يناير الماضي، بالسيادة عليها.
ويرى بوتين أن "التنافس الجيوسياسي مشتد في القطب الشمالي"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة ستعزز مصالحها في القطب الشمالي.. ونشعر بالقلق من أن حلف شمال الأطلسي يرى في الشمال موطئ قدم محتمل للصراعات".
وأضاف الرئيس الروسي الذي يسعى لتعزيز تجارة بلاده عبر طريق بحر الشمال من خلال مياه القطب الشمالي: "روسيا لم تهدد أحداً أبداً في القطب الشمالي، لكننا نراقب الوضع عن كثب، وسندافع عن مصالحنا".
وأعرب عن استعداد روسيا لـ"العمل في منطقة القطب الشمالي مع جميع الدول التي تتبنى نهجاً مسؤولاً تجاه قضايا التنمية"، معتبراً أن "التفاعل الدولي في منطقة القطب الشمالي متوتر اليوم بسبب بعض الدول التي تتخذ من المواجهة نهجاً لها".
تعزيز الأسطول الشمالي الروسي
ولفت بوتين إلى أن "روسيا تعمل على تعزيز الأسطول الشمالي الروسي لخدمة التنمية في منطقة القطب الشمالي"، مضيفاً: "روسيا هي أكبر قوة في القطب الشمالي. لقد دافعنا، ولا نزال، عن التعاون المتكافئ في المنطقة، بما في ذلك البحث العلمي، وحماية التنوع البيولوجي، وقضايا المناخ، والاستجابة للطوارئ، وبالطبع، التنمية الاقتصادية والصناعية في القطب الشمالي".
وذكر أن "عدة دول غربية سلكت خلال السنوات السابقة مسار المواجهة، فقد قطعت علاقاتها الاقتصادية مع روسيا، وأوقفت الاتصالات العلمية والتعليمية والثقافية، وقلّصت الحوار بشأن الحفاظ على النظم البيئية في القطب الشمالي".
وأكد أن "روسيا ستضمن التنمية الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأمد لأراضي القطب الشمالي، ولن تسمح بالتعدي على سيادتها".
وشدد على وجوب "تسريع الجدول الزمني لاعتماد الخطط الرئيسية للمدن القطبية الشمالية، ويجب التفكير في التمويل"، مشيراً إلى أن "الهدف هو تحسين نوعية الحياة للناس في القطب الشمالي".
وأكد أن "المطارات في أقصى شمال روسيا بحاجة إلى التطوير، ومن الضروري الحفاظ على شبكة واسعة من الموانئ الجوية". وأضاف أن "الصين والإمارات تبديان اهتماماً بتطوير البنية التحتية للنقل في القطب الشمالي".
وتابع: "يُبدي شركاؤنا من بيلاروس والصين والإمارات ودول أخرى، اهتماماً بهذا المشروع، وبتطوير البنية التحتية للنقل في القطب الشمالي بشكل عام. وهذا عمل مثير للاهتمام للغاية من الناحية التجارية".
وأكد حاجة روسيا لـ"أسطول تجاري خاص بها للنقل البحري على طول طريق البحر الشمالي، بما في ذلك سفن الشحن والإنقاذ".
واعتبر أن "روسيا، كقوة، تحتاج إلى أسطول تجاري خاص بها في القطب الشمالي، بما في ذلك سفن الشحن والإنقاذ التي ستوفر النقل على طول البحار الشمالية، وعلى طول الممرات المائية الداخلية في مناطق القطب الشمالي".
كما أكد على حاجة بلاده لـ"تشغيل كاسحات الجليد من الجيل الجديد، بما في ذلك تلك النووية، والتي تمتلكها روسيا فقط".
منطقة صراع
تقع منطقة القطب الشمالي بمحاذاة 8 دول؛ كندا والدنمارك (بما في ذلك جرينلاند) وفنلندا وأيسلندا والنرويج وروسيا والسويد والولايات المتحدة (ألاسكا). وقد شكلت هذه الدول الثماني مجلس القطب الشمالي لمعالجة القضايا المهمة للمنطقة وتعزيز التعاون.
وشكّل القطب الشمالي منذ فترة طويلة ساحة محتملة للحرب، وخاصة الحرب النووية. وتفتخر الغواصات الأميركية والروسية المتمركزة هناك بصواريخ باليستية عابرة للقارات، وتعمل كرادع نووي استراتيجي.
وعلى مدى العقد الماضي، قامت روسيا بتوسيع وتعزيز جيشها في القطب الشمالي من خلال مجموعة من القواعد العسكرية والمطارات والمنشآت العسكرية والرادارات، فضلاً عن أنظمة الأسلحة الدفاعية والهجومية، وذلك استعداداً لمعركة تراها "باتت قريبة جداً".
ووفقاً للمجلس الأطلسي للدراسات، فقد بات لموسكو 7 قواعد عسكرية قائمة في القطب المتجمد، فيما تسعى واشنطن للحاق بها وتثبيت وجودها في المنطقة.
وكان الغزو الروسي لأوكرانيا سبباً في عزل موسكو عن الدول السبع الأخرى التي تحيط بالقطب الشمالي، وجميعها الآن أعضاء في حلف "الناتو"، وجعلها أكثر اعتماداً على الصين، التي تسعى لتحقيق أجندتها الخاصة في المنطقة.
وأصدرت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، في يوليو الماضي، نسخة محدثة من استراتيجيتها للقطب الشمالي، إذ حددت خططاً لتدريبات عسكرية مشتركة مع حلفائها لإظهار الاستعداد القتالي والقدرات العملياتية.
ووفقا لاستراتيجية البنتاجون، تعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها تقديم أكثر من 250 طائرة مقاتلة حديثة متعددة المهام، يمكن نشرها للقيام بعمليات في القطب الشمالي بحلول 2030.
تمتدّ الدّائرة القطبية الشمالية لمسافة 10 آلاف ميل تقريباً (16 ألف كيلومتر). يعيش داخلها أربعة ملايين شخص فقط. وعلى طول أكثر من 6 آلاف كيلومتر من ساحل القطب الشمالي، قامت روسيا بتحديث وتوسيع المنشآت العسكرية القائمة وبناء العديد من المرافق الجديدة.