الأسواق الأميركية "تنتعش" وسط ترقب لموقف الصين من مهلة ترمب

time reading iconدقائق القراءة - 8
متداولون في بورصة نيويورك (NYSE) يتابعون حركة الأسهم. 8 أبريل 2025 - REUTERS
متداولون في بورصة نيويورك (NYSE) يتابعون حركة الأسهم. 8 أبريل 2025 - REUTERS
دبي/واشنطنرويترزالشرق

سجلت مؤشرات الأسهم الأميركية، الثلاثاء، انتعاشاً بعد ضغوط بيع أدت إلى تبخر تريليونات الدولارات من قيمتها السوقية خلال الأيام الأخيرة، لتحقق بذلك أقوى ارتفاع منذ نوفمبر 2022، مدفوعة بمؤشرات على إمكانية عقد صفقات مع شركاء تجاريين رئيسيين لأميركا، فيما تترقب الأسواق موقف الصين من مهلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لها للتراجع عن الرسوم المضادة.

واستعادت أسواق الأسهم توازنها بعض الشيء بعد مرور أيام قليلة كانت وطأتها شديدة على المستثمرين، مما دفع بعض قادة الأعمال ومنهم مقربون من ترمب إلى حثه على التراجع عن قراراته.

وجاء هذا الانتعاش بعدما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن هناك إمكانية لإبرام صفقات تجارية مفيدة مع شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة، مع استمرار الترقب لموقف الصين من المهلة التي وضعها ترمب لإلغاء بكين التعريفات الجمركية المضادة التي فرضتها على السلع الأميركية.

ومع انتعاش الأسهم بشكل عام، ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) بنسبة 3.5%، مبتعداً أكثر عن عتبة السوق الهابطة.

ورغم عدم وضوح ما إذا كانت الأسهم قد وصلت إلى القاع أو لا، يشعر المستثمرون ببعض الارتياح لهذا الارتداد بعد الخسائر الناجمة عن التقلبات الحادة.

وتعافت الأسهم الأوروبية في التعاملات المبكرة من أدنى مستوياتها في 14 شهراً، بعد 4 جلسات متتالية من البيع المكثف، كما تعافت أسعار النفط العالمية بعد التراجع جرّاء عمليات بيع مكثفة.

وارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية قليلاً بعد تكبدها خسائر بتريليونات الدولارات منذ الأسبوع الماضي، مع ترقب المستثمرين بفارغ الصبر أي إشارة على انفتاح الولايات المتحدة على المفاوضات.

وأغلق المؤشر نيكي الياباني على ارتفاع 6% اليوم الثلاثاء.

وصعدت أسهم الشركات الصينية الكبرى 1% لتعوض بعض الخسائر التي تجاوزت 7% في تعاملات الاثنين.

لكن الأسواق الإندونيسية تضررت بشدة، وهبطت الأسهم 9% مع استئناف التداول، الثلاثاء، بعد عطلة طويلة. وتعهد البنك المركزي الإندونيسي بالتدخل منضماً إلى جهود السلطات الأخرى على مستوى العالم لوقف التداعيات التي شهدتها الأيام القليلة الماضية.

اتفاقات محتملة

وذكر موقع "بوليتيكو" أن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت اجتمع مع ترمب في فلوريدا، الأحد، لحثه على التركيز على إبرام اتفاقات تجارية مع الشركاء من أجل طمأنة الأسواق بوجود هدف للاستراتيجية الأميركية في نهاية المطاف.

ودعا إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والمسؤول عن إدارة الكفاءة الحكومية، إلى إلغاء الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا، وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه ناشد ترمب مباشرةً إلغاء الرسوم.

وتدرس كوريا الجنوبية تدابير لزيادة وارداتها من الولايات المتحدة، في إطار الإعداد لمحادثات مع واشنطن. وقال ترمب إن احتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري مع سول "تبدو جيدة".

وكتب ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي: "لدينا الإمكانات والاحتمالات للتوصل إلى اتفاق عظيم لكلا البلدين"، مضيفاً أن فريق بيونج يانج القيادي يتجه على متن طائرة إلى الولايات المتحدة، واعتبر أن "الأمور تبدو جيدة". وتابع: "كما أننا نتعامل مع العديد من الدول الأخرى، وجميعها ترغب في إبرام صفقة معنا".

كما ذكر بيسنت أن "اليابان ستحصل على الأولوية" في سلسلة طويلة من الدول التي تسعى لإقناع الولايات المتحدة بإلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة.

ومع انخفاض الروبية الإندونيسية إلى مستوى قياسي، أعلنت جاكرتا عن امتيازات للواردات الأميركية، بما في ذلك خفض الضرائب على السلع الإلكترونية والصلب في محاولة لخطب ود البيت الأبيض.

