احتجاجات تركيا تتصاعد.. اعتقال 1900 ومعاقبة 5 قنوات تلفزيونية

time reading iconدقائق القراءة - 6
مظاهرات في اسطنبول ضد احتجاز رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو بتهمة فساد. 25 مارس 2025 - Reuters
مظاهرات في اسطنبول ضد احتجاز رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو بتهمة فساد. 25 مارس 2025 - Reuters
أنقرة-رويترز

أعلنت السلطات التركية اعتقال نحو 1900 شخصاً منذ اندلاع الاحتجاجات على احتجاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الأسبوع الماضي، وفرضت غرامات على 4 قنوات تلفزيونية، وأمرت بوقف بث محطة لمدة 10 أيام، على خلفية تغطيتهم للمظاهرات، فيما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "الطبيعة الممنهجة" للهجمات على الحريات في تركيا تعتبر "أعمالاً عدائية".

وصدر حكم بحبس إمام أوغلو، أكبر منافس سياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على ذمة المحاكمة بتهمة الفساد، الأحد، وأدى اعتقاله إلى أكبر احتجاجات مناهضة للحكومة منذ 10 سنوات.

واعتبر قادة غربيون أن القضية تمثل تراجعاً ديمقراطياً. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إن باريس تحترم تركيا وتعترف بالمسؤولية التي تبديها في البحر الأسود لكن "الطبيعة الممنهجة" للهجمات على الحريات تعتبر أعمالا عدائية تأسف لها فرنسا.

وأضاف ماكرون "تركيا تحتاج لأوروبا، وأوروبا بحاجة لتركيا. لكنها تحتاج إلى تركيا التي تتحمل مسؤولياتها تجاه الأمن الأوروبي، وتواصل مسارها الديمقراطي من خلال احترام الالتزامات التي قطعتها على نفسها".

وفي كلمة لمندوبين من وسائل إعلام دولية في إسطنبول، قال وزير العدل يلماز تونج إن أنقرة طلبت من شركائها الأوروبيين التصرف "بمنطق سليم"، مضيفاً أن خطورة الاتهامات الموجهة ضد إمام أوغلو تتطلب اعتقاله.

وقال تونج من خلال مترجم: "لا نريد اعتقال أي سياسي، ولكن إذا كان هناك دليل على وجود انتهاك فيمكن أن يحدث ذلك". وأضاف "إذا نظرنا إلى خطورة الاتهامات وخطر إخفاء الأدلة، فقد اتخذ القضاء القرار المناسب"، بحسب تعبيره.

وجاء اعتقال إمام أوغلو قبل أيام من إعلانه مرشحاً رئاسياً لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2028.

ومن المقرر إجراء الانتخابات في عام 2028. وإذا أراد أردوغان الترشح مجدداً، فسيتعين على البرلمان إما الدعوة إلى انتخابات مبكرة أو تعديل الدستور لأن الرئيس استنفد عدد الولايات الرئاسية بعدما ظل مهيمناً على السياسة في تركيا لأكثر من عقدين.

وذكر حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي الذي ينتمي إليه إمام أوغلو وأحزاب معارضة أخرى ومنظمات حقوقية وقوى غربية إن القضية ضد رئيس البلدية، والذي أُقيل من منصبه بسببها، هي محاولة لها دوافع سياسية للقضاء على تهديد انتخابي محتمل لأردوغان.

وتنفي الحكومة أي تأثير على القضاء وتقول إن المحاكم مستقل.

تصاعد الاحتجاجات

ودعا حزب الشعب الجمهوري مواطني تركيا إلى مواصلة الاحتجاج، قائلاً إنه سينظم مسيرات وتجمعات في مواقع مختلفة في إسطنبول وأماكن أخرى.

ورفض أردوغان الاحتجاجات، ووصفها بأنها "استعراضية" وحذر من العواقب القانونية على المتظاهرين.

