
دعا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقالة على صحيفة "واشنطن بوست"، الثلاثاء، الولايات المتحدة إلى الاتفاق على استبعاد "الخيار العسكري" خلال المفاوضات المرتقبة بين الجانبين في سلطنة عُمان، السبت المقبل، فيما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "العمل العسكري هو الخيار البديل" في حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تفكيك البنية النووية الإيرانية.
ورغم تضارب التصريحات الأميركية والإيرانية بشأن ما إذا كانت هذه المفاوضات المحتمل أن تعقد في سلطنة عمان مباشرة أو غير مباشرة، أعرب عراقجي عن استعداد إيران لـ"الانخراط بجدية وبهدف إبرام اتفاق في المفاوضات، إذ سنلتقي في عُمان، السبت، لإجراء مفاوضات غير مباشرة".
واعتبر عراقجي أنها "فرصة بقدر ما هي اختبار، نموذج المشاركة الذي نقترحه ليس جديداً".
وتحدث الوزير عن خبرته في "قيادة محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة"، وقال: "بواسطة الاتحاد الأوروبي عام 2021، أثبتت هذه العملية أنها ممكنة وبناءة، على الرغم من كونها أكثر تعقيداً وصعوبةً مقارنة بالمفاوضات المباشرة".
ويرى أن مفاوضات عام 2021 لم تحقق نتائج بسبب "عدم وجود إدارة حقيقية من جانب إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن"، مشدداً على أن "السعي لمفاوضات غير مباشرة ليس تكتيكاً أو انعكاساً لأيديولوجية ما، بل خياراً استراتيجياً".
وبينما اعتبر أن المفاوضات المرتقبة "محاولة حقيقية لتوضيح المواقف، وفتح نافذة دبلوماسية"، أشار إلى وجود "حاجز كبير من انعدام الثقة، وشكوك جدية بشأن صدق النوايا، ويزداد الوضع سوءاً عبر إصرار الولايات المتحدة على استئناف سياسة أقصى الضغوط قبل أي حوار دبلوماسي".
وأضاف: "للمضي قدماً اليوم، علينا أولاً الاتفاق على أنه لا يمكن أن يكون هناك خيار عسكري، ناهيك عن حل عسكري. ويُدرك الرئيس ترمب هذه الحقيقة بوضوح عندما دعا إلى وقف إطلاق النار كأول مسار عمل لإنهاء الصراع في أوكرانيا".
السياسية الأميركية في المنطقة
واعتبر عراقجي، أن "صرف أموال دافعي الضرائب الأميركيين على تصعيد الوجود العسكري الأميركي في منطقتنا، والذي قد يُعرّض الجنود الأميركيين للخطر، لن يُفضي إلى نتيجة دبلوماسية"، لافتاً إلى أن الحكومة الإيرانية "لن تقبل أبداً بالإكراه والإلزام".
وتابع: "لا يمكننا أن نتصور أن الرئيس ترمب يرغب في أن يكون رئيساً أميركياً آخر غارقاً في حرب كارثية بالشرق الأوسط، وصراعاً يتمدد سريعاً إلى كل المنطقة، ويكلّف أضعاف ما أُهدر من تريليونات أموال دافعي الضرائب في أفغانستان والعراق".
وتطرق الوزير الإيراني إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والمعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" والذي سعى إلى الحد من أسلحة إيران النووية، لكن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018.
وقال: "الرئيس ترمب ربما غير معجب بخطة العمل الشاملة المشتركة، لكنها تحتوي على التزام مهم، وهو أن إيران تؤكد مجدداً أنها لن تسعى أبداً، تحت أي ظرف، إلى امتلاك أو تطوير أي أسلحة نووية".
واعتبر عراقجي أنه بعد مرور 10 سنوات على توقيع الاتفاق النووي، وما يقرب من 7 سنوات على انسحاب الولايات المتحدة، "لا يوجد أي دليل على أن إيران قد انتهكت هذا الالتزام".
وأشار إلى أن "التقييمات الاستخباراتية الأميركية أكدت هذا مراراً، حيث أقرت مؤخراً مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي جابارد بأن إيران لا تقوم ببناء سلاح نووي، ولم يأمر المرشد علي خامنئي باستئناف برنامج الأسلحة النووية الذي توقف عام 2003".
وتابع: "لدينا اعتراضات على العديد من جوانب السياسة الأميركية العالمية، وبشكل خاص على سياسات الغرب في منطقتنا، بما في ذلك معاييره المزدوجة بشأن الانتشار النووي".
