
أعلن الاتحاد الأوروبي، الاثنين، أنه سيبدأ فرض رسوم جمركية مضادة على بعض السلع الأميركية المستوردة، الأسبوع المقبل، في حين اتفق وزراء التجارة في دول التكتل على الرغبة في إجراء مفاوضات لإلغاء الرسوم التي فرضها الرئيس دونالد ترمب بدلاً من الرد عليها، فيما اعتبر البيت الأبيض، أن استعداد الأوربيين للتفاوض مجرد "بداية جيدة ومحدودة"، لكن "الحواجز غير الجمركية التي تشمل أيضاً لوائح سلامة الأغذية أكثر أهمية من معدلات الرسوم".
ويواجه الاتحاد الذي يضم 27 دولة رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات، وأخرى "مضادة" بنسبة 20% بدءاً من، الأربعاء، على جميع السلع الأخرى تقريباً، وذلك بموجب سياسة ترمب التي تستهدف الدول التي يقول إنها تفرض رسوماً مرتفعة على الواردات الأميركية.
واجتمع الوزراء المعنيون بشؤون التجارة في لوكسمبورج، الاثنين، لمناقشة رد الاتحاد الأوروبي على الرسوم الأميركية، والعلاقات مع الصين، وسط تأكيدات بأن الأولوية لـ"بدء المفاوضات"، و"تجنب حرب تجارية شاملة"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
وشددت وزيرة التجارة الهولندية رينيته كليفر في حديثها للصحافيين، على "الحاجة لأن نبقى هادئين، وأن نرد بطريقة تسهم في خفض التصعيد".
وأضافت: "إذ كان هناك تصعيد فوري منا سينعكس ما يحدث على البورصات في التو. لكننا سنكون مستعدين لاتخاذ إجراءات مضادة في حال اقتضت الحاجة لجعل الأميركيين يأتون إلى طاولة التفاوض".
إلغاء الرسوم
وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مؤتمر صحافي ببروكسل، إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد للتفاوض على اتفاق لإلغاء الرسوم الجمركية تماماً على السلع الصناعية.
وقال مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش في مؤتمر صحافي: "عاجلاً أم آجلاً، سنجلس إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، ونتوصل إلى حل وسط مقبول للطرفين".
وأوضح أن الاتحاد "سيبدأ في فرض رسوم جمركية مضادة مستهدفة على الواردات الأميركية في مرحلة أولى اعتباراً من 15 أبريل الجاري، تليها مرحلة ثانية بداية من 15 مايو المقبل"، وذلك رداً على الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم من أوروبا.
وذكر شفتشوفيتش، أنه رغم تفضيله التفاوض مع الولايات المتحدة على إلغاء الرسوم الجمركية، فإن الاتحاد الأوروبي مستعد لتصعيد رده على واشنطن بأساليب منها استخدام أداة "مكافحة الإكراه" الاقتصادي التي تسمح للتكتل باستهداف خدمات أميركية أو وضع قيود على السماح للشركات الأميركية بدخول مناقصات مشتريات عامة في الاتحاد الأوروبي.
وتابع: "نحن مستعدون لاستخدام جميع الأدوات لحماية السوق الموحدة".
وجاء هذا الرأي متوافقاً مع وجهة نظر وزير التجارة الفرنسي لوران سان مارتن، لكن بعض دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً تلك المنكشفة تجارياً على الولايات المتحدة، حثت على توخي الحذر.
ووصف وزير الخارجية الأيرلندي سايمون هاريس، أداة "مكافحة الإكراه" بأنها "الخيار النووي"، وعبّر عن اعتقاده بأن "معظم دول الاتحاد ليست مستعدة للاقتراب منها، على الأقل في الوقت الحالي".
ودعا وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الاتحاد الأوروبي لأن "يدرك أنه في موقف قوي إذا كان موحداً"، مضيفاً: "أسواق الأسهم تنهار بالفعل، وقد يزداد الضرر، أميركا في موقف ضعف".
ولفت إلى أن رغبة مساعد ترمب الملياردير الأميركي إيلون ماسك في إلغاء الرسوم الجمركية بين أوروبا والولايات المتحدة تعكس هذه النقطة.
ومن المرجح أن يوافق الاتحاد الأوروبي خلال الأيام المقبلة على مجموعة أولية من التدابير المضادة على واردات أميركية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار، تتضمن سلعاً بدءاً من خيط تنظيف الأسنان إلى الألماس، وذلك في رد على رسوم ترمب الجمركية على الصلب والألومنيوم، وقبل تطبيق الرسوم المضادة الأوسع نطاقاً.
"بداية جيدة ومحدودة"
وفي المقابل، دعا المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، الاثنين، الاتحاد الأوروبي لـ"خفض حواجزه غير الجمركية، بما في ذلك تلك الناتجة عن ضريبة القيمة المضافة، إذا أراد التوصل إلى اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية".
واعتبر نافارو في حديث لشبكة CNBC، أن استعداد الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع ترمب لخفض الرسوم الجمركية مجرد "بداية جيدة ومحدودة"، لكن "الحواجز غير الجمركية التي تشمل أيضاً لوائح سلامة الأغذية أكثر أهمية من معدلات الرسوم".
وأردف: "نقول للاتحاد الأوروبي عندما تصدر هذه الإعلانات، هل ستكون حريصاً جداً على إخبارنا أنك ستخفض الحواجز غير الجمركية الخاصة بك؟".
وأضاف: "أقول للاتحاد الأوروبي، تخل عن ضريبة القيمة المضافة البالغة 19%. احترم قرارات منظمة التجارة العالمية بالسماح لنا ببيع لحم الخنزير والذرة ولحومنا في دولك".
انخفاض الأسهم الأوروبية
وهوت الأسهم الأوروبية لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2023، متأثرة بتصريحات ترمب بشأن الرسوم الجمركية، إذ تراجع مؤشر "داكس" الألماني بنسبة وصلت إلى 10%.
وانخفض مؤشر "ستوكس يوروب 600" بنسبة 6.3%، مواصلاً خسائره بعد أكبر تراجع أسبوعي له منذ مارس 2020، فيما انخفض مؤشر "داكس" بنسبة 7.1% عند الساعة 8:30 صباحاً بتوقيت لندن.
وبلغ المؤشر أدنى مستوى له عند 18,489.91 نقطة، بانخفاض يزيد عن 20% مقارنة بأعلى مستوى قياسي سجّله في مارس، ما يجعله على أعتاب دخول سوق هابطة إذا استقر عند هذه المستويات عند الإغلاق.
كما تراجع مؤشر "أو إم إكس ستوكهولم 30" في السويد بنسبة 7.1%، مقترباً هو الآخر من دخول سوق هابطة. وكانت المؤشرات في إيطاليا، وفرنسا، وسويسرا، وألمانيا قد دخلت منطقة التصحيح في الأسبوع الماضي.
وانخفضت جميع القطاعات العشرين المدرجة ضمن مؤشر "ستوكس 600"، حيث كانت أسهم البنوك والطاقة والتأمين من بين الأكثر تراجعاً.