رسوم ترمب تهوي بالأسواق الأميركية والعالمية مع بدء تحركات دولية مضادة

لا تزال تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عشرات الدول مستمرة في التأثير على الأسواق الأميركية بشكل خاص والعالمية بشكل عام، وسط تحركات مضادة من عدة دول، بينها الصين للرد على هذه الرسوم، وتصاعد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي.

ووجه ترمب رسالة، الجمعة، إلى المستثمرين حول العالم قائلاً إن "سياساته لن تتغير"، رغم التوترات التجارية المتصاعدة، لا سيما فرض هذه الرسوم، والتي تسببت في هبوط حاد لمؤشرات الأسهم الأميركية والعالمية، وانخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 4 سنوات.

وقال ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "إلى المستثمرين الكثر القادمين إلى الولايات المتحدة، والذين يستثمرون أموال هائلة، سياساتي لن تتغير أبداً. هذا وقت رائع لتصبحوا أغنياء، أغنى من أي وقت مضى".

واعتبر أن الوقت الحالي "فرصة عظيمة للثراء"، في إشارة إلى المناخ الاستثماري الذي يعتبره جاذباً للمستثمرين الأجانب. كما طلب ترمب من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول بـ"خفض أسعار الفائدة"، و"التوقف عن ممارسة السياسة".

وانتقد كذلك الاحتياطي الفيدرالي، ووصفه بأنه دائماً "متأخر"، وأضاف: "لكنه الآن يستطيع تغيير صورته، وبسرعة. فأسعار الطاقة انخفضت، وأسعار الفائدة تراجعت، والتضخم تقهقر، حتى أسعار البيض هبطت 69%، والوظائف ارتفعت، كل ذلك في غضون شهرين".

توقعات الاحتياطي الفيدرالي

وفي المقابل، توقع جيروم باول، أن تتسبب الرسوم التي فرضها ترمب بـ"زيادة التضخم خلال الشهور المقبلة"، معتبراً أن "التقدم نحو معدل التضخم المستهدف البالغ 2% تباطأ".

وأضاف باول خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لمحرري وكتاب الأعمال SABEW، أن "التوقعات غير واضحة إلى درجة كبيرة، وسط مخاطر متزايدة من ارتفاع البطالة والتضخم"، واصفاً الرسوم بأنها "أكبر من المتوقع، وتخاطر بارتفاع التضخم ونمو أقل".

وتأتي هذه التصريحات كأول رد فعل من الفيدرالي على الرسوم التي أقرها ترمب بداية الأسبوع على جميع الصادرات إلى بلاده بحد أدنى 10%.

المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم

وأشار ترمب في منشور آخر، إلى أن الصين "أخطأت" بعد أن ردت على الرسوم الجديدة، وكشفت عن إجراءات مضادة تضمنت رسوماً إضافية بنسبة 34% على السلع الأميركية.

وكتب ترمب: "لقد لعبت الصين بشكل خاطئ، أصيبوا بالذعر!".

وأعلنت بكين، في وقت سابق الجمعة، فرض قيود على صادرات بعض المعادن النادرة، كما أدرجت أيضاً 11 كياناً على قائمة "الكيانات غير الموثوقة" التي تسمح لبكين باتخاذ إجراءات عقابية ضد الكيانات الأجنبية، بما في ذلك الشركات المرتبطة بمبيعات الأسلحة إلى تايوان.

وذكرت الصين أنها قدمت شكوى رسمية لمنظمة التجارة العالمية، بشأن الرسوم الأميركية، قائلة إنها "تنتهك قواعد المنظمة"، وطلبت إجراء مشاورات.

وقالت بعثة الصين الدائمة لدى المنظمة في بيان: "قدمت الصين شكوى إلى منظمة التجارة العالمية بشأن الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة"، معتبرةً أن الرسوم الجديدة "تنتهك قواعد المنظمة بشكل صارخ"، فيما أكدت أمانة المنظمة لوكالة "رويترز" تلقيها طلباً من الصين لإجراء مشاورات.

والمشاورات الثنائية هي أول مرحلة لتسوية النزاعات رسمياً. ومن حق الصين، في حالة عدم التوصل إلى حل خلال 60 يوماً، طلب الفصل في النزاع من جهاز تسوية المنازعات التابع للمنظمة.

وفي سياق منفصل، أعلن الرئيس الأميركي، أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفيتنامي تو لام لبحث مسألة الرسوم الجمركية. وقال: "فيتنام تريد خفض الرسوم الجمركية إلى الصفر في حال تمكنت من التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة".

هبوط حاد للأسواق

وتأهبت دول عدة للرد في حرب تجارية متصاعدة، بعد أن أعلن ترمب زيادة تلك القيود الجمركية إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من قرن هذا الأسبوع، مما أدى إلى انخفاض حاد في الأسواق المالية العالمية.

ويرى بنك الاستثمار "جيه. بي.مورجان"، أن احتمالاً بنسبة 60% لدخول الاقتصاد العالمي في ركود بنهاية العام، ارتفاعاً من 40% سابقاً.

وانخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشكل حاد، الجمعة، مما يشير إلى المزيد من الخسائر في "وول ستريت". وهوت مؤشرات الأسهم حول العالم، وارتفعت السندات، وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات، بعد تصعيد الصين حدة الحرب التجارية.

وبعد تسجيل مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) أسوأ تراجع يومي له منذ 2020، هبط مؤشر الأسهم المرجعي بنسبة 3%. كما تتجه الأسهم الأوروبية نحو التصحيح. وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 9 نقاط أساس إلى 3.93%.

وتتوقع أسواق المال بالكامل 4 تخفيضات في أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية هذا العام، كما ترى احتمالية حدوث تخفيض خامس.

كما فقد الدولار الأميركي جميع المكاسب التي حققها منذ فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية خلال نوفمبر الماضي، إذ تراجع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري إلى أدنى مستوى له منذ منتصف أكتوبر، الجمعة، وهو مستوى سُجل قبل إعلان نتائج الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر.

امتدت تداعيات الرسوم الجمركية، إلى أسواق النفط والذهب والأوراق المالية في أوروبا وآسيا. وانخفضت أسعار النفط 2% تقريباً، الجمعة، وتتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي.