
يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض غرامات مالية مخففة على شركتيْ "ميتا" و"أبل"، الأسبوع المقبل، في إطار سعي بروكسل لتجنب تصعيد التوتر مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وقالت مصادر مطلعة للصحيفة إن الاتحاد قد يُغرم شركة "أبل" ويصدر أمراً لها بمراجعة قواعد متجر التطبيقات الخاص بها، عقب تحقيق في ما إذا كانت تمنع مطوري التطبيقات من توجيه المستهلكين إلى عروض خارج منصتها، كما ستغلق الجهات التنظيمية تحقيقاً آخر مع "أبل"، ركز على تصميم الشركة لشاشة اختيار متصفح الويب، دون أي عقوبات إضافية.
وستُغرّم "ميتا" وسيصدر أمر لها بتغيير نموذج "الدفع أو الموافقة" الذي يُجبر المستخدمين إما على الموافقة على تتبع البيانات أو دفع رسوم اشتراك للحصول على تجربة خالية من الإعلانات لمنتجاتها، وكانت "ميتا" قد صرحت سابقاً بأن تغييراتها "تلبي متطلبات الجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي، وتتجاوز ما يقتضيه قانون الاتحاد".
ومن المقرر عرض القرارات المُخطط لها، والتي قال المسؤولون إنها قابلة للتغيير قبل إعلانها، على ممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الـ 27، الجمعة، كما من المقرر الإعلان عن الغرامات الأسبوع المقبل، مع أن هذا التوقيت قد يتغير أيضاً.
وتأتي هذه الخطوات في وقت تسعى فيه بروكسل إلى تطبيق قانون الوصول إلى البيانات DMA، الذي صُمم للحد من هيمنة شركات التكنولوجيا العملاقة على السوق الرقمية، مع تجنب الصدام المباشر مع واشنطن.
قانون الأسواق الرقمية
وأوضح مسؤولون أن تركيز المفوضية الجديدة، التي تولت مهامها في ديسمبر الماضي، ينصب بشكل أكبر على امتثال شركات التكنولوجيا الكبرى للقانون، بدلاً من الغرامات الباهظة المحتملة التي تصل إلى مليارات اليوروهات.
وبموجب قانون الأسواق الرقمية، يمكن أن تواجه الشركات عقوبات تصل إلى 10% من إجمالي مبيعاتها العالمية، ما قد يُسفر عن خسائر بمليارات الدولارات لكلتا الشركتين، لكن المفوضية الأوروبية تسعى إلى فرض غرامات أقل بكثير من هذا الحد، نظراً لحداثة قواعد الاتحاد الرقمية نسبياً، ولا يزال من الممكن الطعن في قراراتها أمام المحاكم.
ويستهدف قانون الأسواق الرقمية إلزام الشركات الرقمية العملاقة، التي ينطبق عليها تصنيف "حارس البوابة" Gatekeeper، بعدم إساءة استخدام مركزها المهيمن، مع العلم أنّ تنفيذه الفعال ينطوي على تحدٍّ كبير وسيتسبب بمعارك شرسة، وفق "فاينانشيال تايمز".
ويتعيّن على ستة من عمالقة التكنولوجيا، "جوجل" و"أمازون" و"أبل" و"ميتا" (فيسبوك وإنستجرام وواتساب) و"مايكروسوفت"، إضافة إلى الشركة الصينية "بايت دانس" المالكة لتطبيق "تيك توك"، الامتثال للقانون الأوروبي.
ومن المقرر أن تُسقط الجهات التنظيمية في بروكسل دعوى قضائية بشأن ما إذا كان نظام تشغيل "أبل" يُثني المستخدمين عن تغيير متصفحاتهم أو محركات البحث، وذلك بعد أن أجرت الشركة سلسلة من التغييرات في محاولة للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي.
ردود فعل عكسية
ومع ذلك، فإن فرض أي شكل من أشكال الغرامات على شركات التكنولوجيا الأميركية يُهدد بردود فعل عكسية.
وهاجم ترمب مباشرةً عقوبات الاتحاد الأوروبي على الشركات الأميركية واصفاً إياها بأنها "شكل من أشكال الضرائب"، مُقارناً الغرامات المفروضة على شركات التكنولوجيا بـ"الابتزاز الخارجي"، إذ قال خلال تصريحاته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي عقد يناير الماضي: "لدينا شكاوى كبيرة جداً مع الاتحاد الأوروبي".
وحذر الرئيس الأميركي من فرض رسوم جمركية على الدول التي تفرض ضرائب على الخدمات الرقمية على الشركات الأميركية، ووفقاً لمذكرة صدرت الشهر الماضي، قال ترمب إنه سينظر في الضرائب واللوائح أو السياسات التي تعيق نمو الشركات الأميركية العاملة في الخارج.
وقال مسؤول في إحدى الشركات المتضررة: "هذا اختبار حاسم للمفوضية. استهداف شركات التكنولوجيا الأميركية بشكل أكبر سيزيد من التوترات عبر الأطلسي، ويُثير إجراءات انتقامية، وفي النهاية، ستتحمل الدول الأعضاء والشركات الأوروبية الكلفة".