وقال وزير الداخلية علي يرلي قايا إن 1879 شخصاً اعتُقلوا منذ اندلاع الاحتجاجات، الأسبوع الماضي، مضيفاً أن المحاكم أمرت بحبس 260 منهم على ذمة المحاكمة. وأضاف أنه جرى الإفراج عن 489 ولا يزال 662 آخرين يخضعون للإجراءات، في حين أصيب 150 من رجال الشرطة.

ودعت منظمات حقوقية تركيا إلى التحقيق فيما وصفته بالاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة في أثناء تفريق الحشود، وحثت الحكومة على السماح بالمظاهرات التي اتسمت بالسلمية إلى حد كبير.

معاقبة وسائل إعلام

وفيما يتعلق باعتقال سبعة صحفيين محليين كانوا يغطون المظاهرات في إسطنبول ثم إطلاق سراحهم لاحقاً، من بينهم مصور صحفي في وكالة الأنباء الفرنسية، قال تونج إن هناك سوء فهم حول معاملة تركيا للصحافيين وإنها لم تسجنهم.

وصنفت منظمة "مراسلون بلا حدود"، المدافعة عن حرية التعبير، تركيا في المرتبة 158 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024. وقالت إن نحو 90% من وسائل الإعلام تخضع لسيطرة الحكومة مما دفع الأتراك إلى اللجوء بشكل أكبر إلى وسائل الإعلام المعارضة أو المستقلة.

وقال وزير العدل التركي إن مؤشر "مراسلون لا حدود" لا يعكس الحقيقة.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، الخميس، أن السلطات التركية رحلت مراسلها مارك لوين بعد اقتياده من فندقه في إسطنبول حيث كان يغطي الاحتجاجات. وأضافت أن السلطات أبلغت لوين بأنه "يشكل تهديداً للنظام العام".

وكان مارك لوين في تركيا لتغطية الاحتجاجات على أكرم إمام أوغلو واحتجازه على ذمة المحاكمة. ووصفت ديبورا تورنيس الرئيسة التنفيذية لـ BBC هيئة الإذاعة البريطانية ترحيل المراسل بأنه مبعث "قلق بالغ"، وقالت إن الهيئة ستناقش الأمر مع السلطات التركية.

وقال لوين الذي عاش سابقاً في تركيا لمدة 5 سنوات إن ترحيله "مُحزن للغاية"، مضيفاً أن حرية الصحافة أساسية للديمقراطية.

من جهة أخرى، قال المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي (آر.تي.يو.كيه)، الخميس، إنه عاقب 4 قنوات تلفزيونية معارضة بسبب تغطيتها لقضية إمام أوغلو والتحريض على "الكراهية والعداء".

وأمر المجلس قناة "إس.زيد.سي" المعارضة بوقف البث لمدة 10 أيام وحذرها من أن أي انتهاك ثالث قد يؤدي إلى إلغاء ترخيصها. كما فرض غرامات على 3 قنوات وأمرها بوقف بعض البرامج.

تداعيات اقتصادية

وانخفضت قيمة الأصول المالية التركية منذ اعتقال إمام أوغلو، مما دفع البنك المركزي إلى اللجوء للاحتياطيات لدعم الليرة. وقالت الحكومة إن تأثير التقلبات سيكون محدوداً ومؤقتاً.

وأعلن البنك المركزي التركي، الخميس، أنه سيتخذ إجراءات إضافية إذا اقتضى الأمر لضمان سلاسة عمل الأسواق المالية، وذلك في إطار تقييمه لمخاطر التضخم الناجمة عن التطورات الأحدث في السوق.

وذكر البنك، في بيان له، أن لجنة السياسة النقدية انعقدت لمراجعة أوضاع السوق المالية، ونفذت تدابير لدعم السياسة النقدية.

ويعقد كبار المسؤولين الاقتصاديين في تركيا اجتماعات مع المستثمرين الأجانب ضمن محاولات الحكومة لتهدئة الأسواق، منذ أن أدى اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الأسبوع الماضي، لنزوح تدفقات بمليارات الدولارات من الأصول التركية، بحسب "بلومبرغ".

تصنيفات

قصص قد تهمك