كما سترسل إندونيسيا، أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، وفداً إلى واشنطن الأسبوع المقبل سعياً للتوصل إلى اتفاق لتخفيف أثر رسوم جمركية تبلغ 32%، والمقرر أن تدخل حيز التنفيذ الأربعاء.

وطلبت فيتنام، وهي مركز للصناعة منخفضة التكلفة ضمن الدول التي تواجه أعلى الرسوم الجمركية الأميركية، تأجيلاً لمدة 45 يوماً في تنفيذ الرسوم قائلة إنها ستشتري المزيد من السلع الأميركية لإعادة التوازن التجاري.

الصين: سنقاتل حتى النهاية

وتعهدت الصين بعدم الرضوخ لما وصفته بأنه "ابتزاز" من الولايات المتحدة مع عدم وجود مؤشرات حتى اليوم الثلاثاء على انحسار حرب تجارية عالمية أشعلتها الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب حتى مع استقرار أسواق الأسهم المضطربة.

وجاء هذا بعد أن هدد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة من الصين إلى أكثر من 100%، الأربعاء، رداً على قرار بكين فرض رسوم "مضادة" لأخرى أعلن عنها الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي.

وقال الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير لأعضاء مجلس الشيوخ إن الصين لم تبد رغبة في العمل نحو المعاملة بالمثل في التجارة.

وأضاف لأعضاء لجنة المالية بمجلس الشيوخ، الثلاثاء: "للأسف، تختار الصين منذ سنوات عديدة فيما يبدو مسارها الخاص في الوصول إلى الأسواق. اختارت إعلان الرد، بينما لم تفعل دول أخرى ذلك. أشارت دول أخرى إلى رغبتها في إيجاد مسار نحو المعاملة بالمثل. لم تصرح الصين بذلك، وسنرى إلى أين تتجه الأمور".

وتناقض رد الصين السريع والحاد مع تحركات أكثر مرونة اتخذتها دول آسيوية أخرى. ولا يزال الاتحاد الأوروبي يتشاور مع الدول الأعضاء بشأن مدى قوة الرد على رسوم ترمب الجمركية دون التسبب في مزيد من الضرر للمستهلكين والمصدرين في دول التكتل.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن "تهديد الجانب الأميركي بتصعيد الرسوم الجمركية ضد الصين هو خطأ فوق خطأ، ويكشف مرة أخرى عن طبيعة الابتزاز من الجانب الأميركي".

وأضافت: "إذا أصرت الولايات المتحدة على مسارها، فإن الصين ستقاتل حتى النهاية".

ويُحذّر مُصنّعون صينيون من تراجع الأرباح، ويُسابقون الزمن في إعداد خطط لفتح مصانع جديدة في الخارج في ظل تأثرهم بالأنباء عن الرسوم الجمركية.

وخّفّضت مجموعة "سيتي جروب" توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني لعام 2025 من 4.7% إلى 4.2%، مشيرة إلى تزايد المخاطر الخارجية.

دعوة أوروبية إلى التفاوض

وفي اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بكين إلى ضمان التوصل إلى حل تفاوضي، وأكدت على ضرورة دعم نظام تجاري عادل قائم على تكافؤ الفرص.

وصرح مكتب فون دير لاين بأنهما ناقشا أيضاً إنشاء آلية لتتبع أي خلل محتمل في التجارة بسبب الرسوم الجمركية، حيث يخشى الاتحاد الأوروبي من أن تعيد الصين توجيه الصادرات منخفضة الأسعار إلى أوروبا بدلاً من الولايات المتحدة.

واقترح الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية مضادة رداً على رسوم ترمب التي شملت عشرات الدول وتسببت في انخفاض الأسواق المالية وعززت توقعات بانزلاق الاقتصاد العالمي نحو الركود.

وأظهرت وثيقة اطلعت عليها "رويترز" أنه في غضون ذلك اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 25% على مجموعة من السلع الأميركية مثل فول الصويا والمكسرات والنقانق، مع استبعاد سلع أخرى مثل الويسكي من القائمة.

وقال مسؤولون إنهم مستعدون للتفاوض على اتفاق "صفر مقابل صفر" مع إدارة ترمب.

ويُعاني الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة بسبب الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والمعادن، ويواجه رسوماً جمركية تبلغ 20% على منتجات أخرى تسري الأربعاء. كما هدد ترمب بفرض رسوم جمركية على المشروبات الكحولية المُستوردة من الاتحاد الأوروبي.

ويقول ترمب إن الرسوم الجمركية، التي تبلغ 10% كحد أدنى على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة مع نسب تستهدف اقتصادات بعينها تصل إلى 50%، من شأنها أن تساعد الولايات المتحدة على استعادة قاعدتها الصناعية التي يقول إنها تراجعت بفعل تحرير التجارة لعقود.

تصنيفات

قصص قد تهمك