"الكرة الآن في ملعب أميركا"
ولفت عراقجي إلى أن عرض بلاده "بإجراء مفاوضات غير مباشرة لا يزال قائماً"، وتابع: "نحن نؤمن بأنه في حال توفرت الإرادة الحقيقية، فهناك دوماً مسار للمضي قدماً.. ونحن مستعدون لتوضيح نوايانا السلمية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتبديد أي قلق محتمل. ومن جانبها، يمكن للولايات المتحدة أن تُظهر جديّتها في الدبلوماسية عبر الالتزام بما تتفق عليه".
واعتبر أن "التعزيزات العسكرية ترسل إشارة مضادة تماماً"، وقال: "تذكّروا كلامي: إيران تفضّل الدبلوماسية، لكنها تعرف كيف تدافع عن نفسها، ولم نخضع يوماً للتهديدات، ولن نفعل ذلك الآن ولا في المستقبل، نحن نسعى للسلام".
وأشار إلى أن "الكرة الآن في ملعب أميركا، وإذا كانت تسعى إلى حل دبلوماسي حقيقي، فقد أظهرنا بالفعل المسار، أما إذا كانت تسعى لفرض إرادتها من خلال الضغط، فعليها أن تعلم أن الشعب الإيراني يردّ بحزم على لغة القوة والتهديد بطريقة موحدة".
وجاء هذا المقال بالتزامن مع توقع وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، الثلاثاء، تشديد العقوبات على إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع ترمب بشأن برنامجها النووي.
وأضاف في مقابلة مع شبكة CNBC: "بالتأكيد، أتوقع عقوبات مشددة للغاية على إيران، وآمل أن تدفعها إلى التخلي عن برنامجها النووي".
"الخيار العسكري ضد إيران"
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يزور واشنطن، إنه اتفق مع الولايات المتحدة على "عدم وجوب أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً".
وأضاف: "يمكن تحقيق ذلك عبر اتفاق، ولكن فقط إذا كان هذا الاتفاق على غرار النموذج الليبي، أي الدخول وتفجير المنشآت النووية، وتفكيك جميع الأجهزة، تحت إشراف وتنفيذ أميركي، وهذا جيد".
واعتبر أن "الخيار الثاني هو ألا يكون هناك اتفاق، أو أن يماطلوا في المحادثات، وحينها سيكون الخيار العسكري هو البديل، الجميع يفهم ذلك، وقد ناقشنا هذا الموضوع بإسهاب".
وقال مسؤولون إيرانيون لوكالة "رويترز"، الثلاثاء، إن طهران تتوخى الحذر إزاء المحادثات المقررة مطلع الأسبوع المقبل مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني مع عدم وجود ثقة في إحراز تقدم ومع شكوك بالغة في نوايا واشنطن.
وذكرت مصادر إيرانية وإقليمية لـ"رويترز"، أن "طهران ترغب في رؤية مبادرات ملموسة من الولايات المتحدة قبل أي محادثات مباشرة بين المسؤولين الإيرانيين والأميركيين".
وقال دبلوماسي إقليمي: "أبلغنا الإيرانيون أن المحادثات المباشرة ممكنة، ولكن يجب أن تكون هناك بادرة حسن نية، مثل رفع بعض العقوبات أو إلغاء تجميد بعض الأموال".
وشهدت جهود تسوية النزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني تذبذباً على مدى أكثر من 20 عاماً دون التوصل إلى حل. وتقول طهران إنه للاستخدام المدني فقط، بينما تعتبره دول غربية مقدمة لصنع قنبلة ذرية.
وانسحب ترمب من اتفاق نووي أبرم في 2015 بين إيران و6 قوى عالمية هي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا خلال ولايته الأولى في 2017، وتعثرت المحادثات منذ ذلك الحين.
وأشار 3 من المسؤولين الإيرانيين، إلى أن "طهران تعتبر تحذيرات ترمب وسيلة لإجبار إيران على قبول تنازلات في المحادثات، التي طالب ترمب بإجرائها".
وأضاف مسؤول إيراني كبير: "يريد ترمب اتفاقاً جديداً: إنهاء نفوذ إيران في المنطقة، وتفكيك برنامجها النووي، ووقف أنشطتها الصاروخية. هذه أمور غير مقبولة لطهران. لا يمكن تفكيك برنامجنا النووي".